وزارة العمل تشارك فى احتفالية اليوم العالمى للأشخاص ذوي الإعاقة    غدا، نظر 300 طعن على المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    وزير الإسكان يتفقد مشروع «سكن لكل المصريين» والمدينة التراثية بالعلمين الجديدة    وزير الاتصالات يفتتح مكتب بريد المنصورة الرئيسي بعد التطوير    التعاون الإسلامي تناشد تقديم الدعم المالي للأونروا لاستمرارها في تقديم الخدمات للفلسطينيين    تقرير: زيلينسكي يزور لندن بعد غد للتشاور مع ستارمر حول وضع مفاوضات السلام    خروقات إسرائيل مستمرة.. استشهاد مسنّة وابنها برصاص الاحتلال شرق مدينة غزة    "الشرع": سوريا تعيش حاليًا في أفضل ظروفها منذ سنوات.. وإسرائيل تصدّر الأزمات إلى الدول الأخرى    فيفا يكشف موعد وملعب مباراة بيراميدز فى كأس التحدي    منتخب الجزائر يكتسح البحرين بخماسية في كأس العرب    تأجيل محاكمة متهمي قتل شاب بالخصوص إلى فبراير    وكيل بيطري الشرقية: استدعينا فرق تمشيط من بحيرة ناصر للبحث عن التماسيح    بورسعيد تشيع جثمان الطفل زياد ضحية حادث معدية مدينة بورفؤاد    القبض على متهم بقتل زوجته الإندونيسية بعد وصلة ضرب مبرح فى مدينة نصر    الحبس شهر وغرامة 20 ألف جنيه لمساعدة الفنانة هالة صدقي بتهمة السب والقذف    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    كريمة يروي كيف حمّت السيدة زينب الإمام علي زين العابدين من يزيد    قبل بداية عرض فيلم الست.. تصريحات سابقة ل منى زكي دفاعا عن تنوع أدوار الفنان    سفيرة واشنطن: تنمية إسنا مثال قوى على نجاح الشراكة المصرية - الأمريكية    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش    عاجل استشاري أمراض معدية يحذر: لا تستخدم المضادات الحيوية لعلاج الإنفلونزا    وزير الاتصالات ومحافظ الدقهلية يتابعان أعمال منظومة التشخيص عن بُعد    الجمعية العمومية لنقابة المحامين تقرر زيادة المعاشات وتناقش تطوير الخدمات النقابية    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    إنفوجراف|حصاد منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    رئيس مصلحة الجمارك: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق نظام ACI على الشحنات الجوية يناير المقبل    وزراء خارجية 8 دول يرفضون أي خطة إسرائيلية لفتح معبر رفح باتجاه واحد    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    بكم الطن؟.. سعر الحديد اليوم السبت 6 -12-2025    رانيا المشاط: الالتزام بسقف الاستثمارات عند تريليون جنيه العام الماضي فتح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    وزير الري يتابع أعمال حماية الشواطئ المصرية للتعامل مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معضلة ترشيد الاستيراد وتشجيع التصنيع المحلى
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 02 - 2016

فى ظل تأزم الوضع الاقتصادى، تتعالى الأصوات التى تنادى بضرورة تقليص الواردات وزيادة الصادرات وتشجيع التصنيع المحلى. من الصعب وجود خلاف على هذا التوجه، حيث إنها أهداف سينتج عن تحقيقها زيادة معدلات الإنتاج المحلى وانخفاض البطالة، كما سينتج عنها زيادة فى صافى العملة الصعبة المتوفرة فى الاقتصاد، مما يقلل الضغط على الجنيه. لكن تحقيق تلك الأهداف ليس سهلا، وقد يؤدى التعجل فى الوصول لها إلى آثار سلبية على الاقتصاد.
تواجه مصر عجزا مستداما فى الميزان التجارى للسلع، حيث إن ما تستورده من منتجات دائما ما يفوق ما تصدره. وقد شهدت الفجوة بين الواردات والصادرات زيادة كبيرة، فبعد أن كان العجز قرابة 10 مليارات دولار فى منتصف العقد الماضى، ارتفع العجز ليصل لقرابة 40 مليار دولار فى العام الماضى، وأصبحت الواردات تمثل ثلاثة أضعاف الصادرات السلعية. فى الوقت نفسه، تراجعت المنح والقروض والاستثمارات الأجنبية وكذلك إيرادات السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، والتى كانت دائما ما تغطى هذا العجز، مما زاد من حدة الضغط على الجنيه، وأدى لوجود سوق موازية للعملة.
***
العلاج التقليدى فى تلك الأحوال هو تخفيض الجنيه لتشجيع الصادرات والسياحة وخفض الواردات، لكن التصور المعتمد الآن أن المزيد من التخفيض سيزيد من التضخم، الذى يفاقم الوضع الاجتماعى بينما الاستثمارات الأجنبية ليس من المتوقع أن ترتفع مع التخفيض، نتيجة الأوضاع السياسية وكذلك تباطؤ الاقتصاد العالمى، وينطبق ذلك أيضا على السياحة التى تراجعت نتيجة الأعمال الإرهابية. لذلك أصبح التوجه يتمحور حول تخفيض فاتورة الاستيراد، مما يزيد الطلب على المنتج المحلى ويقلل الضغط على الجنيه.
