أول مايقفز إلى ذهنك بعد الصبر على مشاهدة فيلم «بابا» الذى كتبته «زينب عزيز» وأخرجه «على إدريس» هو أن الفوضى هى العنوان الكبير الذى صنع هذا السيناريو العجيب، وهى المسئولة عن هذا المزج بيد عدة حكايات كلها تدور حول حب الرجل والمرأة للإنجاب، ويتكون هذا المزيج بألوان متنافرة من الكوميديا الرومانسية فى بعض المواقف، إلى الكوميديا الجنسية فى مشاهد كثيرة، مع مساحات هائلة من الثرثرة، والمشاهد الإضافية التى يمكن حذفها بمنتهى السهولة، بالاضافة إلى غلبة الطابع السياحى على مشاهد طويلة صورت فى الأقصر ولبنان، مع كثير من الاضطراب فى رسم شخصيات الفيلم التى تتصرف بطريقة لا تتناسب مع تعليمها أو ثقافتها، ويستكمل دائرة الفوضى غياب الإقناع عن الشخصية التى لعبها أحمد السقا، وغياب التماسك عن الأحداث، لينتهى الفيلم إلى مانعرفه جمعياً وهو أن البنين هم زينة الحياة الدنيا!. حتى لو حذفنا خمسين دقيقة مثلاً من الفيلم، فإن ذلك لن يقنعك أبداً بما تشاهده، ورغم أن زينب عزيز كاتبة كوميدية موهوبة، إلا أنها هنا فى أسوأ حالاتها، فبعد أن تستغرق وقتا طويلاً فى سرد تعارف بطلى الفيلم: فريدة مُهندسة الديكور «دُرة»، وحازم طبيب امراض النساء والولادة «أحمد السقا»، ثم زواجهما، وقضاء شهر العسل فى اسوان، تستغرق وقتاً معتبراً فى الدخول إلى مشكلة الفيلم المفتعلة، فالزوجة تحلم بإنجاب طفل رغم أنه لم يمر على زواجهما سوى شهور قليلة، هى ليس لديها أى مانع ولا زوجها من الانجاب، ولكنها تطلب من زوجها الذى يمتلك مركزاً لاطفال الانابيب أن يجرى لها عملية الحقن المجهرى، ورغم أن الزوج مستنير، إلا انه يشعر بحرج بالغ من أن يعطى عينة من السائل المنوى، وهنا يبدأ الجزء الطويل من الفيلم الذى يندرج تحت بند الكوميديا الجنسية، حيث تحاول الزوجة إثارته، بل يطلب شريكه فى المركز «صلاح عبد الله» أن تقوم ممرضة «إيمان السيد» بإثارته، ونشاهد نماذج للصديق أمجد «إدوارد»، وللشاب المتزمت الملتحى «خالد سرحان»، وللثرى العربى زوج الأربعة «لطفى لبيب»، فى إفراز السائل ووضعه كعينات فى برطمانات، ويتضح من هدف المؤلفة هو الإضحاك وخلاص، وعندما تفشل عملية الحمل رغم الحقن المجهرى، نبدأ فى فيلم آخر تماماً حيث تهرب الزوجة إلى الساحل، ويذهب الزوج إلى مؤتمر علمى فى لبنان، وهناك تقابله عشيقته القديمة «نيكول سابا»، وتترك له خطاباً يؤكد أن الطفل الذى تركته معه هو ابنه من علاقته القديمة معها، وبدلاً من أن يتأكد الطبيب من كلامها باختبارات علمية يصدق على الفور، ونكتشف بعد ثرثرة طويلة أنها ضحكت عليه لكى يرعى طفلاً تبنته، وتنتهى الفوضى بإنجاب «فريدة» توأم من «حازم»، وتوتة.. توتة خلصت السبوبة. يعانى الفيلم من مبالغات السقا وفتور درة، وقد تولى مهمة الإضحاك «خالد سرحان» و«إدوارد» واحيانا «صلاح عبد الله»، ورغم تميز ملابس «ناهد عبد الله» وموسيقى «تامر كروان» إلا أننا أمام أحد أسوأ أعمال الثنائى «زينب عزيز» و«على إدريس».