1.6 مليار جنيه لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي ضمن برنامج التنمية المحلية بقنا    عائلات المحتجزين الإسرائيلين تطالب بقبول الاتفاق الذي وافقت عليه حماس ووقف إطلاق النار    مصر والسعودية تبحثان سبل تفعيل مجلس التنسيق الأعلى المشترك    رئيس اللجنة الهندسية يكشف حقيقة توقف الحفر في استاد الأهلي    ضبط 3 أطنان أحشاء داخلية "لحمة رأس" غير صالحة للاستهلاك الآدمي بأوسيم    أحلام تدخل في نوبة بكاء خلال مهرجان قرطاج.. لهذا السبب    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    القبض على 5 طلاب تعدوا بالضرب على شخص أصيب بجرح قطعي في الإسكندرية    لبنان.. بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تعلن تضامنها مع الزملاء بصحيفة "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    جامعة المنوفية الأهلية تتألق بأنشطة صيفية متنوعة لتعزيز مهارات طلابها    وزيرة التضامن تتابع العمليات الميدانية للحصر الوطني الشامل للحضانات على مستوى الجمهورية    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    الأعلى للإعلام يمنع مصطفى يونس من الظهور الإعلامي ل 3 أشهر بعد شكوى الأهلي    محمد الشناوي غاضب بسبب التصرف الأخير.. مهيب يكشف تفاصيل حديثه مع حارس الأهلي في عزاء والده    رسالة مهمة من الإسكان للمتقدمين على شقق سكن لكل المصريين 7 (صور)    ارتفاع التبادل التجاري بين مصر والسعودية ل5.9 مليار دولار خلال 6 أشهر    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    نقيب الأطباء: نرحب بجميع المرشحين ونؤكد على أهمية المشاركة بالانتخابات    القصة الكاملة لتحويل بدرية طلبة للتحقيق: بدأت بتجاوزات وانتهت بمجلس التأديب    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    الصحة: نقل 3 مصابين من حادث طريق مطروح إلى مستشفيات جامعة الإسكندرية والعلمين النموذجي    خالد الجندى ب"لعلهم يفقهون": الإسلام لا يقتصر على الأركان الخمسة فقط    فتح: مخططات نتنياهو للاجتياح الشامل لغزة تهدد بارتكاب مجازر كارثية    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية يتفقد "المشروع الصيفى للقرآن الكريم" بأسوان    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    البورصة المصرية تخسر 4.6 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    رئيس مركز القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع "إسرائيل الكبرى"    كيفية صلاة التوبة وأفضل الأدعية بعدها    تقرير: تطور مفاجئ في مفاوضات تجديد عقد فينيسيوس جونيور مع ريال مدريد    بينها إسقاط الجنسية المصرية عن مواطنين.. رئيس الوزراء يصدر 4 قرارات جديدة اليوم    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس يومي السبت والأحد.. هل تعود الموجة الحارة؟    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    بداية عهد جديد للتنقل الذكي والمستدام چي پي أوتو تطلق رسميًا علامة "ديبال" في مصر    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    "عيب عليك ده الزمالك جزء من تاريخ بلدك".. أيمن يونس يوجه تصريحات نارية    برلماني يطالب بتطبيق الحد الأدنى للأجور على معلمي الحصة فوق 45 عامًا    أسعار البيض اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    أخبار مصر: اعترافات مثيرة ل"ابنة مبارك المزعومة"، معاقبة بدرية طلبة، ضبط بلوجر شهيرة بحوزتها مخدرات ودولارات، إعدام سفاح الإسماعيلية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من النار إلى الدار!

مضت السنون. لكن الحرب لا يمكن أن تنمحي من الذاكرة. الشعوب لا تنسي مجدها.. حتي إن لم تقم بالواجب المفترض لتخليده إعلاميا وفنيا. والأمم لا تغفل انتصاراتها.. حتي لو كان قد مضي علي تحقيقها.. ثلاثة عقود ونصف العقد.. ونشأ بعدها جيلان لم يسمعا عن الحرب ولم يزعجهم صوت غارة.. خاصة إذا كانت تلك الحرب قد حولت التاريخ.. ولاسيما إذا كان ذلك النصر هو سبب خير البلد إلي الآن.. وبالتحديد لأن أكتوبر قد غسل من ذهنية هذا الشعب مأساة يونيو ونكبته.
لم ينس أحد صلاح الدين الأيوبي علي الرغم من أن انتصاره في حطين تحقق منذ 822 عاماً .. وهي معركة لم تسجلها بالتأكيد أي كاميرا.. ولم يخرج الملك أحمس العظيم من ذاكرة الشعب وهو الذي انتصر علي الهكسوس الغزاة واجلاهم عن البلد منذ ألوف السنين.. ولم تكن السينما قد اخترعت بعد.. وبالتالي فإن المخاوف التي تري أن الأجيال الجديدة قد لا تكون علي نفس القدر من الصلة الحيوية بحقيقة المجد الخالد الذي صنعه جيشنا في 3791.. وإن لم نوفه حقه بالتسجيل الدقيق والإعلام المؤكد علي جوهره والفن المرسخ لطبيعته والإبداع العاكس لنوعيته.. هذه المخاوف ليست في مكانها وإن كان لها ما يبررها.
