رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    تحرك جديد في أسعار الذهب.. والأسواق تترقب بيانات التضخم الأمريكية    دعم اوروبي 10 ملايين يورو لنفاذ مياه الشرب إلى المناطق المحرومة في إفريقيا وآسيا    «المصري للفكر والدراسات»: مصر أكدت رفضها تصفية القضية الفلسطينية من مضمونها    بين أوكرانيا وإسرائيل وغيرهم.. الكونجرس يتبنى حزمة مساعدات دسمة    الرئيس البيلاروسي يتوقع المزيد من توسع «الناتو» وتشكيل حزام من الدول غير الصديقة حول روسيا وبيلاروس    مواعيد مباريات الجولة 20 من الدوري المصري.. عودة القطبين    ضبط 65 كيلو مخدرات بقيمة 4 ملايين جنيه بمحافظتين    بعد مقتل ربة منزل على يد زوجها فى ملوى فى لحظة غضب ..نصائح هامة يقدمها طبيب نفسى    نقابة الموسيقيين تنعى مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    بكلمات مؤثرة.. ريهام عبدالغفور توجه رسالة لوالدها الراحل في حفل تكريمه    في الذكرى ال42 لتحريرها.. مينا عطا يطرح فيديو كليب «سيناء»    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    إزالة إشغالات وحالات بناء مخالفة في دمياط الجديدة    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عماد الكبير .. عندما تصنع الداخلية المجرم ثم تقضي عليه

استغل عماد الكبير تعذيبه علي أيدي الضابط إسلام نبيه - معاون مباحث قسم بولاق الدكرور - منذ عدة سنوات في الخروج علي القانون وارتكاب جرائم البلطجة وافتعال المشاكل مع السائقين بعد أن تعاطف معه الرأي العام ووقف وراءه حتي انتهت القضية بإدانة الضابط بارتكاب جرائم تعذيب وهتك عرض عماد الكبير وقضي من عمره 3 سنوات خلف أسوار السجن، لكن يبدو أن عماد الكبير استغل تعاطف المجتمع معه وبدأ في ممارسة البلطجة بعد أن طرأت علي رأسه فكرة أنه فوق القانون وأنه ضحية قسوة وتعامل أحد ضباط الشرطة واستمر في افتعال المشاكل مع كل من يراه حتي يثبت للجميع مدي سيطرته علي طريقة فتوة الأربعينيات التي جسدتها الأفلام وحسب الروايات الأمنية.
فقد تمرد عماد الكبير علي مهنته كسائق ومارس فرض البلطجة وحمل السلاح في وجه كل من يقف في وجهه فقد أثبتت المحاضر التي تم تحريرها ضده تورطه في العديد من المشاجرات وإطلاق الأعيرة النارية لإرهاب المواطنين، حتي يجبرهم علي دفع الإتاوات التي يفرضها عليهم، لكن عشرات ضباط الشرطة لا يستطيعون مواجهته بعد أن تسبب في حبس زميلهم من قبل فضلاً عن أن جميع منظمات المجتمع المدني تقف وراءه وتقدم له الدعم الكامل حتي أصبحت أخباره وقضية تعذيبه تملأ مواقع الإنترنت والجرائد والمجلات ونجح عماد في استخدام هذه الوسائل كأدوات ضغط علي ضباط الشرطة ودروع ليختبأ خلفها لممارسة جرائمه حتي قاد مجموعة من البلطجية في بداية الشهر الماضي، وتمكن من تكسير المحال التجارية ومارس كل أنواع البلطجة وحرب الشوارع مع أصحابها بالأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف حتي أصيب العشرات منهم عندما تدخلوا لفض مشاجرة دبت بين عماد وأحد السائقين في موقف الميكروباص في بولاق الدكرور عندما رفض دفع الإتاوة التي يفرضها عليه وبعد أن تمكن عماد من الهروب أسرع كعادته بالاتصال بمنظمات المجتمع وأخبرها بأنه لم يكن موجوداً وقت حدوث المشاجرة علي الرغم من اعتراف جميع السائقين وشهود العيان بأن عماد هو الذي قاد أكثر من 50 بلطجياً وتمكنوا من الاعتداء علي سائق وتجريده من ملابسه وسط الشارع، وعندما تدخل أصحاب المحال التجارية لإنقاذه حاول عماد الكبير تلقينهم درساً قاسياً ولم تكن هذه المعركة هي الأولي لكنه تورط في العديد من القضايا بعد قضية تعذيبه فقد تقدم ضده صاحب محل أدوات كهربائية بمحضر بحجة أنه يفرض عليه