الفئات المحرومة من التصويت في الانتخابات وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية    آخر تطورات أزمة سد النهضة، السيسي: قضية نهر النيل أمن قومي لمصر    أسامة الأتربي مساعدا لأمين عام "حماة الوطن" بالقاهرة    القوات المسلحة تهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة يوليو    تحركات الكهرباء لتأمين التغذية في فصل الصيف.. إضافة 2000 ميجاوات من الطاقة المتجددة.. استمرار حملات تغيير العدادات الميكانيكية القديمة.. وأزمة بسبب زيادة نسب الفقد الفني ببعض شركات التوزيع    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    وزير البترول يؤكد استمرار الوزارة في تنفيذ خطتها لضمان استدامة توفير الغاز الطبيعي    «الأونروا» تطالب برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة لإنهاء المجاعة    الهند: شلل مروري بمدينة مومباي بسبب الأمطار الغزيرة    يوم الصفر.. اختراق عالمي يضرب عشرات المؤسسات الحكومية الأمريكية بسبب ثغرة في خوادم مايكروسوفت    أرتيتا: آرسنال اتبع الإجراءات الصحيحة بالاستغناء عن توماس بارتي    ألونسو.. الأمل في استعادة فينيسيوس لتألقه مع ريال مدريد    ضبط 129.7 آلف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    نقابة المهن الموسيقية تفحص فيديوهات جديدة من الساحل الشمالي    السبكي: نسعى لترسيخ نموذج متكامل للرعاية الصحية يقوم على الجودة والاعتماد والحوكمة الرقمية    الصحة: توعية 457 ألف طالب بمخاطر الإدمان ضمن مبادرة «صحتك سعادة»    وزير الصحة يصل إلى الإسماعيلية ويفتتح معمل المحاكاة    من داخل المتحف المصري رحلة عبر حضارة لا تنتهي    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 21 يوليو 2025    تحذير هام من «المالية» بشأن صرف مرتبات العاملين بالدولة لشهر يوليو 2025    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    حديقة الحيوان تعود بحلة جديدة.. افتتاح مرتقب بعد دمجها مع الأورمان    السكة الحديد تشغل قطار مخصوص لتسهيل العودة الطوعية للسودانيين    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    الزمالك يبحث عن عرض لرحيل أحمد فتوح في الميركاتو الصيفي    أحمد مجدي: شخصيتي في «فات الميعاد» تعاني من مشاكل نفسية مركبة ومتورطة في الظلم    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    سعر الدولار اليوم الاثنين 21-7-2025 أمام الجنيه فى بداية التعاملات    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    كريم رمزي يشيد ب جون إدوارد بسبب صفقات الزمالك الجديدة    إصابة عامل ونجله في مشاجرة بالبلينا بسوهاج    مسيرة في تونس دعما للشعب الفلسطيني    انفجارات في كييف ومدن أوكرانية أخرى    كيف تتخلص من مرض التعلق العاطفي ؟    