رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. شروط القبول والالتحاق بالكليات والمعاهد الحكومية    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    سعر البصل والطماطم والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    نائب محافظ الجيزة يتفقد الوحدة المحلية بقرية القبابات والقرى التابعة لها بمركز أطفيح    مساعد وزير الداخلية الأسبق: ترخيص «التوك توك» ضرورة أمنية (فيديو)    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 14 يوليو بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    الفنادق: تدريب 80 ألف عامل بفئتي 3 و4 نجوم خلال 3 سنوات    زاخاروفا: القضية الأوكرانية أولوية في الاجتماع بين لافروف وروبيو    الإكوادور تعرض مكافأة 100 ألف دولار للقبض على نائب متهم باغتصاب قاصر    تحطم طائرة صغيرة في مطار لندن ساوثيند    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في قمة الاتحاد الإفريقي بمالابو    الجيش اللبناني يوقف 10 أشخاص في قضاء "المتن الأعلى" لحيازتهم أسلحة وذخائر    رئيس فلسطين يؤكد ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات دون عوائق    تشيلسى يتوج بلقب كأس العالم للأندية على حساب باريس سان جيرمان بثلاثية    «لا أسمعكم ولا أراكم».. رد فعل ناري من وسام أبو علي بعد بيان الأهلي    تشيلسي يتوّج بطلًا لكأس العالم للأندية 2025 بعد ثلاثية تاريخية في شباك باريس سان جيرمان    نتيجة وملخص أهداف مباراة تشيلسي ضد باريس سان جيرمان في كأس العالم للأندية    ماريسكا المدرب رقم 15 والإيطالي الثاني في قائمة أبطال كأس العالم للأندية عبر التاريخ    «بيألف وملوش علاقة بالإعلام».. متحدث الزمالك يشن هجومًا ناريًا ضد مذيع قناة النهار    دوي يتوج بجائزة أفضل لاعب شاب في مونديال الأندية    نهاية غامضة لبرلماني سابق بالمنوفية.. رسالة من 8 صفحات تُرجّح إنهاء حياته والنيابة تُحقق    مواعيد وشروط التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي 2025–2026    «هتشوفوا الصيف والشتا».. إنذار جوى بشأن تقلبات الطقس: موجة حارة وأمطار رعدية    لا يحتاج لإنترنت ويعمل بال«بلوتوث».. مؤسس «تويتر» ينافس «واتساب» بتطبيق جديد    80 رحلة يوميا.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المحافظات الإثنين 14 يوليو    كمال أبو رية يشارك في مسلسل وتر حساس 2 بطولة غادة عادل    نقيب الصحفيين: التدريب على القضايا الدينية مسئولية وطنية لمواجهة التشويه والتطرف    محمد على رزق يتحدث عن أول لقاء مع الراحل محمود عبدالعزيز.. ماذا قال؟    صداع قد يتطلب منك الراحة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 يوليو    4 أبراج «عندهم بُعد نظر».. حكماء يفكرون خارج الصندوق وبارعون في فهم الناس    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    ساعد في علاج حالة نادرة عانى منها الزوج.. الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الأمومة لسيدة بعد انتظار 18 عاما    توافد ممثلي القوي السياسية لحضور الاجتماع التنسيقي للقائمة الوطنية بحزب الجبهة    تعظيم سلام لوزارة الداخلية    