إتاوة حتي لا يتعرض المحل الخاص به للسرقة ولا يستطيع أي شخص مهما كانت قوته ونفوذه الوقوف في وجهه لأنه يتغطي بمساعدة منظمات حقوق الإنسان ونسي الجميع أن عشرات، بل مئات المواطنين تعرضوا للبلطجة وفرض السيطرة من عماد الكبير ودخل في مشاجرات عديدة حتي انتشر بين أهالي بولاق الدكرور أن أي مشاجرة يكون وراءها عماد الكبير من أجل فرض الإتاوات علي أصحاب المحال التجارية بعد أن امتدت سطوته ونفوذه إلي جميع مواقف الميكروباص ببولاق الدكرور، وأصبح المتحكم الوحيد في السائقين واستمر في أعمال البلطجة حتي أوقعه حظه العثر ونظم مشاجرة قاد فيها العشرات من أجل الدخول في مصادمات مع أصحاب المحال التجارية وسقط في أيدي الداخلية التي قدمته إلي النيابة، وتمت إحالته إلي محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ ونسبت إليه اتهامات إرهاب المواطنين والشروع في قتل العديد منهم وإطلاق أعيرة نارية دون ترخيص.
بلطجي أم ضحية.. تلك هي المسألة المعقدة جداً
إذا كانت محاولات الإيقاع بعماد الكبير باءت كلها بالفشل رغم تحرير أكثر من 80 محضراً مختلفاً له أتهم فيها بعشرات التهم، خضع للتحقيق فيها عشرات المرات، فإن كل هذه المحاولات لا تعتبر جادة أو حقيقية للإيقاع به، وإنما كانت بمثابة تمهيد لشيء قادم يتم إحكام جميع تفاصيله بدقة ولا يكون مسموحاً فيه بالخطأ أيا كان حجمه، وهو ما حدث بالفعل، مشاجرة بين أحد أقاربه وسائق تتكرر كل يوم عشرات المرات بين السائقين وبعضهم وبين الركاب والسائقين في مواقف الميكروباصات التي تحولت إلي مملكة خاصة بفئة معينة لا يملك أحد أن يحاسبهم أو يسألهم عن أي شيء.. فجأة وبلا مقدمات تصدر خبر قيادة عماد الكبير لميليشيات البلطجية في بولاق الدكرور صفحات الصحف والمجالات وإلي جوار صورته رسمت عناوين السلاح الآلي وزجاجات المولوتوف والحرق والتكسير وتحطيم المحلات التجارية وعشرات المصابين، وتم تفصيل السيناريو بعناية فائقة.
فعماد فرض إتاوة علي جميع سائقي موقف بولاق الدكرور يتقاضاها بشكل دوري منذ فترة طويلة، وإذا سألت عن غياب الأمن طوال هذه الفترة ستجد الجواب حاضراً لأن السؤال كان متوقعاً، فالإجابة هي أن عماد لم يعد أحد يجرؤ علي الاقتراب منه بعد قضيته وحصوله علي الحكم بسجن الضابط إسلام نبيه، فمنظمات حقوق الإنسان علي اتصال دائم به، لذلك حررت الداخلية الأمر وقبلت به إلي أن تطور الأمر ورفض علي الزهيري أحد السائقين القادمين من الصعيد دفع الإتاوة وتعدي علي عماد بالضرب وسط الموقف، فكسر كرامته علي اعتبار أن ما فعله به إسلام نبيه لم ينل منها.. تكتمل الرواية بتوجه عماد بصحبته 23 مسجلاً خطراً وبلطجياً من أقاربه وأصدقائه إلي منزل الزهيري واصطحبوه إلي وسط شارع ناهيا وجردوه من ملابسه وأوسعوه ضرباً في استعراض وتحد لكل من يحاول هز أو يقترب من عرش الكبير داخل الموقف أو يرفض دفع الإتاوة، الأمر الذي أثار مشاعر بعض كبار التجار في الشارع فتدخلوا لإنقاذ الزهيري من بين أيديهم وهو ما رفضه أصدقاء الكبير ودارت معركة بالأسلحة الآلية أصيب خلالها العشرات وتحطمت المحلات وألقيت زجاجات المولوتوف وأشعلت النيران، فألقي القبض علي ابن عم عماد الكبير بينما تمكن هو من الهرب إلي إحدي البؤر الإجرامية في منطقة كرداسة، ولم يتمكن الأمن من دخولها فتمت محاصرتها بآلاف الجنود، في هذه الأثناء كانت النيابة قد أمرت بحبس ابن عم عماد شريكه في الجريمة، وأخلت سبيل كل من ألقي القبض عليه في الحادث واصطحب شقيق عماد إلي قسم بولاق لإجباره علي تسليم نفسه، وهو ما حدث بالفعل حيث سلم عماد نفسه إلي قسم شرطة بولاق بعد أن أقنعه أقاربه بذلك لعدم جدوي هروبه خاصة بعد مضايقة مجموعات من أقاربه واصطحابهم إلي أقسام الشرطة.
