وزير الشباب والرياضة يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    إقبال كثيف في لجان دمياط مع أول ساعات المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 | فيديو    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    "الشعب الجمهوري" يواصل متابعة تصويت عبر غرفة العمليات المركزية منذ اللحظة الأولى لفتح اللجان    رئيس جامعة القاهرة يشهد افتتاح مؤتمر المعهد القومي لعلوم الليزر    استقرار سعر الريال السعودي في مستهل تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه لمستهل تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    البورصة المصرية تستهل تعاملات الإثنين بارتفاع جماعي    نتنياهو يتهم حركة حماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الشارقة في دوري أبطال آسيا    الأمن يكشف ملابسات تعدي عامل على شاب بآلة حادة في الإسكندرية    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    «إدلي بصوتك وأنت مطمئن».. الناخبون في حماية «العيون الساهرة»    حالة الطقس.. انخفاض بالحرارة وأمطار متفاوتة الشدة على مناطق متفرقة    وفاة الفنان التشكيلي عبد الغفار شديد    بعد أزمات مستمرة.. قصة مسلم ويارا تعود للواجهة بعد شهرين من الطلاق    منصة رقمية موحدة ل«100 مليون صحة» و14 مبادرة رئاسية.. الصحة تبدأ خدمة المواطن من نافذه واحدة    وزير الصحة يبحث إطلاق المنصة الموحدة للمبادرات الرئاسية الصحية    كيف ينمو طفلك أثناء الأشهر الثلاث الأولى من الحمل؟    الدفاع الروسية: تدمير 3 مراكز اتصالات و93 مسيرة أوكرانية خلال الليل    زيلينسكي: يتعين أن تكون خطوات إنهاء الحرب فعالة    محافظ الغربية: «جاهزون لاستقبال الناخبين في 642 لجنة.. وأدعو المواطنين للمشاركة بإيجابية»    رضا عبدالعال: بداية توروب مع الأهلي "مبشرة" .. وبن رمضان "ملوش مكان" في التشكيل    مواعيد مباريات الإثنين 24 نوفمبر 2025.. نهائي مرتبط السلة والمربع الذهبي بمونديال الناشئين    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 24-11-2025 في محافظة قنا    جوتيريش: التنمية الصناعية ضرورية لتعزيز الاقتصادات ومحاربة الفقر    شعبة الذهب: صادرات القطاع تقفز 157% لتسجل 6.7 مليار دولار لأول مرة بالتاريخ    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    قرار بقيد 9 مصانع وشركات مؤهلة لتصدير منتجاتهم إلى مصر    توافد الناخبين للتصويت في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب بدار السلام    الأوقاف تُحيي ذكرى وفاة رائد التلاوة في مصر والعالم "الشيخ محمود خليل الحصري"    تايمز أوف إسرائيل: سلاح الجو عزز دفاعاته تحسبا لإطلاق حزب الله صواريخ من لبنان    الاحتلال يواصل خرق اتفاق غزة.. 3 شهداء وعدد من المصابين بنيران إسرائيلية    المقترح الرباعي وموقف الجيش السوداني: قراءة في خلفيات الرفض والتصعيد    فى الدوري الإنجليزي .. محمد صلاح يطارد هالاند على صدارة قائمة الأفضل بالبريميرليج    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    انطلاق قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في لواندا اليوم الإثنين    شوربة كريمة صحية بدون كريمة، وجبة خفيفة ومشبعة ولذيذة    بعد واقعة أطفال الكي جي| 17 إجراء من التعليم تجاه المدارس الدولية والخاصة في مصر    الأرصاد تحذر: شبورة مائية كثيفة تصل لحد الضباب على الطرق السريعة والزراعية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    أحمد عبد الرؤوف: الزمالك كان قادرًا على حسم مواجهة زيسكو من الشوط الأول    سيف الجزيري: سعداء بالفوز على زيسكو ونسعى لمواصلة الانتصارات    دراسة تحذر: تصفح الهاتف ليلاً قد يزيد من خطر الأفكار الانتحارية    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز ثمين على إنتر بهدف دون رد    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    عودة أسطورية لفرقة H.O.T إلى المسرح بعد غياب 6 سنوات في مهرجان هانتو الموسيقي    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل: النظام العالمى يسقط.. والفوضى ترسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 09 - 2014