حقيقة تعليق الرحلات الجوية بين تركيا والعراق    في أول ظهور لرضا شحاتة.. كهرباء الإسماعيلية يتفوق على الشمس بثنائية وديًا    المحافظ والأكاديمية    مش هعمل كده، أكرم حسني ينفعل في لوكيشن تصوير ويغادر المكان (فيديو)    «SUPERMAN» يتصدر البوكس أوفيس ب 123 مليون دولار | شاهد    العثور على جثة شاب غارقا ومربوط اليدين في ظروف غامضة بالمنوفية    أزهر المنيا ينعى شقيقين يدرسان بمعهد دلجا الابتدائي    نتنياهو: الإعلام الإسرائيلي يتهمني بإفشال صفقة التبادل    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    رئيس هيئة السكة الحديد يعتمد حركة تنقلات جديدة داخل الهيئة 2025    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    هل تنجح الملكية الجزئية للعقار في إنعاش حركة السوق؟    ما حكم استخدام مزيلات العرق ذات الرائحة للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    أمينة الفتوى تحسم الجدل حول حكم الصلاة بالهارد جيل    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    وكيل الأزهر يدعو الشباب للأمل والحذر من الفكر الهدام    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    رسالة محبة ووحدة من البطريرك برتلماوس إلى البابا لاوُن الرابع عشر في عيد الرسولين    في شهادة البكالوريا .. اختيار الطالب للنظام من أولى ثانوى وممنوع التحويل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الألغام الدبلوماسية فى الحرب على غزة
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 08 - 2014

تواجه كل الأطراف الإقليمية والدولية المنشغلة بالحرب الثالثة التى تشنها آلة العدوان الإسرائيلية على غزة توازنات دقيقة وضغوطا متناقضة تحد كثيرا من فعالية تحركها لوضع نهاية سريعة لهذا الصراع تكون مقبولة لطرفيه الأساسيين وهما الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس فى غزة من ناحية والحكومة اليمينية فى إسرائيل من ناحية أخرى، مما يجعل جهود هذه الأطراف أشبه بالسير بحذر على حقل ألغام تخشى كل منها أن ينفجر فى وجهها فى أى لحظة بل لعل بوادر هذا الانفجار قد بدت قريبة لبعض هذه الأطراف فى الاتهامات التى وجهت لها جميعا بالانحياز لطرف فى الصراع على حساب الطرف الآخر. ولا شك أن هذه التوازنات سوف تلقى بظلالها على مساعى الخروج من هذه الحرب الوحشية بتسوية يمكن أن تصمد بعض الوقت، قبل تجدد هذا الصراع من جديد بعد فترة من الزمن تطول أو تقصر طالما أن هذه التوازنات لا تتيح لهذه الأطراف أن تمارس ضغوطا كافية على طرفيه تجعل من الممكن الوصول إلى تسوية نهائية للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
أهم الأطراف الدولية هى بكل تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية التى تقف معترضة على أى إدانة لإسرائيل فى المحافل الدولية وتلتزم بتقديم الدعم العلمى والتقنى والعسكرى والسياسى والدبلوماسى والاقتصادى والمعنوى لإسرائيل، ولكن عليها أن تتعامل مع أطراف إقليمية انشغلت بالأزمة فى مقدمتها مصر وقطر وتركيا، ودول الخليج الأخرى والأردن التى تساند مصر. كما أن هذه التوازنات الدقيقة تقيد أيضا حركة طرفى الصراع المباشرين.
