انتهت المباحثات السياسية بين وزراء الخارجية والمياه بدول النيل الشرقى مصر والسودان وإثيوبيا إلى التوافق المبدئى على وثيقة جديدة للمبادئ بشأن إدارة وتشغيل سد النهضة الإثيوبى عقب الانتهاء من إعداد دراسات تأثيرات السد على مصر والسودان. وكانت المفاوضات السياسية على مستوى وزراء الخارجية قد عُقدت فى الخرطوم على مدى ثلاثة أيام من الاجتماعات المكثفة حتى انتهت الجلسة الختامية فى ساعة متأخرة من فجر أمس الجمعة، وأكد البيان الختامى التوافق المبدئى على وثيقة للتعاون من أجل تشغل وإدارة سد النهضة، وحل المسائل الخلافية العالقة بشأن السد على الأمن المائى المصرى والسودانى. ورفع وزراء الخارجية الاتفاق النهائى الذى تم التوصل اليه إلى رؤساء الدول الثلاث، للمصادقة النهائية عليه، وذلك فى محاولة لتبديد وتقليل المخاوف الفنية لدى مصر جراء إنشاء واستكمال السد بحجمه المعلن. ووصفت مصادر مصرية، شاركت فى المفاوضات، بأنها كانت «دقيقة وصعبة للغاية» حتى تم التوصل إلى بنود توافقية بين الدول الثلاث تحقق قدرا من الرضا والقبول لدى كل طرف. وعلمت «الشروق» من مصادر سياسية ودبلوماسية مطلعة، الملامح الرئيسية للوثيقة السياسية التى تم التوافق عليها. وقالت المصادر التى فضلت عدم ذكر اسمها إن الوثيقة تتحدث فى مقدمتها عن توافق الإرادة السياسية والشعبية فى الدول الثلاث على فصل جديد للعلاقات ودعم التعاون الإقليمى، من أجل الشعب المصرى والإثيوبى والسودانى فيما يحقق المصلحة المتبادلة بعيدا عن التصعيد والخلاف، والالتزام بمبادئ العلاقات الدولية بين الدول القائمة على التعاون والاحترام المتبادل وحسن الجوار واحترام القانون الدولى وتحقيق المكاسب المشتركة. وتضمنت الوثيقة التأكيد على محورية نهر النيل كمورد أساسى لحياة الشعب المصرى ووجوده، وكذلك إدراكهم لاحتياجات الشعب الإثيوبى التنموية، وتحديد أطر استخدام المياه عقب إنشاء سد النهضة وبدء تشغيله. وتتضمن الوثيقة وضع قواعد فنية يتوافق عليها خبراء الدول الثلاث لتجنب الإضرار ببعضهم البعض، والتعامل مع الملف وفق مبادئ القانون الدولى، واتفاقية الأممالمتحدة للأنهار الدولية المشتركة. وأوضحت المصادر أن الوثيقة تضمنت أيضا التزامات واضحة ومباشرة من الحكومة الإثيوبية بتجنب أى ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه، والاستعداد لتعويض القاهرة فى حال التسبب بأى ضرر من الأخطار المحتملة، على أن تلتزم مصر بالتعاون فى هذا الإطار. كما تضمنت استمرار العمل فى إطار اللجنة الثلاثية الفنية المشكلة من الخبراء الوطنيين بالدول الثلاث حتى بعد الانتهاء من عمل الدراسات الفنية لتقييم آثار السد، واستمرار الإطار السياسى للوصول إلى حلول توافقية فى حالة وجود أى خلافات فنية. وأكدت المصادر أن الوثيقة الجديدة هى الأولى التى تمس مباشرة مسألة تشغيل السد، والتى كانت إثيوبيا ترفض دائما تدخل أى دولة بها وتعتبرها مسألة إدارة داخلية، موضحه أن الأمر قد يتطور للوصول إلى اتفاق بشأن إيفاد بعثة رى سودانية مصرية مشتركة فى موقع السد لمراقبة التشغيل وتدفقات المياه كما هو الأمر مع أوغندا حيث توجد بعثة رى مصرية فى موقع خزان أوين. وعقب انتهاء المفاوضات، قال وزير الخارجية السودانى، على كرتى، إن لحظة التوقيع على الوثيقة من قبل رؤساء الدول الثلاث، ستكون الأطراف قد تجاوزت مصاعب عديدة، فيما يتصل بالاتفاق حول قضية سد النهضة، لافتا إلى أن «الوثيقة تعكس التعاون بين الدول الثلاث، للاستفادة من موارد نهر النيل». من جهته، أكد وزير الخارجية سامح شكرى، أن الاتفاقية «بداية للتواصل بين الدول الثلاث لوضع إطار فنى وسياسى للعلاقة بينها، بما يخدم مصالح شعوبها». ووصف وزير الخارجية الاثيوبى، تواضروس ادهانوم الوثيقة بأنها «خطوة لنقل الشراكة بين الدول الثلاث إلى مستويات أعلى». وأكد أنها «وضعت المبادئ التى تحكم علاقات التعاون، فيما يتصل بحوض النيل الشرقى وسد النهضة»، وأضاف: «ننطلق من خلالها نحو عمل شاق حتى ترتقى العلاقات لتطلعات شعوبنا». وقال وزير الموارد المائية والرى المصرى، حسام مغازى، إن «الوثيقة أجابت على جميع الشواغل الخاصة بالدول الثلاث، على رأسها قضية سعة السد وفترة امتلائه». وأضاف: «هى وثيقة مبدئية، تنظم آلية تشغيل السد على المسار السياسى وآلية التعاون فيه، وقد تُرك الجانب الفنى للخبراء»، لافتا إلى أن هؤلاء الخبراء مجتمعون فى الخرطوم لتقييم المكاتب الاستشارية». وأكد أن «الشركتين الفائزتين سيعلن عنهما، فى التاسع من الشهر الحالى، لتقوما بالدراسة المائية والبيئية للسد».