سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د.سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق: الفقر والفساد واستغلال السلطة ينذر بتكرار أحداث تونس في مصر واقتصادنا الآن أسوأ من بداية الثمانينات فالدين المحلي وصل إلي800مليار جنيه
· حصول رجال الأعمال علي غالبية المكاسب التي تحققت أدي لزيادة نسبة الفقر21% · يمكننا تحقيق معدل نمو يتراوح بين9% و10% سنويا لمدة عقدين أو ثلاثة عقود ولكن هذا لا يتحقق بالآمال بل بالأفعال · الذي يدير كافةالأمور بالدولة هو رئيس الجمهورية وانفراد الحزب الوطني بمجلس الشعب شيء مؤسف ومخز إذا كان لزاما علينا البحث والتدقيق في آليات الاصلاح علي كافة المستويات ومقابلة الاحداث بالأحداث كالتي حدثت مؤخرا في تونس وربما تتشابه مع واقعنا، فسنكون حسب آراء حريصة علي مستقبل هذا الوطن مرشحين لتكرار مثل هذه الاحداث في مصر حسب ما يذكر المسئول الأول عن الاقتصاد في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق فإلي الحوار.. في ظل التطورات الأخيرة والتي أطاحت بالرئيس التونسي وكان سببها في المقام الأول البطالة وسوء الاحوال الاقتصادية والاجتماعية، هل تكون مصر مرشحة لحدوث مثل هذه الاحداث؟ - أولا ، الذي أطاح بالرئيس التونسي السابق اسباب عدة من بينها طول فترة بقائه في الحكم، مما يحجب عنه رؤية الاحوال المعيشية للشعب وترديها، وهو مما يجعل المشاكل تتراكم مثل البطالة وارتفاع الاسعار وزيادة معدل الفقر، وعدم عدالة توزيع الدخل وانتشار الفساد واستغلال المقربين من السلطة لنفوذهم بطرق غير مشروعة .. وكل هذا ينتج عنه عدم حب الشعب لحكامه وعدم التمسك بهم في أوقات الازمات مثل التي حدثت في تونس، ومن المعروف أن الشعب التونسي الشقيق كان يشكو مر الشكوي من زوجة الرئيس السابق واستغلالها للسلطة مما ولد عداء متزايدا، وفي المقابل، انظر إلي رئيس جمهورية فنزويلا، هوجو شافيز، الذي حاولت قوي خارجية عزله والاطاحة به، ولكن الشعب تمسك به وأبقاه في سدة الحكم، ذلك أن الشعوب وان صمتت أو غلبت علي أمرها فهي تعلم من يعمل لمصلحتها ومن يعمل ضد ذلك. وتنتشر في مصر الان الشكوي من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية كالفقر وعدم تكافؤ الفرص والفساد واستغلال السلطة في الحصول علي الاراضي وغيرها، والبطالة نتيجة لعدم تحقيق التنمية المتسارعة المنشودة، وكذلك سيطرة رأس المال علي الحكم وغيرها. وكل هذا يؤهل لتكرار ما حدث في تونس أن يحدث في مصر مع الاعتراف باختلاف طبيعة الشعبين، فالشعب المصري صبور وحمول، ولكن إذا استفز أكثر من اللازم وصعب عليه الحصول علي لقمة العيش فإن ثورته عارمة وغضبه عات. الحكومة المصرية تعلن عن العديد من الخطط والبرامج التي تدعي هي أنها لصالح الشعب والمواطن، وفي المقابل لا يشعر بنتائج ايجابية علي المدي الطويل أو القصير، فما هو تقييمكم لهذه الخطط والبرامج؟ - حققت الخطط الاقتصادية والاجتماعية التي وضعتها الحكومة خلال العقد الماضي تزايدا في معدل نمو الدخل القوي إلي أن زاد علي 7% في عام2007، ولم يشعر الشعب بثمار هذا النمو، وهذه حقيقة ترجع إلي الاسباب التالية: ارتفاع معدل التضخم وزيادة الاسعار إلي أكثر من 11% سنويا ووصل إلي أكثر من 18%في عام2008. ثانيا : ان المشروعات الانمائية التي نفذت كانت تستخدم الآلة أكثر من الانسان ، أي ما يعبر عنه الاقتصاديون بالقول بأن أساليب الانتاج ذات كثافة آلية أو رأسمالية، ومن ثم لم تولد فرص عمالة كافية لامتصاص الأيدي العاملة المتزايدة مع تزايد عدد السكان. ثالثا : حصول أصحاب الدخول المرتفعة من رجال الاعمال وكبار الموظفين علي غالبية هذه المكاسب مما أدي إلي زيادة نسبة الفقر في مصر إلي نحو21% في عام2007 بالمقارنة ب19%في عام2000مع عدم تحسن الاحوال المعيشية لغالبية الشعب. وعلي الرغم من ارتفاع معدل نمو الدخل إلي أكثر من 7% فانه معدل متواضع بالنسبة لما تحققة الصين أو الهند، وكذلك فانه يقصر كثيرا عما حققناه في عقد1974-1983، وبمصر من الموارد البشرية والمادية والمعرفة وغيرها من الامكانات التي تمكننا من تحقيق معدل نمو يتراوح بين9% و10% سنويا لفترة ممتدة من الزمان لا تقل عن عقدين أو ثلاثة عقود، وهذا النوع من النمو هو الذي يؤدي إلي التحسين الجذري في الاحوال الاقتصادية والاجتماعية بمصر، غير أن كل هذا لا يتحقق بالآمال، ولكن بالاعمال والافعال، وأهم الاعمال