سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور.."دبى السينمائى مهرجان ينمو بشغف".. يتحول لقاعدة السينمائيين العرب أمام الجماهير العالمية.. المهرجان يبتعد عن بهرجة الاحتفالات ويركز على اختيار أكبر كم من الأفلام العربية والعالمية المميزة
"10 سنوات من الشغف".. تحت هذا العنوان انطلقت الدورة العاشرة لمهرجان دبى السينمائى الدولى هذا العام، الذى نجح باقتدار أن يكون قاعدة للسينمائيين العرب، بعدما نجح دورة تلو الأخرى فى التأكيد على مكانته، وأهميته على الصعيد العربى والعالمى، وواصل سعيه ليكون أحد أهم الأحداث على الساحة السينمائية العربية. واستطاع "مهرجان دبى السينمائى" منذ انطلاقته فى 2004، أن يتحول إلى المهرجان السينمائى الرائد فى منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، حيث شكّل قاعدة للسينمائيين العرب لعرض إبداعاتهم أمام الجماهير العالمية، وقاد حركة صناعة السينما فى المنطقة، مع المساهمة فى تطوير ودفع عجلة نمو صناعة السينما فى المنطقة، خصوصا فى ظل حرصه على تكريم رموز الإبداع السينمائى فى آسيا وأفريقيا، حيث يفتح الباب أمام المواهب السينمائية المستقلة من دول هذه المنطقة، ويواصل سعيه لتنمية الثقافة السينمائية عن طريق إعطائها مساحة هامة من برنامج المهرجان، وتقام الدورة العاشرة للمهرجان هذا العام، تحت عنوان "10 سنوات من الشغف"، وكنت أتصور أن المهرجان فى هذا العام سيشهد أجواءً احتفالية أكثر، أو سيصدر عددا أكبر من المطبوعات يؤرخ فيها ما مر فى الدورات السابقة والأحداث الأهم والأبرز، ولكن يبدو أن المهرجان وإداراته قرروا أن يبتعدوا عن الأجواء الاحتفالية تلك، مركزين كل جهودهم أكثر على الأنشطة السينمائية. إضافة إلى الحصول على أكبر كم من الأفلام المتميزة، من كافة دول العالم، وإصدار أهم كتاب يضم اختيارات النقاد والمبدعين من كافة الدول العربية لأهم 100فيلم فى تاريخ السينما العربية، وتكريم بعض من مبدعى هذه الأعمال والذين لا يزالون على قيد الحياة، وتحديدا مبدعى الأعمال الذين تصدروا قائمة العشر أعمال الأولى. ** عبد الحميد جمعة: فى حفل افتتاح الدورة العاشرة لمهرجان دبى السينماىى الدولى قال عبدالحميد جمعة رئيس المهرجان فى كلمته: "نشكر هذه المدينة التى احتضنت هذا المهرجان، ولم تبخل عليه حتى صار مهرجانا رائدا فى المنطقة"، وبالطبع كذلك، فإن كلمة السر فى نجاح مهرجان دبى ومرور عقد كامل على انطلاقه ،منذ 2004 ،هى تلك المدينة،ومن يمتلكون رؤى واضحة تنموية للنهوض بالمدينة، ووضعها على خريطة العالم بقوة، وقد كان لهم ما أرادوا لأنهم عملوا بإخلاص شديد، لتحقيق ما حلموا به، فالمدينة فى هذه الدورة لا تحتفل فقط بمهرجانها السينمائى، بل إن كل الشوارع، والمحال تحتفل بفوزها بالاكسبو، وتنظيم المعرض فى2020 وكان الكل يعمل منذ الآن من أجل هذا الحدث. وأضاف "نجح سوق دبى الذى يقام ضمن أنشطة المهرجان، فى أن يسجل أعلى نسبة إقبال ومشاركة من مبدعى العالم، بما يؤكد أن السينما والفن هما جسر التقاء الحضارات، والتعرف على