عاشت نقابة الأطباء أسيرة تنظيم الإخوان بالتواطؤ مع نظام مبارك، الذى أوقف الانتخابات النقابية، وظل أعضاء مجلس النقابة الإخوان يديرون النقابة العامة ومعظم النقابات الفرعية نحو عشرين عاما، وللمفارقة تحت قيادة نقيب الأطباء عضو الحزب الوطنى ورئيس لجنة الصحة فى برلمان النظام، وتكلست شرايين النقابة، وتجمد العمل النقابى، وأديرت النقابة لحساب أعضاء التنظيم، وجمعوا من خلالها أموالا طائلة فى لجنة «الإغاثة الإنسانية»، وكان يصرف من هذه الأموال طبقا لرؤية التنظيم لا النقابة، وقد كانت هذه المرحلة بمثابة كابوس شديد جاثم على صدور جموع الأطباء، ثم جاءت ثورة 25 يناير المجيدة، وأزاحت النظام، وتنفس أطباء مصر الصعداء، فقد حان الوقت لإزالة الكابوس عن النقابة، وتحقيق الحلم بعودة نقابة الأطباء إلى أصحابها الأصليين، مدافعة عن حقوقهم، لتكون سدا منيعا لهم ضد تغول السلطة، ومساندا لهم فى تطوير مهاراتهم العلمية، ودراستهم الأكاديمية، ونجح الأطباء آنذاك من خلال جمعياتهم العمومية، ونضالهم النقابى فى المطالبة بحقوقهم وإجبار السلطات على تعديل قانون النقابة، بحيث تجرى الانتخابات فى شهر أكتوبر سنة 2011 لانتخاب نقيب جديد، ومجلس نقابى كامل فى النقابة العامة، وكل النقابات الفرعية، وتشكل ما يسمى ب«تيار الاستقلال»، الذى خاض الانتخابات فى مواجهة الأطباء الإخوان، وكان يخوض الانتخابات ببرنامج واعد وطموح، وقد شرفت شخصيا أن أكون أحد مرشحى هذا التيار لعضوية مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، وانتهت الانتخابات، ونجح أعضاء من الفريقين فى كل النقابات، إلا أن قائمة تنظيم الإخوان نجحت فى الحصول على أغلبية مقاعد مجلس النقابة العامة، فاستمرت تقريبا نفس السياسات النقابية السابقة، ولعل أبرزها كان العمل طبقا لتعليمات التنظيم، وليس ما تمليه مصلحة النقابة أو رأى الأطباء، وبالتالى استمر نضال الأطباء المشروع لعودة نقابتهم إليهم، وإسقاط هذا المجلس الجديد من خلال القنوات الشرعية والقانونية حتى جاء موعد انتخابات التجديد النصفى لمجالس النقابة العامة والفرعيات، ومُنى أطباء الإخوان بهزيمة ساحقة، ونجح أعضاء تيار الاستقلال فى الدخول إلى المجلس، وكان انتصارا ماديا ومعنويا كبيرا فرح به جميع القوى المدنية الحرة فى مصر، وتصدرت أنباؤه عناوين الأخبار، وكان انتخاب الدكتورة منى مينا المناضلة النقابية العتيدة أمينا عاما للنقابة العامة لأطباء مصر بمثابة الفتح المبين للنقابة، وتخليصها من أوزار السنين الثقال، واشرأبت أعناق الأطباء، يحودهم الأمل فى تحقيق طموحاتهم، وارتفع سقف أحلامهم، فنقابتنا ردت إلينا، لكن وبكل أسف لم يتحقق من آمال ومطالب الأطباء شىء يذكر حتى يومنا هذا، وقد مر قرابة العام على انتخاب المجلس الجديد، فقد استمرت نفس السياسات القديمة اللهم إلا تغيير فى الوجوه والعناوين، فقد تم تغيير اسم لجنة «الإغاثة» إلى لجنة «عطاء مصر»، ويديرها زميل عضو نقابى جديد من «أطباء بلا حقوق» بنفس الأسلوب الإخوانى القديم، وقد تولى هو نفسه بعد ذلك موقع أمين صندوق النقابة العامة، وهذا مخالف للعرف والقانون، إذ إن أمين صندوق النقابة يعد بمثابة المراجع لمقرر لجنة «عطاء مصر»، وتدار اللجنة دون لوائح مالية حاكمة، كما كانت تدار فى ظل المجلس السابق، وتقوم بالصرف بطريقة عشوائية دون موافقة مجلس النقابة، الذى بدوره لا يجتمع بصفة منتظمة لعدم اكتمال النصاب القانونى للاجتماع، بسبب انقطاع الأعضاء الإخوان عن حضور الجلسات، حيث إنهم مطلوبون أمنيا على ذمة قضايا مختلفة فى ظل رفض النقيب وأعضاء وأمين النقابة تطبيق القانون وتفعيل المادة 25 منه، التى تقضى بفصل أعضاء المجلس المتغيبين أكثر من ثلاث جلسات دون عذر. جدير بالذكر أن أعيد ما كتبته بعد إعلان فوز أعضائنا الجدد بمقاعد مجلس النقابة كتبت لهم: «إلى أعضاء مجلس النقابة الجدد.. انتخبناكم من أجل عمل دؤوب لصالح الطبيب والمريض.. انتخبناكم من أجل نقابة مهنية حرة.. الانتخاب يعنى العمل المستمر من أجل رفع مستوى المهنة وخطوة فى سبيل استعادة النقابة للأطباء وحضن الوطن.. وسنظل مراقبين ومستعدين للمساعدة.