دعت قيادات الدعوة السلفية وحزب النور المواطنين إلى المشاركة فى الاستفتاء على الدستور والتصويت ب«نعم» تجنبا لوقوع البلاد فى فوضى. وقال الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن المشاركة فى الدستور والاستفتاء عليه «ليست خيانة كما يدعى البعض، فضوابط الامر مبنية على المصالح والمفاسد»، لافتا إلى أن غالبية من يرفضون الدستور لم يطلعوا عليه، لكنهم يبررون موقفهم بعدم رغبتهم فى إعطاء شرعية للسلطة الحالية، قائلا: إن «البديل هو استمرار أعمال العنف والقتل والفوضى». وأضاف برهامى، فى مؤتمر حاشد أقامه حزب النور بالإسكندرية مساء أمس الأول، تحت عنوان «لماذا نعم على الدستور المعدل؟»، أن مصر تواجه خطر التقسيم والتدخل الاجنبى، فضلا عن خطر تقسيم المنطقة العربية كلها، مؤكدا أن هناك من يحرص على الفوضى فى مصر وفق «صراع الضعفاء، والبعض يحرص على زيادة أعداد القتلى لإمالة العواطف». وأكد برهامى، الذى أعلن عن انضمامه فى حزب النور ورئاسة لجنة الصحة به، أنه لا يمكن القبول بخيار انكسار القوات المسلحة، رغم التجاوزات لبعض الاجهزة المختلفة فى الدولة، لافتا إلى أن التاريخ الإسلامى تضمن تجاوزات أكبر من ذلك. وأشار إلى أن بعض الشيوخ المعترضين على الدستور يحتاجون لقراءة الدستور أولا، وعدم الاعتماد على «القصاصات»، ومعرفة القواعد التى يفهم وفقها الدستور، لافتا إلى وجود جزء من الكذب فيما يشاع حول بعض الأسماء الرافضة للدستور، وأن العديد يتخذون من فضائية الجزيرة وصفحات فيس بوك الموجهة مصدرا لمعلوماتهم. فيما قال الشيخ أحمد فريد، أحد مؤسسى مدرسة الدعوة السلفية إن «الدستور الجديد يحافظ على الحد الأدنى للهوية مضيفا «لا نحتاج أكثر من ذلك لأن الأمة تحتاج إلى الاستقرار»، و«حتى اليوم لا نصلح أن نكون حكاما، والشعب يريد مزيدا من الدعوة حتى يستطيع أن يحكم بشريعة الله عز وجل». واعتبر فريد أن بحث البعض عن هوية أخرى للدولة غير الإسلام «خيانة»، قائلا: «لا يجوز لأحد أن يبحث عن هوية أخرى للأمة لأنها خيانة كبرى، فنحن نرضى بالإسلام الذى ارتضاه الله للبشرية»، مؤكدا أن حزب النور حافظ على الهوية الإسلامية فى الدستور السابق والحالى. وردا على بعض المشايخ الذى يرفضون الدستور الجديد، قال فريد: «أقول لإخوانى الذين يغترون بقول المشايخ، لا تغتروا بقول أحد، فلا يعرف الحق بالرجال، لكن أعرف الحق تعرف أهله»، متابعا: «ليسوا ولسنا معصومين من الخطأ، ولكن يجب احترام اجتهادنا». ووجه فريد تساؤلاته لمن قرر التصويت ب«لا» على الدستور، قائلا: «هل قرأت الدستور، هل درسته، هل علمت بالجهد الذى بذل فى لجنة الخمسين للحفاظ على الهوية الإسلامية، والجهد الذى بذله ممثل النور فى لجنة الخمسين؟»، مختتما حديثه بالقول: لكل شخص الحرية أن يصوت بما يشاء. مشددا فى الوقت نفسه على ضرورة الحكم على الدستور من خلال البحث والاجتهاد وليس وفقا لكلام الآخرين. فيما أكد الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، أن مواد الهوية والشريعة فى مشروع الدستور الجديد، هى أفضل من دستور 2012 «المعطل»، مشيرا إلى أنه رغم التحفظات على بعض المواد فى الدستور، لكنه فى مجمله يحقق للشعب الحد الكافى من طموحاته، وكذلك الحد المرضى من الحفاظ على الهوية الإسلامية. لافتا إلى أنه رغم وجود ممثل واحد للحزب والدعوة السلفية فى لجنة الخمسين، لكنه كان بمثابة «أمة»، لافتا إلى أن أعضاء الخمسين حرصوا على الحفاظ على الهوية الإسلامية. وطالب مخيون من ينادون برفض الدستور بتقديم البديل المنطقى، مؤكدا أن التصويت ب«نعم» هو بداية على