الآخر، وهو ما حدث بالفعل، فنحن فى هذا المهرجان أمام كم هائل ومتنوع من الإنتاج السينمائى العالمى، وهو ما يفتح لمتابعى المهرجان التعرف على الثقافات المختلفة، كما استطاع مهرجان دبى السينمائى الدولى منذ انطلاقته فى 2004، أن يتحول إلى المهرجان السينمائى الرائد فى منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، حيث شكّل قاعدة للسينمائيين العرب لعرض إبداعاتهم أمام الجماهير العالمية، وقاد حركة صناعة السينما فى المنطقة. فيلم " فتاة المصنع" وتتواصل فاعليات المهرجان حتى الرابع عشر من ديسمبر الجارى، ومع مرور الأيام الأولى من المهرجان، برزت عدة أفلام مصرية وعربية متميزة حتى الآن، ويأتى على رأس هذه الأعمال فيلم المبدع المخرج المصرى محمد خان، الذى استحضر فيه روح سعاد حسنى فى فيلمه المتميز "فتاة المصنع"، حيث يعود خان إلى عالمه المفضل، والذى طالما برع فى توصيفه، ورصده إنسانيا، وهو عالم النساء، وما يعانين منه فى مجتمع ذكورى، محبط على الدوام، ففيلمه فتاة المصنع يحمل روح ورائحة أحلام هند وكامليا، وسوبرماركت، وغيره من أعماله الأثيرة بالنسبة لى وقد يكون ذلك بسبب أن الفيلم قصة خان نفسه هو الذى رسم خيوطها بتلك البساطة والعمق، فى آن واحد، فيما حولتها وسام سليمان إلى سيناريو متماسك، ينتمى إلى عالم خان بامتياز، ويكفى أن روح سعاد حسنى حاضرة بقوة فى أجواء الفيلم، من خلال صوتها العذب، واختيارات خان لمقاطع من عدد من أغانيها المتميزة لتكون بمثابة التعليق الصوتى، على حالة البطلة، وتطور قصتها. وكأن "خان" بهذا الفيلم يهدى السندريلا عمله الإبداعى، أوبمعنى آخر كأنه يريد أن يقول لها: "أنت تستحقين أكثر وتأخرت فى تقديم ما يليق بك وبحجم السعادة التى منحتيها". وتحضر سعاد حسنى بقوة فى هذا النص، وكأن البطلة ومعاناتها هى انعكاس لما عانته سعاد أيضاً، وتدور الأحداث حول هيام الفتاة الجميلة والفقيرة، والتى تعمل فى أحد مصانع الثياب، وتجسدها ياسمين رئيس، فى واحد من أهم أدوارها، تعيش مع أمها التى تجسدها سلوى خطاب، وزوج أمها وأخت شقيقة من الأم، فالأم تزوجت بعد وفاة والد هيام، وتعانى فى حياتها من ممل ورتابة، ومن أنها لا تحمل شيئًا جديدا، كل يوم فى الصباح تقف فى طابور العيش لتأتى بالخبز لجدتها، وتنشرها صديقتها وشقيقاتها قبل أن يذهبن معا إلى المصنع، ونرى مشاهد متكررة لشراء العيش والدخول إلى المصنع، التوقيع فى ساعة الحضور،الإفطار، ساعة الراحة، ومشاهد ذهابها مع خالتها المطلقة تجسدها بتميز "سلوى محمد على" لتنظيف الشقق، حيث تعمل خالتها فى تلك المهنة، لتتمكن من إعالة ابنتها والتى لا يدفع طليقها شيئا لها، بهدف ادخار المال الذى قد ينفع هيام إذا جاءها النصيب، وتحمل والدتها بضاعة منوعة من الملابس وتدور بها على الشقق لتبيعها بالتقسيط إلى أن يأتى المهندس الشاب، صلاح يجسده "هانى عادل" ليعمل فى المصنع، وتبدأ كل الفتيات العاملات فى محاولة لفت نظره، ولكن هيام تقع فى حبه منذ اللحظة الأولى، وتتطور أحداث السيناريو، مع محاولاتها المستمرة لجذب انتباهه، والحياة