•قلبى مع السيسى .. وكنت أتصور أنه سيعتذر عن حضور اجتماعات «الأمم المتحدة»
•أوباما سيكون النجم الأعظم فى اجتماعات نيويورك لست متحمسًا لعقد اجتماع بين السيسى وأوباما لأن الأخير فاشل داخليًا
•مسئول مصرى حقق ثروة قيمتها 100 مليون دولار من «الجهاد ضد الإلحاد» فى أفغانستان
•كل دول العالم بها قوانين للتظاهر.. والقانون المصرى به «تزيُّد»
•استدعينا الدين لمواجهة أوضاع اجتماعية فى مصر ووظفناه لخدمة الراغبين فى السيطرة على المنطقة
•الفوضى ترسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط.. وفكرة الأوطان وُجدت كغطاء لمجتمع متعدد العناصر
•أتوقع انسحاب الوفد التركى من جلسات الأمم المتحدة.. والمظاهرات المضادة للرئيس لا يجب أن تخيفنا
•الأوطان ضاعت فى خريطة العالم العربى وظهرت بدلا منها القبائل والطوائف والمذاهب
للأسبوع الثانى، واصل الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، تشريحه للأوضاع السياسية محليا وإقليميا ودوليا، فى الحلقات الخاصة التى تحاوره فيها الإعلامية لميس الحديدى، على قناة «سى بى سى»، تحت عنوان «مصر أين وإلى أين»، والتى تحدث فيها عن التطورات التى تشهدها المنطقة العربية والعالم ككل، وهى تطورات تتسارع فى اتجاه أهداف جديدة، وتوازنات كبيرة لم تتحدد ملامحها بعد، لكنها تواصل تحسس الطريق نحو تكوين ملامح جديدة لمنطقة مأزومة بالإرهاب والفوضى.
يبدأ هيكل الحوار بالحديث عن أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الولايات المتحدة، للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى تسيطر عليها أجواء الحرب على الإرهاب، موضحا أن العالم الآن أمام أوضاع مختلفة، ويمكن جدا أن يكون هناك نظام عالمى يسقط، دون أن يكون هناك أحد لديه خطة لإعادة البناء شيء، وعقدت اجتماعات قريبة مخصصة لبحث ملف الإرهاب، مثل مؤتمر حلف شمال الأطلسى، ومؤتمر باريس، وشارك فيه كل المهتمين، وبينهم مصر، رغم أنهم مقبلون على قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونلاحظ على هامشها، أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يعقد جلسة لمجلس الأمن حول الإرهاب، بينما الدول بصفة عامة تبحث القضية، وهو أمر نواجهه لأول مرة فى المنظمة الدولية.
السيسى والإرهاب والأمم المتحدة
يقول الاستاذ: قضية الإرهاب دائماً محصورة فى منطقتنا، فنحن المتهم، والقاضى، والقاتل، والمقتول، ونحن حبل المشنقة، ورأس المشنوق، لكن أعتقد أن كل هذه المؤتمرات تكاد تكون نوعا من المحاكمة على ما يجرى فى الشرق الأوسط، وأعتقد أن هذا الوضع غير مسبوق، وسأستعين عند وصف المشهد الحالى بمقولة وزير الخارجية الأسبق، الدكتور محمود فوزى، «الحوادث جلل، والرجال صغار».
ويضيف: أعذر السيسى، وقلبى معه، وتصورت أنه سيعتذر عن حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، لأننا أمام عالم يحاكم المنطقة، فما دامت الدورة مخصصة للإرهاب، فنحن فى قفص الاتهام، ومع احترامى للجميع، سيكون النجم الأعظم فى الاجتماعات هو أوباما، وأنا أحترمه، وأعرف قدراته، وأعتبر مجيئه إلى الحكم، كما ذكرت، دليل أزمة فى الولايات المتحدة نفسها، ونوعية الزعامات الموجودة فى هذه المرحلة الحاسمة، ومع فى هذه المرحلة الحاسمة، والحوادث الكبيرة، تشير إلى أن «الرجال صغر».