طريق الاستقرار الذى يطمح به كل مصرى، ويغلق الباب ويفوت الفرصة على أعداء الوطن من الخارج والمتآمرين عليه، الذين يراهنون على تفتيت وخراب الدولة وتقسيمها كما يحدث فى باقى الدول. وأوضح مخيون أنه لا يمكن تقييم المشروع الحالى للدستور، معزولا عن الظروف التى تمر بها البلاد، مشددا على ضرورة تقدير خطورة المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر الآن مضيفا «حتى وإن كانت لنا تحفظات على بعض الأخطاء التى ترتكب حاليا، لكن البديل هو الفوضى التى بشر بها الغرب». مناشدا أبناء الوطن بالتكاتف، والتصويت ب«نعم» على الدستور حتى وإن اعترضوا على بعض مواده. من جانبه، قال الدكتور محمد إبراهيم منصور، الأمين المساعد لحزب النور وممثل الحزب فى لجنة الخمسين، إن الدستور شمل زيادات واضحة فى العديد من الحقوق لجميع طوائف وفئات المجتمع المصرى، لاسيما الشباب الذى ضمن لهم وجود 17 ألف شاب فى المحليات المقبلة، معتبرا أن وجود الكوتة فى المحليات هى نجاح للدستور الحالى. وأضاف منصور أن من وافق على دستور 2012، يلزمه أن يوافق مرتين على دستور 2013، الذى احتوى على مواد مفسرة للشريعة الإسلامية، أفضل من سابقتها، مستنكرا، فى الوقت نفسه، الشبهات التى تثار حول مشروع الدستور، لاسيما المساواة بين الرجل والمرأة، مؤكدا وجود فروق عامة بين الرجل والمرأة، وأن المساواة التى نص عليها الدستور مقيدة بالسقف الشرعى الذى يرتضيه الجميع. وأجرى منصور مقارنة بين مادة المحاكمات العسكرية فى الدستورين، المعطل والجديد، كاشفا عن أن المادة فى الدستور المعطل، كانت مفتوحة ولم تكن محددة، على عكس ما حدث فى الدستور الجديد. أما المهندس جلال مرة، الأمين العام لحزب النور، فحذر من المؤامرات التى تدار يوميا لتقسيم الدولة المصرية أو الدفع بها إلى حكم شمولى سلطوى. ورفض مرة الاتهامات التى أطلقها أنصار جماعة الإخوان المسلمين على حزب النور، «على الرغم من أن النور كان المسئول وحده عن الحملة الانتخابية لمرسى وليس الحرية والعدالة، وكذلك الاجتماعات الدورية التى كانت تعقد بين الحزبين بمعدل 7 اجتماعات شهرية، والاتفاق على المشورة فى القرارات المصيرية، إلا أن قطار الحكم تحرك ونظامه فى اتجاه لا يسمع ولا يرى إلا ما يراه ويعلمه»، مضيفا «لسنا من خدعنا أو تآمرنا كما يدعون، فهل نحن من أخرجنا الشعب فى 30 يونيو؟». وأضاف أن الحزب كان يطمح بعد وصول الاخوان للحكم فى التغيير، لكنه وجد التهميش والأخونة فى جميع القطاعات، وكذلك الدخول فى مشاكل مع العديد من الدول، لاسيما إثيوبيا، مؤكدا أن 30 يونيو جاءت نتيجة لسوء الإدارة، و«مرسى كان سائق القطار وحده، وأنزل الركاب والكمسارية، وأدخل القطار فى الحائط». كما أكد المهندس عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمى باسم الدعوة، أن الدعوة السلفية، حتى الآن، لم تشترك مع السلطات القائمة إلا فى أمر الدستور، بينما من يعترض على الدستور، اشترك فى جزيئات فرعية كان من الممكن أن تترك فى إشارة لخوض جماعة الاخوان انتخابات نقابات الأطباء مؤكدا أن من يرفض الدستور من معيار رفضه للسلطة القائمة، يتناقض مع نفسه، لأنه اشترك فى أمور أخرى أقل أهمية من الدستور. ولفت عبدالله بدران، أمين حزب النور بالإسكندرية، إلى أن الحزب رأى ضرورة مشاركته فى عملية وضع الدستور والاستفتاء عليه، باعتباره الخطوة الأولى على طريق الاستقرار واستكمال بناء مؤسسات الدولة، ونظرا للتحديات التى تمر بها مصر خلال المرحلة الحالية. موضحا أن الحلول قد تؤدى إلى بعض التنازلات، وهى محمومة فيما لم تخرج عن الشرع.