حيثيات «الإدارية العليا» لإلغاء الانتخابات بدائرة الدقي    وزيرتا التنمية المحلية والتضامن ومحافظ الغربية يتفقدون محطة طنطا لإنتاج البيض    تعرف على مشروع تطوير منظومة الصرف الصحي بمدينة دهب بتكلفة 400 مليون جنيه    نائب محافظ الجيزة وسكرتير عام المحافظة يتابعان تنفيذ الخطة الاستثمارية وملف تقنين أراضي الدولة    إما الاستسلام أو الاعتقال.. حماس تكشف سبب رفضها لمقترحات الاحتلال حول التعامل مع عناصر المقاومة في أنفاق رفح    الجامعة العربية تحتفى باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى    شبكة بي بي سي: هل بدأ ليفربول حياة جديدة بدون محمد صلاح؟    إبراهيم حسن يكشف برنامج إعداد منتخب مصر لأمم أفريقيا 2025    وادى دجلة يواجه الطلائع ومودرن سبورت وديا خلال التوقف الدولى    الأهلي أمام اختبار صعب.. تفاصيل مصير أليو ديانج قبل الانتقالات الشتوية    أحمد موسى: حماية الطفل المصري يحمي مستقبل مصر    حكم قضائي يلزم محافظة الجيزة بالموافقة على استكمال مشروع سكني بالدقي    خطوات تسجيل البيانات في استمارة الصف الثالث الإعدادي والأوراق المطلوبة    الثقافة تُكرم خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي بحضور نجوم الفن.. الأربعاء    مبادرة تستحق الاهتمام    مدير وحدة الدراسات بالمتحدة: إلغاء انتخابات النواب في 30 دائرة سابقة تاريخية    انطلاق فعاليات «المواجهة والتجوال» في الشرقية وكفر الشيخ والغربية غدًا    جامعة دمنهور تطلق مبادرة "جيل بلا تبغ" لتعزيز الوعي الصحي ومكافحة التدخين    أسباب زيادة دهون البطن أسرع من باقى الجسم    مصطفى محمد بديلا في تشكيل نانت لمواجهة ليون في الدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يبحث مع "أنجلوجولد أشانتي" خطط زيادة إنتاج منجم السكري ودعم قطاع الذهب    هل تجوز الصدقة على الأقارب غير المقتدرين؟.. أمين الفتوى يجيب    "وزير الصحة" يرفض بشكل قاطع فرض رسوم كشف على مرضى نفقة الدولة والتأمين بمستشفى جوستاف روسي مصر    محافظ جنوب سيناء يشيد بنجاح بطولة أفريقيا المفتوحة للبليارد الصيني    أمينة الفتوى: الوظيفة التي تشترط خلع الحجاب ليست باب رزق    وزير العدل يعتمد حركة ترقيات كُبرى    «بيت جن» المقاومة عنوان الوطنية    بعد تجارب التشغيل التجريبي.. موعد تشغيل مونوريل العاصمة الإدارية    عبد المعز: الإيمان الحقّ حين يتحوّل من أُمنيات إلى أفعال    استعدادًا لمواجهة أخرى مع إسرائيل.. إيران تتجه لشراء مقاتلات وصواريخ متطورة    دور الجامعات في القضاء على العنف الرقمي.. ندوة بكلية علوم الرياضة بالمنصورة    الإحصاء: 3.1% زيادة في عدد حالات الطلاق عام 2024    الصحة العالمية: تطعيم الأنفلونزا يمنع شدة المرض ودخول المستشفى    الرئيس السيسي يوجه بالعمل على زيادة الاستثمارات الخاصة لدفع النمو والتنمية    وزير التعليم يفاجئ مدارس دمياط ويشيد بانضباطها    من أول يناير 2026.. رفع الحدين الأدنى والأقصى لأجر الاشتراك التأميني | إنفوجراف    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره الباكستاني    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لتطوير المناطق المحيطة بهضبة الأهرامات    إعلان الكشوف الأولية لمرشحي نقابة المحامين بشمال القليوبية    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا.. 80 يومًا تفصلنا عن أول أيامه    وزير الثقافة يهنئ الكاتبة سلوى بكر لحصولها على جائزة البريكس الأدبية    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وفد جودة التعليم لاعتماد