شريط ذكريات طويل دار في عقلي وأنا أتابع علي شاشة التليفزيون وقائع جلسة محاكمة حسني مبارك ونجليه، وحبيب العادلي ومساعديه. جال بخاطري تلك الاجراءات الأمنية الرهيبة والاستعدادات الضخمة التي كانت تسبق أي حدث يشارك فيه الرئيس المخلوع.. قلت في نفسي: سبحان الله.. سبحان مغير الأحوال.. سبحان المعز المذل.. هل هذا هو حسني مبارك الذي كان كبار القوم ينتظرون قدومه في أي احتفالية منذ السادسة صباحا حتي يهل عليهم بطلعته البهية، لدرجة أن بعضهم يضطر لأن »يفك نفسه علي روحه نقطة نقطة« لأنه لم يكن مسموحا »لأتخن تخين« بمغادرة القاعة، حتي يصل المخلوع وينتهي من خطاب بلا معني ولا مضمون؟! هل هذا هو حسني مبارك الذي كان يدخل القاعة مصحوبا بالتصفيق الحاد وآهات وصيحات المنافقين وكأنهم في حفل لسيدة مصر الأولي الست أم كلثوم؟!.. هل من المعقول أن يكون هذا هو مبارك الراقد علي سريره داخل القفص الحديدي متوترا قلقا في انتظار الطلعة البهية لقاضي العدالة ليبدأ الجلسة بإشارة منه. أتصور أن مبارك كان متوهما أن أول شخص سيهتم به القاضي هو شخص سيادته، فإذا به يفاجأ بأن العدل يأخذ مجراه، وأن هناك نظاما وترتيبا تفرضه العدالة، فظل تائها منكسرا تلعب به الأفكار يمينا وشمالا، حتي ناداه القاضي بالصفة التي تليق به ويستحقها: »المتهم حسني مبارك«. اللهم لا شماتة..!