لكل ربة منزل.. إليكِ الطريقة المثلى لحفظ الفاكهة من التلف    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    مصروفات المدارس الحكومية 2025– 2026.. التفاصيل الكاملة وقواعد الإعفاء والسداد لجميع المراحل التعليمية    «الرقابة النووية» تُنهي جولتها التوعوية من أسوان لتعزيز الوعي المجتمعي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 21 يوليو 2025    جيش الاحتلال الإسرائيلي يحرق منازل بمخيم نور شمس ويهدم آخرى في طولكرم    يوسف معاطي: لست ضد الورش التي تكتب السيناريوهات ولكنها لا تنتج مبدع كبير    لا تأخذ كل شيء على محمل الجد.. حظ برج القوس اليوم 21 يوليو    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    شقيقة أحمد حلمي عن منى زكي: "بسكوتة في طريقتها ورقيقة جدا"    «الراجل متضايق جدًا».. مدحت شلبي يكشف سبب أزمة ريبيرو مع إدارة الأهلي    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    فيديو- عالم بالأوقاف يوضح حكم إقامة الأفراح وهل تتعارض مع الشرع    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    إصابة 3 سيدات من أسرة واحدة في انقلاب سيارة ملاكي أمام قرية سياحية بطريق العلمين    أسعار المانجو والخوخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    رئيس "الحرية المصري": رجال الأمن خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والمخططات الإرهابية    عبد الكريم مصطفى يشارك فى مران الإسماعيلى بعد التعافى من الإصابة    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أى مستقبل للديمقراطية والاستقرار فى مصر؟
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 06 - 2014

والآن ماذا بعد أن فاز السيسى برئاسة الجمهورية فى مشهد انتخابى عزف أكثر من نصف الناخبين عن المشاركة فيه وفق الإحصاء الرسمى، وغابت عنه المنافسة بغياب التعددية وإقصاء المعارضين واصطفاف إعلام الرأى الواحد والجيش والشرطة وراء ممثل المؤسسة العسكرية؟ أمن الممكن أن يستقيم أمر البلاد وتنعم بالاستقرار والديمقراطية والرخاء الاقتصادى والعدالة الاجتماعية بمواصلة ما شهدته البلاد منذ ذلك الوقت من عودة للدولة البوليسية واستعادة نخبة كبار رجال الأعمال الذين ساندوا نظام مبارك مواقعهم فى صدارة المشهد السياسى وبالاعتماد على الجيش الذى أفادت تصريحات السيسى بأنه سيقدم الحل لمشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية مثلما قدم الحل للأزمة السياسية فى 3 يوليو 2013؟
أمن المتصور عقلا أن يستقيم أمر مجتمع منقسم انقساما حادا إلى قسمين تحول الخلاف بينهما فى الرأى إلى كراهية وعداء؟ لقد عم الفرح والسرور القسم الذى أيد الإطاحة بالمسار الديمقراطى، ولم يحل دون ابتهاجه برئاسة السيسى دماء الآلاف التى أريقت وكأنها لم تكن دماء أخوة الوطن، ولا عذابات عشرات الآلاف الذين أصيبوا وسجنوا وانتهكت حقوقهم ولفقت لهم القضايا وصدرت بحقهم أحكام فى غاية القسوة وكأنهم ليسوا مصريين لهم من حقوق المواطنة مثل ما لمخالفيهم فى الرأى. وفى غمرة احتفالاتهم الراقصة تناسى القوم مطالب ثورة يناير التى زعموا أن حدث 30 يونيو 3 يوليو هو المكمل لها، لاسيما مطالب القصاص لضحايا الثورة وتطهير الشرطة والقضاء وتفعيل العدالة الانتقالية واسترجاع الأموال المهربة. أما أهداف العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فقد صارت مجرد كلمات تلوكها الألسن دونما برامج أو حتى نقاش جاد لكيفية تحقيقها. أما القسم الآخر فهو فى حزن مقيم جراء ما تعرض له من مذابح وملاحقات أمنية وأحكام قضائية غير مسبوقة فى تشددها، وجراء ما ناله من إقصاء ونفى من الساحة السياسية ومن اتهامات بالإرهاب والخيانة.