هذا الجيل الذي يتحدث بعض منه في ذلك العدد الخاص، معبرًا عن أن ذاكرته يقظة وإحساسه بالنصر لا يقل عن إحساس آبائه الذين صنعوه، وارتوي من دمائهم وجهدهم وبسالتهم، علي نفس القدر من الوفاء للفوز العظيم.. وبنفس الإخلاص والتقدير لما حققه صانعو النصر.. ذلك أن حياة هذا الجيل لم تكن لتكون كما هي الآن بدون هذا.. وهم يدركون تلك الحقيقة أكثر من أي محلل أو متابع ( اقرأص 5).
لكن تلك الحقيقة لا تنفي علي الإطلاق أن علينا أن نعيد في كل وقت اجترارنا لهذا الحدث العظيم.. في كل مناسبة.. حتي لو لم يكن اليوم هو يوم 6 أكتوبر.. ذلك أن ما تحقق في تلك الحرب، المجيدة في مكانتها، والملهمة في معانيها، والموحية في خلاصتها، والمثيرة للفخر في ملحمتها، وصانعة التاريخ بالتحولات التي ابتدعتها، ما تحقق كان فعلاً زاخرًا بطاقة لابد أن تتوزع علي كل الأجيال التالية.. فالأمم لا تنجب الأجيال التي تقود التاريخ كل يوم.. كما فعل جيل أكتوبر.
إن انتباهنا لهذا يعني أننا نوفي صناع التحول الماجد حقهم.. ونعبر عن امتنانا لأننا نعيش في خيرهم.. زجاج نوافذ بيوتنا لم يعد أزرق كما كان اتقاءً للغارات.. وأبناؤنا يلهون في الشوارع دون خشية من شظية طائشة.. ومصانعنا تنبني في مواقع كانت من قبل ميادين معارك.. وسياحتنا تروج في أماكن كانت وقتها مربضًا لمدافع.. واستثماراتنا تنشط في صحاري كانت فقط مقصورة علي الخنادق.. ورجالنا يستطيعون أن يرفعوا رءوسهم طوال الوقت بعد أن تمكن إخوتهم وآباؤهم وأجدادهم من منحها القدرة لاستعادة الكبرياء الذي كانت الهزيمة قد فعلت به ما لا يجب ذكره الآن.
ذهب آباؤنا وإخوتنا إلي النار.. لكي نبقي نحن مستقرين هانئين مستريحين بعد ذلك في الدار.. عمليا أعطونا الفرصة واختلقوا الزمن لكي نبني الدار.. في حين إنهم لكي يفعلوا ذلك،هجروا الدار وعاشوا سنوات طويلة في النار.. وهذه العلاقة العكسية بين الدار والنار.. هي جوهر الحرب.. أي حرب.. فإما أنها تبقينا في النار.. نتلظي.. كما فعلت 1967.. والنار هنا قد تكون نار الميدان وقد تكون نار الخسران والخذلان.. وإما أنها تعود بنا إلي الدار.. ليس فقط لكي نستقر فيها وإنما أيضًا لكي نطورها وننميها.. وقد منحتنا حرب أكتوبر هذه الطاقة العظيمة لكي نكمل مسيرة المائة عام التالية.
علي الجبهة، وطوال فترة امتدت ما بين ست وثماني سنوات، ظل جيل مصري كامل يعيش ويجهد ويجتهد ويستشهد ويقدم الروح والدم والعمر، بعضهم لم يعد إلي بيته إلا في عام 1975، عاشوا في النار.. لكي نتمكن فيما بعد من حصد الاستقرار.. وهؤلاء لم يتكلم الكثيرون منهم.. نحن نستمع اليوم لهم.. ننصت إلي الجنود.. وإلي البسطاء الذين لم يكونوا قادة جيوش ولا فرقًا ولا ألوية.. إلي أبطال كل منهم صنع قصة كون بها إسهامه في قصة الحرب.
(اقرأ صفحات 6 و8 و10 و12)
وفي هذه القصص سوف تكتشف أننا لا نروي قصة الحرب وحدها.. وأن الحرب علي عنفها تضمنت قدرًا هائلاً من المشاعر.. فيها حب حقيقي.. من كل نوع.. حب للبلد.. وحب للزميل.. وحب للتراب.. وحب للعائلة.. وحب للمجد.. وحب للزوجة.. وحب للأب والأم والابن والابنة.. ومن ثم فإن أكتوبر كانت ملحمة.. تأججت فيها المشاعر واختلط فيها الشخصي بالعام.. والأسري بالوطني.. والعسكري بالسياسي.. الدموع بالابتسامات.. والموت كان نافذة لمزيد من الحياة.