وتابع: هذه الزعامات هى بالفعل المسئولة عما حدث فى المنطقة، فكل المصائب أو ثلاثة أرباعها، صنعها آخرون، لكن لنتذكر أنه عندما يلحق ضرر بنا، فنحن بقدر ما مسئولون، لأننا تواطأنا، ونسينا أنفسنا، ودخلنا فى عالم من الأوهام منذ فترة طويلة، ولو نظرنا ماذا فعل العالم العربى بنفسه سنرى أننا خرجنا من الحرب فى عام 1974، ثم دخلنا على حرب أهلية فى لبنان، وفى عام 1976 دخلنا فى حرب السفارى فى الصومال إرضاء للولايات المتحدة، ثم حرب تدمير العراق، وحرب تحرير الكويت، وهى صحيحة، لكنها انتهت بتدمير العراق، ثم دخلنا فى مغامرات، وكأننا نسينا أنفسنا .
واشار إلى أنه لابد أن نواجه أوضاعنا بصراحة، قائلا: نحن استدعينا الدين لمواجهة أوضاع اجتماعية كانت موجودة فى مصر، ونحن وظفناه فى خدمة الراغبين فى السيطرة على المنطقة، ولنتذكر جيدا ما حدث فى أفغانستان، ولماذا دخلنا فى عملية لارهاق الاتحاد السوفييتى، والقضاء على الشيوعية، فنحن جندنا عشرات الآلاف من الشباب باسم الإسلام، ودربناهم جيداً، للجهاد ضد الإلحاد، ولم يكن ذلك بتمويل أمريكى فحسب، فمع الأسف نفذت الولايات المتحدة كل ما تريد بتمويل عربى.
وقال: لو تحدثنا بجدية عن جدول الأعمال الذى سيناقش فى اجتماعات الأمم المتحدة، سيظهر أنه تقوده الولايات المتحدة، سواء عن قصد حقيقى، أو بالاستغلال، وواضح من المؤتمرات الأولى التى مهدت للاجتماعات، أن جدول الأعمال هو الإرهاب، ومن يتولى إدارتها هو من ساهم فى زرع الإرهاب، وهو من يتولى قيادة معسكر آخر، من خلال تحالف لمواجهتها، كما قاد تحالفات أخرى فى السابق، أنا لا أعرف متى سننتبه، ونعرف أن مستقبلنا لا يصنع بهذا الشكل، نحن بددنا ثروات، وضيعنا الشباب، وأربكنا أفكارا.
مقابلة أوباما
وعن احتمالية لقاء الرئيس المصرى بنظيره الامريكى قال: لست متحمسا لأن يلتقى السيسى مع أوباما، فالأخير يعتبر فاشلا فى أمريكا الآن، وعلى سبيل المثال، خطبته الأخيرة التى ألقاها، لم تكن موجهة لنا، ولا للإرهاب، وإنما موجهة إلى محاولة تحسين صورته كرجل قادر على اتخاذ القرار، بعدما وصم بأنه غير قادر على اتخاذ القرارات، وأنه بلا خطة، وثانياً هو يحاول أن يدارى الأمور عن حزبه، لأن لديه مشاكل بلا حدود مع العسكريين، وقريبا ستجرى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، ويظهر هو كرجل لا يتحرك بخطة، وليس فى وضع قوى سواء أمام المؤسسة السياسية أو العسكرية.
التوجهات العربية
وتابع: عند وقوف السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يقف ببطاقة هوية واحدة، وإنما بعدة هويات، أهمها هوية ما يسمى بالربيع العربى، وهوية التغيرات الكبرى التى جرت فى العالم العربى، ولابد ألا ننسى أنه قد تكون هناك معرقلات أمامه، لكن فى النهاية، أعتقد أن السيسى ذاهب بصفته يمثل شيئا جديدا فى المنطقة، ويمثل مصر المستقبل، وبشكل أو آخر يمثل شيئا فى مكافحة الارهاب، وأتمنى أن يمثل العالم العربى، الذى يسانده.
