في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري من أزمات حرجة وقلة العملة الصعبة وتعثر العديد من المصانع صدر تقرير من جهاز التعبئة العامة والإحصاء يؤكد إنفاق10 مليارات دولار سنويا علي سلع ترفيهية واستفزازية رغم وجود مثليتها في مصر مثل أطعمة القطط والكلاب ولعب الأطفال الصينية وورق العنب السويسري والبطيخ البرازيلي والخس الكوري وبدلا من تفضيل المحلي علي المنتجات المستوردة لدعم الصناعة والمنتجات الوطنية وتوفير العملة الصعبة الا أن البعض يحرص علي استيرادها مما يسهم في زيادة الأزمة الاقتصادية. أساتذة الاقتصاد أكدوا ان زيادة الاستيراد يؤدي لعجز الميزن التجاري ويؤثر سلبا علي رصيد الاحتياطي النقدي. أكد أحمد ذكر الله استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر وجود عجز كبير في الميزان التجاري, حيث تمثل الواردات ضعفي قيمة الصادرات مما يمثل عبئا علي ميزان المدفوعات وبالتالي الميزان التجاري يعاني من عبء كبير يولد عجزا يؤثر علي سعر الصرف للجنيه المصري بالنسبة للدولار وباقي العملات الأجنبية, حيث توجد سلع استفزازية تشكل جزءا لا يستهان به من قيمة الواردات المصرية ويمكن الاستغناء عنها بالكامل بوضع مجموعة من الضوابط للحد من استهلاكها, منها رفع الضرائب الجمركية علي السلع الاستفزازية والكمالية مما يعود بحصيلة لخزينة الدولة, بالاضافة لرفع اسعار السلع الترفيهية فيقل الاستهلاك والاقبال. وأضاف: لابد من تطبيق نظام الحصص الكمية حيث تفرض الدولة حصة معينة أي كمية محددة لكل مستورد حتي لا تزيد عليها وبذلك تقدوم الدولة بتقييم المعروض في السوق بصورة مباشرة ويمكن منع الاستيراد نهائيا في حالات استخدامها لأغراض شديدة الرفاهية مما لا يناسب اوضاع الاقتصاد المصري. أما بالنسبة للمنتج المصري فيوجد نمطان للتجارة الخارجية التي اعتمدت عليها معظم دول العالم وهما الإحلال المحلي للواردات والتوجه التصديري, فنمط الإحلال المحلي للواردات يعني تحديد الدولة للسلع التي تحتاجها وتستوردها من الخارج وتحفز المصنعين المحليين لانتاج هذه السلع ورفع الضرائب الجمركية علي نظيرتها من الخارج, والنمط الثاني التوجه التصديري, حيث تقوم الدولة بانتاج سلع ذات جودة عالية وكفاءة لتحقيق هدف التصدير لذلك فهي تلتزم بمعايير الجودة العالمية والاسعار المنافسة لكي تستطيع ان تنافس في هذه الاسواق, مشيرا إلي ان النمط الثاني هو الذي يستطيع من خلاله زيادة الصادرات المصرية حتي بالنسبة لتلك السلع الترفيهية. أما بالنسبة للسلع التي تنتج محليا فإنها تعاني بعض الشيء في الاسواق المحلية نتيجة فتح باب الاستيراد لنظيرتها فإن الحماية الدائمة للسلع تؤدي لعزلها من نطاق المنافسة العالمية إذا رأت الدولة ان واحدة او أكثر تعاني لشدة المنافسة الأجنبية, هنا يمكن اتخاذ قرار بالحماية لفترة قصيرة ومحددة لكي لا تعيش هذه الصناعة وراء اسوار عالية تجعلها سلعة ضعيفة الجودة وغالية الثمن مما يزيد العبء علي المستهلك المصري. وأضاف ان زيادة نسبة الواردات من الصاردات بالضعف يمثل ضغطا علي كمية العملة الأجنبية المتوافرة لاستيراد سواء السلع الاساسية الضرورية اللازمة لاستهلاك القطاع العريض من الجماهير او السلع الرأسمالية اللازمة لعملية التنمية الاقتصادية, ولاشك ان المزيد من الواردات يؤدي لمزيد من الضغط علي الميزان التجاري ويخفض قيمة الجنيه. وبالتالي يرفع اسعار السلع المستوردة وذلك سيشكل اعباء اضافية علي المستهلك المحلي ولاسيما ان مصر تستورد أكثر من80% من احتياجاتها من الزيوت النباتية و75% من اللحوم و40% من القمح و50% من الذرة وبالتالي أي ارتفاع في سعر الدولار مقابل الجنيه سيزيد من الاعباء الاضافية علي المواطن