جرائم عدة طفت علي السطح ولم يتوصل رجال الشرطة إلي الجناة الحقيقيين فيها، ليتحول الشارع المصري مع كل قضية غامضة إلي حالة من الفزع والخوف من أن يكون مصير كل فرد منهم نفس مصير من لقي مصرعه علي يد مجهول. وفي الوقت ذاته وافقت مصادر بوزارة الداخلية عن ضباط الشرطة بقولهم إنه لا يوجد تقصير من رجال المباحث في ضبط أي متهم وما يحدث من قضايا غامضة شيء طبيعي يوجد في كل بلدان العالم. ما يحدث من ارتكاب هذه الجرائم الغامضة ليس له أي تفسير بعد أن حيرت الجميع وفتح العديد من التساؤلات في الشارع المصري وأصبح الناس يعيشون في ترقب وقلق من جراء ما يحدث وينتظرون الإيقاع بالجاني الحقيقي.. "صوت البلد" فتحت ملف الجرائم الغامضة التي ازدادت في السنوات القليلة الماضية وأصبحت هذه الجرائم ترتكب بلا مجرمين ولا أبطال ومن المفترض أن يأتي دور رجال الشرطة ليبثون الأمن والأمان في نفوس المواطنين ولكن تبقي هنا علامات استفهام كثيرة تدور في ذهن الجميع بعد أن يعجز رجال الشرطة عن الإمساك بالمتهم الحقيقي وتعود للشارع المصري من جديد مخاوفه التي لا تنتهي بعد أن أصبحت الجريمة ترتكب وتقع الضحية ويفلت الجاني من العقاب. كانت اخر تلك الحوادث الجريمة الاَثمة التي وقعت في الدقائق الأولي من عام 2011 عقب احتفال رأس السنة امام كنيسة القديسين بالاسكندرية وراح ضحية 23 شخص بين مسلم ومسيحي واشارت اصابع الاتام الي تنظيم القاعدة بعد تهديداته لاقباط مصر بتفجير بعض الكنائس ، كما ارجع البعض العمل الاجرامي الي ايادي خفية بعيدة عن القاعدة تحاول النيل من امن واسقرار مصر واشعال الفتنة بين ابنائها ، ولكن ما ازعج الشارع المصري هو تضاربع التصريحات الامنية حول طريقة التفجير فالبعض اكد انها سيارة مفخخة واخرون قالوا انه عمل انتحاري واطلق كل واحد منهم العنان الي تخيلاته في تحديد كيفية التفجيرات اعقبها تصريحات عن هوية مرتكبي الحادث واوصافهم وكيفية دخولهم البلاد ومشتط الاجهزة الامنية الحدود وفحص اصحاب السيارات المتواجدة في مكان الحادث وقت وقوع الانفجار الاجانب الذين دخلوا البلاد موخرا ومازال البحث جاريا حول حقيقة الواقعة ومرتكبيها. الحادث الثاني وقع في بني مزار قرية شمس الدين بالتحديد عندما استيقظ أهل القرية علي الحادث البشع الذي راح ضحيته 10 أفراد "3 إناث و 3 ذكور و 4 أطفال" وعثر عليهم مذبوحين داخل منازلهم وتبين استئصال أعضائهم بحرفية وإتقان وبعد تقنين الإجراءات والبحث طويلاً من رجال الشرطة أشارت أصابع الاتهام إلي المتهم محمد علي عبد اللطيف بأنه من مرتكبي الجريمة وظلت القضية حديث الرأي العام وتداولت كثيرًا برئاسة المستشار عبد الرحيم إسماعيل الذي أصدر حكمًا تاريخيا ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه لتظل الجريمة حتي الآن بلا بطل حقيقي. وهناك واقعة أخري معروفة باسم سفاح روض الفرج مصطفي خضر الذي ظل سنوات عديدة بعيدًا عن أيدي رجال الشرطة والمعروف عنه بسفاح النساء بعد أن قام بقتل العديد من النساء منهن ابنة عمه وجارته حتي ألقي القبض عليه في عام 2009 وتم إعدامه بعد أن ظل يرتكب جرائمه دون القبض عليه من رجال الشرطة الذين ظلوا سنوات طويلة يبحثون عنه والقبض عليه. وأخيرًا تأتي واقعة قرية أبو العباس بمركز بني مزار بالمنيا بعد أن عثرت أجهزة الأمن علي جثة أم حامل تدعي راضية عبد العليم علي 35 سنة ربة منزل وجثث أبنائها الثلاثة محمد مبارك محمود 9 سنوات وشقيقيه علي 7 سنوات وطه 4 سنوات مخنوقين داخل منزلهم وكشفت التحريات أن بائع الخبز هو مكتشف الجريمة عندما حاول الطرق علي الباب ولم يرد أحد عدة مرات فذهب إلي شقيق الزوج والذي دخل إلي المنزل ووجد زوجة شقيقه ملقاة علي ظهرها مخنوقة بإيشارب والأطفال الثلاثة عثر عليهم مخنوقين أسفل السجادة وبجوارهم عدد من الحبال مما يدل علي أن الجريمة ارتكبت بواسطة تلك الحبال.. الغريب في القضية أن المجني عليهم فقراء ولا يملكون المال حتي تتم سرقتهم مما يدفع إلي الأذهان أن القضية ارتكبت بفعل فاعل وبدافع الانتقام خاصة أنه لم تتم سرقة أي شيء، وما زالت القضية حتي الآن تبحث عن متهم حقيقي والجميع ينتظر من رجال الشرطة تقديم الجاني الحقيقي وليس علي غرار قضية سفاح بني مزار. وحول هذا الموضوع يقول مصدر