فشل تجاريا في دور العرض فيلمان لنجمين المفروض أنهما يمثلان تناقضا فكريا وسياسيا حادا في ما بينهما.. خالد الصاوي «الفاجومي».. وطلعت زكريا «الفيل».. خالد صار اسمه مرادفا للثورة وطلعت أصبح يستدعي على الفور صورة المخلوع!! خالد الصاوي تستطيع أن تراجع تاريخه قبل ثورة يناير لتدرك أن مواقفه السياسية ضد النظام كانت معلنة وموثقة.!! على الجانب الآخر يقف طلعت زكريا صاحب أعلى الأصوات في مهاجمة الثوار ونعتهم بأسوأ الصفات وقبل الثورة بثلاثة أشهر كان هو النجم المفضل لدى المخلوع والتقى به منفردا على مدى أكثر من ساعتين، وخرج طلعت من الاجتماع منتشيا باعتباره رئيس دولة النجوم.. طلعت أحد مجاذيب مبارك.. المعروف أن فيلمه «الفيل في المنديل» كان يتضمن قبل الثورة مشاهد يعبر فيها طلعت عن حبه لمبارك ويقدم له التحية العسكرية.. اضطر المخرج إلى حذفها، ورغم ذلك لم يعثر على أثر يذكر للجمهور.. هل كانت المقاطعة هي السبب أم سوء مستوى الفيلم؟! أتصور أن الناس تعاملت ببرود مع طلعت بعد تصريحاته التي طعنت في شرف الثوار، إلا أن رداءة الفيلم كانت السبب المباشر للسقوط... أما خالد الصاوي فإن مشاعر الناس دافئة تجاهه هو والأبطال الذين شاركوه «الفاجومي»، فكانت كل من جيهان فاضل وفرح يوسف من الفنانات اللائي ذهبن للتحرير منذ الشرارة الأولى للثورة.. كل الظروف كانت مهيأة نظريا للنجاح التجاري، كما أن الشاعر أحمد فؤاد نجم، الذي تناول الفيلم حياته واحد من الذين أحبهم الناس، وكان ميدان التحرير هو محطة نضاله الأخيرة على أرض الواقع.. ما الذي حدث؟ الناس لم تشاهد الفيلم.. هل لأنهم كانوا يبحثون عن فيلم آخر أو ربما نجم آخر.. خالد الصاوي لم يتحمل من قبل مسؤولية شباك التذاكر.. كان له حضوره المميز في عديد من الأفلام، ولكن شباك التذاكر له قانون مختلف، بالإضافة إلى أن الفيلم افتقد رؤية تحمل قدرا من الجاذبية.. انفتحت مشاعر الناس لبطل الفيلم على أرض الواقع أيام الثورة، كما أنه حقق قدرا لا ينكر من الجماهيرية في رمضان الماضي مع مسلسل «أهل كايرو».. نجم الشباك السينمائي قضية أخرى يجب أن نذكر أيضا أن الجمهور المصري قد يرى نجومية في لاعب كرة أو مطرب، ولكنه لا يمكن أن يراها مجسدة في شاعر مهما كان له تاريخه النضالي مثل نجم!! لم يحقق الفيلمان الجاذبية الجماهيرية، لأننا لا نحكم على الفيلم بتلك المقاييس الأكثر ثورية، ليس هو الأكثر إبداعا وأيضا ليس هو الأكثر تحقيقا للإيرادات. صحيح أن المواقف الاجتماعية والسياسية للفنان تلعب دورها، ولهذا تجد أن كثيرا من الفنانين حريصون بين الحين والآخر على توصيل معلومات للقارئ، تؤكد أنهم مثلا في الحج، أو أنهم يصلون الفرض بفرضه، كل ذلك لاكتساب نقاط لدى الجمهور. يظل كل ذلك عوامل مساعدة تخلق صورة ذهنية للفنان تساعده في الاقتراب إلى مشاعرهم، إلا أن التجربة أثبتت أن قانون الشباك له قواعد أخرى.. مشروعات الفنانين الذين كانوا من أعداء الثورة محفوفة بالمخاطر، كما أن مشروعات الفنانين الذين كانوا من مؤيدي الثورة لن تكون مضمونة، فلا يعني ذلك أنها هي التي سوف «تقش بالضرورة» الإيرادات.. هذه نقرة وتلك نقرة!!