وزير التعليم العالي يفتتح مقر جامعة كفر الشيخ الأهلية    إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. شيخ الأزهر يعلق مكالمات تهنئة أوائل العام ويلغي المؤتمر    ب500 دينار.. وزارة العمل تعلن عن وظائف بالأردن    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتى البحيرة وكفر الشيخ    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع بمعدلات تنفيذ أعمال الطرق والمرافق بمنطقة شمس الحكمة    الطماطم ب7 جنيهات وارتفاع في سعر البطاطس.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    التموين خفض أسعار الدواجن المجمدة بالمجمعات الاستهلاكية من 125 جنيهًا ل 110 جنيهات    الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي: تصريحات ترامب تؤكد أن واشنطن لم تكن يوما وسيطا نزيها    صحة غزة: 57 شهيدا و512 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 24 ساعة    مجمع الشفاء الطبي في غزة: سجلنا 7 وفيات بسوء التغذية خلال أسبوع    ترامب يعلق على الهجرة إلى أوروبا: «أوقفوا هذا الغزو الرهيب»    جوتا يُزين قمصان لاعبي ليفربول في ودية ميلان    رسميًا.. إنتر ميامي يتعاقد مع دي بول    حقيقة إصابة لاعب الأهلي بالرباط الصليبي في ودية البنزرتي (خاص)    انطلاق امتحانات الدور الثاني لمراحل النقل في الغربية    إصابة عامل بتسمم نتيجة تناول حبوب حفظ الغلال بطهطا في سوهاج    وفاة سيدة دهسا أسفل عجلات القطار جنوب الأقصر.. انزلقت رجلها لحظة صعودها    معرض الكتاب ببورسعيد يناقش أثر الذكاء الاصطناعي على الإبداع والتحول الرقمي    الرئيس اللبناني يعزي فيروز في وفاة زياد الرحباني: قلوبنا معها في هذا المصاب الجلل    «توفير 1.8 مليار جنيه» .. الصحة تكشف نتائج التقييم الاقتصادي لمبادرة «صحة الأم والجنين»    كيف ننام في ليالي الصيف الحارة؟    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    صورة في القطار أنهت معاناته.. والد ناشئ البنك الأهلي يروي عبر في الجول قصة نجله    الاتحاد الإفريقي يرحب بإعلان ماكرون نيته الاعتراف بدولة فلسطين    علاج النحافة، بنظام غذائي متوازن وصحي في زمن قياسي    مصر تشارك في صياغة وإطلاق الإعلان الوزاري لمجموعة عمل التنمية بمجموعة العشرين    وزير الزراعة اللبناني: حرب إسرائيل على لبنان كبدت المزارعين خسائر ب 800 مليون دولار    مصلحة الضرائب تصدر قرار مرحلة جديدة من منظومة الإيصال الإلكتروني    طبيب سموم يكشف سبب وفاة الأطفال ال6 ووالدهم بالمنيا.. فيديو    تحرير 220 محضرًا لمخالفات بالمخابز والأسواق والمستودعات ببنى سويف    اشتباكات بين كمبوديا وتايلاند تسفر عن مقتل 33 شخصا على الأقل    معسكر دولي لمنتخب الطائرة في سلوفينيا استعدادًا لبطولة العالم    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    إعلام فلسطينى: الاحتلال يستهدف منزلا غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    ماذا قال أحمد هنو عن اطلاق مبادرة "أنت تسأل ووزير الثقافة يجب"؟    