المعهد القومي للأورام    الإسماعيلية تستضيف بطولة الرماية للجامعات    وزير الإسكان يتابع تجهيزات واستعدادات فصل الشتاء والتعامل مع الأمطار بالمدن الجديدة    دانيلو: عمتي توفت ليلة نهائي كوبا ليبرتادوريس.. وكنت ألعب بمساعدة من الله    ضبط 846 مخالفة مرورية بأسوان خلال حملات أسبوع    تيسير للمواطنين كبار السن والمرضى.. الجوازات والهجرة تسرع إنهاء الإجراءات    مصطفى غريب: كنت بسرق القصب وابن الأبلة شهرتى فى المدرسة    شرارة الحرب فى الكاريبى.. أمريكا اللاتينية بين مطرقة واشنطن وسندان فنزويلا    صندوق التنمية الحضرية : جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية    وزير الخارجية يلتقي أعضاء الجالية المصرية بإسلام آباد    صراع الصدارة يشتعل.. روما يختبر قوته أمام نابولي بالدوري الإيطالي    إطلاق قافلة زاد العزة ال83 إلى غزة بنحو 10 آلاف و500 طن مساعدات إنسانية    اتحاد الأطباء العرب يكشف تفاصيل دعم الأطفال ذوي الإعاقة    تعليم القاهرة تعلن خطة شاملة لحماية الطلاب من فيروسات الشتاء.. وتشدد على إجراءات وقائية صارمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك « ميدوزا - 14»    مركز المناخ يعلن بدء الشتاء.. الليلة الماضية تسجل أدنى حرارة منذ الموسم الماضى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة العقل الاستراتيجي لمصر تتجلى في مواجهة الإرهاب
نشر في التحرير يوم 17 - 03 - 2014

في مواجهة الحرب الشرسة للإرهاب ضد مصر والمصريين، يتجلى العقل الاستراتيجي المصري بقدر ما تدعو الحاجة للابحار في عالم الاستراتيجية وجديد الأفكار والكتب التي قد تشكل مددا ثقافيا في لحظات مفصلية يمر بها الوطن مبتعدا عن حافة الخطر ومتجها للغد الأفضل.
والاستراتيجية كعلم وحقل ثقافي تتضمن بالتأكيد علوم السياسة والحرب والاقتصاد والاجتماع، وهي أيضا غير منبتة الصلة بما يعرف بنظريات المعنى والتاريخ والأدب، كما يوضح كتاب صدر بالانجليزية مؤخرا بعنوان"الاستراتيجية: تاريخ".
وعبر هذا الكتاب للورنس فريدمان تتجلى معاني العقل الاستراتيجي ورحابة وتعدد المجالات التي تدخل في الاستراتيجية وهي مسألة بدورها تنطوي على معضلات وتثير اشكاليات عدة بينما يشدد المؤلف على حقيقة ان في الاستراتيجية "يرتبط كل شيء بكل شيء وتتشابك كل الأشياء".
وواقع الحال ان هذا الكتاب الجديد للورنس فريدمان الذي كان مستشار السياسة الخارجية لرئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير، كما كان عضوا في لجنة التحقيقات حول الحرب على العراق وهو متخصص أصلا في الاستراتيجية النووية بمثابة دراسة عميقة في الاستراتيجية، سواء في أبعادها الشاملة أو في بعديها السياسي والعسكري بقدر ما تكشف عن جهد فكري طموح.
ولورنس فريدمان بدا طامحا في هذا الكتاب لبلوغ ذرى عالية في عالم الاستراتيجية واستخلاص معنى العقل الاستراتيجي ومغزاه كدفاع عن حق مجتمع ما في الحياة خاصة عند الحافة الخطرة وفي اللحظات المفصلية والفارقة في مسيرة وطن ما مثل اللحظة المصرية الراهنة حيث تتحرك مصر رويدا رويدا، بعيدا عن الحافة الخطرة بينما يجن جنون الارهاب الذي لايريد لها ان تصل لبر الآمان.
واذا كانت الاستراتيجية كما يقرر لورنس فريدمان "تبدأ من الوضع الراهن وتكتسب معناها من الوعي والادراك بكيفية التحرك نحو الوضع الأفضل وتفادي الأسوأ"، فان العقل الاستراتيجي المصري الذي يبتعد بمصر عن الحافة الخطرة قادر على تشخيص المخاطر التي تتهدد الوطن وسبل مواجهتها من دون استسلام لحروب نفسية يشنها أعداء مصر بلا هوادة بقصد اشاعة اليأس في النفوس.
