«الصحة» تُقر تعديلًا بأحقية الأطباء الحاصلين على الماجستير في الترقية إلى استشاري    محمود بدر: السيسى رمز مشروع «30 يونيو» لاستعدة الدولة المصرية    وزير قطاع الأعمال: حريصون على تعزيز التعاون مع الشركات العالمية ذات الخبرة    ACT يطلق شراكة ثلاثية لتأهيل الكوادر البشرية    الحكومة: لن نسمح بوجود مواطن دون سكن    جيش الاحتلال: سنهاجم كل منطقة يتم استخدامها لإطلاق الصواريخ    مصر تفوز على الجزائر في بداية مشوارها بالبطولة العربية لكرة السلة للسيدات    5 لاعبين من «الهلال» يواجهون خطر الغياب عن الدور نصف النهائي لمونديال الأندية    اجتماع بلجنة تعليم النواب لمناقشة تعديلات قانون التعليم    باسم سمرة عن أدائه في «ري ستارت»: «أقل حاجة عندي»| خاص    مشاركة دولية لفريق مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية في اكتشاف علمي جديد    الحكومة: كشف جديد فى حقول عجيبة للبترول بمعدل إنتاج أولى 2500 برميل يوميا    بالفيديو.. اعتقال يوسف بلايلى نجم الترجى فى مطار شارل ديجول    بحث القضايا المشتركة.. ماذا يناقش رئيس مجلس الدولة الصيني خلال زيارته مصر؟    بعد تلقيهم العلاج.. خروج 8 مصابين في حادث الطريق الإقليمي بالشرقية من المستشفى    لبنان يُعدّ مسودة رد على المطالب الأمريكية بنزع سلاح حزب الله بموافقة حكومية.. المجتمع الدولى يشترط تقدما ملموسا لنزع السلاح قبل تقديم مساعدات إعادة الإعمار    أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على تباين في الأداء وسط تقلبات بريطانية    أول تعليق من كاسي بعد براءة ديدي من تهم التحرش والاغتصاب    أمسية سيد درويش شاعرا.. نادي أدب روض الفرج يكشف عن وجه خفي لفنان الشعب    أمين الفتوى يجيب.. من يتحمل تكلفة قيمة الشحن فى حال إرجاع السلعة؟    محافظ القليوبية يتابع أعمال إنشاء مستشفى طوخ المركزي    ما أكثر الفئات تأثرًا بمشروع قانون ترامب "الكبير والجميل"؟    مصر تتوج بذهبية كأس العالم للشطرنج تحت 12 عاما في جورجيا    بعد أقل من شهرين.. مدرب الزمالك يعلن رحيله عن الفريق    أحمد مرتضى منصور يكشف كواليس مثيرة من داخل الزمالك: "ممنوع شكر مرتضى عشان ممدوح عباس"    فيديو.. محمد رمضان يطرح أغنية من ضهر راجل عبر يوتيوب بعد أيام من «الجو حلو»    توثيق زيت رأس سدر ومكافحة التصحر.. جهود بحوث الصحراء في تنمية جنوب سيناء    أمين الفتوى يوضح حكم معاملة "دروب شيبنج".. هل تجوز شرعًا؟    استدعاء الممثل القانوني لقناة "المحور" بسبب مخالفات برنامج "90 دقيقة"    جمال شعبان يعلق على الموت المفاجئ للمطرب أحمد عامر    "الأرصاد": رياح نشطة وأتربة مثارة على عددٍ من محافظات مكة المكرمة    غدًا.. استمرار امتحانات الثانوية الأزهرية 2025 بشمال سيناء    تعرف علي موعد عرض فيلم "السرب" على شاهد    محافظ الغربية يتابع جهود رفع نواتج الأمطار بالمراكز والمدن    خبر في الجول - بتروجت يحدد مطالبه لبيع حامد حمدان ل الزمالك    أستاذ علوم سياسية يوضح إمكانية إغلاق إيران مضيق هرمز    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع فيتنام    إنزال الكابل البحري العالمي SMW6 بمدينة رأس غارب ضمن مشروعات البنية التحتية الرقمية    