تتواصل، إلى أن يحل موعد الرحلة السنوية لفتيات المصنع، واللاتى تتراهن معهن هيام، على أنها قادرة على إقناع المهندس بالذهاب معهن، وتذهب إليه، ولكنه يرد عليها بحسم هشوف، أصلى ما بحبش الرحلات، فتأخذ منها زميلتها الصدرية الخاصة بها مقابل خسارتها للرهان. ومن أجمل المشاهد بالفيلم، ذهاب هيام وصديقتها إلى الوكالة لشراء ملابس جديدة للرحلة، ويأتى اليوم الموعود والكل يستعد ليوم حافل بالأمل واللعب بعيدا عن جو المصنع، ويتحرك الأتوبيس، وهيام تتطلع خلفها فى كل لحظة على أمل أن يأتى صلاح، وفجأة يظهر فى تاكسى محاولا اللحاق بهم، وبالفعل يصعد الأتوبيس وسط تصفيق، وتعليل الفتيات، وتكسب هيام الرهان أخيرا، وعلى البحر تتنافس الفتيات فى إطعام المهندس فكل واحدة منهن ترغب فى أن يتذوق طعامها، الذى أعدته بنفسها، ويأتى مشهد صلاح وهو يجلس فى وسط الفتيات ويأكل من هنا وهنا ليذكرنا أو يجعلنا نستدعى مشهد النجم الكبير يحيى الفخرانى فى فيلم خرج ولم يعد، إلى أن يصاب صلاح بانفجار فى الزائدة. ومع جلوسه بالمستشفى وزيارة الفتيات له، تقرر هيام أن تقتحم حياته، فتذهب إليه يوميا تتعرف على والدته وشقيقته، وتمنى هيام نفسها بالكثير خصوصا بعد أن منحها القبلة الأولى، ولكن الحياة ليست "بمبى" دائماً، ولا تسير هكذا، حيث تجد مشرفة المصنع اختبار حمل ملقى وسط فضلات القماش، وتصبح كل فتاة متهمة من وجهة نظرها، ولكن الجميع يصوب لهيام والمهندس الشكوك، ويبدأ الكل فى إذكاء روح الشائعات، نتذكر هنا فيلم "مالينا"- فهيام هى الخاطئة بالتأكيد وعليها أن تتحمل الوزر، وهى لا ترد ولا تلتفت إلى ما يتردد، ويصادف أن تتأخر دورتها الشهرية، وتخبر شقيقتها الأم بهمس العاملات وكيف صارت هيام منبوذة، تجن الأم وتضربها، خصوصا بعد أن تجد صورة صلاح وسط ملابسها، ولا تدافع هيام عن نفسها وكأنها تمنى نفسها بأن يأتيها صلاح راكعا مع كل هذه الضغوط، وتهرب من المنزل مع شقيقتها فى طريقهما، إلى خالتيهما، وتروى لها بالتفصيل ما كان بينها وبين المهندس، وتؤكد لخالتها أنها لم ترتكب شيئا خطأ، تحاول خالتها أن تقنعها بأن يذهبا إلى الداية، فى المنطقة الشعبية التى يقطنون بها، فترد عليها "أهون عليكم ياخالتى"، ذلك هو المجتمع الذكورى المتناقض، الذى قرر أن يعامل هيام بكل وحشية وعدم رحمة، جدتها التى تدعى المرض تذهب إليها، إلا أنها تحلق لها شعرها الطويل، لأن الجميع قرر أن يراها خاطئة، ذلك الضمير الجمعى الذى لا يرحم، وهيام صامتة منبوذة، وصلاح يطلب أن يلتقيها، ليمارس عليها قهرا آخر، مرددا على مسامعها أنها تحلم، لو فكرت أنه سيرضخ ويتزوجها، مؤكدا لها أن هناك شخصا آخر ضحك عليها، وهى تريد أن "تلبسه" التهمة، وما بين تدخل زوج الأم وأخوال هيام، وقيامهم باصطحاب صلاح وضربه ليصلح خطأه، ومحاولة هيام الانتحار من سور البلكونة، الخشبى المتآكل أساسا ًوسقوطها مصابة بكسور يتكشف للجميع أنها لم تزل عذراء، أو "بختم ربها" بحسب التعبير الشعبى الدارج. فيلم خان "فتاة المصنع" يبدو شديد البساطة، ولكنه معقد وعميق جدا، لأنه يرصد