وكان القرار الذي أصدره الرئيس عدلي منصور في أواخر شهر فبراير الماضي بإنشاء مجلس الأمن القومي قد قوبل بترحيب كبير من المثقفين المصريين الذين يدركون أهمية هذا الكيان في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المتصلة بالأمن القومي لمصر.
وفي لقاء مع الكاتب والشاعر فاروق جويدة نشر بجريدة "الأهرام"- قال الرئيس عدلي منصور:"أنا متفائل جدا بمستقبل مصر وأقول هذا من موقع المسئولية والأمانة والاحاطة بكل صغيرة وكبيرة حول ما يجري في مصر".
واضاف الرئيس عدلي منصور :"هناك اشياء كثيرة واقعية وملموسة تمنحني هذا اليقين بأن مصر سوف تتجاوز هذه المحنة وسوف تعود مصر التي عشناها واحببناها وشعرنا بالفخر دائما بانتمائنا اليها " مؤكدا في الحديث الذي نشر الجمعة الماضية على انه "بعد شهرين ونصف الشهر من الآن سيكون لمصر رئيس منتخب وسوف اسلم له سلطة القرار وسوف تدور عجلة الحياة".
وفيما اعاد للأذهان ان "الشعب المصري دفع فاتورة باهظة امام الفوضى واختلال منظومة الأمن" تابع الرئيس عدلي منصور القول :"لااعتقد ان اي كرسي او منصب في هذا العالم يجعل الانسان يفرط في امن وطنه..انني اتعجب كثيرا كيف وصلت درجة الحقد والكراهية الى تدمير وطن من اجل منصب مهما علا قدره..ان مصر وطن يستحق منا ان نحميه وان نتفانى في حبه فلا مثيل له في كل بلاد الدنيا".
وتأتي كلمات الرئيس عدلي منصور النابضة بحب مصر والمعبرة عن ثقافة الوطنية المصرية وسط تحولات في المساجلات الاستراتيجية بين القوى الكبرى في هذا العالم ومتغيرات في لعبة الأمم بات فيها الارهاب رقما في معادلة "اللعبة الجديدة-القديمة" التي تفرض نفسها مجددا على المنطقة العربية وفي القلب منها مصر ومحاولات لفرض استراتيجيات وخرائط تتعارض مع مصالح شعوب المنطقة.
وحذر المفكر المصري وعالم الاقتصاد الدكتور جلال امين من "الأصابع الخارجية التي تؤدي لعدم الاستقرار في مصر" فيما اكد على انه "لاحل لالمشكلات مصر الا بتوفير الأمن" مشيرا الى قوى خارجية "ترغب في تنفيذ مشروع معين يتم التخطيط له ويتطلب تدهور الأحوال في مصر".
ولعل مراكز الدراسات الاستراتيجية في مصر والعالم العربي مدعوة بالحاح في تلك اللحظات الفارقة لانتاج المزيد من الأفكار الجديد والرؤى المتعمقة والاجتهادات المبدعة التي تخدم صانع القرار في قضايا الأمن القومي والاستراتيجيات المستقبلية ناهيك عن اصدار كتب تحظى بالاهتمام العام كما يتبدى في الاهتمام الواضح الذي حظى به كتاب "الاستراتيجية:تاريخ" في بريطانيا والغرب.
ويستخدم فريدمان تعبيرات جديدة ودالة في كتابه الجديد مثل"الاستراتيجية من اسفل" التي يعني بها الاستراتيجية السياسية و"الاستراتيجية من اعلى" كتعبير يقصد به الاستراتيجية الشاملة وخليط مركب يمور بالتغيير الثقافي.
واذا كان هذا الكتاب يبرز اهمية استشعار اللحظة وحساسية صانع القرار وبصيرته ومدى حصافته ومايعرف بالحكمة العملية في الواقع الحي للأحداث فانه يؤكد ايضا على اهمية عنصر الارادة والقدرة على الحسم في اللحظات الحرجة فيما اختار فريدمان تعريف الاستراتيجية "بفن خلق القوة" دون ان يخفي ان عالم الاستراتيجية حافل بنماذج الاخفاقات من سبل لاتعمل واهداف لاتتحقق في حروب الارادات.
