طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    تعرف على أسباب نقص معاش الضمان الاجتماعي 1445    د.حماد عبدالله يكتب: تراكم التجارب "رصيد للأمة المصرية "    فصائل عراقية تعلن استهداف موقع إسرائيلي في إيلات باستخدام الطيران المسير    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    عماد الدين حسين ل«الشاهد»: إسرائيل تستغل أحداث 7 أكتوبر لتنفيذ مخططات الصهيونية    غارات إسرائيلية انتقامية تستهدف حزب الله شرقي لبنان (فيديو)    بقيادة الملك الغاضب أليجري.. يوفنتوس يتوج بلقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    أبرزها إنبي أمام فيوتشر، حكام مباريات اليوم في الدوري المصري    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    دفنه في حظيرة المواشي.. مقتل طالب إعدادي على يد صديقه لسرقة هاتفه المحمول في الإسماعيلية    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 16 مايو 2024    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    تأجيل أولى جلسات مُحاكمة المتهمين في حريق ستديو الأهرام ل 26 يونيو    الصحة الفلسطينية: شهيد ومصابان برصاص قوات الاحتلال في مدينة طولكرم بالضفة الغربية    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    أحذر تناول البطيخ بسبب تلك العلامة تسبب الوفاة    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    بداية الموجه الحارة .. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس 16 مايو 2024    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    وزير النقل يكشف مفاجأة بشأن القطار الكهربائي السريع    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    مشهد مسرب من الحلقات الجديدة لمسلسل البيت بيتي 2 (فيديو)    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    تعرف على رسوم تجديد الإقامة في السعودية 2024    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الخميس 16 مايو 2024    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    كريم عفيفي يتعاقد على بطولة مسلسل جديد بعنوان على الكنبة    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    ننشر فعاليات الاجتماع التشاوري بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال    عصام صاصا التريند الثالث على اليوتيوب    تعرف على أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الخميس 16 مايو 2024    انطلاق معسكر أبو بكر الصديق التثقيفي بالإسكندرية للأئمة والواعظات    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية وبيطرية بقرى مطوبس    أمين الفتوى يكشف عن طريقة تجد بها ساعة الاستجابة يوم الجمعة    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    ب عروض مسرحية وأغاني بلغة الإشارة.. افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة القط والفار بين المنتجين والتجار

هو صراع مستمر بسبب تعارض المصالح, التجار يريدون فتح باب الاستيراد علي البحري لحصد أرباح خرافية والصناع يريدون غلق الأبواب بدعوي حماية الصناعة المحلية.
في المنتصف يقف المستهلك حائرا بين حقه في الحصول علي سلعة ذات مواصفات جيدة بسعر معقول وبين واجبه الوطني في دعم صناعته المحلية التي تفتح أبواب العمل أمام ملايين العاطلين.
في الوقت نفسه تطرح هذه المعادلة مخاوف البعض من إمكانية أن يستغل المنتجون المحليون عملية تقييد الاستيراد ويمارسوا أسوأ أنواع الاحتكار في ظل ضعف دور الأجهزة الرقابية التي من المفترض أن تحمي هذا المستهلك.
هنا نحن أمام لعبة صراع ممتدة علي المصالح الأمر الذي يفرض علي الحكومة باعتبارها الرقيب والمنظم لحركة السوق بين مختلف الاطراف أن تسترد وعيها أولا حتي تسترد دورها الحامي للمواطن البسيط.
هنا استعراض لرؤية مختلف الاطراف
.............
يجدد الحديث حول ترشيد الاستيراد من الخارج كوسيلة لتوفير العملة الصعبة ورفع قيمة الجنيه, نزاعا ازليا كثيرا ما دار بين قطبي الاقتصاد المحلي الصناع والتجار, حيث يؤكد التجار رفضهم المطلق لمثل هذه الافكار, مشيرين الي ان الاتجاه لترشيد الاستيراد يخبئ وراءه نوايا سيئة للصناع, فهم يسعون الي الحماية من المنافسة الاجنبية بهدف السيطرة علي الاسواق والتحكم في الاسعار, بما يجور علي حقوق المستهلك البسيط.