تناقضات مجتمعنا، وانهيار الكثير من جمالياته، الفتاة المقهورة، والفتيات اللاتى لا تملكن سوى حلم الزواج، ويجلسون فى انتظار العريس، تلك البيئة القبيحة التى يسكن فيها وتنعكس على قبح الشخصيات، والمطلقة التى تستسلم لتحرشات صاحب العمل، فهى لا تملك خيارا آخر، ذلك هو فيلم خان والذى يحمل حنينا إلى عوالم أخرى، أسرعها بصوت سعاد حسنى، وكعادته فالمكان حاضر بقوة "الحارة" بتفاصيلها شكل البيوت، اللقطات، التى تعكس ضيق هذا العالم، ورحابته أحيانا مع اتساع الأحلام الموسيقى والاختيارات فى شريط الصوت كانت شديدة التميز، وأيضاً تصميم الملابس، وإدارة خان لممثليه، تكشف غراما خاصا بالممثل، وكيف أنه مع خان يكون له شأن آخر، من أصغر دور فى العمل حتى الأدوار الرئيسية. "المعدية" : أما الفيلم المصرى المعدية، والذى يلعب بطولته هانى عادل ودرة، وأحمد صفوت وسيناريو وحوار الدكتور محمد رفعت، وهو التجربة الإخراجية الأولى فى الأفلام الروائية الطويلة لفنان المؤثرات البصرية، وعطية أمين، فتدور أحداثه حول ثلاثة أصدقاء تتفرق بهم السبل، ويقوم بتجسيد شخصية حسين أحمد صفوت، يسافر إلى إحدى الدول الخليجية هربا من فشل قصة حبه ورفض أهل حبيبته أن يرتبط بها نظرا لظروفه المادية، المتردية، وفارس يجسده هانى عادل، والذى يرضى بقليله، ويعمل حارس أمن فى إحدى العمارات، ويدخل فى علاقة عاطفية مع شقيقة صديقه حسين تجسدها "درة"، ومنصور الذى تحوله ظروف الحياة إلى بلطجى يتاجر فى كل شىء، نحن أمام ثلاثة أصدقاء وثلاث فتيات، وتحمل حدود كل منهم ظلا للآخرين، فحسين يفشل فى علاقته العاطفية، ويتزوج بشكل تقليدى، من امرأة يهرب منها دائماً بالسفر، أو التجاهل تجسدها مى سليم، ودرة هى النموذج الذى يصر على تحقيق حلمه فى الارتباط بمن يحب، وإيمان تجسدها إنجى المقدم، لا تدافع عن حلمها، وتوافق أهلها وتتزوج بمن يملك المال، وسرعان ما تنفصل، وجميع الشخصيات يعيشون على جزيرة فى النيل، والمعدية هى التى تربط بينهم وبين العاصمة أو العمار، كأنهم معزولون وفى عالم آخر، وبالطبع هناك معنى ومضمون فى الفيلم، ولكن السيناريو شديد التقليدية، وأقرب فى صياغته إلى الدراما التليفزيونية، إضافة إلى الأداء الباهت للممثلين، حتى هانى عادل والذى جاء متميزا جداً فى فيلم فتاة المصنع تراه، يبدو تائها فى فيلم المعدية والوحيد الذى اجتهد فى دوره هو أحمد صفوت، والوجه الجديد الذى جسد دور منصور المهزوم على كافة الأصعدة، والذى لا توجد له حياة رغم تميز الصورة، وأن هناك مخرجا يقف خلف العمل، ولكن للأسف تقليدية الموضوع والأداء الباهت للممثلين، "مى سليم" التى تضع رموش اصطناعية طوال الوقت وهى صاحية أونائمة بما يجعلك تشعر بعبء حضورها، ونفس الحال بالنسبة لدرة، والتى من المفترض أنها بطلة الفيلم، والتى تمثل النموذج الحلم، فهى أيضاً اسمها أحلام، تبدو كمن تسمع الحوار طوال الوقت ولا يوجد لقطة واحدة لها حتى فى مشاهدها الرئيسية بما يجعلك تتوقف عندها، وتلك مسئولية المخرج. "هم الكلاب" ومن الأفلام اللافتة فيلم المخرج المغربى هشام