وفيما تنطلق الاستراتيجية من هدف اساسي هو الحفاظ على الوجود فلاريب ان الارهاب بات السلاح الظاهر الذي يستخدمه اعداء مصر لتهديد الوجود المصري فيما لم يعد يخفي رغبته الآثمة في النيل من "القوة الصلبة" لمصر ممثلة في جيشها الوطني.
وكانت وحدة تابعة للشرطة العسكرية قد تعرضت لهجوم ارهابي فجر امس الأول "السبت" اسفر عن استشهاد ستة جنود من قوة الوحدة في منطقة "مسطرد" بشبرا الخيمة فيما اكد جيش مصر على ان هذه العمليات الارهابية الغادرة لن تزيده الا اصرارا على مواصلة الحرب على الارهاب وملاحقة العناصر الاجرامية المسلحة.
وفي سياق اجتماع برئاسة الرئيس عدلي منصور للوقوف على مستجدات الأوضاع الداخلية والموقف الأمني في البلاد ومناقشة التهديدات الموجهة للأمن القومي المصري داخليا وخارجيا كان مجلس الدفاع الوطني قد حيا بكل الخشوع والعرفان ارواح اعز الرجال شهداء مصر الأبرار الذين جادوا بأرواحهم طاهرة زكية وامتزجت دماؤهم بتراب الوطن دفاعا عن عزة ورفعة مصر وشعبها.
وفيما اكد على ضرورة الثأر للشهداء وذويهم وللشعب المصري العظيم مصداقا لقوله تعالى "ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب لعلكم تتقون" فان مجلس الدفاع الوطني استعرض الجهود والخطوات الهادفة لضمان امن واستقرار مصر وحماية الحقوق والحريات العامة للشعب.
وحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية فان مجلس الدفاع الوطني استعرض في هذا الاجتماع الجهود المبذولة لمكافحة الارهاب ومحاصرته وتجفيف منابعه في اطار التزام الدولة بحماية امن مواطنيها وكذلك تعهدها بالحفاظ على السلم المجتمعي وعدم السماح بتهديده او الاخلال بالأمن الداخلي وبما يدعم الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
كما تناول الاجتماع الترتيبات والاجراءات الأمنية اللازمة لتأمين الانتخابات الرئاسية المقبلة وعقدها في مناخ يسوده الأمن والهدوء بما يوفر للشعب المصري نسبة مشاركة عالية وفاعلة يؤكد من خلالها ارادته ارتباطا بهذا الاستحقاق المهم الذي يمثل الاستحقاق الثاني لخريطة مستقبل الوطن.
ولن يكون من قبيل المبالغة التأكيد على اهمية العقل الاستراتيجي لمصر في السهر على تأمين عملية تنفيذ خريطة مستقبل الوطن والاستفادة من كل الخبرات والدروس في تجارب الدول الأخرى والتعرف على كل جديد في عالم الاستراتيجية مثل هذا الكتاب الجديد للورنس فريدمان.
وبومضات خاطفة تظهر اسماء شهيرة في عالم الاستراتيجية ودنيا السياسة وفنون الحرب مثل الصيني سون تزو والألماني كلاوز فيتز والايطالي ميكيافيللي في هذا الكتاب ويعود المؤلف لورنس فريدمان حتى لروائع ادبية مثل الفردوس المفقود التي كتبها الانجليزي جون ملتون كملحمة شعرية في القرن السابع عشر لاستخلاص المزيد من المعاني في رحلة ثقافية مثيرة في بحار الاستراتيجية ومياهها العميقة.
ويولي فريدمان الكثير من الاهتمام لأفكار توماس شيلينج وهو مفكر امريكي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد وله دراسات متعمقة في الأمن القومي والسياسة الخارجية واستراتيجيات الصراع حتى انه يعتبره الأكثر دهاء وحذقا بين المفكرين الاستراتيجيين الآن مسلطا الأضواء على افكاره ومن بينها "تلك التهديدات التي تستعين بعامل المصادفة" وهي تهديدات يدخل فيها الارهاب.
ويؤكد فريدمان في كتابه على اهمية تبني الاستراتيجية العملية ذات المراحل المتتالية وبأهداف واقعية يحددها العقل الاستراتيجي للدولة مرحلة تلو مرحلة مشددا على ان المعرفة عنصر حاسم والمعلومات ضرورة لاغنى عنها في كل الأحوال ناهيك عن "الكتلة الزمنية الحرجة" التي تمر بها دولة ما حيث المعرفة مطلوبة بالحاح والأهم القدرة على تطبيق المعرفة والاستفادة عمليا من المعلومات والعلاقة السليمة بين النظرية والتطبيق.
