سألنى أحد الزملاء: هل يوافق يحيى الفخرانى على آراء زوجته، لميس جابر؟ قلت له اسأل الفخرانى فأجابنى: هل من الممكن أن يعترض رجل على زوجته علنا وعلى رؤوس الأشهاد؟ وأضاف: ولكن ربما يذكر ذلك لأصدقائه المقربين.. قلت له أعرف بالطبع الفخرانى وهو واحد من أكثر الفنانين الذين يتمتعون بقدرة على التجسيد الدرامى فى تاريخ الدراما المصرية، ولكنى لست من أصدقائه الحميمين الذين يبوح لهم بآرائه الشخصية، ولهذا لا أملك إجابة قاطعة عن سؤالك! دفعنى هذا السؤال لكى أفكر فى ما هو أبعد.. إنه الخيط الرفيع بين الفنان وآرائه السياسية. هل نحن نحاسب الفنان على آرائه السياسية هو وعائلته وبناء عليه نحدد موقفنا منه؟ كانت مثلا قوائم العار التى تواكبت مع الثورة تعنى فى جانب منها سقوط هذا الخط الوهمى بين الفنان وموقفه السياسى، وبالطبع لا تستطيع أن تقول مثلا إن الناس كلما تطابقت مواقفها السياسية تجاه الفنانين ازدادت معدلات الإقبال على أعمالهم الفنية، حدث مثلا أن قاطع الجمهور طلعت زكريا ونجحت إرادة الناس ولم يصمد فيلمه «الفيل فى المنديل» رغم أن طلعت تحدى الجمهور الغاضب مؤكدا أنه إذا كان هناك بضعة آلاف يقاطعونه فإنه فى المقابل لديه الملايين الذين ينتظرونه، وعُرض فيلمه ولم يعثر على أثر يُذكر لتلك الملايين. على الجانب الآخر كانت القائمة تضم تامر حسنى وأصدر شريط «اللى جاى أحلى» ولم يشترِهِ أحد وانتظروا اللى جاى، إلا أنه فى مسلسل «آدم» لم تنجح بنفس الدرجة المقاطعة التى تبناها عدد من النشطاء على «فيسبوك». لم نعرف بالطبع ما نسبة الإقبال رغم أن ما حرص عليه تامر هو أن يقدم للجمهور فى المسلسل ما يبرئ ساحته الشخصية، فهو المناضل الشهم الجدع. لا شك أن مشاعر الناس لا تفصل تماما بين الفنان ومواقفه السياسية، قد يحدث نوع من التسامح وفى لحظات تخفت حدة الغضب، ورغم ذلك فإن العمل الفنى ينبغى أن يملك القدرة على الجذب، والدليل أن خالد الصاوى أحد الفنانين الكبار الذين كان انتماؤهم إلى الثورة وإلى المعارضة سابقا، وشارك فى مظاهرات عديدة ضد فساد مبارك، ولكن كل ذلك لم يشفع له فى فيلمه «الفاجومى» الذى لم يحقق إيرادات تليق باسم الصاوى. لو كان المقياس السياسى هو المؤشر الذى يحدد توجه الناس لحقق الفيلم أعلى أرقام فى شباك التذاكر. هل تتأثر نجومية الفخرانى بسبب آراء زوجته؟! الفخرانى قبل الثورة لم يكن من الفنانين أصحاب الآراء المعلنة ضد النظام. بالتأكيد لم يكن أحد الأبواق التى تدافع عن التوريث، فهو مثلا يختلف فى هذا المجال عن عادل إمام الذى كنت تراه وهو يتلكك فى أى حوار يجريه من أجل أن يدافع عن مبارك أو يمهد لتوريث الحكم لجمال.. الفخرانى ليس هو الفنان الذى ينافق السلطة، لكنه بطبعه لا يهاجمها، على عكس زوجته التى كانت لها آراؤها المكتوبة التى تهاجم الفساد فى عهد مبارك ولكنها بعد الثورة انقلبت 180 درجة وصارت من الأصوات التى تدافع عن العهد البائد وتتبنى قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. وكثيرا ما دافعت عن المخلوع بحجة أنها تريد الحفاظ على مقامه كرمز! الفخرانى طوال الثورة لم أتعرف آراأه سوى مرة واحدة عندما أجرى محادثة تليفونية قبل تنحى مبارك مع منى الشاذلى فى العاشرة مساء، ولم يكن من عاداته أن يتحدث فى السياسة، ولكنه كان يميل بقوة ودون مواربة إلى تأييد الثورة. لا أعتقد أن الجمهور فى تعامله مع الفخرانى يضع فى المعادلة آراء لميس جابر، ولكن الشريط الفنى هو الذى يحدد مؤشر توجه الناس. الفخرانى لا يمكن أن ينتقد زوجته على الملأ، ولا أتصور أيضا أنه سوف يعلو صوته فى أجهزة الإعلام مؤيدا لها، خصوصا أنها تحولت من شاهد محايد على الأحداث إلى طرف مشارك فيها.. كلما تعرضت لميس لانتقاد من مؤيدى الثورة ازدادت شراسة فى الهجوم على الثوار وازدادت جرعات تعاطفها مع المجلس العسكرى ومبارك وأسرته.. الفخرانى لن يدفع الثمن، على شرط أن يظل محتفظا على الأقل بصمته.. السكوت فى مثل هذه الأحوال لا يفسر بالضرورة بأنه من علامات الرضا!