وجهت النيابة لعماد عدة تهم وحبسته أربعة أيام رغم إنكاره التواجد بمسرح الحادث لأنه كان مصاباً بكسر في قدمه بعد تعرضه لحادث بدراجته البخارية، وعدم وصول الأسلحة أو الطلقات التي قيل إنه استخدمها في الحادث وقبل تجديد حبسه أحيل لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ في أقل من 48 ساعة وسط دهشة الجميع ممن تابع الأحداث وسرعتها لتبدأ الأسئلة تطفو علي السطح من جديد حول الهدف من كل هذا السيناريو الذي تم تفصيله باتقان ومرت مشاهده بسرعة البرق حتي صدر قرار الإحالة في ساعات معدودة في ظل تأخره في جرائم أكثر بشاعة لقي خلالها عدة أشخاص مصرعهم.
الرواية تبدو محكمة هذه المرة وتم حساب كل شيء فيها بدقة وتم تحضير ردود علي كل التساؤلات المتوقعة، وهو ما خلق حالة من التصديق لدي الرأي العام، ولكن ماذا ستفسر عنه أحداث النهاية هذا ما ستكشفه جلسات المحاكمة الاستثنائية لعماد.
سيظل اسم عماد الكبير عالقاً في أذهان الكثيرين، ليس فقط لأنه ذلك الشخص الذي تناقلت أخباره وصوره وسائل الإعلام بعد قضيته الشهيرة مع الضابط إسلام نبيه في قسم بولاق الدكرور عام 2006، وانتهت بسجن الضابط بعد إثبات واقعة التعذيب وإنما لأنه حالة خاصة تحيطها آلاف علامات الاستفهام التي تطرح مئات الأسئلة.. هل حقاً عماد الكبير بلطجي.. مسجل خطر وأحد الخارجين علي القانون، صنعت منه عدسات المصورين ومقالات الكتاب ومنظمات المجتمع المدني بطلاً قومياً وصاحب قضية ورمزاً من رموز التحدي والنضال استطاع أن يثأر لكرامته وآدميته وواجه الداخلية وانتصر عليها وسجن أحد رجالها؟ أم أنه بالفعل كما يطلق عليه مناصروه ومؤيدوه رمزاً لمرحلة جديدة من الصراع بين زبانية التعذيب في الداخلية وبين ضحاياهم، تجسدت كل معانيها في صموده أمام دولة بأكملها وتحمله جميع الضغوط التي فرضت عليها فلم ترهبه رسائل التهديد أو تنهه أي محاولات عن تحقيق ذاته والثأر لكرامته.
فهل عماد الكبير بلطجي فعلاً يفرض الإتاوات علي السائقين ويحطم المحلات ويلقي الرعب في قلوب الأهالي ويشعل النيران في سيارات من يعترضه ويؤدبه كما تزعم الأجهزة الأمنية، ولذلك فهو مطلوب دائماً وموضوع في مرمي الأمن.
و افترضت أن عماد بلطجي ومجرم حقيقي فهل يتم التعامل معه وفقاً للقانون ومحاكمته علي قدر ما اقترفه عن جرم أم يساق إلي قسم الشرطة ويتم الاعتداء عليه وتعذيبه وكسر كرامته وإهانته، وحين يلجأ للقضاء لأخذ حقه من الجناة يستهدف من قبل الجميع لأنه تجرأ علي مواجهة الشرطة والسعي وراء حقه حتي حصل عليه.