خذ مثلا موقف الحكومة الأمريكية. هى ملتزمة بتأييد إسرائيل ولذلك كرر الرئيس الأمريكى ووزير خارجيته التأكيد على هذا التأييد، وأنهما يقفان إلى جانب إسرائيل فى الدفاع عن حدودها فى مواجهة صواريخ حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى وحقها فى تدمير الأنفاق التى حفرتها هذه الفصائل لتمكين مقاتليها من النفاذ إلى داخل إسرائيل للقيام بعمليات عسكرية. وعلى الرغم من هذا الموقف العلنى المساند لإسرائيل أصبح من الواضح أن كلا من الرئيس الأمريكى ووزير خارجيته يضيقان بما ترتب على العمل العسكرى الإسرائيلى من عدد ضخم من الضحايا بين الفلسطينيين ممن لا ينخرطون فى أى عمل قتالى ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، ومن دمار لحق بمنازل الفلسطينيين ومدارس ومساجد ومستشفيات غزة بما فى ذلك مدارس تابعة لهيئة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وهو ما لم تملك قنوات التليفزيون والصحافة الأمريكية تجاهله. وقد نشرت الصحف الإسرائيلية ما ادعت أنه حديث تليفونى بين الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء الإسرائيلى يصر فيه الأول على أن تقبل إسرائيل وعلى الفور وقف إطلاق النار، بل وكشف حديث لوزير الخارجية الأمريكى لشبكة فوكس نيوز الأمريكية لم يعرف أنه كان مذاعا على الهواء سخريته من دقة آلة الحرب الإسرائيلية التى أنتجت هذا العدد الهائل من الضحايا بين الفلسطينيين، على عكس وعود الحكومة الإسرائيلية بعدم استهداف المدنيين. وهكذا فى ظل هذه الضغوط خرج وزير الخارجية الأمريكى ليعلن أن الهدف من وقف إطلاق النار هو فتح الباب أمام مفاوضات تفضى إلى علاج القضايا الأساسية التى أنتجت التوتر وفى مقدمتها استمرار الحصار على قطاع غزة، وهو موقف أغضب الإسرائيليين الذين هاجمته صحافتهم ناقلة انتقادات كبار المسئولين الإسرائيليين دون أن تسميهم، كما شارك فى نقد وزير الخارجية الأمريكى أصدقاء إسرائيل فى الصحافة وقنوات التليفزيون الأمريكية. وفى ظل هذه الضغوط المتناقضة لم تجد الإدارة الأمريكية من وسائل للضغط على طرفى النزاع المباشرين سوى الأحاديث التليفونية واللقاءات الخاصة مع المسئولين الإسرائيليين، والاستنجاد بتركيا وقطر اعتقادا من هذه الإدارة بقدرتهما على إقناع الفصائل الفلسطينية بقبول وقف إطلاق النار، والوعد بتقديم مساعدات اقتصادية للمساهمة فى إعادة تعمير القطاع بعد الحرب.
•••
والواقع أن هذه الضغوط المتناقضة قد طالت أيضا الطرفين الإقليميين الذين تصورت الإدارة الأمريكية قدرتهما على التأثير على حماس. كل منهما ليس مقبولا لإسرائيل، على الرغم من حرص كل منهما على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة معها، علنية بالنسبة لتركيا وسرية بالنسبة لقطر، ومع ذلك فإن إسرائيل لم تغفر لأى منهما مواقفه العلنية إلى جانب حماس. ولذلك قاطعت إسرائيل مؤتمر باريس الذى شاركت فيه الدولتان وحضره وزير الخارجية الأمريكى مع نظيره الفرنسى صاحب الدعوة إلى هذا المؤتمر.
