سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هزيمة الإخوان فى «الأطباء»: «أسطورة التنظيم الانتخابية» تنهار.. والمستقبل السياسى للجماعة يكتب «كلمة النهاية» «التنظيم» سعى للمشاركة فى «الأطباء» للتأكيد على قدرته فى حسم أى انتخابات فظهر كذبه
أثارت هزيمة تنظيم الإخوان فى انتخابات نقابة الأطباء دوياً كبيراً داخل الأوساط السياسية، خصوصاً أنها جاءت بعد هيمنته عليها طوال 28 عاماً، والإشراف الكامل على مواردها، دون أن يكون هناك أى بديل نقابى يستطيع منافسته على مستوى أفرع النقابة بالمحافظات. واستطاع تيار الاستقلال وحركة «أطباء بلا حقوق»، الحصول على أغلبية مجلس النقابة العامة للأطباء، وعدد من الفرعيات بالمحافظات، خلال انتخابات التجديد النصفى للنقابة التى أجريت يوم الجمعة الماضى، وأجريت الانتخابات فى النقابة العامة على 12 مقعداً «3 فوق السن و3 تحت السن» فى المستوى العام، و«3 فوق السن و3 تحت السن» فى مستوى المناطق، وفى النقابات الفرعية البالغة 27 نقابة على 4 مقاعد «2 فوق السن و2 تحت السن»، ما عدا نقابة القاهرة فتم الانتخاب فيها على «4 مقاعد فوق السن و4 تحت السن» ونقابة الإسكندرية «3 فوق السن و3 تحت السن». وفازت قائمة «الاستقلال» ب11 مقعداً فى النقابة العامة من أصل 12 مقعداً، وبإضافة النتيجة إلى إجمالى ال12 عضواً بالمجلس المتبقين الذين لم يجر عليهم تجديد نصفى لعدم وقوع القرعة عليهم، يصبح عدد أعضاء تيار الاستقلال بمجلس النقابة العامة، 14 عضواً مقابل 10 أعضاء لأطباء من أجل مصر، بالإضافة إلى نقيب الأطباء، ومن ثم يكون لهم الأحقية فى إعادة تشكيل هيئة مكتب النقابة واللجان النوعية. وفى النقابة الفرعية بالقاهرة، حصل «تيار الاستقلال» على جميع مقاعد المجلس الثمانية، كما فاز بجميع المقاعد فى «دمياطوالإسكندرية والمنيا وأسيوط والإسماعيلية وبنى سويف ومطروح وقنا»، فيما حصدت قائمة «أطباء من أجل مصر» المحسوبة على الإخوان جميع مقاعد محافظات «الفيوم والقليوبية والدقهلية والبحيرة»، بينما تقاسمت القائمتان المقاعد فى محافظات «المنوفية وشمال سيناء والأقصر والبحر الأحمر وسوهاج والشرقية»، وحصدت «أطباء من أجل مصر» 3 مقاعد مقابل واحد ل«الاستقلال» فى محافظة «كفر الشيخ والوادى الجديد والغربية» عن كل محافظة. والمدقق فى نتائج الإخوان بنقابة الأطباء يقف على عدة حقائق أهمها: - الإخوان ظلوا طيلة السنوات الماضية قادرين على السيطرة على النقابات المهنية رغم وجود قانون 100 لتنظيم عمل النقابات، إلا أن غياب البديل النقابى الحقيقى بجانب حالة المظلومية التى كان يعيشها التنظيم فى ظل تعقب نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك لرموزه النقابية والسياسية كانا دافعين كفيلين بترجيح كفتهم فى النقابات، وهو ما تلاشى الآن بعد الثورة، حيث بدا للعيان أنهم يسعون لشل حركة الدولة وتفتيت كتلتها الصماء انتقاماً من القوات المسلحة التى استجابت لثورة 30 يونيو، وأطاحت بالرئيس السابق محمد مرسى. - جهز التنظيم -المحظور قانوناً- قوائم الانتخابات فى النقابة خلال الفترة السابقة التى سبقت الإطاحة ب«مرسى»، ومن ثم كان من الطبيعى فوز بعض الأسماء المحسوبة عليه، والموجودين الآن داخل السجون بتهم العنف والتحريض عليه، وكان أحد دوافع الإخوان لخوض الانتخابات هو التأكيد للقواعد قبل المتابعين لها أنها قادرة على حسم أى انتخابات تخوضها مهما كانت الظروف، وهو ما ثبت عدم صحته على الإطلاق، وكأن التنظيم يرغب فى الاستغلال السياسى للنجاح فى انتخابات نقابة الأطباء والترويج من خلاله لقدرته المطلقة على كسب تعاطف الجماهير. - أثار دخول الإخوان الانتخابات فى نقابة الأطباء حالة من الجدل السياسى داخل قواعد التنظيم، فكان الصوت الأعلى فى النقاشات يذهب إلى أن خوض الانتخابات هو اعتراف ضمنى بتفاصيل خارطة الطريق التى أعلنها الجيش بعد الإطاحة ب«مرسى»، وهو ما ينسف معه جدوى ومصداقية تحركاتهم لعودة «مرسى». - بدا واضحاً أن التنظيم لا يريد أن يترك النقابة التى سيطر عليها طيلة السنوات الماضية مع إلمامه الكامل بكل تفاصيلها الإدارية والتنظيمية والمالية، وخوفه من أن يسعى المجلس النقابى الجديد لتحجيم نشاطه فى المستشفيات والجمعيات الطبية المحسوبة عليهم على مستوى الجمهورية، كالجمعية الطبية الإسلامية، وهو ما سيصيب نشاطهم الخدمى فى مقتل، بجانب تخوفهم من سيطرة المجلس الجديد على لجنتى القدس والإغاثة اللتين كان يشرف عليهما الدكتور جمال عبدالسلام المحبوس حالياً على ذمة اتهامات بالتحريض على العنف والقتل، فضلاً عن تعيين عشرات الأعضاء من التنظيم فى وظائف مختلفة، سواء كانت إشرافية أو إدارية فى النقابة أو فى لجنتى الإغاثة والقدس، أو فى اتحاد الأطباء العرب، وكان أحد الأسباب الحقيقية للترشح فى النقابة هو السعى للحفاظ على الإمبراطورية المالية التى حققها التنظيم من وجوده فى نقابة الأطباء، ثم يأتى السبب الأبرز، وهو الخوف من أن يصر المجلس الجديد على ملاحقتهم قضائياً، بدواعى الفساد التى ستتكشف الأيام القادمة. - لا شك أن فشل الإخوان فى نقابة الأطباء سيلقى بظلاله على الحراك السياسى فى الشارع، ففى الوقت الذى ما زال فيه التنظيم يواصل تظاهراته فى الشارع لعودة «مرسى» إلى الحكم، فإنه يخسر فى أحد معاقله التاريخية النقابية، وهو ما يهدد شعبيته السياسية إذا ما خاض أى انتخابات قادمة، سواء كانت نقابية أو برلمانية أو رئاسية. وهو ما يؤكد أن إيجاد البديل الخدمى والسياسى الجاد والبنّاء سيدفع المواطنين فى النهاية إلى الإطاحة بهم فى أى انتخابات حرة نزيهة وسيتلاشى تماماً ما يُسمى ب«أسطورة الإخوان الانتخابية».