قصة عماد الكبير ليست الأولي ولن تكون الأخيرة، فهناك آلاف القصص المماثلة ولكنها إحدي الحالات القلائل التي ظهرت للنور وكشفت المستور، فكان ما حدث له نتيجة طبيعية لبلد تحكمها جمهورية الداخلية.
مشاهد اليوتيوب التي فضحت ضباط التعذيب ووضعت الضابط إسلام نبيه داخل القفص
عماد صاحب أشهر كليب تعذيب تداول علي كاميرات الهواتف المحمولة، وهو يتعرض لأبشع جريمة نوعية لتعذيبه وهتك عرضه، مما أثار الدنيا ولم يقعدها طوال هذه السنوات الثلاث، والتي انتهت بإدانة الضابط إسلام عبدالسلام نبيه المتورط في هذه الجريمة، تلك الجريمة التي تصور عملية انتهاك جسدي في قسم شرطة أبطالها مجموعة من الرجال لا تظهر سوي أرجلهم وأصواتهم الخشنة وأحذية كلهم يرتدون بنطلونات سوداء وأحدهم يحمل في يده عصا يضعها في مؤخرته ليتحول عماد الكبير من ضحية إلي بطل شعبي تتناوله الحواديت والحكايات الشعبية، ولكن رغم كل التعاطف الذي اكتسبه «عماد الكبير» ليسقط القناع عنه أخيراً ويتحول إلي إمبراطور للبلطجة وفرض الإتاوات وإرهاب الآخرين وبسط السيطرة والنفوذ لتتم محاكمته في الأيام الماضية ويحال إلي محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ.
ولكن يأتي المشهد الأول في عام 2006 وأثناء مرور نقيب الشرطة إسلام نبيه في حي بولاق الدكرور ويأمر مساعديه بإلقاء القبض علي «عماد الكبير» وقيادته إلي قسم بولاق الدكرور ويدخله غرفة التعذيب ويأمر فرقة مساعديه بتقييد السائق عماد الكبير ويدخل حاملاً سوطا، ثم يأمرهم بخلع بنطال عماد ويمسك بعصا غليظة يدخلها في مؤخرته وتختلط شتائم الضباط الثقيلة بآهات استغاثات الضحية وصرخات الألم الفظيع، ويأتي المشهد الثاني في العام نفسه ليري الضابط نفسه محاطاً بحراسة مشددة بعد صدور قرار النيابة بإحالته إلي محكمة الجنايات مسجوناً علي ذمة التحقيقات في قضية تعذيب «عماد الكبير» داخل قسم شرطة بولاق الدكرور، تنقلت اللقطات المصورة ل«حفل» تعذيب عماد الكبير بين سائقي الحافلات ومنها إلي أهالي المنطقة، حتي تلقاها مدون شاب يسمي مدونته «دفاع ماك» ومنها انتقلت بسرعة البرق لتنضم إلي قائمة «كليبات» صورت بالطريقة نفسها للتعذيب في أقسام الشرطة وانضمت في الوقت ذاته منظمات حقوقية متضامنة مع «عماد الكبير» فوقتها تقدم ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء ببلاغ إلي النائب العام يطالبه بفتح التحقيق في القضية وتقديم المجرمين إلي العدالة، ولكن علي غير المعتاد في هذه البلاغات، تحرك النائب العام سريعاً، وفتح ملف التحقيق، واعتمد المسئولون في الشرطة علي أن البلاغ بلا أدلة ولا ضحايا وسيغلق ولا وجه لإقامة الدعوي.
وجاء العكس تماماً، فقد كشفت التحقيقات في نيابة القاهرة في المرحلة الأولي اسم الضابط بطل شريط الصفعات، واستدعته النيابة للتحقيق معه في الوقت ذاته، وسماع أقواله، واعترف الضابط بأنه يعرف المتهم، لكن الضرب والضحك عليه هي عمليات تركيب ومونتاج.