•••
وأى مستقبل للحرية فى مجتمع إذا تظاهر نصفه المؤيد لسلطة 3 يوليو فتحت أمامه الميادين وتمتع بحماية الجيش والشرطة، ولم يعترض الأمن على عرقلته لحركة السير ولا تعطيل أعمال المواطنين، وغطى الإعلام تظاهراته وكال له آيات المدح والثناء، ولكن عندما يتظاهر نصفه الآخر المعارض لما يعتبره انقلابا وعودة لحكم العسكر أغلقت أمامه الميادين وانهالت عليه قنابل الغاز وطلقات الخرطوش والرصاص، فيقتل بعض المتظاهرين ويسجن بعضهم ويلاحق الباقون؟ وهل يمكن أن يكون للأمل فى الحرية والديمقراطية والاستقرار أساس واقعى عندما لا تكتفى السلطة وإعلامها بإقصاء وتجريم فصيل سياسى هو الأقوى تنظيما والأوسع انتشارا، بل وتسعى لاجتثاثه وإبادته، وعندما لا تتورع عن توجيه الشتائم والاتهامات بالخيانة حتى لبعض من أيدوا أحداث 30 يونيو 3 يوليو ولكن ساءهم توالى الإجراءات القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان وهيمنة الإعلام المعادى لثقافة الاختلاف وحرية الرأى والتعبير والمروج لفكرة البطل المنقذ، ولم يرحبوا بترشح عسكرى للرئاسة؟
أمن الجائز منطقيا الاطمئنان إلى مستقبل ديمقراطى لمصر بعد ما أطاحت سلطة 3 يوليو بالدستور الذى وضعه من عينتهم فى لجنة الخمسين؟ لقد توالى صدور قوانين وممارسات تتصادم مع مواد هذا الدستور، نذكر منها القانون المقيد لحق التظاهر وقانون عدم الطعن من طرف ثالث على العقود التى تبرمها الحكومة وعودة مهام الحرس الجامعى إلى الداخلية والاتجاه لإلغاء اختيار القيادات الجامعية بالانتخاب واعتزام مراقبة وسائط الاتصال الإلكترونية وتجاوز كل ما كفله الدستور من حقوق لمن يقبض عليهم وتحول الحبس الاحتياطى إلى عقوبة بالتجديد المتكرر له وعدم تحمل برنامج تليفزيونى يسخر من الأحوال السياسية؛ وهو البرنامج الذى لم تمس حريته فى التعبير طوال سنة حكم مرسى بالرغم مما كان يحفل به أحيانا من إسفاف وتجاوزات أخلاقية.
وهل مما يبعث على الأمل فى حدوث تحول ديمقراطى أن تدعو سلطة 3 يوليو الشعب لانتخاب ممثليه فى مجلس النواب وفق قانون اجتمعت فيه مساوئ النظم الانتخابية كافة؟ أليس من الغريب أن السلطة الحاكمة لم تكترث باعتراضات الكثيرين بمن فيهم أنصارها على هذا القانون الذى يعيد أو بالأحرى يكرس هيمنة المال السياسى ومن ثم سيطرة رأس المال على الحكم، ويستدعى النوازع العائلية والقبلية ونفوذ العصبيات عند اختيار نواب الأمة، ويزيد مما تعانيه الأحزاب السياسية من ضعف؟
•••
وأى مستقبل للتنمية (العيش) والعدالة الاجتماعية وللحرية (وهى ركن رئيسى من أركان العدالة الاجتماعية) عندما تتهدد هذه الغايات كل المخاطر التى سلف ذكرها، وعندما يأتى الرئيس الجديد محمولا على أعناق المؤسسات المحلية وشبكة العلاقات الخارجية التى ارتكزت عليها دولة مبارك؟ ومن أبرز المؤسسات المحلية مؤسسات الجيش والأمن والقضاء التى لم تمتد إليها يد التغيير والإصلاح، ومؤسسة كبار الرأسماليين الذين يحرصون على المزاوجة بين الثروة والسلطة. أما شبكة العلاقات الخارجية فهى تتمثل فى دعم إقليمى من دول لا تقيم للديمقراطية أى وزن ولا تعرف لغة غير لغة المال الذى توظفه فى وأد الثورات واستتباع حكام الدول التى تسعى لاستجلاب معوناتها واستثماراتها. كما تتمثل فى دعم دول غربية تتحدث كثيرا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ولكنها مستعدة للتعامل مع أى حكم استبدادى ما دام يحافظ على مصالحها ومصالح إسرائيل، ولا يتمرد على ما يربطه بها من علاقات التبعية.
