سبحان المعز المذل ياأخي، ودنيا غرورة وكدابة.. زي السواقي القلابة، في نفس القاعة التي دخلها الحاج حسني مبارك، متطاوساً، ومنتفخاً كالأوزة قبل العيد الكبير، أو كأن وابور الزلط عدي علي سيادته قبل ما ييجي ، وخلفه الأتباع والأنطاع والموالي والهجامين، خاصة الراجل القزعة بتاع أديها سيخ حديد.. تلقي الدنيا عيد، فضجت القاعة بالتصفيق والهتاف من زبانية الداخلية، للقائد والمعلم، والذي تتجاوز حكمته حكمة الخايب كونفوشيوس، وهم يهتفون.. قم ياظبوطة للرئيس وفه التبجيلا.. كاد الرئيس أن يكون رسولاً، ثم بدأوا وصلة التسبيح والتمجيد.. أنت القلب الكبير.. بحكمتك تختال علينا.. ويخرب بيت العيال اللي بتحسدك علينا. ووقف بجواره مسرور السياف، الشهير بحبيب أفندي العادلي، والذي كان قد استلم منذ فترة ملف التوريث، وحلف لسيادته براس المرحومة، أن المحروس جمال في عينيه الاثنين وأن أي مواطن ضلالي وجبلة.. هايقول لا للتوريث هيبعته أمن الدولة ياخد دورة تدريبية لمدة سنة بعدها هايطلع يغني لوحده، يا حلاوتك يا جمالك.. خليت للحلوين إيه، والواد ده حلو سابق سنة، وإذا يعني حد لعب في دماغه.. نبعته دورة ثانية، ويبقي يقابلني لو خرج تاني، وقف مسرور السياف مثل دكر البط اللي لسه متزغط وأعلن أن البلاد والعباد يسبحون بحمد مولانا مبارك، ماعدا قلة منحرفة، وقد تمت السيطرة علي الموقف بعد استيراد مجموعة فاخرة من العصيان الكهربائية من الصين، ودي سعادتك.. بتنزل علي قفا الزبون وهي بتنور وتغني.. كنت فين يا قفا وأمك بتدور عليك، علشان الزبون مايحسش بأي حاجة. في نفس القاعة وبعد سبعة أشهر دخل الحاج حسني بعد أن انخلع كما ينخلع ضرس العقل، كمتهم بالقتل ونهب البلد طوال ثلاثين عاما، مع أنه كان بيذلنا كل شوية، ويقولنا ها أطفحكم منين، والنسوان ملهاش شغله غير الخلف، طب يا أخي كنت اسرق 15 سنة وسيبلنا 15، إنما تقول إيه بقي؟! وقدامه علاء وجمال ولا أسدين قصر النيل، عشان ماحدش يتمتع بطلته البهية النورانية، وكأنه ولي من أولياء الله الصالحين، يعني يا دوب المواطن يعدي يملس علي القفص ويخلع، ودخل حبيب أفندي العادلي، قائد ميليشيات هتك الأعراض، وشيخ منسر الحرامية والنشالين اللي مسرحهم في الأتوبيسات وكبير الجمالين والحمارين وعينه كلها شر وغل يا أخي، زي ما يكون ناويلنا علي نية سودة وخلفه بقية صبيانه اللي مربيهم علي إيده ، ثم جلس علي دكة لوحده بالبدلة الزرقا، علي اعتبار أنه ديك البرابر، أو جايز عشان لما يتعب.. ممكن يمدد عليها شوية، خصوصا أنها دكة مكيفة وأجدع من دكة البية البواب أحمد زكي. في تلك القاعة نفسها، عاشت مصر كلها أعظم مشهد في التاريخ لن ينساه أحد.. بل ستتناقله الأجيال ولا حواديت ألف ليلة وليلة، عندما نادي المستشار أحمد رفعت علي المتهم محمد حسني السيد مبارك، فرد أفندم.. أنا موجود، مشهد جعل العيال الصيع في الحواري والشوارع يحملون الفوانيس ويغنون.. حلو القفص حلو؟! حلو القفص.. بس أحلي من القفص.. أنك تدوق الذل فيه، مشهد نرصده بلا شماتة، رغم أن سيادته كان صابغ شعره كالعادة وصحته بسم الله ما شاء الله، يعني لا في غيبوبة زي ما قال فريد الديب، ولا مكتئب زي ما كانوا بيقولوا بالعكس احنا بقي المكتئبين من القهر الذي مارسه سيادته علينا، نرصد هذا المشهد من باب إنه علامة فارقة في تاريخ الوطن، ودلالاته المستقبلية أكبر وأعظم من دلالاته اللحظية، فأي رئيس قادم.. سوف يجلس علي الكرسي وكأنه يجلس علي الخازوق، فالشعب من أمامكم.. والقفص من خلفكم فأين المفر؟! ولذلك.. أقترح أن تعلق صورة المخلوع وهو مشرف في القفص، خلف الرئيس القادم، وكل أعضاء حكومته، ويكتب تحتها.. إذا دعتك قدرتك علي ظلم الناس، فشوف صورة المخلوع في القفص وخلفه الحراس، أو مسير الحي يتلاقي، أو حكمة الفيلسوف الراحل يوسف بك.. ما الدنيا إلا قفص كبير، بس الخوف