3 من أعضاء مجلس المحامين يثبتون إضرابهم أمام محكمة استئناف شمال القاهرة    جامعة عين شمس تضع 10 إجراءات لضمان سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بنجاح    جامعة المنيا الأهلية تُنشئ منظومة اختبارات إلكترونية وتُجهز 4 معامل لكلية الذكاء الاصطناعي    وزير الري: كاميرات لقياس التصرف على ترعة الإسماعيلية    بعد جدل الساعات المعتمدة، رئيس جامعة القاهرة يكشف ل فيتو نظام الدراسة ب«الجامعة الأهلية»    رسميًا.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 الترم الثاني    رئيس الوزراء يتفقد محطة مياه المرشحة الملاحية الجديدة بطنطا (صور)    قرار رسمي يحدد ضوابط التصوير داخل مينائي الإسكندرية والدخيلة    وزير الاتصالات يبحث مع نظيره الياباني التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني    نائب محافظ الأقصر يكرم رائدات الأعمال بمبادرة "ست ب100 ست".. صور    الزراعة: صادرات مصر من العنب تخطت حوالى 181.1 ألف طن فى 2024    ضمن مبادرة «صكوك الإطعام».. توزيع 2 طن لحوم على الأسر الأولى بالرعاية في بني سويف    محافظة القدس: إغلاق مدارس الأونروا محاولة لتصفية قضية اللاجئين    الأونروا: غزة أصبحت أرضًا لليأس والجوع فيها لا مثيل له من قبل    أسرار دخان الفاتيكان.. تعقيدات طقسية عمرها قرون فى عصر البث المباشر    وزير خارجية إيران: زيارتي للهند تهدف لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة    سيناريوهات قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة الأهلي والزمالك    موقف مصطفى شلبي من لقاء الزمالك وسيراميكا في الدوري    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    خالد بيبو يكشف كواليس صدامه الأول مع كولر ويؤكد: "ظلم لاعبين بسبب حلمه بالمونديال"    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    بيت السناري يستضيف حفل ميكروفون 18 للمواهب الفنية الخميس المقبل    أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تعلن طقس الساعات المقبلة    ضبط سيدة بتهمة انتحال صفة طبيبة فى الهرم    الجريدة الرسمية تنشر قرارات رد الجنسية المصرية ل42 شخصا    جثة ال17 طعنة.. المؤبد للمتهمين في جريمة «السلاكين» بنجع حمادي    حملة مكبرة في بورسعيد تصادر زينة حفلات الزفاف من الشوارع -صور    صمت اختياري    تفاصيل الأزمة الكاملة بين أسرة محمود عبد العزيز وبوسي شلبي    وزير الثقافة: وضع أسس علمية ومهنية لإنتاج محتوى درامي يرتقي بالذوق العام    قادة بالفطرة.. 5 أبراج يتألقون تحت الضغط هل أنت من بينهم؟    رسالة ماجستير بجامعة الأزهر حول "معالجة الإعلام الصهيوني لقضايا العرب" الاثنين    بوتين: التبادل التجارى مع الصين بلغ أكثر من 244 مليار دولار    اليوم.. طرح الإعلان الرسمي لفيلم «المشروع x»    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    رئيس الوزراء يتفقد مركز أورام طنطا القديم    "الصحة": تخريج الدفعة الثالثة من برنامج "مرشدى تعافى الإدمان"    الصحة العالمية تكشف أهداف حملة اليوم العالمى للامتناع عن التبغ لعام 2025    وزير الصحة يبحث مع نقيب التمريض تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    تعليمات أداء تقييمات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الصفوف الأولى للمصريين بالخارج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    تخفيف الحكم على قاتل والدته بالإسكندرية من الإعدام للسجن المشدد    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    رامي ربيعة يقترب من الموافقة على عرض الأهلي الأخير    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    اليوم.. «محامين المنيا» تعلن الإضراب عن محاكم الاستئناف رفضًا لرسوم التقاضي    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة يناير هل كانت مؤامرة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 01 - 2014

عقب تنحى مبارك وفى بدايات الفترة الانتقالية بدأت بعض الأصوات الهامسة تتحدث عن سلسلة من المؤامرات الكونية التى حدثت وأدت لاندلاع الثورة المصرية، وكنا نتعامل مع هذه الأفكار بنفس طريقة تعاملنا مع مؤامرة فاهيتا المزعومة لتفاهتها خاصة أن الأصوات التى تتهامس بهذا الكلام كلها تضع صورة مبارك كزعيم للأمة وكنا نشفق عليهم من صدمة ومفاجأة الثورة التى كسرت الديكتاتور وانتهت برحيله وأصابت بعضهم بلوثة من الجنون.
وتمر الأعوام الثلاثة على ذكرى الثورة وإذا بالأفاعى تخرج من جحورها وإذا بكثير ممن نافقوا هذه الثورة يكشفون عن وجوههم القبيحة وينفثون نار حقدهم الدفين ويخرجون ما فى قلوبهم من كراهية ويؤكدون أن عبيد الاستبداد يحنون إليه وأنهم تعاملوا مع الثورة كأزمة حاولوا استيعابها والقفز عليها والتهليل لها وغسل أيديهم من نظام مبارك رغم انهم كانوا من المطبلين له ومن المروجين لسيناريو التوريث.
لم يستح هؤلاء ومنهم بعض أصحاب الشعر الأبيض ومنهم من كان يحتفى بالثورة ويريد توثيق أحداثها كأعظم حدث شهدته مصر فى تاريخها الحديث على حد وصفه وإذا به يخرج اليوم يصفها بأنها مشبوهة، وآخر بلغ من العمر أرذله، وعاش خادما ومروجا لنظام مبارك يتحدث على أن ثورة يناير احتلال مدنى قامت به أمريكا لإيقاف تقدم مصر ونهضتها التى كان يقودها مبارك وابنه!