في حين اكد الصناع حتمية الاستجابة لمطلب ترشيد الاستيراد, بل ومنعه نهائيا لفترة مؤقتة, وذلك كوسيلة فعالة لتوفير العملة الصعبة, واتاحة الفرصة لصناعة الوطنية لاستعادة عافيتها والوقوف مجددا في مواجهة منافسة المنتج الاجنبي.
احمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية يرفض الاتجاه لمنع او ترشيد الاستيراد, مؤكدا عدم صحته وتأثيره سلبا علي النمو الاقتصادي المحلي.
واوضح شيحة ان مطلب ترشيد الاستيراد الذي يختبئ وراءه الصناع لحساب مصالحهم الخاصة, ولا يستهدف سوي خدمة الصناع, وحمايتهم من المنافسة الشرسة التي يلاقونها من قبل المنتج المستورد, مؤكدا ان الصناع يسعون وراء هذا المطلب بهدف السيطرة علي السوق المحلي والتحكم باسعاره دون مضايقة من المنتج المستورد, الامر الذي يفتح الباب للاحتكار واشتعال الاسعار وذلك علي حساب المستهلك البسيط.
واضاف ان الصناعة المحلية- فعليا- تعجز عن كفاية السوق المحلي, موضحا ان حجم الانتاج الصناعي المحلي ضعيف جدا بما لا يكفي لسد احتياجات السوق, كذلك يعاني المنتج المحلي تراجعا شديدا في مستوي الجودة الانتاجية مقارنة بالمستورد, لذلك يؤدي منع الاستيراد الي حرمان المستهلك من منتج عالي الجودة يوفر احتياجاته المطلوبة.
وتابع شيحة ان الاستيراد يعد مصدر اساسيا لتغطية احتياجات الصناعة نفسها من الخامات ومستلزمات الانتاج, حيث لا تستطيع الصناعة الاستغناء عن الاستيراد, نظرا لعجز انتاج الصناعات المغذية والوسيطة محليا, فضلا عن صعوبة انتاج بعض المنتجات علي رأسها الماكنيات والالات.
واتفق معه سامح مصطفي ذكي عضو مجلس ادارة غرفة القاهرة التجارية في ان القرارات الرامية لترشيد الاستيراد والحد منه, من شأنها ان تخل بتوزان الاقتصاد المحلي, بما يعوق تطبيق المنافسة الحرة المطلوبة لاستقامة السوق واتزان ادائه.
وقال ذكي انه يؤيد ضرورة العمل علي ترشيد انفاق العملة الصعبة, غير ان ذلك لابد ان يكون من خلال وسائل آمنة لا تضر باركان الاقتصاد الاساسية او باحدي شرائحه, موضحا ان شريحة المستوردين التي يعد استيراد السلع النهائية الصنع نشاطها الوحيد, ستتأثر بشدة اذا جار عليها اتجاه ترشيد الاستيراد.
واضاف ان الترشيد الواجب يقتصر علي السلع الكمالية والرفاهيات, كالسيارات الفارهة وطعام الحيوانات, والاطعمة الباهظة الثمن مثل الجمبري والكافيار, الا ان امتداد القرارات المعوقة للاستيراد لابعد من ذلك, فانه سيضر حتما جموع التجار المستوردين.
في المقابل, اكد محمد فريد خميس رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين, انه اول من طالب بضرورة ترشيد الاستيراد والحد من دخول المنتجات المستوردة, موضحا ان الصناعة المحلية تعاني تدهورا شديدا بما لا يسعها من مقاومة المنتج الاجنبي ومنافسته.
ويؤكد ان الصناعة المحلية تتكبد خسائر فادحة نتيجة منافسة المنتج المستورد, قائلا:' لسنا ضد المنافسة المستورد, فان ذلك من معايير الاقتصاد الحر السليم, ولكن نطالب بفترة حماية تستطيع خلالها الصناعة تمالك نفسها واستعادة قواها بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها بعد الثورة', مضيفا ان الوقت الراهن ليس هو الوقت المناسب لدخول معركة المنافسة الدولية مع المنتجات الاجنبية.
