محافظ المنوفية يفتتح فرع نادي سيتي كلوب بمدينة السادات على مساحة 15 فدانا    طلاب هندسة المطرية يبتكرون منهجية فعالة فى الصيانة الذكية    استخراج 438 ألف كارت فلاح وتوزيع 95 ألف طن أسمدة في المنيا    الأحد 13 يوليو 2025.. نشرة أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    قطاع التأمين في «كونتكت» يعزز جهوده نحو الاستدامة عبر شراكات استراتيجية مع GIZ مصر لدعم المشروعات الصغيرة وتمكين المرأة اقتصاديا    البورصة تخسر 12.5 مليار جنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد    حكومة متطرفة يقودها نتنياهو ورئيس أمريكى ارهابى…التصعيد الصهيونى فى قطاع غزة يغلق الباب أمام وقف اطلاق النار    رئيس أركان جيش الاحتلال يجمد تمديد الخدمة في الوحدات الخاصة    فيرمينو يقترب من تجربة جديدة في الدوري القطري    ربيع ياسين: الأهلي اتخذ القرار الصحيح برحيل أحمد عبدالقادر    أبو العلا: صفقة حمدان كشفت اختلاف تعامل بتروجت مع الزمالك مقارنةً بأندية أخرى    مصر تحترق فى زمن السيسي..حرائق بالساحل الشمالي وأكتوبر وسقوط سيارة فى نهر النيل بمنشأة القناطر    الإعدام شنقًا لأحد المتهمين بقضية اغتيال اللواء نبيل فراج    مصرع شخص أسفل قطار خلال عبوره من مكان غير مخصص في قويسنا بالمنوفية    غدًا.. مكتبة القاهرة الكبرى تفتتح معرض بداية للفنون التشكيلية    فيلم راقودة يمثل مصر في مهرجان دولي بالهند بعد تتويجه بجائزة أولى بتونس    خالد البلشي: حرية الإعلام ودوره التنويري وجهان لعملة واحدة    ما نعرفه حتى الآن عن واقعة دير مواس المرعبة ووفاة الأطفال الأشقاء - محدث    محافظ دمياط يتفقد الشارع الحربي في جولة ميدانية مفاجئة    لاعب الأهلي السابق يكشف عن أمنيته الأخيرة قبل اعتزال الكرة    نادي إستريلا البرتغالي يكشف حقيقة معاناة صفقة الزمالك ب "الكوليسترول"    ليفربول يبدأ تحضيراته للموسم الجديد بمواجهة بريستون وديا    البنك الأهلي المصرى الأول في القروض المشتركة خلال النصف الأول من 2025    اليوم.. انتهاء فترة الطعون على المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ    رئيس "دينية الشيوخ": تدريب الصحفيين بدار الإفتاء يُعزز الوعي الديني الرشيد    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو إلى غائم جزئياً    الخارجية الفلسطينية: ندين استخدام الاحتلال الجوع والعطش سلاحا ضد المدنيين في غزة    مقتل وإصابة 42 شخصًا جراء حريق في مبنى سكني بتركيا    إحياء ذكرى القديس سيلا.. رفيق بولس ومبشّر الأمم    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    نيللي كريم تستعرض إطلالاتها الصيفية عبر "إنستجرام" (صور)    الشيخ أحمد البهي: لا تكن إمّعة.. كن عبدًا لله ثابتًا على الحق ولو خالفك الناس    هل يجوز إجبار الفتاة على الزواج من شخص معين وهل رفضها عقوق؟.. أمين الفتوى يجيب    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 13 يوليو 2025    12 جنيهًا لكيلو الخيار.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    القصة الكاملة لانسحاب المعونة «الأمريكية» من مصر    النسوية الإسلامية.. (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ): خاتم الأنبياء.. وهجرة الرجال والنساء! "131"    نجوم الرومانسية والراب يتألقون على مسرح U-ARENA    الفقاعة الكروية تزيد جراح الرياضة المصرية    طريقة عمل الكيكة السريعة، لذيذة وموفرة وسهلة التحضير    مستوطنون يحرقون بركسا زراعيا في دير دبوان شرق رام الله وسط الضفة    البحيرة.. فريق طبي بمستشفى وادي النطرون ينجح في إصلاح اعوجاج انتكاسي بالعمود الفقري لمريضة    كوريا الشمالية تزود روسيا ب12 مليون قذيفة مدفعية    في شهادة البكالوريا .. اختيار الطالب للنظام من أولى ثانوى وممنوع التحويل    في جولة ليلية مفاجئة.. محافظ الغربية يتفقد شوارع طنطا لمتابعة النظافة والإشغالات    رئيس التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ينفي احتمال استقالته بسبب خلافات مع وزيرة العدل    مأساة نص الليل.. غرق سيارة ملاكي في نكلا بالجيزة- صور    إتحاد عمال الجيزة يطلق حوارا مباشرا مع اللجان النقابية لبحث التحديات    وكالة فارس: الرئيس الإيراني أُصيب في هجوم إسرائيلي استهدف اجتماعا سريا للأمن القومي في 16 يونيو    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    آمال ماهر ووليد توفيق يشعلان الليلة الثانية من مهرجان مراسي (صور)    للمرة الثانية.. سيدة تضع مولودها داخل سيارة إسعاف بقنا    نجاح فريق الجراحة بمستشفى الفيوم العام في إنقاذ طفل بعد انفجار بالأمعاء الدقيقة    انفراجة حقيقية في الأوضاع المالية.. حظ برج الدلو اليوم 13 يوليو    «زي النهارده».. وفاة كمال الدين رفعت أحد الضباط الأحرار 13 يوليو 1977    بتهمة تجارة المخدرات.. المشدد 6 سنوات لسائق توك توك في الوراق    رسالة مؤثرة من مودريتش بعد الرحيل عن ريال مدريد    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احمدوا ربنا
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 09 - 2014

لو كنا فى سوريا أو العراق لكان من الممكن للضحايا ال37 الذين تم إحراقهم فى سيارة الترحيلات أمام سجن أبوزعبل ان يموتوا مقتولين الحمد لله (أننا لسنا فى سوريا أو العراق). هذا التعليق ليس لى، لكننى وقعت عليه منسوبا إلى أحد الكتاب المصريين الساخرين، هو الأستاذ أسامة غريب. وقد وجدته عبر بصيغة أكثر ذكاء وظرفا عن فكرة سبق ان طرحتها (فى 31 أغسطس الماضى) وتساءلت فيها عما إذا كنا حقا ضد الظلم والقتل من حيث المبدأ، أم أن موقفنا إزاءه يمكن ان يختلف باختلاف الجهة التى أوقعت كلا منهما والاسلوب الذى استخدم لذلك. وكان ذلك بمناسبة تصاعد حملة الاستنكار لعمليات القتل البشعة التى تمارسها جماعة داعش، والسكوت الدولى على حملات الإبادة الأكثر بشاعة التى شنتها إسرائيل ضد مدن غزة وأحيائها. فضلا عن الجرائم التى يرتكبها النظام السورى بحق السوريين يوما بعد يوم، وصدور أحكام بإعدام المئات وتعذيب الألوف فى السجون فى أكثر من دولة عربية أخرى. إلى غير ذلك من الجرائم التى مرت لأنها ممارسات أنظمة ولم ترتكبها جماعة مثل داعش.
ثمة تجاهل لخصوصية البيئة العراقية التى خرجت منها داعش والخلفية الطائفية التى استنبتتها من مجتمع أهل السنة، فضلا عن غموض العوامل الأخرى التى أسهمت فى بروزها وتقدمها واحتلالها صدارة المشهد السياسى فى المشرق على الأقل. وتلك كلها عوامل لا سبيل لتوفرها فى أى بلد عربى آخر. ومع ذلك جرى توظيف داعش لتسويغ وتمرير كل المظالم والشرور التى تحدث فى الأقطار العربية، حتى تحولت إلى فزاعة نجح الإعلام فى تحويلها إلى نموذج يمثل حالة اجتمعت فيها الجهالة والوحشية الدموية والتعصب وكراهية المخالفين. صحيح ان كل الجرائم التى ترتكبها داعش منذ ابتلينا بها مارستها جماعات ودول أخرى عبر التاريخ. فقطع الرءوس كان إحدى وسائل المهاجرين الأوائل للتخلص من الهنود الحمر فى القرنين السابع عشر والثامن عشر تمهيدا لإقامة الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الجيش البريطانى يكافئ جنوده الذين يقطعون رءوس الملاويين بعد احتلال بلادهم فى القرن الثامن عشر. ومثل ذلك وأكثر منه عانى منه المسلمون فى الأندلس وفى الجزائر فى ظل الاحتلال الفرنسى وفى البوسنة على أيدى الصرب... إلخ.. إلخ. كما ان قطع الرءوس لايزال يطبق بحكم المحكمة فى بعض الدول الخليجية، لكن ذلك كله فى كفة وممارسات داعش، والظرف الزمنى الذى برزت فيه فى كفة أخرى. ذلك انها اكتسبت وضعا خاصا بسبب انتسابها إلى الإسلام وادعائها إقامة الخلافة. خصوصا ان ذلك حدث فى أجواء الربيع العربى التى برزت فيها التيارات الإسلامية باعتبارها قوى فاعلة فى الساحة السياسية، حتى أصبحت مطروحة ضمن خيارات المستقبل ورهاناته، وهو ما انحازت إليه أغلبية المصوتين فى بعض الأقطار.