المطلوبة هي: - وضع القيادات القدوة والنزيهة التي لها رؤية حسنة في مختلف مواقع العمل وأن يتم هذا علي أساس الكفاءة وليست القرابة، وعلي الخبرة وليست الثقة. وتنفيذ بقية برامج الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي لم توضع موضع التنفيذ وعلي رأسها القضاء علي البيروقراطية ومحاربة الفساد والقضاء علي الفقر وتطبيق السياسات المالية والنقدية واصلاح التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وتبسيط اجراءات التقاضي وغيرها، ووضع الحوافز المناسبة للاعمال الجيدة ومعاقبة المسيئ وأن تكون المساءلة علي كافة المستويات وفتح الباب علي مصراعيه أمام مشاركة الجميع في العمل الوطني دون تمييز علي أسس جغرافية أو دينية أو حزبية أو غيرها. كثرت في مصر في الفترة الأخيرة الاحتجاجات المطلبية والفئوية.. فما السبب؟ - مشاكلنا وحلولها معروفة ولكن تنقصنا إرادة التنفيذ وهذه مقولة مشهورة للعالم الجليل د.محمد حلمي مراد وزير التربية والتعليم الاسبق في أواخر الستينيات من القرن الماضي، فيجب العمل علي تنفيذ هذه الحلول مع المتابعة المستمرة القائمة علي الأداء والانجاز. هل كان علي الحكومة انتهاج سياسة معينة لم تنتهجها بالفعل مما أدي لتردي الاوضاع؟ - الذي يدير الدولة في مصر في كافة الامور منذ زمن طويل هو رئيس الجمهورية وما حدث في الفترة الأخيرة من انفراد ما يسمي بالحزب الوطني بكراسي مجلس الشعب شيء مؤسف ومحزن وهذا ما يمكن أن يقال فيه وكان من المفروض علي رئيس الجمهورية أن يوقف هذا العبث. يتردد في كل هذه الازمات اسم أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب حتي أن الكثيرين يرونه السبب في هذه الازمات فما رأيكم؟ - أمين التنظيم بالحزب الوطني معروف عنه انه لا يسمع ولا يقبل الرأي الآخر وهذا سلوك له نتائج وخيمة ويبرز هذا في الاطاحة بالمستقلين والمعارضة من مجلس الشعب وإقصاء أعضاء الحزب الوطني ممن لهم آراء مستقلة لا تعجبه، وهذا ما حدث مع رئيسي لجنتي الصحة والاقتصاد بمجلس الشعب السابق. الحكومة الحالية معروفة باسم حكومة رجال الاعمال فما مدي تصديق ذلك؟ - لقد زاد تدخل رجال الاعمال في السلطة وفي الحكم بدرجة كبيرة مما يؤدي لفساد السياسة والاعمال معا كما هو متوقع في أي مكان في العالم، وهذا ليس موقفا ضد رجال الاعمال بل علي العكس من ذلك فانه لمصلحته طويلة الاجل وذلك ان لهم دورا هاما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحمل المسئولية الاجتماعية في توظيف الأيدي العاملة وعدالة توزيع الدخل ورعاية الفقراء. فحالة الموازنة العامة للدولة في مصر سيئة ويوجد بها عجز مزمن، أدي إلي تراكم الدين العام المحلي بحيث بلغ أكثر من 800مليار جنيه، وتستحوذ حزمة الدين من مدفوعات الفوائد وأقساط هذا الدين علي أكثر من 30% من النفقات العامة مما يؤدي إلي الحد من القدرة علي رعاية الفقراء وتحسين أحوال التعليم والارتقاء بمستوي الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية المطلوبة. ويجب تحسين الموازنة العامة للدولة بطريق غير فرض الضرائب علي أصحاب الدخول المحدودة الذين أثقلت كاهلهم الضرائب الحالية ويتم ذلك عن طريق إعادة النظر في أولويات الانفاق العام والحد من الانفاق والتبذير مع التركيز علي تحسين التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي. ثم العودة إلي مبدأ تصاعد الضرائب بدلا من التوقف عند 20% بغض النظر عن مستوي الدخل، حيث أسهم ذلك في زيادة الاثرياء ثراء وتدهور عدالة توزيع الدخل، ولا نطالب بالتصاعدية إلي المستويات المرتفعة جدا كما كانت في الماضي ولكن لترتفع إلي نحو 30% أو 35% علي شرائح الدخل العليا، وهذا أمر ضروري لاصلاح حالة الموازنة ولزيادة تماسك النسيج الاجتماعي عن طريق إشاعة الشعور بتحمل القادرين لاعبائهم. ما هي توقعاتكم لمستقبل الحكومة في الفترة القادمة؟ وهل سيكون هناك تغيير ملموس؟ ومن أي اتجاه؟ - لا ينبغي أن تكون أحداث تونس هي المحركة للاصلاح المطلوب في مصر أو غيرها، ذلك أنه لو قام علي ذلك فانه سرعان ما يخبو ويضعف وتعود ريما لعادتها القديمة ولكن يجب أن يكون هناك اقتناع تام بأهمية هذا الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وانه استراتيجية مستديمة وفعل وليس رد فعل، ويجب أن تعطي الحكومة القدوة للجميع في بذل مزيد من العمل بكفاءة ونزاهة مع تطبيق المساءلة علي أسس الأداء وليس غيرها.