اكد المهندس محمد حمدي عبد العزيز رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات ان ترشيد الاستيراد اتجاه غير كاف, وانه لابد من منع استيراد السلع التامة الصنع من الخارج نهائيا, وذلك للحد من نزيف احتياطي النقد الاجنبي, ومن ثم تدهور قيمة الجنيه امام العملات الاجنبية.
وكشف عن ان اكثر الجهات التي تنفق العملة الصعبة في الاستيراد الجهات الحكومية, وليس مستوردي القطاع الخاص, موضحا ان الحكومة تنفق مليارات الدورلات شهريا لتوفير الغذاء والمواد البترولية, ذلك فضلا عن استيرادها لمنتجات تأسيس مشروعاتها القومية من الخارج علي الرغم من وجود شركات محلية تنتجها, وعلي الرغم ايضا من قرار مجلس الوزارة القديم والمعروف بمنع استيراد ما له مثيل محلي.
من جهته, قال خالد ابو المكارم رئيس شعبة البلاستيك بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات ان وقف الاستيراد نهائيا مطلب ملح في هذه الفترة, مشيرا الي ان التوقف المطلوب سيكون بشكل مؤقت لمدة عامين كحد ادني, لحين تعافي الاقتصاد المحلي.
وقال ان القواعد الدولية المنظمة للتجارة العالمية تمنحنا الحق في اتخاذ اجراءات حماية الصناعة وترشيد الوارد, وذلك لاعتبارات الثورة وما تبعها من ازمات اقتصادية حادة اعترت ولاتزال تضرب البلاد, بما يمثل قوي قهرية تتيح لنا استخدام حق منع الاستيراد.
و يقول اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك إن الهدف الرئيسي الذي يقوم عليه الجهاز خلال الفترة المقبلة هو تخفيف الأعباء عن كاهل المستهلكين وتوجيه المتاح من المال لتلبية احتياجاتهم في ظل ندرة النقد الأجنبي المتاح للاستيراد بسبب الظروف القهرية التي تمر بها مصر والسعي الجاد لمواجهة الزيادات غير المبررة في الأسعار التي يمارسها بعض التجار مشيرا إلي أن حسن توجيه الاموال سيساعد علي تحسين الوضع في الأسواق وتخفيف العبء عن كاهل الاقتصاد القومي من خلال عمليات ترشيد الاستيراد ووقف السفه الاستيرادي للبعض وتخصيص المتاح من النقد الأجنبي لشراء ما نحتاج إليه فقط.
وأضاف يعقوب أنه يجب العمل علي خلق مستهلك رشيد يشتري ما يلزمه فقط لردع الجشعين من التجار وإجبارهم علي مراعاة الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر مما يساعد علي إعادة تدوير عجلة الاقتصاد بطريقة منظمة وليست عشوائية.
ووضع رئيس جهاز حماية المستهلك روشتة علاج لإصلاح الأوضاع الاقتصادية داخل الأسواق المصرية تتضمن حسن مراقبة الأسواق ومنع السلع المجهولة المصدر من دخول مصر نظرا لأن البعض يتعمد تعطيش السوق لسلع معينة ويستغل هذه الظروف في إدخال سلع مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات مستغلا حالة الانفلات الأمني وانتشار عمليات التهريب مشددا في الوقت نفسه علي ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية للضرب بيد من حديد علي المتلاعبين بأقوات الشعب ودعم الصناعة الوطنية لتلبية احتياجات المستهلكين واللجوء إلي الاستيراد في أضيق الحدود توفيرا للعملة الصعبة التي يتم الحصول عليها بصعوبة بالغة.
وطالب يعقوب بأن تكون هناك قرارات واضحة تتسم بالشفافية وتحديد قوائم بالسلع المستفزة الممنوع استيرادها من الخارج مثل بودرة الأيس كريم والشيكولاتة وأطعمة القطط والكلاب ولعب الأطفال والسلع الصينية التي لا نحتاج إليها وتستهلك مبالغ طائلة من النقد الأجنبي المتاح مما يمثل استنزافا للعملة الصعبة علي أن يكون ضمن القرارات التي تصدر لتنظيم هذا الأمر الأسباب الحقيقية التي بسببها صدر قرار المنع وتغليظ العقوبة علي كل من يخالف القرارات التي تصدرها الدولة مشيرا إلي ان مصر تعيش ظروفا استثنائية صعبة ويجب التوافق معها.