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقيع كتاب يوثق رحلتها المسرحية    سيراميكا يواجه دكرنس غداً فى رابع ودياته استعداداً للموسم الجديد    لمزاملة بنزيما.. المدير الرياضي لاتحاد جدة يريد فينيسيوس    وفاة 3 رضع في غزة نتيجة سوء التغذية ونقص الحليب بسبب حصار إسرائيل للقطاع    الصحة: دعم المنظومة الصحية في محافظة البحيرة بجهازي قسطرة قلبية بقيمة 46 مليون جنيه    غينيا تتجاوز 300 إصابة مؤكدة بجدري القرود وسط حالة طوارئ صحية عامة    من رصاصة فى القلب ل"أهل الكهف".. توفيق الحكيم يُثرى السينما المصرية بكتاباته    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    وزير الري يتابع مشروع مكافحة الحشائش المائية في البحيرات العظمى    القضاء الأمريكى يوقف قيود ترامب على منح الجنسية بالولادة    بالأرقام.. الحكومة تضخ 742.5 مليار جنيه لدعم المواطن في موازنة 25/26    "تأقلمت سريعًا".. صفقة الأهلي الجديدة يتحدث عن فوائد معسكر تونس    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    تجارة القناة تعلن قواعد القبول بالبرامج الجديدة بنظام الساعات المعتمدة للعام الجامعي 2026    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوان صحوة الضمير ومراجعة المواقف
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 12 - 2013

بعد مضى أكثر من خمسة شهور على انقلاب 3 يوليو، ثمة سؤال يتعين طرحه على من كانوا مخلصين لثورة يناير من النخب وعموم المواطنين، ولكنهم حادوا عن المسار الديمقراطى وتحالفوا مع أعداء هذه الثورة ومع المنافقين الذين لا همَّ لهم إلا مصالحهم الخاصة. فاستدعوا الجيش للتدخل فى المجال السياسى من أجل إسقاط أول رئيس منتخب ديمقراطيًا والخلاص من حكم الإخوان، غير مبالين بخطورة هذا التدخل على مستقبل النظام السياسى وعلى مقتضيات العيش المشترك بين مختلف قطاعات الشعب. والسؤال هو: كم من الوقت يجب أن يمضى وكم من الأحداث الجسام يجب أن تقع قبل أن يدرك هؤلاء حقيقة الفخ الذى وقعوا وأوقعوا البلاد فيه، وحقيقة الطريق الذى تسير عليه سلطة 3 يوليو؟
إن الشواهد تتوالى على أن هذا الطريق يدفع البلاد نحو نظام حكم سلطوى، ونحو عودة الدولة الأمنية، ارتكازا على هيمنة قادة الجيش والشرطة على باقى مؤسسات الدولة وعلى أجهزة اتخاذ القرارات. إنه الطريق إلى تعميق الشقاق وسد الأبواب أمام إحلال الوفاق بين الفصائل السياسية وبين مختلف فئات الشعب. وهو الطريق الذى لن يعانى من ويلاته معارضو الانقلاب فحسب، بل ومن دعوا إلى الانقلاب أو أيدوه. بل إن هذه الويلات قد وقعت بالفعل، مبتدئة بالبرادعى ومنتهية ولحين إشعار آخر بمعارضى قانون التظاهر.
وليراجع القوم قول رئيس الوزراء بأنه «منذ ثورة 30 يونيو ونحن نسير بنجاح فى خارطة الطريق». ولتبدأ المراجعة بتذكر أن خريطة الطريق ذاتها كانت التفافا حول المطلب الأساسى لقوى 30 يونيو، وهو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. فقد وضعت هذه الانتخابات فى نهاية الخريطة. ولم يعبأ من صار بيدهم الأمر والنهى باعتراض بعض مؤيديهم على عدد من عناصر الخريطة، وأصروا على حصانة الخريطة ضد أى تغيير. وأدعو القوم للتساؤل عن أى نجاح تحقق فيما نصت عليه الخريطة من اعتراف بشرعية ثورة يناير، وقد صار من تقاليد السلطة الجديدة تهميش ثورة يناير وتجاهل مطالبها بالحرية والعدالة والكرامة لصالح ما يعتبرونه «ثورة يونيو».
