من سنوات قليلة كان طريق البطولة صعباً محفوفاً بالمخاطر والمهالك منذ سنوات قليلة كانت البطولة بطولة حقيقية تتطلب الكثير من التضحيات وإنكار الذات والإيثار وكان طريق البطولة طريق طويل ممتلئ بالعقبات والحفر والمصائد وكان الطريق رغم كل ذلك واضحاً جلياً رغم كل ما يحوي من أخطار ، جهاد في سبيل الله والوطن ، دفاع عن الدين والأرض والعرض والقيم والمبادئ ، كلمة حق تقال في وجه حاكم ظالم ، ذود عن تماسك الأمة وقيمها وأسسها كل تلك كانت خطوات البطولة وطرقها ، وكان طريق البطولة صعباً جداً وشاقاً ولكن فجأة وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي جاءت لتظهر أعظم وأفضل ما في المصريون من وحدة وتوحد وقوة وعزم وإصرار على الهدف والتصدي للطغيان والوقوف في وجه الظالمين وكذلك وكما أفرزت الثورة خير ما فينا فإنها ، مثلها مثل أي ثورة في التاريخ ، أفرزت شر ما فينا فبعد أن ثار الأبطال ، يؤازرهم الشعب المصري كله ، وحققوا الحلم وأخرجوا الوطن من ظلمات الطغيان والديكتاتورية إلى نور الحرية والديمقراطية ورحل بعضهم وبقي البعض الآخر يطالبون بمطالبهم المشروعة ، في هذه اللحظة خرجت الفئران والصراصير من المجارير لتشارك الأبطال في اللقب والشرف والحق وأصبح طريق البطولة من أسهل ما يمكن فلم يعد الأمر صعب ولا خطر بل صار أسهل من قطعة كعك كما يقول الإنجليز وما عليك لتحصل على لقب بطل إلا أن تتبع هذه الخطوات أولاً :عليك أن تذهب إلى أحد مواقع المدونات المجانية أو الفيس وتسجل فيه وحبذا لم فعلتهما معاً ثانياً : لا تقلق إطلاقاً بخصوص المحتوي الذي ستكتبه في مدونتك أو صفحتك فالمحتوي متوفر ومضمون وجاهز ثالثاُ : الآن أنت قطعت أول خطوة في طريق البطولة السهل الميسور وبعد ذلك ليس عليك إلا عمل بسيط عندك مجموعة من العناصر عليك الاختيار من بينها ( المجلس العسكري – مجلس الشعب – جماعة الإخوان المسلمون – حزب الحرية والعدالة – السلفيين ) والأفضل أن تأخذهم كلهم شروة واحدة لتزيد أرباحك وتزيد فرصك في البطولة وبعد ذلك ؟! بعد ذلك ما عليك إلا أن تمسك بالمجموعة السابق ذكرها وتكيل لهم السباب بمختلف أشكاله وأنواعه وحبذا لو كانت شتائمك تحتوي قدر غير قليل من البذاءة والخروج على كل الأعراف ويا ريت يا ريت لو طعمت المحتوي ببعض من الخوض في الأعراض واستخدام ألفاظ محببة مثل ( أمك أبوك أختك زوجتك ) وتضع الصورة في إطارها النهائي مع الحديث عن خيانة الثورة ، وخيانة الوطن ، ودم الشهداء ، وخيانة دم الشهداء وأنتظر بضعة أيام تداوم أثنائها على نشر موضوعاتك بشكل دائم في مدونتك أو صفحتك على الفيس ، مش مهم مضمون الموضوع ولا طريقة عرضه ولا عن أي شيء يتحدث المهم أن تستخدم الألفاظ والسباب وتتكلم عن الثورة والشهداء ودم الشهداء وفي النهاية ستفاجأ بعدد من التفوا حولك يهللون ويطبلون لك ويخلعون عليك كل صفات الوطنية والحماس والإخلاص للثورة وستجد مدونتك تزخر بعشرات الزائرين الذين لا عمل لهم إلا التصفيق لك وتقديم الشكر لك على وطنيتك الجارفة ، والإشادة بموضوعاتك القوية الحماسية ، رغم أنه لا توجد موضوعات من أصله بل مجموعة من الشتائم المنتقاة من أشد قواميس البذاءة بذاءة ومن أشد قواميس الفحش وقلة الحياء ، وطبعاً لن يجرؤ أحد على أن يقول لك ( عيب ) أو ( أتقي الله ) أبداً أتعرف لماذا ؟! لأن هذا ما سيحدث يا صغيري لمن يجرؤ على الاعتراض على ما تقدمه من بذاءات ! فإذا تجرأ أحد وقال لك ( عيب ) فما عليك إلا أن تركله لمحبيك ومؤيديك وستنهال عليه شتائمهم وسبابهم وسيلبس حالاً عدة تهم : أولها : محاربة الثورة والثوار ثانيها : الخيانة والعمالة والجبن والسفالة وقلة الأدب ( هو اللي قليل الأدب طبعاً ) ثالثها : التهجم والاقتحام والتطرف والإرهاب والتوحش والهمجية أما إذا جن أحدهم في عقله ولم يرضه البذاءة ولا الخوض في الأعراض وقال لسيادتك ( حرام ) أو ( أتقي الله ) فستكون حينئذ الطامة الكبرى وسينال الشتائم المعتادة مع عبارات صارت كليشيهات محفوظة ( مش أنت اللي هتعلمنا الإسلام ) ( إحنا مسلمين أكتر منك ) ( أتقي الله أنت وأصمت ) وطبعاً سيمل المحترمون وسيهربون من هذه المباءة أو سيفضلون الابتعاد عملاً بالحكمة المأثورة : ولو كل كلب عوى ألقمته حجراً .. لصار الصخر مثقال بدينار ! أما إذا كان أحدهم ( تنح ) و ( جبلة ) ومصر على اقتحام معبدك المقدس واستهجان بذاءاتك وقلة أدبك فلا تقلق فقط ؛ إذا كان لديك جروب على الفيسبوك ، أعمله حظر لتمنعه من الكلام أو الرد أو التعليق مع الاستمرار في سبه وشتمه بالشتائم التي يحبها قلبك ! بضعة أيام هي بضعة أيام وحياتك وتصبح بطل ولا ( صلاح الدين الأيوبي ) في زمانه ويتحول لقبك من عاطل إلى ( بطل ) ومن ( صايع ) إلى ( ناشط سياسي ) وليس مهم أن تفهم معني كلمة ( ناشط سياسي ) أو حتى أن تعرف المقصود بالسياسة أصلاً فالمهم إنك صرت بطلاً ومتحدثاً رسمياً باسم الثورة والثوار ( الذين لا يمكن أن يقبلوا مجرد النظر في وجهك ) وصار الاعتراض على أي كلمة تقولها أو أي سبة بذيئة تطلقها هو خيانة للثورة وللشهداء ولدم الشهداء ولكل القيم الإنسانية النبيلة ولكل زعماء الأمة وأبطال الوطن ! ألم أقل لك إن طريق البطولة صار سهلاً ميسوراً فأسرع يا بني وخذ نصيبك من البطولة ومن الألقاب الفخمة قبل أن يأتي الزبالون بالمقشات ليكنسوك !