بدأ ينتشر الآن في الأسواق المصرية العديد من السلع المقلدة وغير الأصلية لمعظم المنتجات الصناعية أو الاستهلاكية واللافت للنظر ان هذه السلع تصنع بحرفية شديدة جدا لا تجعل مستهلكها أحيانا يعرف أنها مقلدة. النتيجة أن كثير من المستهلكين يقعون فريسة لعملية نصب وتضليل من قبل صناع وتجار هذه السلعة التي في الغالب لا تكون مطابقة للمواصفات ولا تتمتع بأي حماية صناعية أو تجارية أو قانونية, فكيف يستطيع المستهلك والمنتج معا محاربة انتشار مثل هذه السلع التي تضر الاقتصاد القومي للبلاد, وتكلف الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بنحو200 مليار دولار سنويا هي حجم السوق العالمية للمنتجات المقلدة حسب تقرير منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي الدولية. في الماضي كنا نقوم بشراء السلع المقلدة لإنها أرخص سعرا مقارنة بالسلعة الأصلية وكان ذلك مقتصرا علي بعض المنتجات الكهربائية ولكن الآن أصبح كل ماحولنا مقلدا وأصبحنا لا نستطيع ان نفرق بين المنتج الأصلي والمنتج المقلد فقد طال شبح التقليد كل شيء في حياتنا حتي السلع الغذائية والدوائية. بهذه الجمل القصيرة بدأ أحمد السيد أبوالمحاسن موظف كلامه عندما سألناه عن المنتجات المقلدة وماذا يعرف عنها, وأضاف قائلا لا أعرف الي متي سنظل دون حماية لهذا الغزو الهائل للمنتجات غير المطابقة للمواصفات وكيف استطيع أنا كمستهلك حماية أطفالي من شراء سلعة مقلدة إذا كانت تباع في كبري المحلات التجارية وأقوم بشرائها يوميا أما ليلي كمال ربة منزل فتقول إن بيع السلع المقلدة لم يقتصر فقط علي المحال التجارية بل أمتد ليصل الي منازلنا فمنذ عدة أسابيع تعرضت لعملية نصب حيث قام أحد الأشخاص بطرق باب شقتي وعندما فتحت وجدته شابا لا يتعدي عمره25 عاما ويعرض علي شراء مسحوق غسيل أتوماتيك لإحدي الشركات الكبري والمعروفة, ويقول إن الشركة تقوم بعمل نوع من التنشيط لمنتجها خاصة في ظل وجود منافس قوي لها في السوق وعند شرائي لعدد6 علب من المسحوق سأحصل علي ثلاث علب مجانية, وأن هذا العرض خاص بالمنازل فقط وكتب علي العلبة نفس الجملة والأكثر من ذلك ان هناك جملة تضفي مصداقية أكبر وهي أن هذا العرض غير مصرح ببيعه في المحلات الكبري وبالطبع قمت مثلي مثل جميع السيدات بالعمارة بشراء هذا العرض المغري علي أنه المنتج الأصلي الذي استخدمه بالفعل وبعد ان أخذ الشاب الأموال انصرف سريعا وتشككت في الأمر وفحصت العبوة جيدا وقارنتها بالعبوة الاصلية الموجودة عندي لاكتشف الخدعة وهي ان هناك شركة تعبئة ليس لها أي وجود قانوني أو سجل تجاري قامت بتعبئة مسحوق عادي في عبوة طبق الأصل من العبوة الاصلية ولا يفرق بينهما إلا حرف واحد طبع بشكل لا يستطيع أحد أن يكتشفه, وللأسف تكرر هذا الموضوع مع عدد كبير من المستهلكين لمنتجات أخري كثيرة لشركات كبيرة. ويقول وليد محمد المراغي محاسب قانوني السبب في انتشار هذه السلع المقلدة من وجهة نظري هي الشركات المنتجة نفسها حيث لا تقوم هذه الشركات بتوعية المستهلك أو تحذيره من وجود سلع مقلدة لمنتجها في الأسواق. ويقول فخر الدين أبو العز رئيس جهاز نقطة الاتصال لحماية حقوق الملكية الفكرية إن التقليد جريمة عالمية عابرة للقارات وله مخاطر كثيرة ويؤثر سلبيا علي نمو وتقدم الاقتصاد القومي لأي بلد ولذلك فقد قامت المنظمات العالمية بوضع قواعد قانونية خاصة بالملكية الفكرية وربطها بالأنشطة التجارية الدولية في ميدان البضائع والخدمات وكانت هي المبرر الأساسي لإقرار اتفاقية التربس العالمية كواحدة من اتفاقيات منظمة التجارة الدولية التي تلتزم بها الدول الأعضاء ولذلك فإن العالم بأكمله الآن يتجه الي تشديد المعايير الدولية لفرض حقوق الملكية الفكرية باعتبارها الأمر الذي سيجعل دخول منتجات المقلدة أو المزيفة الي أي بلد أكثر صعوبة ولذلك فلابد من نشر الوعي حول أهمية حقوق الملكية الفكرية في دعم التنمية الشاملة وهذا هو الدور الذي يقوم به الجهاز, ونحن علي استعداد لتلقي أي شكوي من أي جهة أو شركة أو فرد تعرض لعملية سطو أو قرصنة أو شراء سلعة مقلدة وسنقوم بالتحقيق فيها من خلال لجان متخصصة في فحص السلع وتحويلها بعد ذلك الي الجهات الرسمية المختصة لينال