متاح الآن.. جدول امتحانات الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025 بأسيوط (متى تبدأ؟)    وزير المالية يُكرِّم نائب رئيس مصلحة الضرائب بمناسبة بلوغه سنّ التقاعد    الذهب يصعد بقوة مساء تعاملات اليوم الإثنين 12 مايو 2025    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    هيئة البث الإسرائيلية: تسليم الأسير عيدان ألكسندر إلى الصليب الأحمر    «سأكون شخصًا غبيًا إذا رفضت طائرة مجانية».. أول تعليق من ترامب على هدية قطر    «المنظمات الأهلية الفلسطينية»: 98% من الأراضي الزراعية بغزة دُمرت بفعل العدوان الإسرائيلي    كواليس الساعات الحاسمة في الأهلي.. ظهور المدرب الجديد ولا بديل عن الدوري    ميتروفيتش يقود هجوم الهلال أمام العروبة في الدوري السعودي    أزهر كفر الشيخ يستعد لاستقبال 17464 طالبا لأداء امتحان الابتدائية والإعدادية    مصرع شخص انهار فوقه «حائط» في القليوبية    جامعة سيناء تحصد 5 جوائز في مهرجان إبداع 13    أحمد فؤاد هنو يبحث مع وزير الخارجية سبل تعزيز الأنشطة الثقافية بالخارج    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    الصحة: إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية وبرنامج الوقاية من التقزم وسوء التغذية    توفير 706 فرصة عمل للخريجين بأسيوط ضمن مشروع توزيع البوتاجاز    أستاذ بجامعة الأزهر: مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى يُعزز الاستقرار داخل المجتمع    العثور على جثة شخص داخل مقابر الإباجية بالمقطم    نيابة كفرالشيخ تحبس تيكتوكر 4 أيام على ذمة التحقيق    قافلة طبية مجانية تجرى الكشف على 1640 مواطنًا بنزلة باقور بأسيوط    تفاصيل تأمين «الثانوية العامة»| زيادة أفراد التفتيش أمام اللجان والعصا الإلكترونية    وزارة الداخلية المصرية ترسل شحنات ملابس شرطية إلى الصومال    رفض إستئناف متهم بالإنضمام لجماعة ارهابية ببولاق الدكرور    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    الكرملين: بوتين حدد موقفه بشكل واضح بشأن استئناف المفاوضات مع أوكرانيا    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    وزير الأوقاف: شيخ الأزهر الإمام الشيخ حسن العطار شخصية مصرية جديرة بعشرات الدراسات    إعلام عبرى: قوات من الجيش ودبابات وناقلات جند تمركزت قرب نقطة تسليم عيدان    الجمهور يفاجئ صناع سيكو سيكو بعد 40 ليلة عرض.. تعرف على السبب    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    ب9 عروض مجانية.. «ثقافة الشرقية» تستضيف المهرجان الإقليمي الختامي لشرائح المسرح    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    العراق يتسلم رئاسة القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية من لبنان    عاجل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة في هذا الموعد    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    مصروفات كلية الطب البشري بالجامعات الخاصة والأهلية 2025-2026    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    وفاة أحد أشهر المصارعين الأمريكيين عن عمر ناهز 60 عاما    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشروق) تقضى 7 ساعات مع أسرة مصرية فى أثناء محاكمة مبارك
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 08 - 2011

الاستعداد لمحاكمة مبارك لم يكن فقط على مستوى تأمين الطرق المؤدية لأكاديمية الشرطة، أو تشديد الحراسة على مداخلها ومخارجها، ولم يكن المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة فقط هو من يستعد نفسيا لذلك اليوم، إنما كان كل فرد فى الشعب المصرى داخل مصر أو خارجها إن لم يكن كل العالم يستعد على طريقته لمتابعة الحدث، فالبعض وجد أن من واجبه الذهاب لمقر أكاديمية الشرطة حتى إن لم يستطع دخول القاعة، وآخرون قرروا أن يكون هذا اليوم مختلفا، فحصلوا على إجازة من العمل وتجمعوا فى مكان واحد.
ارتفعت أصوات أجهزة الراديو فى المصالح الحكومية، وتجمع الناس أمام أجهزة التليفزيون على المقاهى، وللمرة الأولى لم يكن التجمع لمشاهدة مباراة كرة قدم مهمة، أو فيلم جديد تعرضه إحدى القنوات الفضائية حصريا، ولكن لأن الكل كان حريصا على أن يشهد بنفسه تاريخ مصر وهو يتغير.
«الشروق» تابعت الحدث من منزل أسرة مصرية بسيطة، نقلت نقاشاتهم، وتابعت انفعالاتهم، ورصدت آراءهم، طوال 7 ساعات كانت مصر خلالها تحاكم رئيسها.
«الصلاة خير من النوم»، صوت المؤذن معلنا عن صلاة الفجر لم يكن ككل الأيام، فالنبرة المتحمسة التى انطلق بها صوته قائلا: «الله أكبر» لم تخل من معنى فهمه السامعون، وترجمته أحاديث المصلين عقب الصلاة، كلها كانت تؤكد أن اليوم سيكون مختلفا.
