رغم المشكلات المعتادة فى الأفلام المصرية، والتى ترتبط أساساً بالسيناريو، فإن فيلم «مراتى وزوجتى» الذى كتبه لؤى السيد وأخرجه معتز التونى، نجح إلى حد ما فى رسم الإبتسامة وسط ظروف صعبة، وفى موسم سينمائى شديد الجفاف إلى درجة «التصّحر الكوميدى» إذا جاز التعبير، الثنائى رامز جلال وإدوارد بينهما كيمياء جيدة منذ فيلم «أحلام الفتى الطائش»، والفيلم خفيف ولم يقلل منه سوى تهافت الحبكة وثغراتها، مع بعض الغلظة فى السخرية المزعجة من الأفارقة، تقريبا يقدمهم الفيلم كما لو كانوا أقرب إلى وحوش الغابة، أعرف بالطبع أن الهدف هو الإضحاك، ولكن المؤسف أن الفيلم يشير إلى عاصمة بلد إفريقى محدد، بل ويظهر سفيرها ضمن الأحداث، كان يمكن تقديم مواقف كوميدية أفضل وأجمل بدون هذه الغلظة، وبدون اللجوء إلى ما أطلقت عليه زمان «كوميديا دورات المياه والمراحيض العمومية». عقدة الفيلم تذكرنا بصورة أو بأخرى بعقدة فيلم أجنبى شهير بعنوان «كيف تقتل زوجتك؟» من بطولة جاك ليمون وفيرنا ليزى، الموقف المحورى واحد: رجل يستيقظ فيجد نفسه متزوجا إثر ظروف غير طبيعية تورط فيها، ولكن «مراتى وزوجتى» يوسع الدائرة قليلا، بأن يجعل الرجل متزوجا بالفعل، وبالتالى تصبح له فجأة زوجتان، واحدة مصرية من الطبقة العليا، والثانية إفريقية قادمة من الغابة، ولكنها أيضا ابنة شيخ قبيلة ضخمة، أى أنها تنتمى إلى الطبقة العليا فى الغابة، جوهر الفكرة ظريف، يبدأ الفيلم بأن نتعرف على البطلين: حسام (رامز جلال) وصديقه هانى (إدوارد طبعا) اللذان يعملان كمهندسين فى شركة ضخمة للمحمول، فريدة (شيرى عادل) هى زوجة حسام الشابة التى تهمل رعايته، وتكرس كل وقتها فى جمعية الأسرة السعيدة، وتحلم بأن تفوز بمنصب أمين عام الجمعية، وسط منافسة شرسة من فتاة أخرى، حسام زوج غير سعيد، يعود إلى منزله فلا يجد طعاما، زوجته منقادة لنصائح أمها لطفية (رجاء الجداوى)، التى تطالبها بعدم الإنجاب قبل مرور ثلاثة أعوام على زواجها من حسام، أما حماه فايز (حسن حسنى) فهو مستسلم لزوجته، رغم تعاطفه الواضح مع زوج ابنته حسام. تقرر شركة المحمول الضخمة إرسال حسام وهانى إلى بوجمبورا (عاصمة دولة إفريقية معروفة)، ومنذ وصول المهندسين المصريين نكاد ندخل إلى الغابة، هناك سائق واحد يقود السيارة والطائرة، ومخمور معظم الوقت، تستقبلهما فتاة إفريقية تدعى مجيدة، ترافقهما إلى فندق بدائى، هناك مواقف ظريفة كأن يتولى إيقاظ حسام وهانى يوميا أحد الأسود، وهناك مواقف أخرى غليظة مثل ذلك الإفريقى المقيم تقريبا فى دورة المياه، والذى تنطلق منه أصوات الغازات، أما قبيلة الفتاة الإفريقية فتأسر حسام وهانى من أجل التهامهما لولا تدخل الفتاة! يتم بالعافية، وبعد معاناة، تركيب شبكة المحمول فى الدولة الإفريقية البدائية، وفى احتفال صاخب يحضره الحاج بيومى والد الفتاة الإفريقية وشيخ القبيلة البدائية، يشرب حسام بعض المشروبات الروحية المصنوعة من جوز الهند، ويدخن بعض المخدرات، ويدخل فى مسابقة للتحدى مع أشجع شباب القبيلة، وعندما يعود حسام وهانى، نكتشف أن حسام تورط فى الزواج من ابنة زعيم القبيلة. هنا تبدأ ثغرة السيناريو الأولى، فالفتاة لا تعود مع حسام على نفس الطائرة، ولكنها تظهر فى القاهرة