واضاف: كنت أتمنى عندما أنشا السيسى مجلس العلوم، ألا يكون مصريا فحسب، وإنما يعتمد على عناصر عربية، وكنت أتمنى أن ينشئ مجلسا للفكر لا يقتصر على مصر، بمعنى أنى أتمنى بشكل أو بآخر أن يتحرك هذا البلد ليأخذ موقعه الصحيح خارج حدوده فى هذه اللحظة، وأنا أعذر السيسى، ولا أعرف ماذا سيقول خلال اجتماعات الجمعية العامة، لكن أعتقد أن قراره بالذهاب هو قرار شجاع جدا، لأنه سيواجه العالم، وأتمنى أن يعلم أن هناك من يتربص به.
تحديات أمام الرئيس
وقال: لا يجب أن تخيفنا تهديدات بعض الدول بالانسحاب من الاجتماعات، أو المظاهرات المناوئة له، ولا أستبعد أن تنسحب بعض الوفود، مثل تركيا، وهناك أعضاء من الجاليات المصرية اعتادوا على التظاهر أمام قاعة الأمم المتحدة، لكن ما يقلقنى هو أثر ذلك على السيسى، فهو رجل جديد على الساحة، بالإضافة للأثر فى مصر، فنحن فى معركة كبيرة، وأعتقد أنه متحسب من ردود الأفعال خلال زيارته.
وأعتقد أن هناك أشياء رئيسية تجعل للسيسى قيمة مختلفة عن أى جنرال عادى، ذكرناها فى الأسبوع الماضى، وهى تضيف إلى رصيده، الذى نخشى عليه أن يسحب منه، فهناك رصيد معرفته أن 25 يناير قادمة، ورصيد 30 يونيو، ورصيد قبوله للترشح للرئاسة، وقبوله المسئولية رغم المصاعب، لكن تبقى طريقة تصرفه فى الأمم شديدة الأهمية، لكن أعتقد أن العالم على استعداد لتفهمه هذه المرة، فالكل مجتمع ضد الإرهاب.
وإذا كان أقصى ما يواجه هذا الرجل هو تحدى الإرهاب، فأنا أعتقد أن هناك روحا من التعاطف معه، بشرط أن يتحرك، وليس ضمن عملنا أن نخبره ماذا يجب أن يقول أو لا يقول، لكن أعتقد أنه وجد النغمة الصحيحة، وأظنه يستطيع بشخصيته واتصالاته أن ينجح، ولنتذكر رصيده بين الناس، حيث غطى أكثر من 60 مليار جنيه فى 8 أيام فقط، وهو يكشف عن حجم تأييد كبير، وأريد القول إن الرجل لديه أصول وهو ذاهب إلى نيويورك فى أجواء مليئة بالشكوك، وأريد أن يعبر خلال الاجتماعات عن نفسه وتطلعاته، وما يمثله، وأتمنى أن يأخذ معه تسجيلات فيديو لمظاهرات 30 يونيو، ليعرضها فى الجمعية العامة للامم المتحدة.
اتهامات الانتهاكات الحقوقية
وفى رده على سؤال حول الاتهامات التى قد يواجهها السيسى بشأن ملف حقوق الإنسان أمام الأمم المتحدة، يقول هيكل إن هذا الملف سيثار، وأنا سعيد جدا ببعض الإجراءات التخفيفية التى اتخذت، صحيح أن كل دول العالم لديها قانون ينظم التظاهر، يتضمن شروط أن يكون التظاهر بإذن، لكن لا يجب أن يكون الإذن مشروطا، وأن يكون هناك اكتفاء بالإخطار، وتنظيم المظاهرة إذا لم يعترض عليها أحد فى مدة محددة، وأرى أن القانون الحالى فى مصر به بعض التزيد، لكن ما يبعث السرور هو القرارات الأخيرة بالإفراج عن محبوسين، وأتمنى ألا نأخذ من الإجراءات الأمنية إلا ما هو ضرورى لحفظ الأمن.