بناء على ذلك، قامت الحكومة بتطبيق قواعد جديدة تشترط تسجيل المصانع التى تقوم بتصدير منتجاتها لمصر لدى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات المصرية، وقبول المصنع الأجنبى بالتفتيش من فريق فنى، للتأكد من استيفاء معايير البيئة وسلامة العمل. كما تم رفع الجمارك على عدد كبير من المنتجات بنسب متفاوتة. فى الوقت نفسه، قام البنك المركزى خلال العام الماضى، بوضع سقف لإيداع الدولار فى البنوك، والذى تم زيادته أخيرا على بعض السلع الأساسية، لتخفيض المضاربة على العملة وتقليص استيراد المنتجات غير الأساسية، طبقا لمعايير البنك المركزى الذى تولى مسئولية تدبير العملة واشترط أيضا أن تمر عمليات الاستيراد بالكامل من خلال البنوك المحلية وبالتنسيق مع بنك الشركة المصدرة، وأن يتم دفع كامل سعر المنتج المستورد قبل استيراده، مما يلغى الحد الائتمانى الذى يمنحه المصدر الأجنبى للمستورد المصرى.
وترى الدولة، أن تلك الإجراءات تهدف لتنظيم عملية الاستيراد والحد من استيراد البضائع رديئة المستوى والمنتجات الاستفزازية وكذلك الحد من التهرب الجمركى بمطابقة فواتير الواردات بين تحويلات البنوك ومصلحة الجمارك، مما يؤدى إلى الارتقاء بجودة المنتجات المعروضة فى السوق، وتشجيع المنتج المحلى ليحل محل المنتجات المستوردة. لكن المستوردين يرون فى تلك الإجراءات قتلا صريحا لقطاع الاستيراد ومن يعمل به، حيث إن تسجيل المصانع يصب فى مصلحة الشركات العالمية، التى ستستطيع الوفاء بذلك الشرط، أما الكثير من المصانع الصغيرة خاصة فى الصين فستخرج من السوق، وهو ما سيؤثر سلبا على توافر منتجات مستوردة منخفضة السعر كانت تخدم شريحة كبيرة.
ويرى المستوردون أيضا، أن قرارات البنك المركزى ستؤدى إلى تقليص حجم الواردات، بسبب عدم توافر العملة الصعبة، مما يؤدى إلى انخفاض المعروض فى السوق. كما أن اشتراط دفع كامل التكلفة يزيد من العبء التمويلى على المستوردين والذين بدورهم سيقومون برفع أسعار المنتجات المستوردة. عدم توافر المنتجات وارتفاع تكلفة الاستيراد وارتفاع الجمارك، ينعكس بطبيعة الحال على ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة، والتى يعتبر الكثير منها أساسية. فعلى الرغم من تسليط الضوء دائما على أن مصر تستورد الكثير من السلع الاستفزازية، إلا أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن أغلب ما تستورده مصر تعتبر منتجات أساسية من مواد بترولية ومواد خام ومنتجات غذائية ومعدات وأجهزة يصعب الاستغناء عنها، وأن السلع غير الأساسية نسبة محدودة من إجمالى فاتورة الاستيراد البالغة 60 مليار دولار.
***
لا أحد يختلف على أهمية التصنيع المحلى وضرورة تشجيعه، لكن من الصعب أن يستطيع التصنيع المحلى ملء الفجوة الناتجة عن تقليص التصدير بين عشية وضحاها، حيث إن زيادة التصنيع المحلى يتطلب فتح مصانع جديدة، وهو ما يتطلب فترة زمنية قد تصل لسنة وربما أكثر فى بعض الصناعات. التصنيع المحلى أيضا ليس منعزلا عن العالم الخارجى، حيث يعتمد على الكثير من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة، ومما لا شك فيه أن عوائق الاستيراد المتعددة تؤثر على استيراد الكثير من تلك الخامات والمستلزمات مما يؤثر سلبا على الطاقة الحقيقة للإنتاج المحلى. من ناحية أخرى، فإن التصنيع المحلى يواجه مشكلة كبيرة تتلخص فى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمى خاصة فى أوروبا، التى تعتبر الشريك الاقتصادى الأهم لمصر. بالإضافة إلى ذلك، فإن موجة انخفاض العملات عالميا خاصة اليورو تجعل الجنيه أعلى من قيمته الحقيقية، وتقلل من الطلب على الصادرات المصرية.
بناء على ذلك، النهوض بالتصنيع المحلى لإحلال الواردات، يتطلب استراتيجية متوازنة ترتكز على عدة مسارات. الأول: وجود خريطة تنمية صناعية تركز على الصناعات التى تتمتع مصر فيها بميزة تنافسية عالمية والتى لا تعتمد على حماية من المنافسة عن طريق رفع الجمارك. الثانى: عوائق الاستيراد يجب أن تفرض على المنتجات التى لها بدائل واضحة فى السوق المحلى وبجودة مماثلة وبكميات كافية لسد الطلب. الثالث: يجب استثناء المواد الخام من عمليات ترشيد الاستيراد ليس فقط على الورق ولكن على أرض الواقع. وأخيرا: لابد من إتاحة فترة زمنية منطقية للتصنيع المحلى حتى يستطيع إحلال بعض الواردات.
فى وقت تندر فيه موارد الدولة من العملة الصعبة تصبح الخيارات أمام صانع القرار محدودة. التوجه العام لترشيد الاستيراد وتشجيع التصنيع المحلى قد لا يكون عليه خلاف، لكن المعضلة الحقيقة تكمن فى آلية تنفيذه بما لا يؤثر سلبا على توافر المنتجات فى السوق وارتفاع أسعارها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.