وبالتوازي كان المثقف المصري والمفكر المرموق السيد يسين قد دعا لتبني "رؤية استراتيجية لمصر" بهدف انتقال مصر بحلول عام 2030 من دولة نامية الى دولة متقدمة رائدة اقليميا ومؤثرة دوليا ينعم مواطنوها بجودة حياة مرتفعة ويعني هذا ان تكون دولة ديمقراطية آمنة ذات مجتمع معرفي ينعم بالعدالة واقتصاد كفء قادر على المنافسة وفي اطار من القيم التي تحافظ على الهوية الوطنية.
وهي رؤية في سعيها لتحقيق اهدافها " تحدد على وجه قاطع "اين تقف مصر وماذا تطمح مستقبلا من هذه الأهداف من خلال تحديد معايير مرجعية لتقييم مدى النجاح في تحقيق الرؤية" كما تتعرف على الفرص المتاحة لتحقيق هذه الأهداف والتحديات التي قد تعيق تحقيقها وذلك في ضوء التوجهات العالمية وتجارب الدول الآخرى.
ولأن قوى الشر التي تقف وراء هجمات الارهاب الغادر في ربوع مصر تعلم اهمية "الكتلة الزمنية الحرجة" التي تفصل مابين اللحظة الراهنة والانتخابات الرئاسية فان الارهاب المجرم يزداد شراسة و"الجماعة الارهابية" تصعد من انتقامها الحاقد على شعب رفض نظام حكمها الفاشل والاستحواذي واسقطه في الموجة الثانية للثورة الشعبية يوم الثلاثين من يونيو 2013.
وحسبما قال الرئيس عدلي منصور " اننا جميعا مسلمون ونقيم شعائر ديننا ونحترم مقدساته وثوابته ولكن القتل والعنف والجري وراء السلطة ليس من الاسلام في شيء" مشيرا الى ان "انقاذ شباب الاخوان من الشطط الفكري والديني مسئوليتنا جميعا شعبا وحكومة وهنا ايضا يأتي دور الأزهر الشريف بتاريخه وعلمائه ودوره في ترشيد الخطاب الديني وهذه معركة فكرية ضخمة يجب ان نتصدى لها جميعا علماء الدين والمثقفون والمفكرون باختلاف توجهاتهم".
ولأن هذه الجماعة مضادة عقائديا لفكرة الوطن ومعنى الوطنية المصرية فهي لاتتورع عن الدخول في تحالفات خارجية مع اعداء مصر لالحاق الضرر بالأمن القومي المصري بل انها لم تجد رادعا من دين او ضمير يردعها عن التحول لآداة رخيصة في "الحرب الجديدة-القديمة" ضد مصر والمصريين فيما تتكتل قوى الشر الآن مستخدمة سلاح الارهاب لمنع هذا الشعب الصابر الصامد من استكمال خارطة مستقبله.
وهدف الجماعة الارهابية ومن يقف ورائها "انهيار الدولة الوطنية" ومن هنا تتصاعد اعمال الارهاب للحيلولة دون استكمال عملية بناء المؤسسات الدستورية للدولة على امل تحقق الحلم المجنون للجماعة في الانقضاض مرة اخرى على حكم مصر لتنفيذ مشروعها الخياني العميل لأعداء هذا الوطن.
واعاد الرئيس عدلي منصور للأذهان ان "الجيش مؤسسة وطنية عريقة تدرك مسئوليتها ودورها وهي التي وفرت للشعب كل مصادر الحماية في ثورة يناير بعد الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها اجهزة الأمن..الجيش المصري هو المؤسسة الوحيدة التي اصرت على حماية الثورتين في يناير ويونيو وليس من الوطنية ان نفرق بين الشعب وجيشه".
واردف الرئيس منصور قائلا " لقد حاول الاخوان اقتحام القضاء والاعلام والشرطة وفشلوا في ذلك واستعصى عليهم الاقتراب من الجيش وكان هدفهم لو طال بهم الزمن قليلا ان يخضعوا كل اجهزة الدولة لهذا المخطط الرهيب ولكن ارادة الله كانت الأقدر".
