تقارير رسمية: نسبة مشاركة الشباب لا تتجاوز 2.5 % بسبب عدم رضاهم عن نتائج التغيير بعد الثورة على يجمد عضويته فى «العيش والحرية» ويبحث عن فرصة سفر.. هشام: «الدستور» يصارع للبقاء أمام الشارع والأمن لم يشارك على إبراهيم فى أية فعاليات سياسية، منذ تجميد عضويته فى حزب العيش والحرية «تحت التأسيس»، منتصف العام الماضى، وقرر الشاب العشرينى إنهاء علاقته بكل مايمت للسياسة بصلة، وسط محاولات دؤوبة منه للحاق بفرصة عمل فى إحدى الدول الخليجية. «قاطعت العمل السياسى نتيجة الوضع الخانق بعد 30 يونيو، وأثبتت التجربة أنه لا قيمة لدورنا فى العمل الحزبى ما دام لا نستطيع التأثير فى مستقبل البلد»، يقول إبراهيم، صاحب ال25 عاما. على يمثل شريحة عريضة من الشباب الذين هجروا العمل الحزبى فى مصر، خلال العامين الماضيين، إذ لم يجدوا بدا من استمرارهم بعد تضييق الخناق على أنشطتهم طوال الفترة الأخيرة، نتيجة تهميش الدولة العمل السياسى تارة، واشتداد الحملات الأمنية على النشطاء السياسيين، الذين سقطوا ضحايا لقانون تنظيم التظاهر. تجربة «العيش والحرية» الذى أسسه المحامى اليسارى خالد على، بعد ثورة 30 يونيو، لم تكن التجربة الحزبية الأولى فى حياة إبراهيم، إذ إنه قضى عاماً كاملاً فى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، قبل أن ينفصل عنه اعتراضا على طريقة إدارة الحزب: «التحالف يقوده موالين للدولة، والشباب انشقوا لتأسيس العيش والحرية بسواعد شبابية، ورغم ذلك الظروف السياسية لم تحالفنا على العمل». على، كان عضوا سابقا فى رابطة مشجعى الزمالك «وايت نايتس»، وجاء حادث الدفاع الجوى، الذى راح ضحيته 22 مشجعا من الرابطة الجماهيرية للفريق الأبيض، ليحطم علاقته بكل أشكال المشاركة السياسية والرياضية بعد الثورة، يعلق ساخرا:» كل الطرق تؤدى إلى روما، السفر هو ملاذنا الأخير بعد القضاء على أحلامنا فى وطننا». لا تتجاوز نسبة مشاركة الشباب فى الأحزاب السياسية والأندية والعمل الجماعى والتطوعى مجتمعة نحو 2.5%، فيما سجل رغبة ونية واحد من بين كل ثلاثة ذكور فى الهجرة لخارج الدولة، بحسب آخر تقارير المجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعى (أحد المجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة لجمهورية) الذى تم رفعه إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، يتضمن تقديرات الدولة لأحوال وواقع الشباب فى مصر. وأرجع التقرير عزوف بعض الشباب عن المشاركة السياسية الفعالة إلى اعتقادهم بأن التغيير الذى تم بعد إسقاط النظام الأسبق لم يكن مُرضيا بالقدر الكافى لطموحاتهم العريضة، وهذا يعكس عدم رضاء الشباب عن الأوضاع بصفة عامة، إما لتسرعهم وعدم جدِّهم لجنى ثمار الثورة أو لانشغالهم بلقمة العيش لمواجهة الحياة الصعبة وتوفير احتياجاتهم. «الشعب أصبح غير مرحب بوجودنا بعد 30 يونيو، بسبب الخمول التام وتولد لديه إحساس بالرفض والنفور من السياسة»، الحديث هنا لهشام على، عضو حزب الدستور، من واقع خبرة 3 سنوات قضاهم الشاب فى حزب الدستور، منذ بداية تأسيسه فى العام 2012. لم يستسلم هشام لدعوات تجميد العضوية التى أقدم عليه آخرون، وإن لم يعد قادرا مع مجموعات العمل فى حزبه على النزول فى حملات شعبية، كما اعتاد فى الفترة الأولى له قبل 30 يونيو، إما لدواعٍ أمنية، أو لعدم تقبل الشارع لفكرة وجود أحزاب، كما شرح، ولكنهم اضطروا أخيرا للعمل داخليا من خلال معسكرات تدريب الشباب وتثقيفهم، ضمن مرحلة أطلق عليه تنظيم الصف الداخلى. هشام كغيره من شباب الدستور، يعانون أيضا من الخناق الأمنى على أنشطتهم، فيملك حزب الدستور قائمة تضم 12 شابا ضمن معتقلى قانون التظاهر، فى مناسبات مختلفة، هذا ما يعبرهشام عنه قائلاً: «نزول الشارع أصبح مجازفة، نعمل فى أجواء شديدة العدائية، ونخشى أن نلحق بمصير رفاقنا». فى غياب الأنشطة الجماهيرية للأحزاب، يحاول البعض العمل فى مساحات تبدو محدودة، بالنسبة لهامش الحريا الذى تلاشى فى السنوات الأخيرة، ولكنهم يعتبرونها متنفسا لهم فى الوقت الحالى، منها على سبيل المثال، حملة «لا»، التى دشنها شباب حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، قبل أسابيع قليلة، للعمل تحت مظلتها لرفض سياسات الحكومة الحالية، والقوانين، التى تعرقل التحول الديمقراطى، التى منها قانون تنظيم التظاهر. «الحملات تٌعيد شباب كتير كفرت بالعمل السياسى، لأن الشغل يصنع حالة من التفاؤل عند الشباب ويعيد الثقة فى نفوسهم، ويحسسهم بالأمل حتى ولكن ضعيف» يقول إسلام كُريم، منسق حملة «لا»، متوقعا أن تستقطب الحملة الشباب للعمل الحزبى من جديد. كريم ابتعد عن العمل الحزبى لفترة طويلة، لكن حادث اغتيال شهيدة الورد شيماء الصباغ، عشية الاحتفال بالذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، أعاده من جديد للحزب، لذا اختار أن يدشن حملته مع رفاق الصباغ، لإسقاط قانون التظاهر الذى كان سببا فى اصطياد رفيقته فى مظاهرة سلمية. حملة «لا» الحزبية، لم تكن الوحيدة خلال الفترة الماضية، فهناك حملات أخرى تهدف لتجميع الشباب، دون النظر لانتماءاتهم الحزبية، مثل حملة «البداية»، التى يحمل مؤسسوها على عاتقهم لم شمل شباب 25 يناير من أجل استعادة أهداف الثورة، ومعالجة أخطاء الماضى. «البداية تسعى لتلافى أخطاء الماضى، وتحرك المياه الراكدة، وتحفيز الأحزاب على العودة للعمل ربما بجبرهم على رفع سقف معارضتهم»، يتحدث الصحفى عمرو بدر، أحد مؤسسى «البداية»، عن تقديره لدور الحملة فى مرحلة يغلفها الصمت السياسى. تجربة «البداية» أثبتت أن الشباب لم يكفروا بالعمل السياسى، إنما العكس فالشباب بدا متشبثا بالحلم، هذا ما يعتقده بدر.