أمن الممكن أن يبدأ الطريق إلى الديمقراطية والاستقرار بمثل هذه الممارسات التى تتجاهل أهداف ثورة يناير، وبهذا الإصرار على التعامل مع الأزمة السياسية التى خلفتها أحداث 30 يونيو 3 يوليو 2013 بالإجراءات الأمنية والأساليب القمعية؟ وماذا عن دروس التاريخ التى تؤكد فشل هذه الإجراءات والأساليب فى القضاء على المعارضة السياسية وفى اجتثاث حركات أو تنظيمات تغلغلت جذورها الفكرية فى أعماق التربة السياسية عبر عشرات السنين؟
•••
الحق أن الاستقرار لن تقوم له قائمة بالإقصاء والقمع والاستبداد واستمرار الظلم الاجتماعى، وأن أسس الاستقرار والديمقراطية لن تشيد بمجرد توالى تنفيذ الخطوات التى حددتها خريطة الطريق التى أعلنها من صار رئيسا للبلاد. فما قيمة دستور لم تشترك كل القوى السياسية فى صنعه، وبادرت السلطة بالخروج عليه بما أصدرته من تشريعات وبما تقوم به من ممارسات على ما سبق ذكره؟ وما قيمة انتخابات رئاسية أو نيابية مسبوقة ومصحوبة بإقصاء المعارضين وتجريم قطاع كبير منهم، ومسنودة بإعلام تفرغ فى مجمله للدفاع عن السلطة وتخوين المعارضين، وتمادى فى الضلال بإهانة وتخوين المواطنين الذين عزفوا عن التصويت فى الانتخابات الرئاسية، ضاربا عرض الحائط بكل المعايير المهنية والأخلاقية؟ إن هذه الخطوات والممارسات قد تنجح فى بناء ديكور ديمقراطى، ولكنها تعجز عن إنجاز مقرطة حقيقية للحكم والحياة السياسية.
إن الحل الناجع والقابل للاستدامة لأى أزمة سياسية هو الحل السياسى. وليس أسوأ من اللجوء إلى حل أمنى لمواجهة الأزمة السياسية الراهنة سوى إنكار وجودها وتجاهل ما بات واضحا جليا من معالمها. فالانقسام يزداد والاستقطاب يتعمق والخلاف السياسى تحول إلى عداء مقرون بالكراهية. إن الإخوان وحلفاءهم لم يستسلموا للهزيمة التى لحقت بهم منذ 3 يوليو بدليل أن تظاهراتهم لم تتوقف يوما بالرغم مما أصابهم وما زال يصيبهم من أعمال قتل وجرح واعتقال وتعذيب وملاحقات وأحكام جائرة. كما أن سلطة 3 يوليو 2013 8 يونيو 2014 لا تبدى أية نية للسماح بعودة الإخوان وحلفائهم للاندماج فى الحياة السياسية، وتصر على السير فى طريق تعميق الخصام والكراهية والعداء مع معارضيها حتى إذا كانوا ممن أيدوا إطاحة الجيش بحكم الإخوان.
ومن الواضح أن استمرار الاحتجاجات السياسية فضلا عن الاحتجاجات الاجتماعية واستمرار المواجهات العنيفة مع تظاهرات المعارضين تؤدى إلى حالة من عدم الاستقرار الذى يؤدى إلى غياب الأمن، وكلا الأمرين يعرقل جهود إنعاش الاقتصاد ويفاقم الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة مع الاستمرار فى تقليص الدور التنموى للدولة. وهو ما يضيف زخما جديدا لمصادر عدم الاستقرار، ويزيد من فرص وقوع العنف والعنف المضاد، ويجعل البلاد حبيسة حلقة مفرغة من العنف وعدم الاستقرار وافتقاد الأمن والانتقاص من هامش الديمقراطية الضيق أصلا.. ولا شك فى أن استمرار هذا الوضع ليس فى صالح السلطة لأنه يضعف من قدرتها على تنفيذ برامجها، وليس فى صالح الإخوان وغيرهم من المعارضين لأنه يحد من مشاركتهم فى الحياة السياسية. والسؤال الآن هو: أما من سبيل لكسر هذه الحلقة الخبيثة؟ والجواب المختصر هو أن ثمة سبيل، وهو الحل السياسى الذى يكفل دمج جميع القوى والتنظيمات فى الحياة السياسية ويتيح لها فرص العمل والتنافس فى أجواء ديمقراطية. ولكن هذا الحل يحتاج إلى تفصيل لمضمونه ولطريقة تنفيذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.