نعيش هذة الأيام ذكرى إنتصارات إكتوبر المجيدة وأرى أن كُل ما يتم لإحياء هذة الذِكرى ما زالَ بعيداً كل البُعد عن ما يجب عملة لتبيان الإعجاز فى إنجازات هذة الحرب . وحتى الرئيس مُبارك الذى دقَ مُفتاح النصر فى سماء مصر بالضربة الجوية الأولى والتى قصمت ظهر العدوا وأصابتة بالشلل ، لم نوفةِ حقة ، ويبدوا أنَ طبيعة الرئيس لاتقبل أن يتحدث أحد عن إنجازاتة . ومُبارك الرئيس لةُ الحق فى ذلك ، فقد قتلنا صاحب قرار الحرب ، والذى أعاد إلى الأُمة كرامتها قتلناةُ فى يوم عُرسة .. قتلناةُ وهو فى رحاب أبطالة .. وقُتل الشهيد والشُهداء ، وهُم أحياءٌ عِندَ ربهم رحمةُ اللة عليك ياسادات الأمة وكُلُ الشُهداء . **************** ولأن النصرَ كان عظيماً ، والإنجاز كان خارِقاً وإبداعُ النصرِ كان ربانياً ، واللةُ أكبر اللةُ أكبر ذاكَ نشيدُ العبور ، ونشيدُ الإيمان بأنَ اللةُ معنا فكان جُندُ اللةِ هُمُ المُقاتلونَ . ولأنةُ كان إنتصاراً فاقَ تصوراتنا وخيالاتنا وأحلامنا فهذا يعنى أن ماسبقة من إنكسارات وإنحِدارات وهزائم ، وقهر الإنسان ونفوس البشر ، وإنتصار قوى الظُلم على الحق ، وقوى الشر على الخير قد فاقَ أيضاً التصورات ، والخيالات ، والأحلام وكان الطُغيان والفُجر لزائرى الفجر وملوك التعذيب ***************** فى الستينات وقبل نكسة 5 يونية 1967 إمتلأت حياتنا بالأزمات ، ففى كُل يوم نعيشُ أزمة يوماً لانجد السُكر ، ويوماً لانجد الخُبز ، وآخراً للزيت والأرز ، والبنزين ، حتى فراخ الجمعية ، وإمتلأت حياتنا بالطوابير ، لكل شيئ وفى أى شيئ وعندما تجد طابوراً ، كُل ما عليك هو أن تقف أولاً ، لحجز دورك ، ثُمَ بعد أن تقف وتُجفف عرقك ، وتستجمع قواك ، تسأل ( طابور أية دة ؟ ) ***************** الأُستاذ عزيز كان مُدرس مادة المواد الإجتماعية فى مدرسة إبتدائية ، والمواد الإجتماعية يعنى تاريخ وجُغرافيا وحاجة تالتة كمان إسمها تربية وطنية أو تربية قومية ، والأُستاذ عزيز كان مُدرس بحق ، طول بعرض ، وسيم وشكلُة حلو ، وكان قوى جداً فى مادتة ، وصوتة كان جميل بشكل ، واتليفزيون كان لسة فى بدايتة ، آة أومال ، ماهو التلفزيون إبتدا قريب ، يعنى عمنول ، سنة 60 ، والدنيا كانت لسة مزهزهة ومنورة ، يعنى الناس مكانتش لاقية تاكُل ، وعبد الحليم ملعلع إذاعة وتليفزيون ، وناصر ياحُرية ، وناصر يااشتراكية ، وتحيا الأمة العربية ونسيت أجولك ، حرب اليمن ، وغير كِدة كمان ، عبد الوهاب كانى بيغنى محلاها عيشة الفلاح ، والفلاح كان بياكُل مش أبو دوود ، وفحل البصل وينام على بطنة زى البهيم ويشرب مية من الترعة والكُل بيتعالج من البلهارسيا ، وبياخُد حُقن الطرطير وعلى فكرة الناس كُلها كان عِندها تليفزيون ، اللة يُستُرها الحكومة ، عملت ساحات شعبية ، وكُل ساحة بنوا فيها كُشك ، وحطوا فى كُل كُشك جهاز تليفزيون ، والناس تيجى وتتفرج ، بس واللةِ العظيم ببلاش ، بس ساعات كُنا نتضايق من البنى آدم إلى عينوة على الكُشك ، وكان يفتح بمزاجة ويقفل برضة بمزاجة ، وكان كِشر وغتت ودمة تقيل .. ________________ واللةِ حقك علية ، أنا عارف إن الكلام خدنا ورُحنا بعيد ، بس دة كان فية مُسلسل إسمة الهارب .. خلاص متزعلشِ ، نرجع مرجوعنا ، للأستاذ عزيز ، وزى مانت عارف مكانشِ فية حاجة إسمها دروس خصوصية ، دة الأُستاذ دة كان حاجة كبيرة قوى ياخوى . يعنى لما كان حد يشوف أستاذة فى الشارع ، مكانش يُجرؤ إنة يعدى من أمامة ، أُمال أية ، دا الأُستاذ يابا دا الشاعر بيقول قف للمُعلم وفةِ التبجيلا .. كادَ المُعلم أن يكونَ رسولاً .. _________________________ والأُستاذ عزيز كان لُة نظام خاص ، يرجع من المدرسة على الساعة 2 إتنين ، وكان متجوز من واحدة إنما أية اللة يرحمها ، ست ولا كُل الستات ، أصل وفصل وعيلة ، وكان عندة بنت وولد اللة يطرح البركة فيهُم ، ماسكين مناصب عالية دلوقتِ ، أنا عارف إنى بتكلم كتير ، بس أُصبر علية شوية أنا عاوز أحكيلك الحكاية بالضبط ، بعد ما يرجع الأُستاذ عزيز ويتغدىَ بالموجود ، يعنى الغدا قُرديحى ، مفيش فراخ ولا لحمة ، بس مفيش مُشكلة ولا حد فاكر الفراخ ، ولا حد فاكر اللحمة ، دا الست أُم العيال اللة يرحمها ، كانت أى حاجة تعملها ، أحلى من أى حاجة فى الدُنيا ، يُدخُل الأُستاذ عزيز أُودتة ، وينام لة شوية ، ويصحى على الساعة 5 خمسة أو 6 ستة ، يصلى العصر ويُقعد شوية ، يكون أدن المغرب ، يصلية ، ويقوم يلبس ويتهندم ، ويقول لأم العيال ، أنا نازل أقعد على القهوة شوية ياولاد ، ويجرى الولاد وام العيال ، على راجل البيت ، كانوا بيحبوة قوى ، ( عزيز كان راجل يتحب ) ، وآخر الكلام أُم العيال تقولة علشان خاطرى ياعزيز متتأخرش ، أنا عايزاك ، وكان دايماً جواب عزيز ، حاضر من عينية .