بل لقد بلغت هذه الضغوط المتناقضة مداها فى حالة مصر، وهى الطرف الإقليمى الوحيد الذى يمكن أن يكون مقبولا لدى طرفى الحرب، وصاحب الخبرة فى التوسط بينهما. ومع ذلك دخلت الحكومة المصرية هذا المعترك الدبلوماسى وذاكرتها محملة باتهامات لحماس بأنها تورطت فى انتهاك السيادة المصرية أثناء ثورة يناير، وساندت الرئيس الأسبق المعزول محمد مرسى، وتتعاطف مع حركة الإخوان المسلمين المحظورة فى مصر وتمد يد العون للجماعات المسلحة التى تحارب الحكومة المصرية فى سيناء. كما أن حركة حماس والفصائل الفلسطينية بدورها لها شكواها هى الأخرى من الحكومة المصرية بقيادة الرئيس السيسى، فهى تقيد حركة الفلسطينيين من خلال معبر رفح، ولا تبذل أى مجهود لوقف الحملات المعادية للفلسطينيين ولفصائل غزة فى الصحف وقنوات التليفزيون المصرية. وفى ظل هذه الظروف جاء التحرك الدبلوماسى المصرى مرتبكا ومتحرجا، يتجنب الاتصال المباشر بحماس لمناقشة ما سمى بالمبادرة المصرية، ويستنكر الأنباء التى تحدثت عن دعوة قيادة حماس السياسية للحضور إلى القاهرة وكأن ذلك إثم من عمل الشيطان ينبغى تجنبه، وكأن الاتصال بطرف مباشر فى الصراع ليس من أبجديات مجهود الوساطة كما يدرس لطلبة المرحلة الأولى فى العلوم السياسية. ثم تشبثت الحكومة المصرية بمبادرتها التى تجاوزها وزير الخارجية الأمريكى، وكأن صيغة هذه المبادرة كلام مقدس لا يجب الاجتراء عليه. وقد أعطى هذا التحرك المرتبك الفرصة للصحافة الأمريكية بل ومراسل صحيفة نيويورك تايمز فى القاهرة للكتابة بأن مصر ومعها دول الخليج العربى والأردن تقف إلى جانب إسرائيل فى الحرب على حماس. كلها لا تريد خروجا مشرفا من هذه الحرب لفصيل فلسطينى لا يغفرون له انتماءه للتنظيم الدولى للإخوان المسلمين. ومع ذلك لا تملك هذه الحكومات تجاهل تعاطف قطاعات كبيرة من الرأى العام فى بلادها مع فلسطينيى غزة، ولذلك تصاعدت نبرتها الإعلامية فى الأيام الأخيرة تدين وحشية آلة الحرب الإسرائيلية، وجددت الحكومة المصرية ترحيبها باستضافة محادثات غير مباشرة بين طرفى النزاع المباشرين، على أن يكون تواجد فصائل غزة من خلال وفد فلسطينى موحد بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية.
•••
لا تعفى الضغوط المتناقضة طرفى الصراع فى غزة. ومع أن إسرائيل تبدو الطرف الأقوى عسكريا فى هذه الحرب غير المتكافئة، إلا أن الصحافة العبرية ذاتها تستبعد أن تحقق إسرائيل نصرا إستراتيجيا فى هذه الحرب. صحيح أنها ربما أوقفت بالقبة الحديدية فعالية كل الصواريخ التى أطلقتها الفصائل الفلسطينية عليها، وصحيح أيضا أنها قتلت عدة مئات من مقاتلى هذه الفصائل، ولكنها بكل تأكيد لم تنجح فى القضاء على قدرة هذه الفصائل على إطلاق هذه الصواريخ، ولا تضمن عدم عودة الفلسطينيين لحفر أنفاق تصل بهم إلى داخل إسرائيل. كما لم تستطع إسرائيل وقف قدرة القيادة العسكرية الفلسطينية على التحكم والسيطرة على مقاتليها ولا التكيف بمهارة مع الظروف المتغيرة للمعركة، ويضاف إلى ذلك شلل إسرائيل دبلوماسيا وفقدانها تعاطف الرأى العام العالمى الذى استنكر وحشيتها.
الطرف الفلسطينى مع بسالته لا يريد أيضا استمرار معاناة الشعب الفلسطينى الذى ضحى حتى كتابة هذه السطور بأكثر من ألف وستمائة شهيد وثمانية آلاف جريح، ولكنه لا يريد أن يخرج من هذه الحرب العدوانية ليعود إلى أوضاع الحصار السابقة.
•••
لا يدعى صاحب هذه السطور عبقرية دبلوماسية ليجازف باقتراح مخرج من هذه الضغوط المتناقضة على نحو يضمن حلا مقبولا لطرفى الصراع، ولكنه يأمل أن تقف الحكومة المصرية إلى جانب المطالب المشروعة للطرف الفلسطينى بفتح المعابر تحت رقابة دولية ووقف الحصار والتزام إسرائيل بما قطعته من تعهدات بالإفراج عن الأسرى، وذلك ليس فقط تحت دعاوى مساندة شعب عربى شقيق، ولكن لأنها مطالب إنسانية، وقد سبق أن وافقت عليها إسرائيل منذ عامين، وهى التى يمكن أن تضمن هدنة على حدود مصر الشرقية إلى حين الوصول إلى تسوية عادلة للصراع الفلسطينى الإسرائيلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.