فى ركن الزاوية جلس الحاج عبدالعزيز، يستمع لنقاشات وتكهنات الحضور، رأى يقول «مبارك لن يحضر»، وآخر يجزم أن الشعب لن يرضى إلا بحضوره.
لم تكن مسألة حضوره أو غيابه تشغل الحاج عبدالعزيز بقدر ما سيطر عليه معنى أن يحاكم الرئيس، وبتلقائية رفع يده للسماء داعيا «الحمد لله الذى أحيانى حتى أرى الظالمين يحاكمون».
فى الثامنة صباحا، استيقظت أمنية، بلهفة ويقظة لم تعتد عليها، خصوصا فى ذلك الوقت من العام، حيث الإجازة الصيفية، وبعد سهرة رمضانية على السحور.
ضغطت على زر التليفزيون، وضبطت القناة الأولى المصرية، وأسرعت لتوقظ من بالبيت.
«المحاكمة بدأت اصحوا بأه»، صوت أمنية العالى ورنين المنبهات التى ضبطتها الأسرة لتوقظهم على ميعاد المحاكمة، جعلت الحياة تدب فى المنزل الذى نام أهله منذ 4 ساعات فقط.
صوت جلبة فى الشارع أثار انتباه أمنية، وبنظرة سريعة من البلكونة أدركت أن أهل الشارع الضيق الذى تسكن فيه بمنطقة دار السلام، استيقظوا معها ليؤكدوا أن اليوم مختلف.
الحاج عبدالعزيز بسيط كأسرته الصغيرة المكونة من ابنته أمنية وزوجته وابنه محمد. الأب على المعاش والأم ربة منزل أما الابنة ففى الثانية عشرة من عمرها.
الأسرة تسكن تلك المنطقة منذ أكثر من 20 عاما، شارع حسن أبوشوشة ضيق ومتعرج كسنوات حكم مبارك، هكذا يصفه الأب، ومنطقة دار السلام الشعبية تعانى من مشكلات جمة.
فى تمام التاسعة اجتمعت الأسرة أمام التليفزيون المصرى لأول مرة، لأنه ينقل المحاكمة حصريا. صورة الطائرة الحربية التى تقل الرئيس السابق تهبط فى أكاديمية الشرطة، وخبر عاجل يقول «طائرة الرئيس السابق تصل أكاديمية الشرطة تمهيدا لمحاكمته»، تفتح عيون وأفواه المشاهدين، فأغلبهم مترقبون، والباقون غير مصدقين.
«تفتكر يا حاج هييجى فعلا»، فى نفس واحد تسأل الزوجة وابنتها، وباطمئنان يجيب الوالد «انا أعتقد انه جه فعلا»، تنقلهم الكاميرا إلى داخل قاعة المحاكمة، حيث القفص الحديدى الكبير، وعدد قليل نسبيا من الحضور.
صوت مذيع التليفزيون المصرى يؤكد أنه لا أحد يعلم متى ستبدأ المحاكمة، بعدها تظهر سيارة إسعاف تتدافع نحوها أعداد كبيرة، وتطل الرءوس أمام الجهاز الصغير علها ترى الرئيس السابق المتهم وهو ينزل منها.
«ما شفتهوش، حد فيكم
شافه؟»، بحماس تتساءل أمنية، وبهدوء تجلس لأن الرد لم يأتها، فلم يره أحد وهو ينزل من سيارة الإسعاف، رغم أن المذيعة التى تجرى حوارا فى الاستديو على طريقة استديوهات التعليق فى مباريات كرة القدم المهمة، أكدت أن مبارك نزل من السيارة وينتظر فى استراحة تم صنعها خصيصا للرئيس السابق.
«مش ممكن يضحكوا علينا للدرجة دى»، قالها الحاج عبدالعزيز محدثا نفسه، «طالما جابوا الطيارة وعربية الإسعاف يبقى أكيد هو موجود»، يقنع نفسه بأن الشعب الذى ثار وخلع الرئيس لن يستطيع أحد خداعه بعد الآن.
تمر ساعة من الانتظار والترقب، يطل خلالها عدد من السياسيين والقانونيين يبدون آراءهم وتكهناتهم بالمحاكمة، ويعلو صوت النقاشات فى الشارع، وبين المارة وأمام الدكاكين.
ووسط الزخم الشديد، اقتربت كاميرا التليفزيون المصرى من باب القفص الحديدى بقاعة الأكاديمية، ليدخل منه حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق والمتهمون معه، «المرة دى باين جدا»، تقولها الأم التى حاولت أن ترى العادلى فى المحاكمة السابقة لكن قضبان القفص المعتمة منعتها من رؤيته بوضوح.
صمت رهيب يسود المكان قبل أن يدخل علاء مبارك ويظهر وجه جمال، وتقترب الكاميرا أكثر فأكثر، ثم يغلق الباب ثانية فى وجهها.
