أقدم علاقات دبلوماسية إفريقية بين فؤاد وهايلاسيلاسى.. وزيارة «أبونا شنودة» مازالت فى الذاكرة بابتسامة يحكى الشاب ليجالم، المرشد فى المتحف الوطنى بأديس أبابا الذى من المتوقع أن يزوره الرئيس عبدالفتاح السيسى اليوم قصة إمبراطور إثيوبيا يوهانس الرابع (1831 1889) الذى إذا ذكر فى بلاده فلابد أن يذكر انتصاره 3 مرات على القوات المصرية، عندما تصدى للحملة التى سيرها الخديوى إسماعيل عام 1875 بهدف بسط سيطرة مصر على منابع النيل. يوهانس فى إثيوبيا ليس مجرد إمبراطور له انتصارات وانتهى عهده صريعا على يد قوات الدولة المهدية السودانية حتى علقت رأسه على حربة ودار بها الجنود فى مدينة أم درمان، بل إنه يرقى وفقا لبعض المسيحيين إلى مرتبة القديس، فقد كان رجل دين إلى جانب كونه إمبراطورا، وفى المقابل يرى المسلمون الإثيوبيون والإريتريون أن عهده كان وبالا عليهم، ويروون أنه أجبر الآلاف من المسلمين على التحول إلى المسيحية. ورغم التوتر فى العلاقات بين مصر وإثيوبيا (الحبشة فى ذلك الوقت) فى القرن التاسع عشر، فإن علاقاتهما فى القرن العشرين كانت من بين الأقدم على مستوى إفريقيا، نظرا لأن الدولتين كانتا مستقلتين، وشهد عام 1927 مكاتبات بين الملك فؤاد والإمبراطور هايلاسيلاسى وتم الاتفاق على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، استلهاما للعلاقات الثنائية بين الدولة الفرعونية وبلاد الحبشة فى العصور القديمة. وفى الخمسينيات ازدهرت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكذلك العلاقات الشخصية بين هايلاسيلاسى وعبدالناصر، فتعاونا معا فى إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية، وكان ينظر إلى الإمبراطور الإثيوبى فى ذلك الوقت على أنه أحد المناهضين للإمبريالية العالمية خصوصا بعد نجاحه فى الانتصار على الاحتلال الإيطالى بدعم من الإنجليز خلال سنوات الحرب العالمية الثانية. ويحتل شعار الدولة المصرية فى عهد عبدالناصر مكانا بارزا فى إحدى أهم اللوحات التى يضمها المتحف الوطنى الإثيوبى، والتى تجسد الوحدة الإفريقية المنشودة، واشتراها هايلاسيلاسى من الفنان الذى رسمها عام 1967 باعتبار أديس أبابا هى مقر انعقاد القمة الإفريقية السنوية. وفى عهد الديكتاتور مانجستو هيلاماريام الذى استولى على الحكم عقب الإطاحة بهايلاسيلاسى ساءت العلاقة بينه والرئيس الراحل أنور السادات فى ظل تقارب السادات مع الولاياتالمتحدة، حيث اتهمه مانجستو علنا مع المملكة العربية السعودية بدعم من أسماهم «أعداء ثورة الشعب الإثيوبى من الرأسماليين والليبراليين». وشهدت العلاقات المصرية الإثيوبية توترا جديدا بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك خلال حضوره مؤتمرا إفريقيا، إلا أنها بدأت فى استعادة عافيتها فى الفترة الأخيرة، خصوصا بعد تأكيد الرئيس السيسى فى خطاب تنصيبه أنه لن يسمح لسد النهضة بأن يكون سببا فى أزمة مع إثيوبيا شريكة مصر فى النيل، وهو ما رد عليه مرارا رئيس الوزراء هيلاماريام ديسالين مؤكدا أن «مصر وإثيوبيا فى قارب واحد، إما أن يسبحا معا وإما أن يغرقا معا». ولعب الارتباط الروحى بين الكنيستين المصرية والإثيوبية منذ فجر المسيحية دورا كبيرا فى تطور العلاقة بين البلدين، حتى بعد انفصال كنيسة الحبشة منتصف القرن الماضى، وحتى الآن يتذكر المسيحيون الإثيوبيون زيارة البابا شنودة الثالث إلى أديس أبابا عام 2008 ويصفونه فى حديثهم ب«أبونا شنودة».