استمرار الكشف الطبي على المتقدمين للترشح ب انتخابات مجلس الشيوخ في الشرقية    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    التعليم العالي: فتح باب التقدم لبرامج التعاون العلمي بين مصر واليابان (التفاصيل )    «النواب» يسأل الحكومة عن إرسالها قانون التعليم متأخرًا.. و«فوزي»: هناك إصلاحات و«الوقت مزنوق»    منظومة التأمين الصحى الشامل تدخل يومها الثاني في أسوان.. و13 منفذًا لخدمة المستفيدين    تحتوي على مواد خطرة وقابلة للاشتعال.. إزالة وإخلاء مخازن مخالفة في الطالبية ب الجيزة    كمادات باردة على الرأس والعنق.. 7 نصائح فعالة لعلاج الدوخة والصداع الناتج عن حرارة الجو    مانشستر سيتى يبدأ فترة الإعداد للموسم الجديد 28 يوليو    غلق 4 محلات بدمنهور فى البحيرة لمخالفة تعليمات ترشيد الكهرباء    وزير الأوقاف يجتمع بقيادات وزارة شئون المسلمين بالفلبين لبحث مذكرات التفاهم    كشف لغز مقتل فتاه على يد والدتها بمركز أخميم بسوهاج    بمشاركة وزارة الرياضة.. انطلاق حملة «مانحي الأمل» في مصر    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    3 مصابين في حادث تصادم على طريق الإسماعيلية بالسويس    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الدين والسياسة
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 10 - 2014

هذه مصادفة لا تخلو من مفارقة. أن ترتفع بعض الأصوات فى مصر ودول أخرى بالعالم العربى منتقدة استدعاء الدين وإقحامه فى القضايا الدنيوية السياسية والاجتماعية، فى حين يظهر استطلاع أجرى بالولايات المتحدة تزايدا فى نسبة الداعين إلى الاستدلال برأى الكنيسة فى مختلف القضايا الحياتية الجارية. كلام الأولين لا جديد فيه، ولكنه يثار بين الحين والآخر فى سياق الجدل الذى لم يتوقف ولم يحسم فى العالم العربى والإسلامى حول صياغة علاقة الدين بالدولة. أما نتائج الاستطلاع الأمريكى فهى التى تحتاج إلى قراءة متأنية.
الاستطلاع أجراه فى شهر سبتمبر الماضى معهد «بيو» للأبحاث صاحب الصدقية العالية فى الأوساط العلمية. وإذ بين أن 49٪ من الأمريكيين يؤيدون تدخل الكنيسة والمرجعيات الدينية المختلفة فى الشأن السياسى. وكانت تلك النسبة فى حدود 43٪ فقط فى استطلاع سابق أجراه المعهد فى عام 2010. وفى مقابل تلك النسبة العالية أكد 48٪ من الأمريكيين على ضرورة عدم تدخل المسئولين الروحيين فى الحياة السياسية. وهو ما يعنى أن نسبة مؤيدى إدخال الدين فى السياسة تتزايد على نحو أحدث شبه انقسام فى المجتمع الأمريكى إزاء تلك القضية.
فى تحليل النتائج الأخيرة أرجع الباحثون تزايد نسبة الداعين إلى تدخل الدين فى السياسة إلى الارتفاع الملحوظ فى أعداد الأمريكيين المنتسبين إلى الحزب الجمهورى المحافظ. وقد دل الاستطلاع على ان نسبة الجمهوريين الذين أصبحوا يؤيدون زيادة تدخل الدين فى السياسة وصل فى شهر سبتمبر الماضى إلى 59٪ فى حين انها كانت فى استطلاع عام 2010 فى حدود 48٪ فقط. وبموازاة ذلك لم يشهد موقف الديمقراطيين أى تغيير إزاء هذه المسألة فى استطلاع العامين 2010 و2014. بين الاستطلاع أيضا ان ثلاثة أرباع الجمهوريين ونصف الديمقراطيين يرون أهمية ان يكون لأعضاء الكونجرس قناعات دينية راسخة.