فى الدورة الماضية لاجتماعات الأمم المتحدة، التى مثل مصر فيها وزير الخارجية السابق نبيل فهمى، لم تكن الاجتماعات مخصصة لمناقشة خطر الإرهاب، فهى كانت عادية، وأنا أقدر مزايا فهمى الذى تحدث وقتها فيما يجب أن يقال فى دورة عادية، لكن هذه المرة الدورة تنعقد بحضور رؤساء دول، ومنصوص على هذا، فهى مخصصة للإرهاب، وليس الإخوان وداعش وحدهم، وبالتالى نحن أمام وضع مختلف، ونحن مطالبون بجهد من نوع مختلف، لكن أعتقد أن بوسعنا النجاح.
ولا يجب أن ننتظر نتائج من هذه الاجتماعات، فصراعات هذا الزمن اختلفت تماما عنها فى الماضى، فلا يوجد صراع له بداية ونهاية، فكل أزمة فى عهد العولمة مفتوحة، لأن الأفكار كلها موجودة، ونحن أمام عالم متغير، ولم يعد أحد قادر على الإجابة عن سؤال متى بدأ الصراع أو متى انتهى، نظرا لكثرة العناصر المتداخلة، ولنتذكر أن هناك صراعات لم تحل، فرئيس الوزراء الاسرائيلى مثلاُ يقول «لا أريد أن تحل، أريد أن أدير الصراع ولا أحله»، والقضية الفلسطينية ليست موجودة تقريبا على جدول أعمال اجتماعات الأمم المتحدة.
خارطة المنطقة الجديدة
ويرى الاستاذ أن الفوضى تعيد رسم الخريطة الجديدة فى الشرق الأوسط الآن، وقال: هى ليست حالة مستمرة مثل الفوضى الخلاقة، فلا يوجد تخطيط رئيسى، فهناك من يرسم البدايات فقط، ويترك بعض الأشياء تتحرك، ثم ينتظر كيف تتشكل النهايات، فمن الأمور المعلقة مثلا فى الأوضاع الحالية، إمكانية وكيفية إنشاء دولة كردية، وما إذا كانت سوريا ستبقى على ما هى عليه، بالإضافة إلى وضع الحوثيين فى اليمن، فإذا انفجرت الأوضاع فى كل مواقع من هذه المواقع، لا توجد فكرة عما ستصل إليه الامور.
لقد تحركت كل وحوش التاريخ الآن، ففى قديم الزمان كنا نتحدث عن ثلاثة وحوش فحسب، هى الوباء والمجاعة والفقر، لكن الآن أضفنا إليها المذهبية والطائفية والقوميات، ففكرة الأوطان وجدت كغطاء لمجتمع متعدد العناصر.
وأريد أن أقول إن الإسلام استغل فى الحرب العالمية الأولى، وفكرة الإسلام موجودة باستمرار فى الغرب، ففى القرون الوسطى تحول العالم من الخوف من الإسلام إلى استغلاله، وعندما جاء نابليون بونابرت إلى مصر، غير اسمه إلى محمد نابليون، وتزوج مينو ابنة السيد البكرى، وأطلق على نفسه اسم عبدالله، فالإسلام استغل فى التفتيت والتقسيم، وسوف يستغل.
وأكد هيكل أن مسار الحوادث هو ما يرسم خريطة المنطقة، ويحدد إلى أى مدى سيسير صراع القوى، فنحن اليوم أمام عراق ممزق، وسوريا ممزقة، والقضية الفلسطينية بها ما بها، وكذلك اليمن وليبيا والسودان، فهناك خريطة للعالم العربى ضاعت فيها الأوطان، وظهرت محلها القبائل والطوائف والمذاهب، وهذا ما يجعل مصر المتماسكة قادرة على أن تلعب دورا فى شكل الخريطة القادمة، هى وحلفاؤها، لكن لا أدرى الكيفية، وأعتقد أن أحدا لا يملك خريطة للمنطقة، فجميع الخرائط المنشورة عبر المراكز البحثية، هى رؤية أكاديمية تحركها مصالح بعينها، لكن الواقع على الأرض هو من يرسم المستقبل.
