هل يمكن عرض فيلم «مراتى وزوجتى» فى بلد إفريقى؟ هل حاول منتجو الفيلم الذى تم تصوير جزء منه في إفريقيا فتح سوق للفيلم المصرى فى دول وسط وغرب وجنوب القارة السمراء؟ على الأغلب لم يحدث هذا ولن يحدث، لأنه لا يمكن أن يحدث! نشكو دائما من الصورة النمطية التى تقدم بها «هوليوود» العرب فى هيئة متخلِّفة، إرهابيين متعصِّبين يميلون إلى العنف يفتقرون إلى السلوك المهذَّب الحضاري، أو أثرياء حمقى مسرفين غارقين فى الملذات. كم مرة ظهر العرب بهذه الصورة القبيحة النمطية غير الحقيقية؟ وكم مرة قدَّمت السينما المصرية الأفارقة على هيئة قبائل متخلفة همجية؟ ما إن يظهر شخص أسود إفريقى حتى تنهال عليه إفيهات عنصرية من نوعية «شوال الفحم» و«المحروق».. إلخ، ولنا فى عديد من الأفلام السابقة التى تحتاج إلى الحرق أسوة سيئة! فيلم «مراتى وزوجتى» رغم أنه من الأفلام الكوميدية القليلة اللطيفة الموجودة فى دور العرض حاليا، وربما الوحيد الذى حاول تقديم فيلم صيفي خفيف، وخرج بالكاميرا من سجن الاستوديوهات والشقق والفلل وديكور مدينة الإنتاج، فإنه يبقى واحدا من هذه الأفلام التى تعبِّر عن كوميديا فقيرة تتسول الضحكات والإفيهات من أي مكان حتى لو كانت عنصرية مهينة للبشر. ينطلق الفيلم من فكرة تقليدية ومستهلكة، لكنها تصلح لإعادة تقديمها وتدويرها إذا وجدت سيناريو جيدا، فكرة فتور العلاقة الزوجية نتيجة انشغال الزوجة في عملها وإهمالها زوجها. الزوجة «شيري عادل» تعمل بجمعية نسائية اسمها «الأسرة السعيدة»، ومشغولة بأنشطة الجمعية، وتتنافس مع غريمة لها على رئاستها والتى من شروطها أن تكون علاقتها الزوجية والعائلية لمديرة الجمعية نموذجا سعيدا ومثاليا، الزوج وهو مهندس شبكات محمول يعانى إهمال زوجته وتسلط حماته وضعف شخصية «حماه». الفيلم كوميديا رومانسية تم بناء شخصياتها بصورة شديدة النمطية، حتى إنها تبدو أنها شخصيات منحوتة من كتالوج الأفلام الكوميدية الكلاسيكية المصرية بلا إبداع، يؤدى مثلا الفنان حسن حسني دور الزوج ضعيف الشخصية أمام زوجته المتسلطة رجاء الجداوي، وكلاهما يقدم دوره من منطقة الاحتراف والتكرار، ويقوم إدوارد بدور صديق البطل الملاصق له دائما دون بصمة خاصة، وبينما تؤدى شيرى عادل دور الزوجة بهدوء يصل إلى حد الفتور، ويظل رامز جلال في حالة صراخ دائمة كأنه يمثل لجمهور «أطرش»، وقد غابت الرومانسية فى ظل هذا الكوكتيل المتناقض من الأداء، رغم وجود بطلتين تتنافسان على زوج واحد. لم تتطور الأحداث إلا بدخول امرأة أخرى حياة الزوج، وهى الفتاة الإفريقية «مجيدة» التى التقى بها في رحلة عمل في دولة إفريقية، لكن السيناريو كان متشددا للغاية فى تأكيد حب البطل لزوجته رغم مشكلاتهما، فهو لم يتزوج المرأة الأخرى إلا تحت تأثير شراب مسكر، وبعد أن قرر زعيم القبيلة تزويجه ابنته لتفوقه على شاب إفريقى فى لعبة خطرة، لم يجرؤ السيناريو على طرح فرضية حب البطل للفتاة الإفريقية التى يجد فيها الصورة المناقضة لزوجته، ولم يفسح السيناريو مساحة كبيرة فعليا للممثلة الإفريقية الجميلة، واختار أن تكون «مجيدة» مشكلة للزوج المصرى وزوجته المصرية. وأصبحت عقدة الفيلم هي حل سوء التفاهم، وليس حل الأزمة الرومانسية للبطلين، وحتى مرحلة ادعاء البطل سعادته مع الزوجة الإفريقية لإثارة غيرة زوجته الأولى يكون تحصيل حاصل لنهاية نمطية تليق بدراما نمطية، حينما تتخلى الزوجة عن رئاسة الجمعية لتتفرغ لزوجها، وتعود الإفريقية إلى حبيبها الإفريقى، ويشخط حسن حسنى فى زوجته المتسلطة شخطة عبد الفتاح القصرى فى وجه زوجته فى فيلم «ابن حميدو»، وهكذا يصبح الكل سعيدا. أفضل أجزاء الفيلم نسبيا هو المشاهد التى خرجت فيها الكاميرا من فيلا البطل وفيلا حماته المجاورة إلى أدغال إفريقيا التى ذهب إليها البطل وصديقه فى مهمة تابعة للشركة لتركيب شبكة للمحمول، الفرصة كانت مواتية لخروج الفيلم من الحالة التقليدية إلى أجواء أكثر حيوية مع استغلال طبيعة المكان الأشبه بغابة مفتوحة تتحرك فيها الحيوانات بحرية. واستطاع المخرج معتز التونى توظيف المكان بصريا وتحقيق قدر من الحيوية فى المشاهد، والحفاظ على السياق الكوميدي بالقدر الذى أتاحه له سيناريو لؤي السيد، الذى لم يبدُ أنه تعايش بشكل جيد مع المكان أو الشخصيات، فلم تكن لهذه المشاهد التى تدور فى بلد إفريقى خصوصية، وكانت أقرب إلى اسكتشات كوميدية من وحى فيلم مغامرات أجنبى قديم، سائق السيارة السكير المجنون الذى يقود الطائرة وكل وسائل المواصلات، كأنه لا يوجد أحد غيره، وحفلات القبيلة البدائية ورقصاتها الصاخبة، ورغم هذا تظل هذه المشاهد الأفضل كوميديا رغم الإفيهات العنصرية التى ترسخ فكرة قذارة الإفريقى وهمجيته ورائحته السيئة.