إن البطولات الصغيرة يجب أن تنال تقديرها منا.. فقد كان كل منها ملحمة بمفرده.. حتي لو كان صاحب هذه أو تلك قد بقي في موقعه لم يفعل شيئًا طيلة عشرة أيام كما قال لنا بعض من استمعنا إليهم.. ولكن هذه البطولات العابرة التي نبحث عنها لا يمكن أن تدفعنا إلي إعادة تذكر القيم العظيمة التي صنعها أبطال كبار.. قادة خالدون.. كانت قيادتهم للحرب هي السبيل الذي كشف عن كونهم زعماء بدلوا التاريخ وأعادوا كتابة صفحاته.. وإذا كنت أنا وغيري نعطي التقدير الواجب للرئيس الراحل أنور السادات.. الرجل الذي أصدر قرار العبور وأدار الحرب وخاض غمارها ودبر لها وأفاد البلد منها.. فإن القائد الزعيم الذي لابد أن نحيي دوره ومكانته وقدرته وحنكته.. هو الرئيس حسني مبارك.
الكثيرون يظنون أن هناك قدرًا من التعبير الزائد حين نتكلم عن دور الرئيس مبارك في تلك الحرب.. وهذا كلام غير صحيح.. يرد عليه كثيرون استمعنا إليهم في هذا العدد.. وتؤكده الحقيقة المدوية في صناعة المعركة.. إذ كان الطيران فيها محوريا.. ومنصة انطلاق النصر وتحقيقه.. ولولاه ما كانت الملحمة قد أكملت فصولها.
الضربة الجوية العظيمة التي قادها قائد عظيم كانت بابًا انفتح علي الخلود.. ليس فقط لأنها كانت فائزة وعظيمة ومؤثرة وقاضية.. ولكن.. وهذا في تقديري هو الأهم.. لأنها محت من الذاكرة المجتمعية مأساة انتكاسة الطيران في 1967.. إن المصريين لم ينسوا أبدًا أن طائراتهم ضربت وهي في مرابضها في حرب يونيو.. أي قمة العجز.. فهي لم تخسر وهي تحارب.. وقد نسوا فقط حين جاءت طائرات أخري من جيل تالٍ لتستعيد الشرف وقصب السبق.. وتطير وتحارب وتنتصر.. وتبقي مظلة عظيمة في آفاق السماء تحمي جنودًا يصنعون الملحمة علي الأرض.
غير أنني، قبل أن أكتب هذا بساعات، انتبهت، من خلال شهادة لأحد العسكريين المصريين العظام، إلي أن الرئيس مبارك لم يكن فقط هو صانع الضربة الجوية التي حققت مفتتح النصر.. وإنما كان هو المدير الفعلي لحرب الاستنزاف التي استمرت عامين.. وتحظي بقدر غريب من النسيان وعدم التذكر الواجب في تاريخنا.. ربما لأنها كانت عبارة عن متفرقات مطولة علي مدي الأشهر الممتدة حتي عام 1969.
لقد كان مبارك وقتها هو رئيس أركان القوات الجوية بقرار من الرئيس جمال عبدالناصر.. ورئيس الأركان هو المسئول عن العمليات في السلاح.. وكانت الحرب المنسية هي في حقيقتها مجموعة من عمليات الجو المتوالية.. التي كان يأمر بها مبارك.. ويخوضها أبناؤه.. ثم يعودون بعدها إلي قواعدهم حيث كان مبارك يقضي ما بين خمس وسبع ساعات في كل مرة لكي يحلل طبيعة كل طلعة ونتائجها وكيف يمكن الاستفادة من دروسها فيما هو تالٍ من عمليات.
خلال تلك الحرب غير المذكورة بحضور يليق بها في الذاكرة تبلورت خبرات القوات الجوية. وتجسدت القدرات التي صنعت.. فيما بعد باستثمار طيب وتاريخي من قائد القوات الجوية.. الضربة الجوية التي فتحت طريق النصر.
لكنني أعتقد أن هذا الإنجاز الذي قد لا يعرفه الكثيرون، والإنجاز الذي حققه مبارك فيما بعد خلال حرب أكتوبر ويعرفه الجميع، ليس هو الأهم في تاريخ مبارك.. علي تأثير هذا وفاعلية ذاك.. إن إنجازه الأهم وغير المسبوق والذي مازال مستمرًا وسيبقي مستمرًا بفضله.. هو أن الزعيم المصري الوحيد الذي تمكن من أن يستعيد لمصر كامل ترابها في الدولة المصرية الحديثة منذ قرنين.. وأن يحافظ علي شكل الدولة الذي بلوره "مينا" موحد القطرين قبل ألوف السنين.. هذا إنجازه الأكبر بخلاف إنجازات أخري عديدة.. ولهذا نحن ننتهز كل فرصة لكي نعبر له عن امتناننا لدوره ومكانته.
[email protected]
www.abkamal.net


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.