أمني: إن كل قضية لها ظروفها والمؤكد أن رجال الشرطة يقومون أولا بجمع المعلومات والبيانات ثم يقومون بتحليلها وتقييمها حتي تصل لمرحلة من الاستخبارات وهي عبارة عن وجود المعلومات المنقاة والمحللة للسعي وراء مرتكب الجريمة. و عن فشل رجال الشرطة يقول المصدر الأمني: إن هذا شيء طبيعي، ففي العالم كله يحدث ذلك وليس في مصر ولا يعني هذا فشل رجال الشرطة فنحن نعمل وسط 80 مليونًا من الشعب وعلينا عبء ثقيل بالإضافة اإلي ازدياد معدل الجريمة فالجرائم التي لم يتم فيها القبض علي الجاني قليلة وفردية مقارنة بالدول الأخري فلا توجد دولة في العالم فيها من رجال الشرطة يحققون نتائج 100% فرجل الشرطة يعمل دائمًا من أجل حماية المواطنين ونشر الأمن ونقوم بالاجتهاد والعمل الجاد ليل نهار حتي نقبض علي المتهم وليس معني عدم العثور علي جان أو متهم في قضية ما أننا فاشلون فيكفي أن هناك مركزًا للشرطة ينظم دورات لضابط المباحث في الدول الأخري منها الأفريقية والعربية وروسيا ومعني ذلك أن هذا المركز يعلم كل هؤلاء. ويضيف المصدر الأمني : إن ضابط الشرطة يحاسب كل عام من حيث عدد القضايا التي قام بالكشف عنها من عدمه وقد يتم تغييره أو نقله في حالة تقصيره وإذا لم يحقق النتائج المطلوبة منه. ويقول اللواء محمد ربيع مساعد أول وزير الداخلية : إن أساس الامن الجنائي معلومات تأتي من قوة المصادرة السرية والتغلغل في المنظمات الإجرامية قبل حدوثها أو وقوعها ونشر الأمن بين المواطنين فأساس أي جريمة والبحث عنها يأتي من خلال المصادر والمعلومات والبحث في السجلات الإجرامية والضابط يبحث في كل هذا للوصول إلي الضبط والقبض علي الجاني وأسلوب الجريمة يبدأ من خلال البحث في السجلات الإجرامية والمسجلين خطر وكيفية ارتكاب الجريمة والمشتبه فيهم والدافع الأول للجريمة ورجال الشرطة لا يقصرون في ذلك مطلقًا فالواقع أمامنا هو ازدياد نسبة العنف والجرائم في الشارع المصري ورجال الأمن لا يقصرون في شيء مطلقًا ولم يفشلوا في شيء فنسبة الجرائم الغامضة التي ارتكبت قليلة جدًا مقارنة بجميع دول العالم وهذا النوع من القضايا يسمي بالقضايا المفتوحة ومعناها عدم الوصول فيها إلي الجاني فأجهزة الأمن تبحث بكل قوتها وتستخدم أساليبها للقبض علي الجناة والمتهمين. وعن رأي أساتذة النفس والاجتماع حول أسباب ارتكاب الجرائم تقول د. إيمان صبري أستاذ علم النفس بجامعة الفيوم: إن ارتكاب هذا النوع من الجرائم ليس له معني إلا "الانتقام" بل والانتقام الشرس فالجريمة ترتكب بدون دافع للسرقة ولا الشرف مثلًا وإنما أن ترتكب بهذا المنظر وبهذه الطريقة خاصة الواقعة الأخيرة في بني مزار ما هو إلا انتقام عنيف سواء ضد الزوج أو المجني عليها وقد تكون رسالة من أحد الأرقاب للزوج الذي يعمل بالخارج للانتقام منه بالحصول علي شيء ما فمن المؤكد أن رجال الأجهزة الأمنية يبحثون بداية عن الأقارب والاشتباه فيهم وعن وجود عداءات مثلًا لهذه الأسرة من عدمه.. وتضيف د. إيمان: إن مرتكب هذه الجريمة ليس مريضًا نفسيا، بل هو شخص عادي حاول الانتقام من هذه الأسرة ونجح في مهمته وليس لها أي تفسير سوي ذلك. أما د. عزة كريم الباحثة بالمركز القومي للبحوث الجنائية فتقول: إن ارتكاب مثل هذه الجرائم مشكلة كبيرة بكل المقاييس وتشكل قلقًا كبيرًا علينا وغالبًا ما ترتكب الجرائم الغامضة بسبب الثأر أو مافيا وعصابات الأعضاء ولكن ما حدث مؤخرًا في بني مزار يحتاج إلي وقفة، خاصة أن هذه هي الواقعة الثانية التي حدثت خلال سنوات قليلة.. وعن سر ارتكاب هذه الجرائم قالت: هو ليس مريضًا نفسيا ولا "سارقاً " فهو بالطبع سيكون من أحد معارفهم ممن هو يريد الانتقام منهم فهو قد تكون له علاقة بالأسرة والزوج ويكون هدفه الأول الانتقام، فالمريض النفسي لا يقتل بهذه الطريقة فهناك سبب رئيسي يدفعه لذلك وأري أن الإعدام هو العقوبة الوحيدة في ارتكاب مثل هذه الجرائم للخلاص منه ولابد من مواصلة البحث جيدًا لرجال الشرطة للقبض علي الجاني الحقيقي فهي أحيانًا لا تأتي بالمتهم الحقيقي مثلما حدث في قضية سفاح بني مزار أما من الناحية الاجتماعية فقد يكون القتل بأسباب أخري مثل الحالة الاقتصادية الصعبة والمشاكل الأخري فمن يرتكب هذه الجرائم هو - لا شك - مجرد من الإنسانية.