ولكن الثغرة في التحقيقات كانت في غياب الضحايا، رغم المناشدات التي وجهت إليهم ولكن روي «عماد الكبير» عن تلك اللحظات أنه كان مشوشاً، فهو لم يتكلم أبداً رغم أنه عرف بمشاهدة الناس لما حدث له ولكنه التزم الصمت ورغم كل هذا لم يتحرك إلا عندما أخبره الناس بأن الشرطة أخذت شقيقه إلي مركز الشرطة لأنه رفض أن يعطي أمين الشرطة 5 جنيهات، هي في العرف إتاوة مفروضة، ويقول عماد: خفت أن يتكرر معه ما حدث معي فهرعت إلي المركز ودخلت علي رئيس المباحث لكنه طردني، خرج عماد من المركز إلي البيت حمل معه نسخاً من الأقراص المدمجة التي تحوي وقائع تعذيبه، فأوقف سيارة أجرة وتوجه مسرعاً إلي بيت وزير الداخلية، حيث روي للحرس حكايته وطالبهم بإنقاذ شقيقه، وكما يقول عماد تأثر ضابط كبير من الحرس بالمشاهد المعروضة علي شاشة الهاتف المحمول فتشجع عماد وطلب منه إنقاذ شقيقه، فقال له الضابط «الموضوع ليس موضوع أخيك، الموضوع هو أنت ولازم تأخذ حقك أنت».
ووجهه الضابط إلي مكتب الشكاوي في وزارة الداخلية، وهناك قابله الضابط المسئول بجفاء أثار فيه الرعب، فعاد مرة أخري إلي بيت الوزير فتحول الضابط من تعاطف إلي فعل حقيقي واستدعي له ضباط أمن مباحث قسم بولاق الدكرور وسمعوا حكايته، سجل ضباط التفتيش أقوال عماد وظل التحقيق لمدة 48 ساعة.
وكانت التحقيقات التي أجريت مع عماد الكبير قد أوضحت أنه عندما حاول منع ضرب ابن عمه من شخصين في الشارع، تبين أنهما ضباط لمباحث التموين حيث تم اقتياده بعدها إلي نقطة شرطة «ناهيا» واشترك ضابط النقطة ومعه أمناء شرطة في ربطه وتعليقه وضربه وتمزيق ملابسه ثم أخذوه إلي القسم، حيث تم دهن مؤخرته بالمرهم وإدخال العصا الخشبية بها وتصويره، وطبعوا ذلك علي «سي دي» «c.d» وتوزيعه علي السائقين لإذلاله.
جدير بالذكر أن جلسات محاكمة الضابط قد شهدت عدة مفاجآت، فقد تقدم الدفاع ببطلان شهادة خبير الأصوات، لأنه اعتمد علي حواسه ولم يعتمد علي الأجهزة الحديثة والتقنيات وأنهم استشهدوا بواقعة مماثلة.
وائل عبد الفتاح: عماد ليس بلطجياً.. وما يحدث له مدبر وإحالته للطوارئ إخلال بالعدالة
رغم إحكام سيناريو الإيقاع بعماد الكبير وإحكام غلق جميع الثغرات التي يمكن أن تنفذ منها علامات التشكيك في مصداقيته، إلا أن مناصري عماد الذين أيدوه في قضيته الأولي لايزالون علي قناعة تامة من براءته مشددين علي تمسكهم بالوقوف إلي جواره باعتباره الشرارة الأولي التي انطلقت منها نيران الوقوف في وجه طوفان التعذيب داخل السجون في مصر وتكون عبرها وعي حقيقي ويقين شبه مطلق بأن ما كان مقبولاً بالأمس لم يعد مستساغاً اليوم ولتذهب بالعشرات إلي ساحات المحاكم دون خوف، فكانت الضجة التي صاحبت قضية خالد سعيد شهيد التعذيب في الإسكندرية والتي اعتبرها البعض امتداداً لقضية عماد الكبير.
الكاتب الصحفي وائل عبدالفتاح لايزال أحد المؤيدين لهذا الطرح والمؤيدين بقوة للرأي القائل إن ما يحدث لعماد الكبير شيء مدبر لعقابه علي وقوفه في وجه الداخلية، فهو يري أن الكبير ليس بلطجياً وأن المعركة التي يتحدثون عنها تعد أمراً اعتيادياً في مواقف الميكروباص وليست جديدة والجميع بما فيهم الداخلية يعلمون بذلك، وأن الأمر كله محاولة لاصطياد عماد بعد براءته وتخلصه من 80 محضراً تم تحريرها ضده للانتقام منه.
وأضاف عبدالفتاح أن قرار إحالة عماد لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ يعد إخلالاً بفكرة المحاكمة العادلة، خاصة بعد تضخيم ما حدث وتصوير الأمر علي أنه تحطيم وحرق وإشاعة فوضي وإثارة الخوف والذعر وإيهام الجميع أن عماد بلطجي وخطر علي الأمن العام.