قهوة الخواجة كانت على طول أمام محطة السكة الحديد ودى كانت جهوة الأعيان والناس المُهمين فى البلد ، والأُستاذ عزيز كان شخصية محبوبة من الكُل ، وملوش مشاكل مع حد ، وكان جرئ وصوتة كان عالى جداً ، وواضح قوى ، ومُميز ، والناس كُلها كانت تحب تسمعة ، والمُهم بعد الأُستاذ عزيز ما وصل القهوة ، حصل حالة هرج ومرج عند وصولة ، مش قلتلكم إن الكُل بيحبة ، وإسمع عندك بقة ، مساء الخير ياأُستاذ عزيز إنت فين يا أُستاذ عزيز إتأخرت لية ياعزيز بية أيوة يا راجل كدة ، نورت القهوة ومن أكتر من صوت ، شوف الأُستاذ عزيز يشرب أية ، ودى ساعات تبقى حلوة وساعات تبقى وحشة للجرسون ، ففى آخر الليل يعمل فاجر ، ويلف على كُل إلى قٌالوا ، شوف الأُستاذ عزيز يشرب أية ، وياخُد من كُل واحد حق الطلب ، يعنى جرسون نصاب ومحتال وساعات الأعيان ، يكونوا أذكى منة ، ويسألوا مين إلى حاسب على طلب الأُستاذ عزيز !
وبعد أن يجلس الأُستاذ عزيز على طاولة أقرب المُقربين محمد أفندى الطيب وهو رئيس شئون العاملين بمجلس المدينة ، وآخرين على المعاش ، وكُلهم حريفة طاولة, بس عزيز أفندى فى الليلة دى قالُهُم ، لأ أنا مُش حلعب الليلة ، أحسن أُم العيال قالتلى أرجع بدرى ، ومُش عارف هية عاوزة أية ؟ ، وهنا تعلوا الضحكات والقهقهات ، على أية ياخويا ، هو إنت لسة فيك حيل ؟ وآخر يقول واللةِ مغشوشة فيك أُم العيال ، أُقعُد ياراجل أُقعُد هية حتكون عاوزة أية ؟ والمُهم بدأت السهرة والطاولة شغالة مع بتوع المعاشات وكُل واحد قاعد يحكى حكايتة ، والحكايات كتير والأزمات أكتر وفجأة محمد أفندى وقف لعب الطاولة ، وبص للى كُل إلى على الطرابيزة ، واللةِ ياناس مراتى كانت عاوزة تعمل محشى ، ويوم المحشى ياناس مُش حقولكوا ، يعنى فلفل على بيدنجان على كوسة ، وأُم العيال عندى ما شاء اللة عليها ، تاكُل صوابعك وراها ، هىَ الأكلة صحيح قُرديحى مفيش لحمة بس أية ، اللةُ أكبر عليها ، متشبعشِ من المحشى بتاعها . وهُنا توقف كُلُ شيئ ، ويبدوا أن الجميع كان نفسُة فى المحشى فبدأت التساؤلات ، هل سألت البقال الفُلانى ، العلانى ، فى الشارع الفُلانى ، الشارع العلانى ، أبداً مفيش رُز . وهُنا يقول الأُستاذ عزيز ، يكونشِ أُم العيال عاوزانى علشان الموضوع دة ؟؟؟ ياعمى بسيطة ، يُردد الأُستاذ عزيز ، أنا عندى الحل ! ويسأل الجمع ، حيثُ بدا أن قهوة الخواجات تستمع إلى الحوار ، حل أية يا أُستاذ عزيز ؟؟؟ ويتسابق الكثيرين على السؤال ، من فضلك يا أُستاذ عزيز ، قول لنا على الحل ،،، حل واحد مفيش غيرة ،،، إحشى المحشى إشتراكية !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
الذى لا يعرفة أحد أن قهوة الخواجات ، كانت مُراقبة ,تحت نظر البوليس ، وتم القبض عليةِ وهو يُغادر القهوة ، إلى أين ؟ لا يعرف أحد ، ولماذا ؟ لايعرف أحد .
علنى عرفتُ الآن أحد مُسببات الكوارث التى سببت نكسة الأُمة والوطن فى 5 يونية 1967 [email protected]