«ايه ده هما ما دخلوش ليه»، بعجلة ونفاد صبر تصرخ أمنية، ويسكتها فتح الباب مرة ثانية ليدخل علاء ويليه جمال ثم يساعدان فى جذب سرير والدهما ليستقر مبارك فى قفص الاتهام.
تدمع عين الحاج عبدالعزيز، وتشاركه عين الأم إحساسه، وتنظر أمنية لهما فى حيرة، وكأنها تسأل «هو صعبان عليكو ولا ايه؟»، لكن «الحمد لله» يقولها الأب تجيب عن سؤالها دون عناء.
أكثر من 3 ساعات أبدى فيها محامو المتهمين والمدعون بالحق المدنى طلباتهم، ورفعت الجلسة خلالها مرة للاستراحة، لم تر العيون إلا صورة مبارك ونجليه فى القفص، ولم يلفت النظر عنهم سوى بعض الانفعالات التى ظهرت على وجه العادلى.
واقتصرت التعليقات فى المنزل وفى الشارع الذى كانت تتابعه أمنية بين الحين والآخر بنظرة من البلكونة، على «مين كان يصدق انه هيقعد فى القفص فى يوم من الأيام»، و«كان فى غنى عن كل ده لو كان احترم سنه»، و«ما هو صحته كويسة اهو امال كانوا بيقولوا هيموت ليه؟».
سيطر المشهد على قلب وعقل الجميع، حتى إن عدة تفاصيل مثل قبلة جمال وعلاء على جبين مبارك، والمصحف الذى حمله كل منهما، والحوار الذى لم يدر بين العادلى ورئيسه المخلوع ولو حتى بالأعين، لم تلفت انتباه أحد. لم يكن حاضرا أمام العيون، سوى صورة الرئيس خلف القضبان.
لحظتان فقط بخلاف ذلك المشهد، أثارتا جدلا محدودا، الأولى نبرة صوت مهتزة بدأ بها المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة كلامه فى أول الجلسة، جعلت الكل يخشى أن يؤثر عليه الحدث الجلل، أو أن ترهبه كاميرات التليفزيون التى تراقب كل كلمة ينطق بها. أنهى النقاش حولها سيطرة رئيس المحكمة على أداء المحامين، ورفعه الجلسة للاستراحة.
اللحظة الثانية كانت مع تشكيك أحد المحامين المدعين بالحق المدنى فى وجود مبارك على قيد الحياة، وطلبه إجراء تحليل الحامض النووى لإثبات أنه توفى منذ عام 2004.
لم يتقبل حتى أشد المعارضين للرئيس السابق ذلك الاحتمال، بل اعتبره كثيرون شططا وخروجا عن المعقول، وانفعل الحاج عبدالعزيز «ايه التهريج ده هو احنا وصلنا للدرجة دى».
«المتهم الأول محمد حسنى السيد مبارك، افندم أنا موجود»، أول كلمات مسموعة تخرج من فم الرئيس السابق، و«سبحان المعز المذل»، أسرع تعليق يعقبها أطلقه بائع البخور المار أسفل المنزل، ليدرك الجميع فى المنزل وفى الشارع معنى الآية التى ظل الحاج عبدالعزيز يرددها منذ بدء الجلسة «إن ربك لبالمرصاد».
أنكر مبارك الاتهامات، وكذلك فعل جمال وعلاء، وأعلن القاضى تأجيل محاكمتهم لجلسة 15 أغسطس الحالى، وما بين الإنكار والتأجيل بضع دقائق، أكدت فيها الأم أن الحكم على مبارك بالنسبة لها لم يعد مهما، لأن «منظره فى القفص أكبر من الحكم بكتير».
أما أمنية الثائرة الصغيرة، فظلت تشكك فى الأمر كله، مصدقة للآراء القانونية التى تؤكد وجود خلل فى التحقيقات واستحالة إدانة مبارك، «هتشوفوا إنه هياخد براءة».
وبحكمة يحسم الأب الخلاف، «ازاى ياخد براءة، على ايه ولا ايه، قتل المتظاهرين ولا الفساد ولا الفقر ولا الشباب إلى مات فى العبارة، ولا العوانس اللى فى البيوت»، يرى أن سجنه مدى الحياة هو الحكم الأنسب، ويشدد على أنهم «يعاملونه معاملة انسانية زى ما احنا بنطالب لأنفسنا، لكن يفضل فى السجن وما يرجعش شرم الشيخ تانى».
«محكمة». صوت الحاجب يقطع النقاش، وقرار القاضى إيداع مبارك فى المركز الطبى العالمى بطريق مصر الإسماعيلية، يثلج صدر الحاج عبدالعزيز، بينما تصر أمنية على التشكيك، ويدعم رأيها سخرية قالها جارهم هشام عقب انتهاء المحاكمة، «لو محاكمة مبارك نجحت السنة دى هيعملوا الجزء الثانى رمضان اللى جاى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.