كأنما أطلقت داعش فى وسط الربيع العربى لتصبح أقوى أسلحة ترجيح كفة الثورة المضادة، وأنجح وسيلة لإجهاض آمال وأحلام المطالبين بالتغيير فى كافة أنحاء الوطن العربى، حيث جرى التلويح بها فى فضاء المنطقة بأسرها لكى تصبح البديل المروع الذى ستؤل إليه الأوضاع سواء إذا تمت إزاحة الأنظمة القائمة، أو إذا أصبح الإسلاميون طرفا فى السلطة بأية صورة.
ولأن ممارسات داعش وشرورها أصبحت تمثل الحد الأقصى فى العنف والقسوة والاستبداد واضطهاد النساء فضلا عن الأقليات، فإن كل ما لا ينسب إليها من شرور صرنا مدعوين لاحتماله وقبوله. وهو ما عبر عنه بذكائه وظرفه الأستاذ أسامة غريب، حين دعانا لأن نحمد الله ونشكره لأن بعضا من معتقلينا تم إحراقهم فى سيارة للشرطة المصرية. وعُد أفضل من القتل على أيدى داعش، وأغلب الظن انه أراد ان يفضح ويسخر من الخطاب الذى بات يدعو الناس إلى احتمال الظلم والقهر مهما بلغت درجته، طالما انه ليس صادرا عن نموذج الشر الأكبر المتمثل فى داعش.
لا مجال لمناقشة ذلك الاحتمال من الناحية العملية، خصوصا ان بعض وسائل الإعلام وأبواق الأنظمة المستبدة فضلا عن المنافسين والكارهين، ما برحوا يسوقون للفكرة القائلة بأن كل المتدينين المحيطين بنا «دواعش» يخفون هويتهم الحقيقية. وفى ظل تلك التعبئة شاعت فى بعض الأوساط حالة من القبول بالفكرة والاستعداد للتسليم بأن كارثة داعش تهدد الجميع بلا استثناء. لذلك بات الحل المطروح متمثلا فى قطع الطريق امام دعوات التغيير وتطهير المجتمعات العربية من «وباء» الإسلام السياسى بقمعه واستئصال انصاره لهم بأى مشاركة فى المجال العام. وتلك هى الهدية الكبرى التى قدمتها داعش بالمجان لقوى الثورة المضادة، الرافضة لأى تغيير يرفع الظلم السياسى والاجتماعى عن الناس.
ليس ذلك فحسب، وانما كان لإسرائيل نصيبها من الهدية. ذلك ان صعود داعش وأجواء الترويع التى أشاعتها حاولت إسرائىل ان تستثمرها فى اتجاهين، الأول تخويف الفلسطينيين والعرب من حركة حماس والجهاد الإسلامى باعتبارهما من «الدواعش» الكامنة، والثانى إحداث التقارب مع بعض دول الخليج بدعوى التضامن معها فى صد «الخطر المشترك» الذى استنفرها ضد داعش والإرهاب الذى تمثله.
ان الرسالة التى يراد لنا ان نتلقاها تقول ما خلاصته. احمدوا الله على ما انتم فيه، لان أى تغيير للأوضاع الراهنة سوف يستجلب كارثة داعش فى نهاية المطاف، من ثم فلا بديل عن القبول بما هو قائم والحفاظ عليه مهما كانت مظالمه وسوءاته، ليس لانه الأفضل ولكن لأن العَوَر أفضل ألف مرة من العمى.. انهم لا يريدون ولا يتمنون لنا تمام الإبصار يوما ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.