•••
لقد سارت السلطة الجديدة قدما على طريق تقييد حرية الإعلام والتعبير عن الرأى، وعلى طريق القمع واعتقال وقتل وجرح الآلاف من المصريين وإهدار كرامتهم، ناهيك عن الاستخفاف بالديمقراطية وتسخيف كل من يطالب بالاحتكام إلى آلياتها. وبعدما كان إلغاء الطوارئ فى طليعة مطالب ثورة يناير، عادت الطوارئ مقرونة بحظر التجول ومدعومة بانتشار غير مسبوق لقوات وآليات الجيش والشرطة، وبإجراءات إغلاق الميادين الرئيسية والشوارع المؤدية إليها تحسبا لتظاهرات المعارضة. وعندما أنهيت الطوارئ، حل محلها قانون يقال إنه لتنظيم حق التظاهر، بينما هو فى الحقيقة وكما أدرك قطاع من أنصار 3 يوليو قانون لمنع التظاهر والتنكيل بمن يتظاهر دون الحصول على موافقة الداخلية التى أصبح لها القول الفصل فى شأن تفعيل حق التظاهر. ويضاف إلى ذلك مصادرة هذا القانون للحق فى الاعتصام وربما للحق فى الإضراب أيضا. وما صدر هذا القانون إلا لشرعنة الممارسات غير المشروعة للشرطة، ولتحصين عناصرها ضد المساءلة عن جرح وقتل المتظاهرين.
وأى نجاح تحقق فى وعد خريطة الطريق بعدم الإقصاء والمصالحة؟ لقد تحول هذا الوعد عمليا إلى ممارسات كريهة لتعميق الاستقطاب وتكريس الانقسام من خلال حملات الكراهية وتشويه السمعة بحق الإخوان ومن يدافع عن حقهم فى التعبير والعودة للمسار الديمقراطى، ومن خلال الملاحقات الأمنية والاعتقالات (حتى لأسباب لم يجرمها القانون مثل حمل شعار رابعة) وحملات القتل والحرق التى شنتها القوات العسكرية والشرطية على المتظاهرين أمام دار الحرس الجمهورى وفى طريق النصر، وعلى المعتصمين فى ميدانى رابعة والنهضة، وفى الاشتباكات التى تفتعلها الأجهزة الأمنية مع المسيرات والتظاهرات الرافضة للانقلاب والتى لم تتوقف فى أرجاء البلاد منذ وقوعه. بل إن الحديث عن المصالحة الوطنية صار مرفوضا من جانب أنصار الانقلاب ومن بينهم وزراء فى حكومة الانقلاب مثل د. البرعى الذى هدد بالاستقالة والتظاهر ضد الحكومة لو استجابت لمطلب المصالحة، ومثل السيدة سكينة فؤاد التى وصفت كلام الرئيس المؤقت عن المصالحة بأنه «غريب جدا» و«يعرض أمن الوطن للمخاطر».
•••
وإذا كان آلاف المصريين يتهمون بالتحريض على العنف ويعتقلون لهذا السبب، فلماذا تغاضت العدالة عن اتهام الكثيرين من السياسيين والإعلاميين الذين كانوا يحضون على العنف والقتل بحق الإسلاميين قبل الانقلاب، وبحق معتصمى رابعة والنهضة بعد الانقلاب؟ ولماذا تستمر فى التغاضى عمن يدعون إلى التنكيل بالمتظاهرين رافضى الانقلاب أو رافضى قانون التظاهر بدعوى الحفاظ على هيبة الدولة. وقد فات هؤلاء أن «هيبة الدولة» شعار لا ترفعه إلا النظم السلطوية والدول البوليسية التى لا تكن للدساتير ولا للقوانين أى احترام، وأن الدول الديمقراطية لا تعرف غير «هيبة القانون» الذى يصدر من سلطة منتخبة.