لا يخجل هؤلاء من تناقض مواقفهم ولا من نفاقهم، وهم يعتقدون أن تشويه ثورة يناير هو قربى وتزلف للنظام الجديد فى مصر الذى وضع فى ديباجة الدستور الجديد تقديره لثورة يناير، بينما على الأرض يترك كل الممارسات الهدامة والأبواق الناعقة للنهش فى الثورة حتى أصبحوا كمن يبتسم فى وجهك ويخفى خلف ظهره خنجرا يطعنك به بمجرد أن تستدير.
تستطيع بسهولة أن تخرج قائمة سوداء بأسماء هؤلاء المتحولين والأرشيف ممتلئ عن آخره بما يكشف وجههم القمىء، ولكن ماذا تفعل مع من فقدوا احترامهم لأنفسهم ويصرون على أن يسيروا لقبورهم بنفس النفاق والتدليس؟
حين نزل الشباب صبيحة يوم 25 يناير كانت ثورة تونس شرارة الأمل التى ألهبت الحماس، وكانت المطالب المرفوعة إلغاء حالة الطوارئ وإقالة وزير الداخلية وايقاف مسلسل التوريث وإقرار حد أدنى للأجور، وجسد الشعار الثلاثى الذى توحد عليه الشباب عيش حرية عدالة اجتماعية هذه المطالب، ولكن بعد قمع داخلية مبارك للمتظاهرين بعنف وتمكن الشباب من دخول ميدان التحرير قبل غروب الشمس بدأ الهتاف الشعب يريد إسقاط النظام.
قبل فض الاعتصام الذى بدأ فى ميدان التحرير مساء الثلاثاء 25 يناير لم نكن نعرف حين وصلنا لميدان التحرير ما هى الخطوة القادمة، فوصولنا لميدان التحرير كان مفاجأة لنا واعتبرنا ببراءتنا وسذاجتنا أن هذا انتصار ساحق وأن مصر ستتغير بعد هذه الخطوة، ولكن عقب منتصف الليل بقليل انهالت علينا قنابل الغاز والطلقات فى عملية إخلاء وحشى للميدان وفض إجرامى لبدايات الاعتصام الذى أعلناه عبر اذاعة التغيير التى بثها الشباب عبر بعض الميكروفونات البدائية بالميدان، كنا نخرج من الميدان تحت وطأة الإصابات والاعتقالات، ولكننا كنا ننظر فى عيون بعضنا البعض ونقول لأنفسنا إنا لعائدون.
غباء النظام وتكلسه وعجزه عن قراءة المشهد مهد ليوم الثورة الحقيقى فى جمعة الغضب التى تحولت فيها الثورة من هبة شبابية إلى ثورة شعبية بامتياز شارك فيها كل شرائح المصريين، ولا يستطيع أى تنظيم ولا كيان ولا أشخاص أن يدعوا أنهم السبب فى ذلك لأن السبب الأكبر فى حشد الناس كان سقوط الشهداء فى السويس وقطع الاتصالات وحدة القمع خلال الأيام الثلاثة التى سبقت جمعة الغضب مع تراكم كبير للقهر والغضب من هذا النظام القاتل للمصريين على مدى ثلاثين عاما.
أمريكا التى يتحدثون عنها لم تكن مؤيدة للثورة وفوجئت بها مثل نظام مبارك الذى كانت تراه هى وإسرائيل كنزا استراتيجيا لها وظلت حتى آخر لحظة متمسكة بنظام مبارك إلى أن أدركت فى اللحظات الاخيرة أن الامر قد انتهى والشعب قد خلع الديكتاتور فغيرت موقفها بعد أن قال الشعب كلمته وفرضها على الجميع.
نعم كانت الثورة حلما لبعض الصبية الذين كان أكبرهم فى بداية الثلاثين من العمر، وحول غباء النظام وبطء فهمه الحلم إلى حقيقة صقلتها دماء الشهداء التى روت أرض مصر وأقسمت على التغيير، وهكذا يقول التاريخ إذا سالت الدماء فإنها تروى شجرة الحرية ليصبح التغيير قادما لا يستطيع أحد إيقافه.
لم يتآمر الثوار مع أحد فقد كانت براءتهم هى مفتاح النجاح، ولو كانوا على هذا القدر من الوعى لأدركوا معنى الثورة الكلاسيكى الذى تتطاير فيه رؤوس النظام الحاكم على أعواد المشانق، ولكنهم عزفوا الحلم برومانسية بالغة يراها الكثيرون الآن سذاجة ويراها الثوار نبلا ورغبة فى بقاء الثورة بيضاء كقلوب من شاركوا فيها.
ويل لمن يعتقد أن الحلم قد تم إجهاضه وأن سوط الجلاد سيعود ليهوى على ظهور المصريين مرة أخرى وسيصمتون، إن الثورة كسرت حاجز الخوف ولن يعود مرة أخرى فمن شاب المدرعة إلى شباب يشتاق للموت ويفتح له صدره ليلحق برفاقه، مهما خّيل لبعضهم أن الوهج قد أُخمد فإن النار تحت الرماد وهناك جيل لم يعد لديه ما يخسره لذلك فطلبه للحرية وحلمه بالديمقراطية سيكتمل رغما عن أنف من يريدون إعادة عقارب الساعة للوراء، أما الواهمون فنقول لهم لا تصارعوا سنن الكون ولا تقفوا فى وجه عجلة الزمان الذى دار بالتغيير واتعظوا ممن علا ثم هوى، (وتلك الأيام نداولها بين الناس).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.