يعانى المصنعون هذه الأيام صعوبة فى استجلاب ما يحتاجونه من مواد خام بسبب تشدد الموردين فى ضرورة تغطية الاعتمادات وتسديد قيمة الصفقة كاملة، وقد نتج هذا الوضع عن خفض الجدارة الائتمانية للتعاملات الاقتصادية داخل مصر بسبب حالة عدم الاستقرار. أدت حالة عدم الاستقرار إلى ضعف ثقة البنوك الأجنبية والموردين للخامات الأساسية في المستوردين المصريين، مما جعلهم يتشددون في ضرورة تغطية الاعتمادات وسداد قيمة الصفقات بنسبة 100%، وكان لذلك تأثير سيء، تمثل فى زيادة الطلب علي العملات الأجنبية، وبالتالي تتذبذب أسعارها وتأخر وصول الخامات إلي المصانع مهددا إستمرارية عمل خطوط الإنتاج. اقترح بعض الصناع والمستوردين أن تقوم شركة ضمان مخاطر الصادرات بضمان مستوردي الخامات للمصانع لدي البنوك الخارجية التي تغطي قيمة الصفقة لتوفير الخامات حتي لا تتوقف خطوط الإنتاج أو تعمل بشكل جزئي. كذلك طالبوا بتنظيم حملة قومية لتشجيع الإقبال من المواطنين علي المنتج المحلي لتقليل فاتورة الواردات وقصرها علي الخامات الأساسية غيرال متاحة في مصر من أجل تخفيف الطلب على العملة الصعبة. بداية يوضح حسن الفندي عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية أن هناك نظامًا معمولا به حاليا وهو عبارة عن اتفاق يتم توقيعه مع الموردين الأجانب علي "الدفع ضد المستندات" الخاصة بوصول الشحنة إلي الميناء المصري حيث يقوم المستورد بتسليم المستندات التي تثبت ملكيته للبضائع المشحونة علي ظهر الباخرة الراسية في الميناء؛ حيث يقوم المستورد المصري بتسليم هذه المستندات إلى المسئولين في الجمرك؛ ليتسلم بضائعه ثم يقوم بتسديد قيمتها إلي المورد من خلال بنك أجنبي يتعامل معه حيث يقوم بإيداع قيمة الصفقة لدي هذا البنك. وتصل هذه الفترة إلى ما بين90 و 120 يومًا يكون المستورد خلالها قد قام بتصنيع هذه الخامات وطرحها كمنتج نهائي في الأسواق وقام أيضًا بتحصيل قيمتها. ويوضح أن المورد عندما يعلم أن البلد التي يصدر إليها منتجاته غير مستقرة، يكون أكثر قلقاً علي ثمن هذه المنتجات، لذا فإنه يتحفظ علي إرسال بضائعه إلي هذا المستورد أو يخفض مدة سداد الصفقة إلي شهر بحد أقصي، هذا في حالة ما إذا كان العميل يتمتع بسمعة كبيرة لدي هذا المورد، ولكن فى غير ذلك قد تمتنع البنوك الأجنبية تماماً عن ضمان أي مستورد لارتفاع نسبة المخاطر عند السداد . يضيف .. أن غياب هذه الثقة الناتجة عن انخفاض الجدارة الائتمانية تجبر المستوردين علي أن يقوموا بتغطية قيمة الصفقة بنسبة 100% قبل عمليات شحن البضائع في بلد المورد مما يترتب عليه ارتفاع تكلفة التمويل للصفقات الواردة إلي مصر خصوصًا الخامات علاوة على تضاؤل المتوفر من الخامات فتضطر المصانع إلي وقف جزئي لخطوط الإنتاج بالإضافة إلى الضغط علي العملات الأجنبية نتيجة زيادة الطلب عليها فترتفع أسعارها. ويضيف المحاسب محمد محسن التاجوري، رئيس شعبة مستوردي الأخشاب والنائب الأول لرئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، أن انخفاض القدرات الائتمانية ترتب عليها إلغاء البيع بالتقسيط أو الآجل لأن المستوردين أصبح لزاماً عليهم أن يجهزوا قيمة الصفقة المستوردة " كاش " مشيراً إلي أن الموردين الأجانب لا يزالون يتعاملون بنظام " الدفع ضد المستندات "لكن ذلك النظام يطبق مع الشركات الكبري ذات الملاءة المالية الكبيرة ويدخل في الاعتبار السمعة وطول فترة التعامل وبالطبع هؤلاء عددهم لا يزيد على أصابع الأيدي ورغم ذلك فإن هؤلاء الموردين الأجانب قصروا فترة سداد قيمة هذه الصفقة إلى شهر واحد فقط بدلاً من 3 أو 4 أشهر. ويقول أنه ترتب علي ذلك أن سلعة مثل الأخشاب نسبة الاستيراد فيها 100 % لعدم وجود غابات في مصر وهي سلعة حيوية ودورة التجارة فيها ثمانية أشهر فقط علي مدار العام نظراً لأن الغابات تغطيها الثلوج خلال فصل الشتاء فكان المستوردون في مثل هذه الأيام وحتي مطلع شهر مايو يقومون بشراء كميات كبيرة لتخزينها في المخازن، لذا فإنه بعد انخفاض الجدارة الائتمانية بسبب الثورة أصبحت مخازن المستوردين شبه خاوية، مما يهدد بزيادة أسعارالأخشاب التي تستخدم في أعمال البناء وصناعة الموبيليا. لم يقتصر الأمر علي الموردين بل أن البنوك الأجنبية تطبق هذا الشرط أيضًا، وهذا يعني أن الكثير من المصانع والورش الصغيرة، سوف تتوقف عن العمل أو تعمل بشكل جزئي .. خصوصًا وأن معدل الركود عقب الثورة بسبب الإعتصامات الفئوية وحظر التجول يزيد من الخسائر التي يتعرض لها الصناع فتغلق مصانعهم. من ناحيته يقول أحمد عبدالمجيد، خبير الائتمان ببنك الاستثمار العربي، أن انخفاض الجدارة الائتمانية بسبب الأحداث الحالية يساعد على تنشيط عمليات فتح الاعتمادات المستندية لدي البنوك، وهي تلزم العملاء بدفع عمولة 5 .1 في الألف من قيمة الاعتماد لطرفي الصفقة التجارية وبذلك تلغي عمليات التحويلات النقدية، التي كان يلجأ إليها المستورد لدفع قيمة الصفقة بعد الفترة الزمنية التي كان المورد الأجنبي قد حددها له للسداد موضحًاأن البنوك الأجنبية تفضل في مثل هذه الظروف أيضًا عمليات فتح الاعتمادات لدي بنك معتمد بدولة العميل المستورد.