فيما بعد، كما يساندها سفير دولتها، ومحام مصرى مفوّه (يوسف عيد)، والهدف إقرار حسام بالزواج، تتمسك العروس بحقها وترفض الطلاق، لأن تقاليد القبيلة تمنع ذلك قبل مرور عام، يستعين حسام بحماه فايز المحامى الشهير لإنقاذه، ولكنه يفشل، فالفتاة ابنة زعيم قبيلة ضخمة، وأى إساءة إليها ستؤدى إلى مشكلة دبلوماسية، كما ستؤثر على شركة المحمول الإفريقية التى يعمل بها حسام، تتعقد الأحداث وخصوصا مع رغبة فريدة فى أن يتم اختيارها كأمينة لجمعية الأسرة السعيدة، وبسبب ذلك ترضخ لفكرة إقامة الزوجة الإفريقية معها فى نفس الفيلا الفاخرة، كما يستغل الزوج المُهمل (بفتح الميم الثانية) الفرصة لإثارة غيرة زوجته، يتقمص دور طرزان، وينقل الحياة فى الغابة إلى الفيلا فى مواقف معظمها ظريف، وتتحمل فريدة كل ذلك حتى تحصل على المنصب الذى يشترط لمن تفوز به أن تتمتع بحياة عائلية سعيدة. وعلى قدر تعقد الحبكة، وذكاء التقاء الخطوط بين العروس الإفريقية والزوجة المصرية، فقد جاء الحل بطريقة سهلة وساذجة أضعفت من البناء، فالزوجة فريدة تستيقظ فجأة، ورغم فوزها بمنصب أمين عام الجمعية، تتنازل عنه حبا لزوجها، وتفرغا لرعايته، مع أن الفيلم مع التوازن بين العمل ورعاية الأسرة، وليس مع ترك المرأة لأنشطتها، أما الزوجة الإفريقية، فهى تستيقظ أيضا فجأة، ونكتشف أنها كانت تحب أشجع شاب فى القبيلة، وأن والدها هو الذى أرغمها على الزواج من المهندس حسام. يسافر حسام إلى القبيلة، وينجح فى الحصول مواقفة والد الفتاة وشيخ القبيلة على انفصال ابنته عن حسام مقابل جهاز لاب توب، وينسى الفيلم أن تقاليد القبيلة تمنع فسخ الزواج قبل مرور عام، كان واضحا أن السيناريو يريد تقفيل الفيلم والسلام، وأنه لم ينجح فى ابتكار حلول أفضل، وأكثر اتساقا مع منطق الدراما نفسها، وبما أننا فى فيلم كوميدى، فلا بأس من التقفيل السريع فى رأى صناع الفيلم، المهم أن تضحك وقد حدث ذلك فعلا. فى كل الأحوال، لا نستطيع إنكار أن هناك محاولة جادة لعمل فيلم كوميدى، له بداية ووسط ونهاية، الشخصيات عموما رسمت ملامحها بشكل جيد، وتم توظيف معظمها بشكل مقبول فى خدمة البناء، طالت أحيانا بعض المشاهد، وجاءت بعض المواقف الساخرة غليظة كما ذكرت، ولكن حيوية رامز وإدوارد، وحضور حسن حسنى والتآلف بينه وبين رجاء الجداوى، كل ذلك أثار الكثير من البهجة، كان يمكن الإستفادة بشكل أكبر من التناقض الصارخ بين الفتاة الإفريقية والزوجة الأرستقراطية فريدة، ولكن بصفة عامة، فقد مر الفيلم بسلام، مازلت عند رأيى أن رامز جلال ممثل موهوب وظريف يبتذل نفسه فى برامج تليفزيونية تسئ إلى موهبته، معتز التونى المخرج لديه إحساس جيد بالكوميديا لأنه أصلا ممثل ظريف، وقد ظهر فى مشهد واحد فى الفيلم فى دور سائق التاكسى الذى حمل حسام وهانى إلى المنزل بعد عودتهما، هناك عناصر فنية جيدة مثل موسيقى عمرو إسماعيل، وصورة نزار شاكر، ودور ستايلست الفيلم ريهام عاصم، تبقى فقط تلك السخرية الجارحة من الحياة الإفريقية البسيطة، أعتقد أننا سنغضب لو شاهدنا فيلما أوربيا يسخر من مجتمعاتنا بهذه الصورة المقززة، لماذا لا يتعب كتاب الكوميديا عندنا بدلا من استسهال استدعاء الصور النمطية عن جيران القارة السوداء الغلابة؟!!