ماذا يعنى مصطلح (ناشط سياسى)؟! أهو وظيفة يمكن طباعتها أسفل الاسم على بطاقة عمل؟! أهو مهنة، يرتزق منها أصحابها؟! أهو وظيفة مَن لا وظيفة له؟! أم هو تصريح بالبذاءة وقلة الأدب وتحدّى القانون، وتسليط فاحش القول على كل مَن يخالفك الرأى والفكر؟! الذى أراه من حولى هو بذاءة وسفالة وبلطجة وطجرمة، يضعها أصحابها تحت المصطلح المطاطى (ناشط سياسى)، لإضفاء الشرعية الزائفة على ملوك البذاءة والسفالة.. الأسوأ أن كل بذىء، يعتبر نفسه من المناضلين من أجل الحرية، لا يحتمل ولو لحظة أن يتمتع غيره بالحرية، فإذا ما عارضه أو خالفه أحد، انطلق منه مدفع رشّاش من الألفاظ البذيئة والصفات الخارجة، والسباب الذى يعاقب عليه القانون، باعتبار أن الحرية الوحيدة فى الوجود هى حريته وحده، فى أن يشتم ويسب ويهين كل مَن يعارضه أو يخالفه، والديمقراطية الوحيدة التى يؤمن بها، هى ديمقراطية أن تتفق معه بشدّة، أو تتفق معه قوى، أو تتفق معه فى تحفّظ، أو تتفق معه والسلام.. أما أن تختلف معه، فهو يفتح عليك غطاء بكابورت البذاءة والسفالة وقلة الأدب.. إنه باختصار يتبع مبدأ النجم محمد صبحى فى مسرحيته الشهيرة «هل أنت من المؤيدين لى، أم أنك لا قدّر الله من المعارضين؟ فاهم يا بن ال (....) منك له..».. المؤسف أن هذا النوع من ناشطى البذاءة السياسية، يجد مَن يصفّق له ويؤيّده، لأن روح المراهقة، التى تطول فترتها فى مصر، على عكس الدول التى تحسن تربية شبابها، تجعل المراهق، الذى يجاهد لإثبات أنه ناضج، يسعد بالإساءة إلى الناضجين، لأنهم الدليل الأساسى الذى يثبت أنه لم ينضج بعد.. فالبذاءة والسفالة أشبه بسلاح طائش، ربما تزهو به، عندما يكون فى يدك، ورصاصاته تنطلق نحو الجميع، ولكن لو أنه فى يد غيرك، فرصاصاته تؤلمك وتقتلك، وتدفعك للصراخ، والاستنجاد بمن ينقذك منها.. المراهقة لا تجعلك ترى هذا، أما النضج فيجعله واضحًا أمامك.. والبذىء يريد أن يصير بطلًا يشار إليه بالبنان.. ولأنه لا يملك مقوّمات البطولة، فهو يصبح أشبه بالجندى، الذى لم يحصل على وسام فى المعركة، فقتل فرقته بالكامل، حتى يحظى بالشهرة!! التاريخ يذكر البذىء فى عدة أسطر، ثم يفتح له بعدها أكبر صفحات المزبلة، باعتبار أنها المكان المناسب للقمامة، التى تنهمر مع كلماته.. السؤال هو: ألا يمكنك أن تنتقد شخصًا أو شيئًا دون بذاءة؟! هل قرأت فى كتاب (الدليل البرىء فى الكلام البذىء) أن البذاءة كنز لا يفنى؟! أم أن هذا جاء فى (الضرب بالكراسى عنوان الناشط السياسى)؟! إذا كانت الحرية فى نظر البعض هى بذاءة اللسان وسفالة القول، كان الله فى عونهم، وفى عون الوطن منهم، ولو أنهم يسعون للمستقبل، فعليهم مراجعة استشارى نفسى أوّلًا.. ويقولون إن ناشطًا سياسيًّا من حزب (الحرفية والبذاءة)، خطب فى الناس، عند ترشّحه للرياسة، يقول: أنا مرشح نفسى عشان أم أمنكم، وأم اقتصادكم، وأم عدالتكم، مع إنكم ماتستهلوش يا ولاد ال...».. هه.. حتنتخبوه؟!