ويري عبدالفتاح أن الخطأ الفادح الذي وقع فيه عماد هو أنه سلم نفسه بعد تعذيب شقيقه إلي قسم بولاق الدكرور وليس إلي النيابة التي لاتزال برغم كل شيء علي حد قوله تحمل ضمانات أعلي لنزاهة المحاكمة.
وأوضح عبدالفتاح أن الدولة حولت قضية عماد الكبير من حادث جنائي يجب أن يترك لتحقيق عادل إلي قضية سياسية اتخذتها منصة لتوجيه رسائل للخارج معاً مفادها أن التعذيب لا يطال سوي البلطجية والخارجين علي القانون، وأن المواطن المدني العادي حقوقه مصونة ولا يقترب منه أحد، ورسائل أخري للداخل تشير إلي أن من يجرؤ علي مواجهة عصا الداخلية لن يهنأ بعيش أو تستقر له حياة وسيحيا مطارداً طوال حياته.
يري وائل أيضاً أن قضية خالد سعيد كانت امتداداً لقضية عماد الكبير الأولي التي أحدثت تراكماً إيجابياً لمقاومة التعذيب الذي أحدث قلقاً ملحوظاً لزبانية التعذيب في مصر، مشيراً إلي أن هذه الحالة تسببت في خلق رأي عام عالمي لم يعد يستوعب فكرة التعذيب في مصر بحيث انعدم قبول أي أعذار أو مبررات لانتهاك حرية وآدمية المواطن في دولة كبيرة ولها ثقل جغرافي وتاريخي في العالم.
واختتم وائل عبدالفتاح حديثه ل«الدستور» قائلاً: إن قرار إحالة عماد لمحكمة استثنائية هي أمن الدولة العليا طوارئ فيه انفعال، ما يشير إلي أن حركة مقاومة التعذيب تدخل الآن جولة أخري لمحاربته عبر قضية عماد الكبير الثانية، ورغم أن مشوار مقاومة التعذيب والتخلص منه نهائيا طويل جداً، إلا أنه قطعت فيه أشواط مهمة وحاسمة أهمها أن المواطن العادي لم يعد يقبل فكرة الرضوخ وقبول دور الضحية وأنه الآن يشعر أنه يمكنه الحصول علي حقه من الدولة.
ورغم محاولة تصوير عماد علي أنه إرهابي ومحترف بلطجة عبر حملة مكثفة كانت مؤثرة نسبياً انتهت بمحاكمته أمام قاض غير قاضيه الطبيعي، وفقاً لقانون الطوارئ، إلا أن الجميع بات يعلم أن المعركة انتقلت من ملعب الأمن ومنظمات المجتمع المدني إلي ملعب الأمن والمجتمع كله وهذه هي الخطورة الكبري.
محسن بهنسي المحامي بالنقض والناشط الحقوقي يري أن ما تعرض له عماد الكبير والتعاطف والتضامن الذي لقيه من الجميع خلق لديه انطباعاً بأن المجتمع بالكامل في صفه، وأدي ذلك لتمسكه أن يكون له وجود علي أرض الواقع عن طريق التمسك بحقه وممارسة عمله بحرية ودون ضغوط ليشعر أنه موجود.
أضاف بهنسي أن قضية عماد الأولي خلقت لديه شعوراً بالذات وعلت لديه «الأنا» وأصبح قادراً علي مواجهة تحرشات ومواجهات أشخاص مدفوعين من قبل المباحث والداخلية للنيل منه لإصراره علي وقوفه في وجه الشرطة وإصراره علي عرض قضيته دون خوف أو تنازل.
وبشأن الواقعة الأخيرة قال بهنسي إن الداخلية تعلم جيداً ما يحدث في مواقف الميكروباص من جميع السائقين والتباعين، وما حدث إذا ثبتت صحته فهو مشاجرة عادية تتكرر آلاف المرات داخل المواقف.
وأضاف بهنسي أن إحالة عماد لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ هو محاولة لكسر إرادته لأنه حصل علي حكم ضد ضابط شرطة والهدف من كل ذلك الانتقام.
وأشار بهنسي إلي أن هدف الداخلية هو خلق مواطن ضعيف لا يجرؤ أن يشكو ضابطاً أو يفكر قط في الحصول علي حقه منه إذا اعتدي عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.