وعلى سبيل المثال أنا أرى أنه قد يكون هناك شكل للدولة الكردية، ففى الوقت الذى كانت فيه الدول تتشكل وفقا للقوميات، كانت هناك قومية كردية موزعة ومتفرقة بين عدة دول، ونجح ذلك عندما قمنا بتغليب الوطنية على المذاهب، فمثلا عندما حارب الجيش العراقى إيران، كانت نسبة الجنود الشيعة فيه، الذين يحاربون الدولة الشيعية، تقارب ال90%، لكن تفكك العراق، وأصبح المذهب هو الهوية الجديدة، واختلفت الطريقة، فالأوطان تتأسس على رؤية كل العناصر التى تعيش على أرضها بمصلحة مشتركة.
والأكراد هم قومية، هم مسلمون سنة لكن ليسوا عربا، فلديهم لغة خاصة لم تتغير ولم تنقرض، وعندما جاءت تقسيمات سايكس بيكو للمنطقة، كانوا موزعين، فهم شعب له هوية، لكن ليس لديه وطن، وموزع على خمس دول ليست مطلة على البحر، والمنطقة بها حجم ضخم من الأكراد يتراوح بين 50 و60 مليون كردى، وهناك موارد طبيعية متوافرة فى أماكن تواجدهم، مثل البترول كركوك والموصل.
دولة داعش
وعندما نتحدث عن مخطط جديد للمنطقة، علينا أن نسأل من الذى أتى بداعش؟، تركيا شاركت، والخليج شارك، والولايات المتحدة مشارك أكبر، وتركيا هى الراعى الأعظم، كما أن سوريا تركت الكثير منهم يتسربون لتضغط.
ببساطة، ما خلق داعش أن الحروب باتت مواجهات على جبهات واسعة، لا يتحكم فيها أحد، وكل أحد يدير جزءا، بالإضافة إلى استعجال وصول الثورة إلى ليبيا، مثلا تم استغلال ضربات الناتو، لكنها لم تفلح، فتم استدعاء القبلية، فدخلت باسم الدين، وفى سوريا عندما قاوم النظام، تم استدعاء الطائفية من جانب القوى التى هاجمتها.
ولنسأل واحد مثل أردوغان، لماذا لا يريد الدخول فى الوضع السورى، هو يناسبه جدا كل ما يحدث ويجرى الآن، وعندما نتحدث أن قوة داعش تتراوح بين 20 و30 ألف مقاتل، وأوباما يتحدث عن حرب قد تطول لثلاث سنوات، فإن ذلك كله أمور غريبة، وشركات السلاح تنتعش الآن استعدادا لهذه الحرب، والشركات التى تقدم المرتزقة تتحدث عن عقود كبيرة بالملايين.
تكلفة مواجهة الإرهاب
نحن أمام ملف خطير جدا، وأخشى أن يطلب أوباما من العرب فى السنوات الثلاثة المقبلة، سداد فواتير كثير من المغامرات غير المحسوبة، ما يؤدى إلى استنزاف الثروات، وفساد غير مسبوق، ومعى هنا بيانات بشان تحقيق أمريكى حول ما تم إنفاقه خلال حرب «الجهاد ضد الإلحاد»، ومن كان موجودا وقتها، ويعمل منسقا لها هو شخص يدعى شارلى نليسون، وهو عضو فى الكونجرس، تولى التنسيق مع السى أى إيه، والمخابرات البريطانية والفرنسية، وشركات السلاح التى دخلت فى العملية.
ويكشف هذا تحقيق عن الفساد فى حرب أفغانستان الأولى، التى تكدست فيها ثروات كثيرة جدا، منها ثروات فى مصر، والتحقيق فى هذه القضية كان فى 4200 صفحة، خص شخصية مصرية واحدة فقط منها حوالى 150 صفحة، وهى تتحدث عن الرجل الذى كان موجودا فى موقع مسئولية، وحقق ثروة بلغت 100 مليون دولار، ليس من صفقات السلاح وحدها، فمصر وردت أغذية ومنسوجات ومتطوعين إلى أفغانستان، وباعت لها 6 آلاف بغل، لأنها الأفضل فى صعود الجبال، ما استفادت منه تلك الشخصية التى كانت فى موقع مسئولية، يؤثر على صنع القرار، فأخذت عمولات.
