كل الميادين الشهيرة فى مصر، انطلقت منها ومرت عليها مظاهرات ومسيرات سلمية، أمس، فى الذكرى الأولى لثورة 25 يناير. وكأن التاريخ يعيد نفسه، لكن هذه المرة، اختفت الشرطة وباتت مصر بميادينها وشوارعها ملكا لشعبها. لا مكان للاحتفال فى أى مظاهرة أو مسيرة. الغضب بدا على وجوه المتظاهرين، وخرج من حناجرهم فى صورة، هتافات تطالب باستكمال أهداف الثورة، وإنهاء حكم «العسكرى»، وتسليم السلطة إلى المدنيين، ومحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، خلال الفترة الانتقالية، وتنظيم محاكم ثورية، فى قضايا قتل الثوار. فى ميدان التحرير، تضافرت الجهود، لإنجاح فاعليات أمس. شباب الإخوان سعوا منذ مساء أول من أمس إلى نصب خيام داخل الجزيرة، فى منتصف الميدان وأمام مجمع التحرير، وتم إقامة نصب تذكارى شعبى للشهداء داخل الميدان شمل صور عدد كبير من الشهداء. بينما قام على أمر اللجان الشعبية شباب الإخوان المسلمين وشباب الألتراس. وقد وصل إلى الميدان عدد من الشخصيات السياسية والنواب والمرشحين المحتملين للرئاسة. المسيرات والمظاهرات انطلقت فى ربوع القاهرة، بعد صلاة الظهر، من ميادين عديدة، واحتفظت بطابعها السلمى، فى غياب تام لقوات الجيش والشرطة، حتى وصلت إلى ميدان التحرير، الذى فاض بمن فيه من المتظاهرين الغاضبين. المسيرات انطلقت من أمام مسجد الخازندارة فى منطقة دوران شبرا، ومن أمام كوبرى عرابى فى شبرا الخيمة، ومسجد الفتح فى المعادى ومسجدى عمرو بن العاص والسيدة زينب، فى مصر القديمة، ومن أمام جامعة عين شمس، ومسجد الفتح فى رمسيس، ومن شارعى فيصل والهرم، وميدان الجيزة وأمام جامعة القاهرة، ومن مسجد رابعة العدوية فى مدينة نصر. عدد كبير من ممثلى الشعب فى أول برلمان بعد الثورة، شاركوا المتظاهرين فى ميدان التحرير، بينما فضل البعض الآخر المشاركة فى مسيرات انطلقت من دوائرهم الانتخابية، من بينهم النواب مصطفى النجار، وزياد العليمى، وعمرو الشوبكى، وعمرو حمزاوى، وأمين إسكندر. بينما شارك المرشح المحتمل للرئاسة حمدين صباحى، والإعلامية بثينة كامل، والنائب باسم كامل والدكتور جمال زهران فى مسيرة دوران شبرا. العمال الذين فتحوا الطريق للاحتجاجات فى مصر قبل الثورة، تظاهروا أمس بكثافة. مئات العمال، فى شمال وجنوب مصر، نظموا مسيرات بهدف استكمال مطالب الثورة هاتفين ضد المجلس العسكرى «المصانع للعمال.. مش لعصابة راس المال» و«حد أدنى للأجور.. للّى ساكنين فى القبور». السويس، شرارة الثورة أحيت أول ذكرى لها على طريقتها الخاصة. حشود كثيفة توافدت على ميدان الشهداء فى حى الأربعين. وفى مشهد يذكِّر بالأيام الأولى للثورة، خرجت مسيرات من أمام كنيسة القديسين ومسجد القائد إبراهيم وأمام النصب التذكارى للجندى المجهول بالإسكندرية. وفى الإسماعيلية وبورسعيد، جاب شباب الحركات والائتلافات الميادين والشوارع الرئيسية، بينما انتشرت الأناشيد والموسيقى العسكرية فى محافظة جنوبسيناء. بعيدا عن الميادين، وهتافات المتظاهرين، وداخل غرفة طوارئ القوات المسلحة، جلس المشير محمد حسين طنطاوى، وعدد من أعضاء المجلس العسكرى، لمتابعة الأوضاع الأمنية فى الميادين والشوارع التى ازدحمت بالمسيرات، وقامت غرفة العمليات المركزية بفتح اتصال مباشر مع غرف عمليات القوات المسلحة فى المناطق العسكرية التى يشرف كل منها على عدد من المحافظات. مصادر ،فضلت عدم ذكر اسمها، أوضحت ل«التحرير» أن هناك خطة محكمة للسيطرة على أى انفلات أمنى يستهدف المنشآت الحيوية فى مناطق مختلفة، أهمها ممر قناة السويس من بورسعيد إلى السويس، مرورا بالإسماعيلية وطريق العين السخنة الدولى، والنقاط الواصلة بين المنطقة الصناعية ومنطقة التعدين وميناء الأدبية والسخنة. وعبر صفحته على موقع «فيسبوك» قال المجلس العسكرى فى بيان إن «هناك حقائق عديدة لشهور وأيام قبل الثورة لم يحن الوقت بعد لإعلانها، حتى لا يقال إننا نتجمل.. ولكن سيأتى وقت الحديث، ونكون فى وحداتنا نحمى تراب وسماء وبحر مصر». وأضاف البيان «توقعنا الثورة، ورأيناها، وذلك قبلها بأشهر طويلة، وانتظرناها، ولم نكن نعرف من يفجرها. حتى رأينا بأعيننا شباب الثورة، وهم يبذلون أرواحهم فى سبيل مصر، أمام أعتى وأشد أدوات القمع، فانحزنا للثورة، وأيدناها ونصر الله شعب مصر». الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، مكث أمس فى منزله -حتى لحظات كتابة تلك السطور- يتابع ويرصد ويترقب، وقد قرر ذلك منذ أول من أمس بتأكيده أن الأولى لثورة 25 يناير «إجازة»، والتزم بحصوله على تلك الإجازة رغم كونه منذ أن تولى وهو يواصل العمل أيام الإجازة الرسمية الجمعة من كل أسبوع، ويذهب إلى مقر الهيئة العامة للاستثمار، ونفس الشىء بالنسبة إلى وزراء حكومته فقد قضوا يومهم أمس فى منازلهم يتابعون عبر شاشات التليفزيون والفضائيات مسيرات ذكرى 25 يناير.