اقتناء الماركات العالمية، حلم يراود الكثيرين وخاصة من أصحاب الدخول المتوسطة، لذا يلجأ الكثيرون إلى تقليدها مما يعرض الشركات المنتجة لها إلى خسائر فادحة. قد يكون شراء ملابس رياضية لماركة عالمية، بسعر رخيص أمرا يسعد الكثيرين، ولكنه يضع من يقوم بغش العلامات التجارية، تحت طائلة القانون. وإذا ما كانت عمليات الغش من قبل تتم بعيدا عن أعين المسئولين، ولا يعرف أصحاب العلامة الأصليون من أين تأتى المنتجات غير الشرعية، أصبح فى السوق الآن شركة لحماية أصحاب العلامات التجارية. مخبر الشركات «مهمة الشركة البحث عن معلومات عن المنتجات المقلدة، من يقوم بتصنيعها؟، وأين يتم تصنيعها؟ وتقديم هذه المعلومات إلى الجهات المختصة»، كما جاء على لسان إيهاب يوسف رئيس الشركة، ملخصا دور شركته فى كونها «مخبرا سريا» يتحرى عن المسئول عن تقليد العلامات التجارية. ورغم حداثة عهد الشركة فى السوق، يوجد إقبال من مجتمع الأعمال على نشاطها، «حتى الآن يوجد لدى الشركة خمسة عملاء، هم ثلاث شركات عالمية تعمل فى مجال تصنيع الدواء، وشركتان فى مجال صناعة السجائر»، حسب يوسف. تأسيس الشركة استغرق نحو 6 أشهر، حيث إن الجهات المسئولة عن التأسيس تبعا ليوسف لم تتفهم طبيعة نشاط الشركة و«حماية العلامات التجارية وإدارة المخاطر الأمنية».، كما جاء فى السجل التجارى. «رغم أن هذا النوع من الشركات، يوجد فى أغلب دول العالم، فإن مفهوم حماية العلامات التجارية فى مصر مقتصر على حماية حقوق الملكية الفكرية»، حسب يوسف. فكرة إنشاء هذه الشركة، جاءت من خلال عمل يوسف السابق، كمسئول عن أمن وحماية احدى منتجات السجائر العالمية، فى منطقة مصر والسودان، وليبيا. «عندما كنت أمارس عملى السابق، كمسئول عن أمن المنتج، كنت لا أجد من يساعدنى فى جمع معلومات عن المنتج المقلد، ووجدت أن مجال حماية العلامات التجارية من الممكن أن يجد رواجا فى السوق»، تبعا ليوسف. يقول يوسف إن غش العلامات التجارية، لا يضر فقط صاحب العلامة الأصلية، بل أيضا المستهلك. «فالعلامات التى تقلد الآن فى السوق لا تقتصر على الملابس، أو الكماليات بل تشمل الأغذية والدواء وحتى فرامل السيارات مما يعنى إنها أحيانا تعرض حياة المواطنين لخطر بالغ»، تبعا ليوسف. ويؤكد يوسف أن أكثر القطاعات التى يتم غشها تجاريا، هى الصناعات الدوائية، حتى إن إحدى الجهات الأمريكية قد أكدت فى احدى دراساتها أن 7% من الدواء المغشوش عالميا، يتم تداوله فى مصر. ويضيف يوسف أن أى منتج ينجح فى السوق، ويجد رواجا لدى المواطنين، أصبح يقلد، فحسب منظمة الصحة العالمية هناك 30% من السلع التى يتم تداولها فى الأسواق، تكون مغشوشة، 70% منها يتم تداوله فى منظمة أفريقيا والشرق الأوسط. القانون فى مصر يشجع الغش ويرى أن السبب فى انتشار الغش التجارى فى السوق المصرية، عدم وجود عقوبة رادعة على من يقوم بارتكاب هذه العقوبة، حيث «يعاقب من يقوم بارتكاب هذه الجريمة فى أسوأ الظروف، على أساس أنه ارتكب مخالفة جمركية -فى حالة إذا كانت السلعة المغشوشة مستوردة من الخارج ويتم دفع رسوم». تبعا ليوسف الذى يرى أن عقوبة الغش التجارى يجب أن تكون الحبس، وليس الغرامة. والاكثر خطورة ،تبعا ليوسف، أن القواعد والقوانين التى تحكم السوق المصرية تعد إحدى العقبات التى تحرم أصحاب الحقوق والعلامات التجارية من متابعة حقوقهم فى حالة تعرض منتجاتهم إلى الغش والتقليد. القانون المصرى يفرض على صاحب العلامة أن يقوم بتسجيل العلامة كل عام، فى مصلحة الشركات، وإذا لم يقم بالتسجيل لمدة عامين متتاليين لا يجوز له الاعتراض إذا تقدمت أى شركة وأخذت علامته التجارية، تبعا ليوسف. ويضيف قائلا إنه إذا تقدم أحد من أصحاب العلامات التجارية بشكوى إلى مصلحة الجمارك، يشكو من وجود شحنة مستوردة، بها منتجات تقلد منتجه الأصلى، تطلب منه المصلحة أن يسدد 25% من قيمة هذه الشحنة حتى يتم فحصها والتأكد من صحة شكواه. «ريسك فرى»، تحقق فى شكوى مقدمة من إحدى شركات الأدوية الأمريكية، بخصوص وجود شحنة مستوردة بها منتج مستورد، يحمل علامة المنتج الأصلى للشركة، تصل تكلفة الشحنة 6 ملايين دولار، أى أن الشركة الأمريكية مطالبة بدفع 1.5 مليون دولار حتى يتم فحص الشحنة والتأكد من صحة الشكوى، تبعا لإيهاب يوسف. حالات غش ويقول إن هناك حالة أخرى من حالات الغش، لمنتج سجائر تقوم بتصنيعه شركة «توباكو امبريال» الفرنسية، وكانت هناك شحنة مستوردة من سجائر مقلدة وتحمل نفس الاسم من إحدى الدول الأسيوية، وتمكنت «ريسك فري» من ضبطها، وتمت إحالتها إلى محكمة بورسعيد، والتى حكمت بمصادرة الشحنة، منذ شهر مارس الماضى. ورغم أن الشركة الفرنسية عرضت بأن تقوم بإعدام الشحنة على حسابها، حتى لا تضر بسمعة المنتج الأصلى للشركة. «فوجئنا بأن مصلحة الجمارك ترغب فى مصادرة الشحنة لحسابها، على أن يتم بيعها فى مزايدة، المسئولون فى المصلحة قالوا إن البيع سوف يتم بغرض التصدير، وإنه لن يتم بيع السلعة فى السوق المحلية» تبعا لإيهاب. إيهاب يقول إن المشكلة فى مصر أن الموظفين فى المصلحة غير متفهمين كيف يمكن محاربة غش العلامات التجارية، وبالتالى فإن القضاء على الغش يتطلب أن يتفهم المجتمع خطورة الغش على صحة المواطنين، حتى يمكن محاربته، والكشف عنه. ويرى إيهاب أن عدم وجود وعى لدى المواطن العادى بخطورة الغش فى العلامات التجارية، وما يمكن أن يسببه هذا الغش من أضرار، هو السبب فى زيادة حالات الغش فى العلامات التجارية فى مصر، «فبدون هذا الوعى لن يتم القضاء على الغش التجارى» حسب إيهاب.