من النتائج ذات الدلالة التى أظهرها الاستطلاع أن 63٪ من الأمريكيين رفضوا دعوة المسئولين الكنسيين رسميا إلى التصويت لمرشحين معينين فى الانتخابات. ورغم ان تلك النسبة كانت 70٪ فى استطلاع عام 2010، إلا ان تراجعها إلى 63٪ فقط اليوم يعنى أنها لاتزال نسبة مرتفعة. بموازاة ذلك فإن 72٪ من الأمريكيين عبروا عن اقتناعهم بأن دور الدين يتراجع فى المجتمع. وأعربوا عن أسفهم إزاء ذلك.
حين ننظر إلى الموضوع فإننى لن اختلف مع من يقول إن هناك فروقا عدة بين الديانتين الإسلامية والمسيحية خصوصا فى الشق المتعلق بالمعاملات. وهو ما أفهمه إلا اننى لست فى وارد مناقشة هذا الجانب. ذلك ان ما يهمنى فى الاستطلاع أمران، أولهما انه بدا متجاوزا لفكرة إقصاء الدين عن المجال العام، لتعذر ذلك من الناحية العملية، فى أى بلد يعيش فى ظله متدينون يستلهمون مرجعيتهم الأخلاقية على الأقل من معتقداتهم الدينية.
الأمر الثانى ان الذين أجروا الاستطلاع تعاملوا مع الدين باعتباره حقيقة اجتماعية لا مفر من الاعتراف بها والتعامل معها لأسباب واقعية وليس بالضرورة لأسباب إيمانية. علما بأن الأمريكيين ليست لديهم خبرات الأوروبيين وعُقدهم التاريخية التى جعلتهم ينفرون من سلطان المؤسسة الدينية ورموزها.
عندى فى هذا الصدد ملاحظتان، الأولى سبق أن ذكرتها وهى تتلخص فى ان الدين يوفر طاقة إيمانية قوية، يمكن استخدامها فى النهوض والتقدم، كما يمكن توظيفها فى نقيض ذلك تماما. والمشكلة التى تترتب على الاستخدام السلبى للدين ينبغى أن تنسب إلى الطرف الذى يسىء الاستخدام وليس للتعاليم. فى هذا الصدد سبق أن أشرت إلى التوظيف الإيجابى للدين فى تجربة لاهوت التحرير بأمريكا اللاتينية وفى الحركات الإسلامية الجهادية التى قاومت الظلم والاستعمار فى العالم العربى (جمعية العلماء فى الجزائر والسنوسية فى ليبيا والمهدية فى السودان).
الملاحظة الثانية وثيقة الصلة بالأولى وخلاصتها ان البيئة التى تتفاعل فيها السياسة مع الدين تختلف باختلاف ما إذا كان المجتمع يعيش فى ظل نظام ديمقراطى حر تشيع فيه قيم المواطنة والتسامح والعدل، أم نظام استبدادى تقمع فيه الحريات ويذل الجميع. إذ فى ظل مجتمع النظام الديمقراطى يستخلص من الدين أفضل ما فيه، باعتبار ان البيئة تناسب ذلك وترحب به. أما فى المجتمع المستبد فإن التعاليم توظف فى اتجاه معاكس تماما. يؤيد ذلك ما قرأناه فى الأسبوع الماضى عن ان مفتى طاجكستان سيد مكرم عبدالقدير أعلن فى خطبة الجمعة ان انتقاد الحكومة يقوض السلطات ويعد اثما عظيما يجب على المؤمن ان يتجنب الوقوع فيه. ولأن الأمر كذلك فإن الدرس الأهم الذى ينبغى أن يستوعبه دعاة الربط بين الدين والسياسة، هو ان يعطوا الأولوية للدفاع عن الحرية والديمقراطية لأن ذلك هو المناخ الوحيد الذى يسمح للدين بأن يؤدى دوره الإيجابى فى النهوض بالمجتمع. فى الوقت الذى يوفر فيه حضورا مؤسسا فاعلا يحول دون اساءة استخدام الدين ليصبح مصدرا لشقاء الناس وليس لإسعادهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.