العسرى، "هم الكلاب" والفيلم أقرب فى بنائه إلى الديكو دراما، وعادة ما يختار هشام تجاربه بشكل مغاير، حيث إنه يمثل حالة خاصة فى السينما المغربية، وهو مخرج غير مستسلم للثوابت، ويعمل دوما على التجديد، وفى تجربته الجديدة هم الكلاب يأخذ هشام من أحداث الربيع العربى والثورات التى شهدتها المنطقة، خلفية لأحداث عمله وتظهر فى شريط الصوت، ومنذ اللقطة الأولى تظهر لنا أجواء مرتكبة، مذيع يعد تقريرا خارجيا من وسط الدار البيضاء، حيث يغطى مظاهرة تطالب بالعيش والحرية فى ظل ارتفاع الأسعار، وهناك كاميرا مهتزة طوال الوقت، وصخب يأتى من كل مكان، حتى المذيع نفسه، وفى وسط هذا الصخب تظهر السخرية اللاذعة فكلما يهم المذيع بالحديث، تقع تفصيلة صغيرة خطأ فنى فى الصوت، متظاهر يمر ويلزق المذيع على قفاه بإحدى لافتات التظاهر، المذيع نفسه يتمخض، وفى لحظة خاطفة يمر رجل من أمام الكاميرا يبدو وكأنه قادم من عالم آخر، يسير مغيبا عن الوعى كمن يشاهد عالم لا يعرف عنه شيئا، يلفت نظر المذيع والذى يطلب أن يسجل معه، فيقول له: "اتركنى أنا أبحث عن زوجتى وأولادى، حاملا عجلة دراجة صغيرة وورد فى يده الأخرى" نعرف من الجمل البسيطة التى يقولها الرجل، أنه كان مقبوضا عليه فى انتفاضة الخبز التى شهدتها المغرب، فى 1981، وخرج من السجن بعد 24 عاما، ويسير هكذا تائها فى الشوارع يبحث عن عائلته، ويصر المذيع على أن يسير معه ومع حكايته، ومحاولاته الوصول لأصدقائه، أو أى شخص كان يعرفه ليصله بعائلته التى تعتقد أنه مات، وقاموا بدفن جثة مجهولة، سلمت إليهم، وفى عالم ذلك الشخص، والذى لم نعرف له اسم فهو المجهول، نتعرف إلى رفيقته، وواحد من أصدقائه المناضلين والذى صار صحفيا لامعا، وأضاف هشام حيوية شديدة على العمل الذى قدمه بطريقة فنية حرة، الكاميرا نفسها حرة، تتعرض للسرقة فيجرى المصور وراء من خطف الكاميرا، وكانت الكاميرا هى الأخرى ترفض هذا الواقع وتتمرد عليه، فتظهر الكثير من اللقطات المقلوبة وكأنك تشاهد كل شىء بالعكس، حسب من يجرى بالكاميرا. وتتواصل سخرية هشام من العبث الذى نعيشه حتى تصل إلى درجة البكاء، فالرجل يصل إلى أهله، ولكنه صار مجهولا وماضيا، بالنسبة لهما، الزوجة تزوجت وأنجبت والابن يرفضه، لأنه طالما أذى والدته، كان سكيرا ويعرف كثيرات غيرها، ومن ذكاء هشام هو اختياره لذلك الممثل المحترف والموهوب بحق، ويكفى المشهد الأخير حيث اصطحبه فريق العمل إلى الأستوديو ليروى قصته، وبمجرد أن تدور الكاميرا يقول: "أنا من مواليد1953 بالدار البيضاء، واسمى، ويصمت ليؤكد فى مشهد معبر أن من اغتالوا حياته، وأهانوه وأخفوه هم الكلاب، هؤلاء الذين يعطون الحق لأنفسهم باغتصاب حيوات الآخرين، بإفقارهم وإذلالاهم، وذيل هشام الشاشة بيافطة عن عدد من قتلوا واختفوا فى تلك الانتفاضة، التى كانت تطالب بالعيش بكرامة، ولكن كان شيئا لم يتغير. وتظل تجربة هشام واحدة من أهم التجارب فى مهرجان دبى، حتى الآن، والذى تتواصل عروضه على مدار الأيام المقبلة، وحتى ال14 من ديسمبر، وهناك الكثير من الأفلام التى سنتوقف عندها.