ليست هذه المرة الأولي التي اقف كثيرا أمام ما يحدث ويدور حولنا وخصوصا في أحداث الجريمة، قد تختلف في التحليل والدوافع ولكن لا تختلف في البشاعة، فقد اعتدت منذ سنوات وانا أبحث وأغوص في فصول الجرائم واغرق في تفاصيلها طوال سنوات طويلة عرضت فيها الجرائم. قد تكون هناك جرائم غريبة ولكن لم تصل إلي منحنيات الخطر، فالامر كله كان متكررا جاني ومجني عليه ولكن منذ ثورة 25يناير طفت علي الشارع المصري جرائم بشعة وشديدة الخطورة ولابد أن ندق جرس الخطر والنظر إليها والتوقف عند كيفية عدم انتشارها ، انني لا انكر انني خائفة ومرعوبة بعد مرور فترة طويلة في هذا الميدان اقول انتبهوا.. انتبهوا هناك خطر. في 4يونيه1974 كنت انهيت دراستي في حقوق القاهرة بجانب ممارسة عملي كصحفية اخطو برغبة وفضول بمسرح الجريمة .. وحدث انني كنت في مكتب وكيل نيابة شرق القاهرة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام الآن، سألني هل اريد حضور حكم اعدام - اجبته دون تفكير نعم..حصلت علي تصريح دخول سجن الاستئناف من المستشار عبدالمجيد محمود ولم أنم الليل في انتظار الساعة السابعة والنصف صباحا، فقد كان الموعد في الساعة الثامنة بداخل سجن الاستئناف - شاهدت بعيني كل مراحل تنفيذ حكم الاعدام الي ان تتأرجح جثة المحكوم عليه تحت حبل المشنقة. يومها سألني رئيس التحرير الم تتأثري ، قلت: لا فهو «مجرم»، قصة طويلة بدايتها انه كان يعمل نجارا في ديروط وهاجر إلي القاهرة وهو في الثلاثين من عمره ويدعي «شكل» طلب منه احد الاثرياء ولديه محل «جواهرجي» ان يعد له درجا سحريا في مكتبه لاخفاء المجوهرات والاموال .. وقد كان بعد يومين اتصل الثري ليبلغه وهو في حالة انزعاج شديد انه وضع في الدرج المجوهرات والمال ولكنه لم يعد يعرف كيف يفتحه.. وذهب «شكل» لفتح الدرج. واثناء عمله طلب الثري من زوجته اعداد كوبين من الشاي وكان تفكير «شكل» اسرع من كل شيء انهال بالشاكوش علي رأس الزوج وعلي زوجته وفتح الدرج السحري وعثر علي المجوهرات والاموال وهرب، بعد القبض عليه والاعتراف وبعد المحاكمة صدر ضده حكم الاعدام وقبل خروجه من باب المحكمة هرب .. وبعد ثلاثة شهور قبض عليه في مغارة بأسيوط وتسبب بمقاومته في إصابه بعض رجال الشرطة وحكم عليه بالاعدام وكنت انا هناك.. لم أتأثر لانني عرفت ان هذا قصاص وانه مجرم.. ولكن ما نراه الآن شيئا اخر، «فلتان» في تنفيذ واحداث الجريمة فقد رأيت العجب في ميدان الجيزة مهزلة وتعدي علي حرمة الطريق وسخرية من الامن والقانون .. اشياء كثيرة كان يتميز بها المواطن المصري.. الشهامة .. النخوة .. التسامح والتصالح ما رأيته قد لا يحدث في فيلم هابط.. الساعة تقترب من الثانية ظهرا شاهدت تزاحم واصوات عالية واستغاثات سنج وسيوف وكلاب ضخمة وطلقات رصاص في الهواء وأكثر من خمسين رجلا كالوحوش الشرسة يمسكون برجل يرتعش في ملابس نسائية «قميص نوم» استولوا علي القميص من بائع ملابس نسائية والبسوه للرجل بكل قسوة بعد ان جردوه من ملابسه كل المارة هربوا وتأخرت الشرطة بسبب ازدحام وصعوبة المرور بعد هذه الزفة المهينة والعقاب العلني امام المارة وجيران الرجل انتهت المهزلة بذهاب المجني عليه إلي نيابة الجيزة ليتولي «أسامة الزناتي» وكيل النائب العام التحقيق وتركت المكان وأنا اشعر بأن هذا اهدار لكرامة الرجل وكان سبب كل هذا مضحك .. خلاف بين اطفال الطرفين.. والرجل المضروب والمجرد من ملابسه ويلبس ملابس داخلية نسائية هو جار الوحوش المعتدين هم أقارب وأصدقاء الطرف الآخر الذي استعان واستدعي هؤلاء.. لقن المسكين درسا جديد في التأديب وفين في الشارع.. هجموا عليه واخرجوه من شقته وزفوه زفة نسائية .. اين هيبة الدولة وامن المواطن وكرامة الشارع.. وامثلة كثيرة لجرائم بشعة منها من يقتل جاره بالرصاص بسبب كلب.. منطقة العمرانية تشهد مشاجرة بين مجموعة من الاشخاص استخدمت خلالها الاسلحة النارية وزجاجات المولوتوف الحارقة بسبب خلافات بينهما.. من يتصفح الصحف يجد جرائم تحدث في الشارع شديدة الخطورة وانفلات أخلاقي وبلطجة وعدم خوف من القانون وتنفيذه، لا أحد يشعر بهيبة الدولة ولا اعرف لماذا هذا يحدث هل هم اعداء الثورة.. انني قلقة وأخاف من المستقبل والانفلات الاخلاقي.. ما نراه الآن ليست جريمة بل بلطجة استعراض عضلات بالاسلحة وكل شيء .. دون شعور بأن هناك قانونا، متي يعود نغرق!