وشدد علي ضرورة قيام أجهزة المحليات بتشديد الرقابة علي مصناع بئر السلم التي تغرق الأسواق بسلع رديئة ومجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات استغلالا لحاجة الناس إلي سلع منخفضة الثمن مشيرا إلي انه يجري حاليا تغيير قانون حماية المستهلك ليكون متوافقا مع نصوص مواد الحقوق الاقتصادية في الدستور الجديد.
المنافسة المقبولة
ونوه بان مبدأ المنافسة مقبول ولكن لن نسمح بان يكون علي حساب المستهلك لذا يجب ان يكون التنافس لصالح المستهلك من حيث جودة المنتجات وانخفاض السعر مطالبا تجار مصر الشرفاء بدعم الاقتصاد الوطني واستيراد السلع التي يحتاجها السوق فقط من أجل تحقيق أمرين الأول وقف الطلب المتزايد علي النقد الأجنبي وعدم اللجوء إلي تخزين السلع حتي لا يتعرضوا لخسائر كبيرة في حالة انخفاض الأسعار.
وأضاف أن عمليات منع الاستيراد يجب أن تتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر لأنها عليها التزامات في مجال التجارة الحرة وبالتالي يجب أن تأخذ في الاعتبار أن هناك تعاملات تجارية دولية وفي نفس الوقت يجب أن تكون متوافقة مع معايير التجارة العالمية ومن مبدأ المعاملة بالمثل.
وأشار اللواء عاطف يعقوب إلي ان ما يراه البعض سلعا استفزازية قد تكون مهمة لشخص آخر فمن يقوم بشراء سيارة فارهة له الحق في ذلك ما دام لديه القدرة علي شرائها ولكن بشرط الالتزام بدفع الرسوم الجمركية المقررة عليها كما انه يجب رفع الجمارك والرسوم علي بعض السلع غير الضرورية حتي يمكن تعظيم موارد الدولة ووضع القيود والضوابط اللازمة لهذا الأمر بما يتوافق مع اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة عليها مصر.
وتقول الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك ونائب رئيس الاتحاد العربي إن السيطرة علي عملية الاستيراد سواء الضروري أو الترفيهي تتطلب ضبط المنظومة الاقتصادية في مصر لأننا بلد غير منتج لجميع احتياجاته من السلع فتقريبا نستورد حوالي60% من من احتياجاتنا سواء كانت مكونات إنتاج أو سلعا كاملة مشيرة إلي أن إقدام الدولة علي تقليل الاستيراد بحجة وقف نزيف الدولار سيؤدي إلي تقليل المعروض من معظم السلع وبالتالي ارتفاع اسعارها بصورة كبيرة ومبالغ فيها.
وأضافت ان المستهلك في الأساس يحتاج إلي تلبية احتياجاته من السلع وقتما يريد وبأسعار مقبولة والحديث عن تقليل الاستيراد او تحجيم الاستيراد بسبب عدم وجود نقد اجنبي كاف يزيد الضغوط علي المستهلك لان هناك زيادات رهيبة ستطرأ علي الأسعار ويكفي ان نعرف أن الأسعار في مصر زادت بمعدلات غير طبيعية واصبحنا من أغلي بلاد العالم بسبب غياب الرقابة علي الأسواق والتجار.
وأشارت إلي ان كل القرارات التي تتخذها الحكومات المتعاقبة منذ قيام الثورة لها تأثير سلبي علي المستهلكين حتي في السلع والخدمات الأساسية ويكفينا ما يعاني منها المواطن البسيط من عدم تمكنه من الحصول علي البنزين والسولار.