المصري الذي تحت عبء ضخم سواء من ضعف الدخل او الارتفاع المستمر للاسعار, مما يجعل ما يقارب من نصف عدد السكان يقع تحت طائلة خط الفقر. ويطالب الحكومة في المرحلة القادمة وضع السياسات التجارية وتخفيض عجز المدفوعات والميزان التجاري تزامنا مع زيادة الانتاج المحلي من السلع المختلفة. يقول حمدي عبد العظيم استاذ الاقتصاد باكاديمية السادات ان السلع غير الضرورية تستنزف جانبا من العملة الاجنبية وتؤثر سلبيا علي رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي بالبنك المركزي وهذه السلع تحرم السلع الأخري الضرورية من الموارد المتاحة ويفضل تحويل النقد الأجنبي المستخدم فيها لاستيراد قمح او دقيق او سلع تموينية وغذائية وهذا ما يسمي في الاقتصاد بتكلفة الفرصة البديلة او الفرصة الضائعة فهنا يضيع علي الدولة فرصة استخدام النقد الأجنبي للاحتياجات الضرورية من الغذاء والدواء والمواد الاقتصادية للتنمية بدلا من استخدامها استخداما ترفيا او استنزافيا يستهلكه مجموعة قليلة من المواطنين الأثرياء بشكل كبير من المجتمع. وأضاف أن الدولة القوية لابد ان تستغل الطاقات الاستثمارية والبشرية المتاحة لتوفير احتياجات المواطن مع السماح بدخول السلع التي تستهلكها فئات معينة في حدود, مع رفع الجمارك بقدر الامكان ولكن عدم منعها تماما لأن ذلك محظور عالميا, ويمكن تطبيق نظام الحضانات من خلال تحسين قدرات المصنعين ورفع ميزاتهم التنافسية, واشار الي ان ارتفاع الواردات لا يؤثر سلبا مقابل الزيادة في الصادرات بحيث يحدث توازن ويتم إصلاح هيكل الواردات بتوسيع التصنيع المحلي من خلال خطة لتحديد أولويات الواردات التي نحتاجها من الخارج. محمد المصري نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية يعترض علي إطلاق لفظ الاستفزازية علي السلع المستوردة لأنها تهم فئة من المستهلكين حتي لو كانت أعداد ضئيلة, وأضاف ان سبب الاستيراد يعود لعدم توافر السلع المحلية لهذه المنتجات وقلة المعروض منها وعدم كفاية الطاقة المتاحة لاحتياجات المستهلكين, بالاضافة لوجود سلع من الفواكه مثل البرقوق والخوخ تستورد بمواسم غير مواسمها, وأكد أننا نعيش في عصر الحرية الاقتصادية بمعني ان تكون جميع السلع متوفرة بالأسواق بشرط الجودة والسعر مع ملاحظة ان سعر السلعة المستوردة يزيد قليلا علي مثيلتها المحلية وفي النهاية المستهلك هو الذي يختار السلعة التي تناسبه. أكد أن أسلوب المنع سياسة خاطئة تضر أكثر مما تفيد في ظل عصر العرض والطلب والاتفاقيات التجارية الدولية التي تحكم الأمور, ولا يسمح في نفس الوقت بزيادة الضرائب علي السلع بشكل مبالغ فيه ولكن يمكن للدولة ان تضع ضوابط لهذا الأمر ويجب الالتزام بها لأننا لا نعمل بمعزل عن الآخرين. وأضاف ان منع الاستيراد مرتبط بحالتين هما ان تسبب ضررا لصناعة وطنية وفي هذه الحالة للدولة الحق بأن تتخذ من الاجراءات ما يكفل لها الحفاظ علي صناعتها او ان يكون هناك إغراق متعمد يتم إثباته من خلال آليات معينة. أما عن المستوردين فيقول جمل الأشرم ان عملية الاستيراد مرتبطة بحال السوق من عرض وطلب خاصة بالنسبة للسلع الأساسية وهذه لا يمكن منعها او رفع الضرائب الجمركية عليها لأنها تؤثر علي احتياجات المجتمع. أما السلعة الترفيهية فهي تستنزف عملة صعبة وبالتالي يمكن الحد من استيرادها والتضييق عليها خاصة الألعاب النارية والصواريخ التي تطلق في الهواء ولعب الأطفال والمأكولات التي تخص الطبقة الثرية والمرفهة وأطعمة القطط والكلاب وغيرها من السلع الاستفزازية لتوفير مبالغ باهظة وتوجيهها لدعم المنتجات المصرية الضرورية مما يساعد في تشغيل عمالة وفتح مصانع مغلقة فيعود بالفائدة علي المجتمع والاقتصاد المصري بصفة عامة.