تأتى تجربة الفيلم المصرى «المعدية» لتشكل نمطا سينمائيا مثيرا للجدل بات يسيطر على بعض أفكار الجيل الجديد من السينمائيين، فهم بلا شك يملكون أفكارا جيدة لكن يأتى التنفيذ السينمائى ليشوبه الضعف فى بعض من مفرداته الفنية، والتى تلقى بظلالها فى النهاية على الصورة العامة للمنتج. فى الفيلم الذى عرضه مهرجان دبى السينمائى فى قسم «ليال عربية» يقدم السيناريست محمد رفعت، والمخرج الشاب عطية أمين قصة اجتماعية بسيطة تعكس أزمة جيل فى التأقلم مع الواقع الصعب ماديا ونفسيا وروحيا، حيث نرى ثلاثة أصدقاء، حسين «أحمد صفوت»، الذى يترك زوجته ثلاث سنوات من أجل توفير المال، وعندما يعود نجد المشاعر قد أصابها الفتور بينه وبين زوجته «مى سليم». ونرى أيضا فارس أو «هانى عادل» الذى يعمل حارس أمن فى عمارة ويعيش قصة حب مع أحلام «درة» أخت حسين، لكنه يصطدم بظروفه المادية الصعبة، ثم نرى الصديق الثالث منصور «محمد على» الذى تحوله الظروف الاجتماعية الصعبة من شاب بسيط إلى تاجر مخدرات ذى نفوذ وهمى. واقعية الحكاية وجودة الفكرة التى تدور فى جزيرة الدهب على أطراف مجتمع تنهش فيه الظروف والشك ونظرية الشرف، قلل من حيويتها وطزاجتها أداء غير جيد، تقليدى يفتقد الإحساس لبعض الممثلين الذين ظهروا وكأنهم يسمعون الحوار دون التعايش وجدانيا معه، باستثناء فارس أو «هانى عادل»، الذى ينضج من تجربة لأخرى كممثل وإن كان عليه أن يغير بعض الشيء من تكنيك أدائه فى تجارب قادمة. الشيء الذى يحسب لمثل هذه التجربة هو أنها تتمسك بفكرة البطولة الجماعية لتعكس مأساة جيل يحاول أن يعبر من حال إلى حال، عبر شنطة السفر التى تتنقل بين الأصدقاء الثلاثة، وهو بالطبع ما يتطلب تضحية بشيء ما كما بدت رسالة الفيلم، فحسين تنازل عن فكرة استمراره فى السفر ليستقر مع زوجته وابنته فى محاولة لعلاج ثغرة المشاعر التى نفدت فى علاقتهما، وفارس فضل البقاء لمواصلة رحلة الشقاء من أجل ألا يبتعد عن حبيبته أحلام التى تعمل كوافيرة وتعانى من مضايقات ابن صاحبة المحل، وبعد أن حذرته من أن السفر قد يطيح بالحب، بل مشروع الزواج نفسه، ومنصور هو من قرر السفر ليتطهر من عالم المخدرات وسكة الخطر، ليتركنا العمل بنهايته فى هواجس ما ستسفر عنه الأيام المقبلة للجميع.. هل اختار كل فرد مصيره الحقيقى أم لا؟ فى مجمل التجربة الفكرة والصورة والديكور والموسيقى كانت أدوات تفوقت على الأداء ولغة السرد التليفزيونى وهو ما جعل النظرة للتجربة على أنها غير مكتملة النضج بما يكفى.