وأى نجاح ذلك الذى تحقق فى خريطة الطريق وعلى أيدى حكومة الببلاوى عندما تعلن أن «الشغب» بالجامعات والمقصود حقا هو التظاهر سيواجه بكل حسم وعزم، وأن على الشرطة دخول الجامعات دون الحصول على إذن من رؤسائها لفض المظاهرات والقبض على «مثيرى الشغب». وكانت النتيجة إراقة دماء عدد من الطلاب واعتقال وفصل المئات منهم. والظاهر أن هذه الضحايا تبدو هينة فى رأيهم بالقياس إلى الآلاف الذين قتلوا وحرقوا واعتقلوا فى رابعة والنهضة دون اعتراض جاد منهم. ومن المدهش أن يؤيد انتهاك حرمة الحرم الجامعى من ناضلوا من أجل إلغاء الحرس الجامعى ومن أجل تطهير الشرطة والقضاء، ومن كنا نظن أنهم ديمقراطيون حقيقيون. ولكن أليس هذا هو الامتداد المنطقى لتورطهم فى الدعوة للانقلاب على المسار الديمقراطى وتأييدهم تدخل الجيش فى السياسة، بل وتأييد البعض منهم لتنصيب قائد الانقلاب رئيسا للبلاد حتى بدون إجراء انتخابات؟
•••
وكعادة النظم الاستبدادية، سرعان ما يتجمع حولها فقهاء السلطان المبررون لتصرفاته وتشريعاته، وقضاة السلطان الذين يحركون القضايا ويصدرون الأحكام على هواه. ومن الأمثلة الصارخة تلك الأحكام التى صدرت بمنتهى السرعة والقسوة على طلاب جامعة الأزهر بالسجن 17 عاما، وعلى طالبات بالثانوى والجامعة من حركة «7 الصبح» بالإسكندرية بالسجن مع الشغل 11 عاما، مع الزج بالقاصرات منهن فى إصلاحيات الأحداث. ومن العجيب أن تسمع اعتراضات على نص أو أكثر فى مسودة الدستور من جانب جبهة الإنقاذ التى انخفضت نسبة من يثق فيها من المصريين إلى 13% (حسب استطلاع رأى مركز زغبى الأمريكي)، ومع ذلك فإنهم يدعون الناس إلى التصويت على الدستور ب«نعم»، أو تسمع من بعضهم اعتراضات على قانون مثل قانون التظاهر أو قانون الإرهاب المتوقع صدوره، ومع ذلك فإنهم لا يراجعون مناصرتهم للانقلاب ولا يفكرون فى التخلى عن المناصب التى قلدتهم إياها سلطة الانقلاب. وحجتهم فى الحالين أن هذا المسلك ضرورى للحفاظ على «شرعية ثورة يونيه»، أو «علشان العجلة تمشي»، أو من أجل «أن تستقر البلد».
أما الحكم الجائر على طالبات الاسكندرية، فقد سكتت عنه رئيسة المجلس القومى للمرأة بحجة «أن المجلس لا يتدخل فى عمل المحكمة والقضايا»، كما لم يتجاوز تعليق أمين المجلس القومى لحقوق الإنسان عليه «أن الفيصل هو التحقق من سلامة الإجراءات القانونية». وبينما تحركت قضايا وصدرت أحكام كهذه بسرعة الصاروخ، واستخرجت ملفات بلاغات قديمة كان يظن أنها حفظت مثل بلاغ اتهام المستشار الخضيرى وآخرين بتعذيب مواطن فى ميدان التحرير، ثمة قضايا أشد خطرا تقبع فى ثلاجة النيابة أو تصدر بشأنها أحكام فى منتهى الرأفة أو أحكام بالبراءة، مثل قضايا قتل المتظاهرين خلال فترة حكم المجلس العسكرى، وقضايا إتلاف وحرق مقار الإخوان وحزبهم، وقضايا مجازر يوليو وأغسطس 2013.
•••
وبعد هذا الذى ذكرته وهناك الكثير غيره، ومنه إحكام الحصار على غزة وسوء معاملة المهاجرين السوريين أما آن الأوان أن يدرك من قصدتهم بهذا الحديث أن الخيار الحقيقى ليس بين الجيش والإخوان، ولكنه بين دولة المواطنة الديمقراطية والدولة الأمنية الديكتاتورية، وأن يعلنوا تبرؤهم مما يجرى، وأن يفضوا تحالفهم مع أعداء ثورة يناير ومنافقى السلطان، وأن يسحبوا التفويض الذى منحوه لقائد الانقلاب ويفكوا ارتباطهم مع سلطة 3 يوليو، وأن يوحدوا قواهم مع القوى المخلصة لأهداف ثورة يناير، انطلاقا من مصالحة وطنية منصفة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.