استدراج مصر
هناك تقارير تتحدث فى سى إن إن عن محاولة لاستدراج الولايات المتحدة، وتهويل بشأن داعش، لكن الأمر ليس استدراجا للولايات المتحدة، وإنما لنا نحن، ونرى أن مصر مترددة فى المشاركة فى الحرب ضد الإرهاب، والكيفية التى يمكن أن تدخل بها، فالموقف الرسمى المعلن الذى قال إن الحرب على الإرهاب لا تتجزأ، يعنى أنها لم تأخذ موقفا بعد.
والتحالف الموجه ضد الإرهاب حاليا لايوجد أحد فيه لديه استراتيجية، فهو تحالف ضرورات ورغبات وطلبات لأطراف كثيرة مختلفة، لكن جميع هذه الأطراف تعلم أن هناك تغييرات كبيرة ستحدث فى المنطقة والعالم، وتريد أن تكون موجودة ومشاركة.
دعم داعش
تحيا داعش بتشجيع من تركيا التى لا تريد أن تتدخل، وقطر أيضا موجودة، وهى تشارك فى التمويل، وأنا أتمنى أن يبلور السيسى خطوطا، ونحن مقلبون على معركة دون بداية أو نهاية، دون معرفة حدودها، لكن أنا أتصور أن دولة مثل مصر ممكن أن تفتح مكتب اتصال لتتابع ما يحدث، حتى لا نفاجأ بشىء، ولا نجد خرائط ترسم، نحتاج إلى عيون تنظر إلى العالم العربى القادم، وهناك عالم عربى لا يستطيع أن يشارك فى القادم، فمثلا لا أستطيع أن أطلب شيئا من ليبيا أو اليمن الآن، لكن يمكن من الخليج ومصر.
معركة إنقاذ أوباما
يرغب أوباما فى الدخول المعركة ضد داعش لكنه غير قادر على ذلك، لأن أمريكا تورطت فى حروب كثيرة جدا، ودخلت فى أزمة، وأتت برجل من خارج السياق لحل أزمتها، وهو يعلم أنه ليس قادرا على الحل، فهو قدم بوعد ألا تكون له قوات فى الخارج، لان أمريكا ملت من فكرة الحرب.
علينا أن نضع فى اعتبارنا دائما أن أوباما جاء على خلفية أن الولايات المتحدة سئمت الحروب، سواء فى أفغانستان أو العراق أو كوريا أو فيتنام، وجاءت بأوباما على أساس عدم الدخول فى حروب، وتشابك مع الكونجرس والقوات المسلحة، لكن هو ليس قائدا عاما لهذه الحرب الكبيرة كما يزعم، فبوش حتى الابن كان بجواره تشينى وغيرهم، ويتمنى أوباما أن تكون له حرب، لكنه كما قلت جاء على أرضية اللا حروب.
الدور المصرى والسعودى
وفيما يتعلق بالدور السعودى فى تدريب المعارضة السورية التى تصفها بالمعتدلة، لست متأكد ا أن السعودية قادرة على القيام بتدريب يناسب داعش، فهذا هو التدريب الذى صنعته السى أى إيه فى وقت معين، والذى دخلت فيه دول عربية نحن منها فى وقت معين، وأنا أريد أن تكون مصر موجودة فى الصورة، لكنى لا أريد أن تتورط فيما لا تراه، فلابد أن تقترب من الصورة فى حدود ما تستطيع أن تراه وتلمسه، وهذا ليس ممكنا.