مرتكب هذه الجريمة العقوبة التي يستحقها. ويقول مدحت عبدالحي رئيس لجنة العلامات والبيانات للنماذج الصناعية بجهاز نقطة الاتصال بدأت تظهر السلع المقلدة وتنتشر علي مستوي العالم بأكمله منذ تشكيل منظمة التجارة العالمية وانفتاح الأسواق كقرية واحدة مما جعل الأسواق أكثر استيعابا لأي سلعة تجارية وأعطي فرصة لضعاف النفوس للجوء الي أساليب غير مقبولة لتقليد المنتجات التي تلقي رواجا وقبولا لدي جمهور المستهلكين سعيا لتحقيق مكاسب سريعة دون النظر الي تداعيات هذا الموضوع السلبية التي قد تؤثر بشكل سيء علي الاقتصاد القومي. وعلي المستهلك نفسه من خلال حصوله علي سلعة ذات عمر أفتراضي قصير بالاضافة الي أنها قد تسبب أضرارا جسيمة علي الصحة العامة فمثلا عندما قام أحد الأفراد بتقليد جهاز لأحد ماركات التليفزيون الشهيرة كان المنتج المقلد ينفجر ويسبب خسائر لمستخدمه بالغة ويضيف أن هناك نوعين من التقليد تقليد مقصود وآخر غير مقصود والمقصود هو من يلجأ اليه البعض لمضاهات العلامات التجارية المعروفة بالتطابق التام. ويوضح خالد عبدالحفيظ عضو المكتب الفني لجهاز نقطة الاتصال لحماية حقوق الملكية الفكرية أن السلع المقلدة أصبحت مشكلة يعاني منها العالم أجمع وليس هناك دولة مهما بلغ تقدمها لم تتعرض لهذه المشكلة ولذلك فإن الجهاز يطالب أي فرد يتعرض لشراء سلعة مقلدة أن يتقدم بشكوي إلينا للتحقيق فيها ومن ثم نتخذ حيالها الإجراءات القانونية المفروضة لأن تقليد السلع لا يؤثر فقط علي الاقتصاد القومي بل امتد ليؤثر علي صحة الإنسان أيضا فقد كان من أشهر القضايا التي قام الجهاز بالتحقيق فيها قضايا لتقليد سلع متعلقة بالصحة العامة في مجال الصناعات الغذائية والدوائية والمقصود بالصناعات الغذائية هي كل منتج يستخدمه الإنسان سواء كان مأكلا أو ملبسا أو مناديل أو عطورا أو كريمات أو منظفات شخصية فقد امتد التقليد الي بعض أنواع الحلويات والمقرمشات التي يتناولها الأطفال وتباع في المحلات التجارية الكبري علي أنها منتج أصلي بسبب وضع علامة تجارية تتطابق تماما مع العلامة التجارية للمنتج الأصلي مما يعرض أطفالنا لأمراض خطيرة لأن معظم هذه المنتجات تصنع في مصانع بئر السلم غير المرخصة وغير المطابقة للمواصفات في معظم الأحيان. وأشار الي أن أشهر القضايا المتعلقة بالصحة العامة كانت القضية(6928)2009 جنح الجمالية وكانت تقليدا للعلامة التجارية إيزي كير وهي أحد أكبر مناديل مبللة مستخدمة للأطفال وأخري خاصة بنوع من أنواع الشيكولاتة العالمية التي يتم تقليدها وتباع باسم المنتج الأصلي وبنفس سعره لوجود علامة مشابهة تماما للعلامة الأصلية علي غلافها لا يستطيع الشخص العادي تفرقته مما يحدث لبس وخلط لدي المستهلك. ويعلق مدحت أبوالفتوح المدير التنفيذي لجهاز نقطة الاتصال علي هذه الظاهرة قائلا: إن من أخطر المشكلات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي بشكل عام والاقتصاد القومي بشكل خاص هي السلع المغشوشة أو المقلدة التي تغزو الأسواق الآن بشكل كبير مما يؤدي بشكل غير مباشر الي هروب رءوس الأموال سواء الأجنبية أو المحلية فمن سيستثمر أمواله في سوق مستهلكيه ليس لديهم وعي بخطورة شراء سلعة مقلدة ولذلك فلابد من تكاتف الجهود وتزويد التعاون بين الجهات المعنية والمؤسسات والأفراد لتعميق مفاهيم الملكية الفكرية بالإضافة الي ضرورة زيادة دور الشركات من خلال فرض حماية أكبر علي منتجاتها من خلال تزويد العلامات المائية وتطويرها باستمرار كي يعرف المستهلك أنها سلعة أصلية وأن تشارك هذه الشركات بعمل توعية مستمرة لمفاهيم الملكية الفكرية. وأخيرا يطالب الشركات الكبري بضرورة تفعيل دورها في ذلك من خلال انشاء مكتب لحماية الملكية الفكرية في كل شركة كبري داخل إدارات الشركة لأن معظم أشكال التعرض علي المنتجات تقع نتيجة عدم وجود وعي كاف بمجال الملكية الفكرية مما يؤدي الي وقوع خسائر للشركة تقدر بالملايين لأن صاحبها لا يعرف كيف يحمي حقه أو يحمي مصنفه سواء بالتسجيل لعلامته التجارية الخاصة أو الإبداع بالنسبة للمصنفات الفنية كدليل أو إجراء للحماية اللازمة للمنتج بالإضافة الي ضرورة تفعيل سياسة المنافسة السعرية للوصول الي المستهلك بالمنتج الأصلي.