وأوضحت ان هناك مجموعة من البدائل يمكن للحكومة ان تلجأ إلي تطبيقها لإصلاح المنظومة الاقتصادية منها زيادة الضرائب علي السلع الترفيهية بنسبة كبيرة لتحصيل رسوم كبيرة يمكن من خلالها تمويل عمليات استيراد السلع الأساسية وزيادة أسعار بعض الخدمات الترفيهية للقادرين للحصول ما يكفي لدعم متطلبات غير القادرين ومحدودي الدخل والعمل علي إعادة الثقة في قطاع السياحة لتوفير المزيد من النقد الأجنبي لوقف عمليات تغول الدولار وانهيار قيمة الجنيه.
وأضافت ان تقييد الاستيراد يجب ان يقابله زيادة المنتجات المحلية ودعمها لضمان وجودها في الأسواق بأسعار مقبولة بعيدا عن أي نوع من الاحتكار وعلي الحكومة ان تدرك ان ما يراه البعض كماليا لبعض المستهلكين يكون أساسيا بالنسبة لهم ولذلك تجب زيادة الرسوم الجمركية علي السلع الترفيهية التي يتم استيرادها وليس منعها علي أن يتواكب مع ذلك زيادة عمليات الرقابة لمنع تهريب مثل هذه المنتجات دون دفع الرسوم الجمركية عليها مشيرة إلي ان مصر تعاني من القرارات الاستفزازية وليست السلع الاستفزازية كما يردد البعض فسلعة من الدواجن ارتفعت أسعارها كثيرا ويتم استيراد كميات منها من الخارج لذلك يجب دعم الأعلاف وتوفيرها للمربين حتي تتم تلبية احتياجات السوق المحلي.
وعن دور جهاز حماية المستهلك قالت إن الجهاز هيئة حكومية ولا يمارس دوره كثيرا وتم إنشاؤه علي سبيل التقليد لأن هناك17 جهة رقابية في مصر لا تمارس الدور المطلوب منها وهذا الجهاز لن يكون قادرا علي ضبط إيقاع السوق لأن هذه الخطوة تتطلب ضبط المنظومة الاقتصادية بالكامل وفي ظل الانفلات الأمني والأخلاقي والاقتصادي وزيادة انشطة التهريب تصبح الأجهزة الرقابية عاجزة عن القيام بدورها وذلك لعدة أسباب منها قلة الإمكانيات أو بسبب تزايد نفوذ مافيا التهريب أو انتشار الأسواق العشوائية ومصانع بئر السلم.
واستطردت أنه يجب تحديد السلع الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للمواطنين او للغالبية العظمي منهم مثل السكر والزيت والمسلي والفول والعدل والأرز والشاي واللحوم والدواجن والأسماك لتلبية احتياجات المواطنين في ظل وجود نقص كبير من هذه المنتجات في السوق المحلي.
ويؤكد عمرو عصفور نائب رئيس شعبة البقالة أن ما يراه البعض سلعا استفزازية وكمالية تكون أساسية لآخرين فمثلا المكسرات ليست رفاهية لاستهلاك الأفراد ولكنها تمثل مدخلات صناعة في بعض الصناعات الأخري مثل الحلويات ومنع الاستيراد سيؤدي إلي خلق سوق سوداء ومع وجود حالة من الانفلات الأمني ستزداد عمليات التهريب وستتم زيادة الأسعار بشكل جنوني.
وعن الحلول المتاحة من وجهة نظره لتنظيم هذا الأمر اقترح تقنين عملية خروج الدولار من مصر من خلال تحديد أولويات الاستيراد بحيث يقوم المستورد والتاجر بتقديم طلب إلي البنوك للحصول علي ما يحتاجه من النقد الأجنبي لاستيراد سلع محددة ويساعده البنك علي فتح اعتماد مستندي للاستيراد يتيح له الحصول علي ما يحتاجه من عملات أجنبية وبشرط أن يلتزم المستورد بالسلع التي تقدم بالطلب من اجل استيرادها, وحذر عصفور من تزايد اتجاه المستوردين للحصول علي الدولار من السوق السوداء وبالتالي سترتفع الأسعار بصورة جنونية لأن المستورد يحصل علي الدولار من السوق السوداء بأسعار مبالغ فيها مشيرا الي ضرورة قيام البنوك بالتيسير في عمليات فتح الحساب المستندي وعدم وضع طلبات المستوردين علي قوائم الانتظار لأن هذا الأمر يستغرق أحيانا أكثر من شهر ونصف مما يضطر معه المستورد للحصول علي ما يحتاجه من الدولار من السوق السوداء.