مواجهة مصر مع الإرهاب هب جزء مما تستطيع أن تكون موجودة فيه، لأنه جزء من حدوها، لكن لابد أن تكون موجودة ضمن صنع مستقبل المنطقة، ومن غير المقبول أن يكون الوضع غير ذلك، فالأمن القومى المصرى به ثلاثة عناصر تعتبر الأهم ضمن عناصر أخرى، الأول أن صميم أمن مصر أنها بلد لا يستطيع أن يعيش على موارده فى الداخل، ولابد أن يكون شريكا فى اقتصاد المنطقة، وعليه لابد من وضع صيغة معينة، أما شعار «مصر أولا ومصر أخيرا»، فمعناه أن تجوع.
أما العنصر الثانى، فهو أن مصر لا تستطيع أن تدافع عن نفسها داخل حدودها، وبالنظر إلى الخريطة، فإن حدودها موجودة على خط من رفح إلى العقبة، ولا توجد معالم طبيعية تعتبر خطا دفاعيا، وبالتالى فإن خط الدفاع إذا كسره أحد، وصل بسهولة إلى قناة السويس، ومن يقول إن الأمن المصرى داخل حدودها عليه أن يفكر، فهذا كلام غير معقول، ولم يكن صحيحا، والدليل ما يحدث فى ليبيا والسودان.
ومن ضمن الأشياء التى نجح فيها الرئيس السيسى، محادثاته مع رئيس وزراء إثيوبيا، حيث أوقفت بشكل كبير الاندفاع إلى طريق مسدود فى مسألة سد النهضة، على الاقل فتحت بابا للتفاوض، فليس بوسعنا القيام بعمل عسكرى، فإذا كان الأمن والغذاء خارج الحدود، يكون على مصر الوصول إلى ما وراء الحدود، من خلال قوة التأثير الأدبى والمعنوى، ونحن هنا نتحدث عن القوة الناعمة.
لابد أن تحرص مصر على الدم العربى، فأنا لا يمكننى أن آخذ دخول مصر فى حرب عربية عربية، نريد مصر أن تؤثر ولا تسفح دما، هذه صيغة أمام القيادة، وهى معركة معقدة، وضمن معركة الأمن القومى، وأريد أن يشعر العرب بأن لديهم ما يكفى للتقدم، معهم الحظ والشجاعة، ومعهم الثروات، وأعتقد أن ما ينقصهم فقط هو العقل والفكر، تنقصنا المعرفة.
ويجب أن تجمع مصر شتات القادرين والراغبين فى العالم العربى على حد أدنى، وأكثر ما يقلقنى تذكر بيت شعر يقول عن العرب «فتفرّقوا شيعا فكل قبيلة، فيها أمير المؤمنين ومنبر»، أريد مصر أن تجمع شتات القادرين والراغبين، وأن تجمعهم فكرا، وتبلور نوعا من الرؤيا لمستقبل يمكن قبوله، ويمكننا بشكل أو آخر من المشاركة فى أحوال العالم.
المحور القطرى التركى
وحول زيارة أردوغان إلى قطر، قال اعتقد إن اللقاء التركى القطرى كان يخص ماذا يمكن أن فعله مع قادة الإخوان، وأتصور أن قطر تحت الضغوط الخليجية، فالإخوان خرجوا من الدوحة بضغوط خليجية أمريكية، حيث التقى الجانيان عند نقطة معينة، لكن أعتقد أن تركيا ستأخذ بعضهم، وبما أن المواقف متغيرة، قد يكون هذا إعادة نظر فى أشياء أخرى، وأنا أتمنى أن يعيدوا النظر.
فى منطقتنا هناك ثلاث دول ليست عربية، إسرائيل لا نريد معها تنسيقا، لكن هناك تركيا وإيران، وأنا راغب جدا فى ذلك رغم وجود أردوغان، ورغم التحفظات على الثورة الإسلامية فى إيران، فهى حقيقة وقوة كبيرة جدا فى المنطقة، وتركيا وهى أكبر كثير جدا من أردوغان، وعلى وجه اليقين، تستفيد إسرائيل مما يحدث حولها، فكل ما حولها يتساقط، وهى موجودة، قوية، محتفظة بحرية العمل، وقد تمادت فى غزة إلى أكثر مما تسمح به الظروف، وذلك لأن كل ما حولها ساكن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.