نعيمة عمار، رئيسة جمعية النساء السلاليات، امرأة قروية مغربية حققت ذاتها وأثبتت وجودها، وصنعت لنفسها صورة مشرفة للمرأة الكادحة، تمكنت من أن تصبح شخصية مشهورة ناجحة عن طريق تأسيس تعاونية لانتاج الخبز البلدي والكسكسي لتحسين أوضاع نساء منطقة كلميمة بإقليم الرشيدية جنوب المغرب، ومنها انطلقت لتأخذ على عاتقها مهمة الدفاع عن حقوق النساء. كرمتها وكالة المغرب للأنباء ضمن 12 شخصية مميزة لعام 2014 حسب نتائج استطلاع أجرته، حيث فازت بجائزة العمل الاجتماعي. وتمكنت نعيمة من انتزاع تصفيق آلاف المشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش، واضطروا للوقوف تعبيرا منهم عن مساندتها وتأييدها، وهي تنادي في كل محفل بمطلب أساسي هو "بأي حق يتم حرمان آلاف النساء السلاليات من حقوقهن". قالت نعيمة، في حوارها مع وكالة أنباء الشرق الأوسط: "في المغرب كان هدفي من إقامة التعاونية هو تعليم الفتيات كيف تنتج في ظل عمل جماعي لا فردي، وكان لا بد من البحث لهن عن عمل في نفس منطقة سكنهن لأن البديل هو العمل في مدن أخرى خادمات". وبسؤالها عن سبب تأسيس تعاونية بدلا من إنشاء مخبز مباشرة، أضاف أن "ذلك بسبب العادات والتقاليد المحافظة التي لا تسمح للمرأة بالخروج للعمل، والتعاونية تتيح للفتيات العمل من المنزل وبيع انتاجهن من خلال التعاونية التي بدورها تبيعه للمحلات، خصوصا أن المرأة في هذه المنطقة عادة ما تتحمل مسؤولية الانفاق على الأسرة بسبب الفقر وهجرة الشباب، وكانت التعاونية هي نواة الفكرة، وحاليا أي فتاة تستطيع أن تنتج وتبيع إنتاجها مباشرة إلى المحلات". وأضافت أنها "اصطدمت عندما فكرت في أن يكون هناك مقر أساسي وليس مقرا مؤجرا، بمشكلة الحصول على أرض لإقامة جمعية لأنها وجدت أن أغلب الأراضي تابعة لما يسمى بأراضي الجموع، ومن هنا بدأت حركتها بضرورة حصولها على أرض لإقامة مقر غير مؤجر"، لافتة إلى أنها "اعتلت منصة منتدى مراكش لكي تمثل جميع النساء "السلاليات" في المغرب". وردا على سؤال عن معنى نساء «سلاليات» و«أرض الجموع»، أوضحت نعيمة عمار، أن كلمة "مرأة سلالية معناها مرأة من سلالة تنتمي إلى أرض معينة وهي أرض الجموع"، أما معنى أرض الجموع ، ترجع التسمية إلى أيام الاستعمار الفرنسي، لأن العائلات والسلالة التي كانت تذود عن هذه الأرض، وكل من قام بالدفاع عن منطقة وجاهد في سبيل الله ومات كانت تمنح له المنطقة أو مساحة الأرض التي دافع عنها، وهي التي أطلق عليها اسم أرض الجموع". وأشارت إلى أن "هناك مشكلة خطيرة في هذا الموضوع وهو إقصاء المرأة من الحصول على حقها في تلك الأرض بحكم العرف الذي يميز الرجل عنها، على أساس أنه الرجل، ولهذا فحركتها المطلبية تنادي بأن تكون الأرض من حق المرأة مثل الرجل ما دام الاثنان ينتميان لنفس العرق أو السلالة التي دافعت عن الأرض أيام الاستعمار" متسائلة "كيف يكون لأخ الحق في تلك الأرض دون أن يكون لأخته حق فيها بسبب العرف؟!". وتابعت: "العرف كان في الماضي مقبولا لأن المرأة كانت، بحكم العرف نفسه، لا تحتاج للعمل، بل كان من العيب أن تعمل وزوجها أو أخوها على قيد الحياة، إلا أن الحال الآن تبدل، لهذا تطالب المرأة بحقها رافضة عرف عام 1919 الذي يقصي المرأة. قمنا بعمل أول وقفة احتجاجية للمرأة السلالية في عام 2008 لكن واجهنا وقتها مجموعة من العراقيل والمعوقات، فأغلبية المغاربة لا يعرفون معنى أراضي الجموع لأن الناس لا تقرأ تاريخها، وقمنا بعدد من الوقفات إلى أن اتضحت الفكرة ونشرنا الوعي بحقوقنا والفقهاء أقروا مطالبنا وأصدروا قرارا يوضح الفرق بين حقنا في أراضي الجموع وحقنا في الإرث أو الميراث الذي لا خلاف عليه، كما أقرت بحقنا كذلك وزارة الداخلية المسؤولة عن أراضي الجموع والواصية عليها". ولفتت إلى أنه "ورغم أن الدورية ال 60 تنص على أن المرأة من حقها الأخذ من عائدات الأرض فقط، إلا أن هذه العائدات غالبا ما تكون قليلة جدا لأن أراضي الجموع يتم بيعها أو تأجيرها بثمن بخس ولمدة قد تصل إلى 99 عاما، وهو ما يقف حائلا أمام الاستفادة الحقيقية للمرأة من الأرض، لذا رفضناها وتمسكنا بحقنا في المساواة مع الرجل في حقنا في الحصول على أراض بناء على المشاريع التي نتقدم بها ان كانت جادة ونافعة". ولدى سؤالها عن ما لو تم تخصيص أراض أخرى غير أراضي الجموع من الدولة او الحكومة للنساء السلاليات، قالت: "كيف أترك حقي وآخذ أرضا أخرى ليست من حقي، مشكلتنا الحالية هي المساواة في الحقوق وليس حصولنا على أرض لبناء الجمعية"، منوهة بأن "الملك محمد السادس أرسل برقية في منتدى مراكش تزكي كل نقطة في الدستور ومن ضمنها المساواة وحقوق المرأة". وردا على سؤال عن الحقوق التي فازت بها من حركتها المطلبية،أوضحت أنه "لقد أصبح للمرأة صوت مسموع في المغرب والجميع عرف حقها وضرورة احترامها كما أصبح هناك وعي بمشكلة أراضي الجموع والدورية 60 التي رفضنا مقترحها بأخذ المرأة عائدات أرض الجموع، والدورية 17 التي أصدرها وزير الداخلية التي تعطي بالفعل الحق للمرأة السلالية في المساواة بالرجل، ولكن هناك مشكلة أننا عندما نذهب للقضاء يقول القاضي انه يحكم بالقانون الذي أمامه وليس بالدوريات والتوصيات، لذا نطالب حاليا بإقرار قانون ملزم للقضاء والذي قد يأخذ وقتا طويلا".