ويري محمد الشافعي رئيس شعبة الدواجن واللحوم والأسماك باتحاد الغرف التجارية ان هناك أمورا يحب الحديث عنها مثل السلع التي ليس لها بديل في السوق المحلي وبالتالي يجب تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة عليها وهناك سلع مثل الاستاكوزا والفياجرا والجمبري الجامبو يجب منع استيراداها نهائيا علي الأقل في المرحلة الصعبة الحالية التي تمر بها مصر لأنها ليست سلعا ضرورية لتقييد عملية خروج الدولار من مصر او رفع الرسوم الجمركية المقررة عليها بنسبة كبيرة ومن يريدها عليه أن يدفع أكثر ما دام قادرا علي شرائها.
وأضاف ان هناك سلعا يمكن الاستغناء عنها تماما مثل بعض نوعيات الأسماك ولعب الأطفال ومستحضرات التجميل وهي سلع لا تدخل ضمن دائرة اهتمامات المستهلك البسيط ويتم انفاق مبالغ كبيرة جدا علي استيرادها ويحقق القائمون علي هذه التجارة ارباحا خيالية تصل في بعض الأحيان إلي100% من السعر الأصلي وبالتالي يمكن منع استيرادها, مشيرا إلي ان توفير الدولار من السوق السوداء يمثل ضغطا هائلا علي سعر الدولار مما يؤدي إلي ارتفاعه بشكل متواصل.
وطالب الشافعي بعمل دراسة متأنية للسوق المصري يتم بموجبها تحديد السلع التي يحتاج إليها السوق وتهم السواد الأعظم من الشعب ولا يمكن الاستغناء عنها وبالتالي يتم اتخاذ إجراءات لتيسير عمليات استيرادها وفي نفس الوقت تحديد السلع الكمالية أو المستفزة ومنع استيرادها او السماح بدخولها للبلاد مع رفع الرسوم الجمركية المقررة عليها ومن عائد هذه الرسوم يتم توفير جزء من الدعم اللازم للسلع الأساسية المطلوب توفيرها علي وجه السرعة مشيرا إلي ان البنك المركزي وافق علي توفير800 مليون دولار لاستيراد السلع الأساسية التي يحتاج إليها المواطنون مثل السكر والزيت والعدس والفول والقمح وبعض المواد الغذائية التي لا تتوافر في مصر بالكميات المطلوبة.
ويؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي أن الاستيراد السفهي يجب ان يقنن لأنه يمثل عبئا كبيرا علي الاقتصاد القومي وله آثار سلبية أهمها زيادة العجز في ميزان المدفوعات ولجوء الدولة إلي الاستدانة من الخارج وما تمثله من أعباء كثيرة أهما فوائد هذا الدين, وتدهور قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية والدولار بصفة خاصة مما يؤدي إلي غلاء الأسعار وزيادة أعباء المعيشة ومعاناة محدودي الدخل كما يؤثر الاستيراد السفهي سلبيا علي الادخار وبالتالي لا تتوافر موارد كافية للاستثمار وتحدث فجوة بين الاستثمار والديون وفوائدها تضطر الحكومة لفرض ضرائب جديدة لسد هذا العجز وهذا يمثل عبئا كبيرا علي الفقراء ومحدودي الدخل.
ويضيف أن مواجهة حالة الاستيراد السفهي يمكن مواجتها بمنع إعطاء التمويل من البنك المركزي وعدم فتح اعتمادات خاصة لاستيراد السلع الكمالية أو السلع الاستفزازية وهذا لن يتعارض ذلك مع اتفاقية الجات لأن من حق البنك المركزي أن يمتنع عن تمويل بعض السلع ما دام لها بدائل محلية, مشيرا وفي حالة السماح باستيرادها يجب فرض زيادة كبيرة علي الجمارك من هذه السلع بمضاعفة الرسوم الحالية وهذا مسموح طبقا لاتفاقية الجات مادام لدينا عجز في ميزان المدفوعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.