ان المؤامرة على مصر كبيرة وخطيرة ولكن تصميم شعب مصر على دحر المؤامرة اكبر واقوى من كل تحديات الارهاب والوان التآمر وله عقل استراتيجي بمقدوره ان يطبق ماذكره فريدمان في كتابه الجديد من ان الاستراتيجية تتضمن "افضل السبل العملية لالحاق الهزيمة بالعدو " وهي الاستراتيجية الراشدة التي تتحلى بالبصيرة والحساسية العالية .
والعقل الاستراتيجي المصري يدرك خطورة اللحظة وشناعة وبشاعة الحرب التي يشنها اعداء مصر عبر الجماعة الارهابية التي تحولت لخنجر مسموم يستهدف قلب الوطن تمهيدا لابتلاع المنطقة العربية كلها واخضاعها لأجندة الاستعمار الجديد بما في ذلك اعادة تقسيم المنطقة وفقا لخرائط جديدة تحقق المزيد من مصالح قوى الهيمنة العالمية.
لا جدال أن المرحلة الانتقالية بطبيعتها في أي بلد هي مرحلة تتسم بالسيولة والقابلية للانجراح والهشاشة وتتربص بها مخاطر متعددة وتهديدات شتى في عالم لا يمكن القول إن من يسعى للهيمنة على أقداره وموازينه تخلى عن ثقافة المؤامرة.
ومن هنا ناشد المهندس ابرهيم محلب رئيس مجلس الوزراء "الضمير الوطني لكل مواطن بأن يبذل قصارى الجهد من أجل انقاذ الوطن"، موضحا أن "المرحلة الحالية مرحلة عمل لحماية الوطن وليست مرحلة مطالبات".
وأكد محلب في تصريحات في ختام الاجتماع الطاريء لمجلس الوزراء بعد حادث مسطرد الارهابي أن "الارهاب لن يثني الحكومة عن استكمال خارطة الطريق التي رسمها الشعب في ثورتي 25 يناير و30 يونيو".
وكما يوضح الكتاب الجديد لفريدمان الذي يتمتع بموهبة "الحكي دون الغرق في تيه التفاصيل أو غياب المشهد الكلي"، فإن الأنظمة الديمقراطية لها أن تزهو بأنها "تمكنت من تهيئة الظروف المثلى للتفكير الاستراتيجي"، كما تبين خبرات القرن العشرين.
لا أصدقاء دائمين، ولا أعداء دائمين، إنما هناك مصالح دائمة في عالم السياسة الدولية والعلاقات بين الدول، وكذلك العلاقات بين دول وفصائل، أو جماعات.. ومن هنا فان ثمة حاجة بحثية للكشف عن حقيقة ما يعرف ب "مخطط تقسيم مصر"، وهو المخطط الذي يتحدث عنه العديد من المحللين والمعلقين مؤكدين أنه كان موضع التنفيذ حتى اندلعت ثورة 30 يونيو التي حماها الجيش الوطني لتنقذ الوطن الذي كان على شفا حرب أهلية من أخطر مؤامرة عبر تاريخه المديد.
قد بيتوا مكرا، لكن رعاية السماء لأرض الكنانة أكبر.. مصر لن تذعن لمشيئة فلول النكوص واجترار المكرور واعادة انتاج ما سقط في ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو.
ستأخذ مصر زينتها وتعود ابتسامة على وجه الكون متألقة في مدارات الفعالية واكبر من كل مؤامرة، وكما قال الرئيس عدلي منصور: "علينا الآن أن نستعد لمرحلة جديدة سوف أسلم فيها السلطة الى الرئيس الجديد الذي يختاره الشعب وعلينا بعد ذلك أن نعيد ترتيب البيت وينبغي أن نبدأ بالانسان المصري لأنه الجواد الرابح ولأنه السر في عبقرية هذا الوطن كما أشار اليها جمال حمدان".
المجد للشهداء وتحية للرجال في "الكتلة الزمنية الحرجة" ما بين اللحظة المصرية الراهنة وكلمة الشعب الحرة في انتخابات نزيهة تأتي "بالربان الذي سيصعد سطح سفينة الوطن ليقودها لبر الآمان".. تحية لكل مصري يتحرك بوحي من الضمير الوطني وحده ويعمل بإخلاص حتى يكون النصر حليف مصر وهي تعبر بعقلها الاستراتيجي اللحظات الصعبة والأيام العصيبة في عام الحسم.. تحية لمصر وطنا حرا يصنع التاريخ والغد الأفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.