لطفى بوشناق:«أنا مواطن» رسالة لمن يريدون الگراسى.. خذوها واتركوا لنا أوطاننا

يتعامل المطرب الكبير لطفى بوشناق مع الغناء بمنطق الفيلسوف الذى يمتلك الحجة والحكمة والمفرد الذى يعبر به عما يجيش بصدره لكى يعبر الى وجدان الناس ويلمس أحاسيسهم ، فى كثير من اغانيه تجده ثائرا لا يحمل السلاح لكنه يحمل كلمة ونغمة وصوتا يهز ويدغدغ كل ظالم أو معتدٍ. بوشناق أو بافاروتى تونس كما يطلق عليه الجمهور العربى جمع خلال مسيرته الفنية بين الأغنية الحديثة والموروث الشعبى وقدم الابتهالات الدينية ومع ذلك لم يتغافل عن القضايا العالمية والعربية فغنى عن «ساراييفو» وعن العراق وأطفال الحجارة وعن ثورة سوريا.
آخر اعماله التى حققت صدى كبيرا فى العالم العربى «انا مواطن» وقبلها «أنا عربى اصيل» التى تحدث فيها عن الدول التى تحاول ان تقود العالم العربى الى المهالك بحجة الديمقراطية والسياسة سخر فيها لطفى من تلك الدول ووسائل تسربهم لعالمنا العربى. ولم تقل مساهماته فى الأغنية العربية عنها فى بلاده إذ لا تخلو حفلاته من المواويل العراقية والأغانى الخليجية أو المصرية، فاكتسب شهرة عربية واسعة.
سألته فى البداية عن اسباب غيابه خلال الفترة السابقة: قال نعم تغيبت كثيرا عن مصر لكن برنامجى خلال السنوات الاخيرة ضم رحلات فنية للهند واليابان والمانيا وايطاليا. واتصور ان الكثيرين فى الوطن العربى تابعوا تلك الجولات، لكننى اعرف ان الجمهور المصرى الذواق يحب ان يرى المطرب صوتا وصورة بين ايدهم وهو امر يسعدنى ويسعد اى فنان خاصة من العزيزة على قلوبنا جميعا مصر.
• لكننى اعرف انك اعتذرت اكثر من مرة عن عدم المشاركة فى مهرجان الموسيقى العربية الذى انت هنا للمشاركة فيه؟
اعتذرت اكثر من مرة لان الظروف المادية للمهرجان تحول دون حضورى وتعلم اننى اتحرك بفرقتى الخاصة. وانا لا يبعدنى عن مصر إلا الشديد القوى كما يقول المثل الشعبى عندكم. مصر هى وطنى الثانى وهى المرجع لنا فى كل شىء والوتد الذى يوضع فى منتصف الخيمة، لذلك فهى وتد الامة العربية وشرف لى ان اغنى على ارضها الحبيبة.
• كيف رأيت المهرجان هذا العام بدون السيدة رتيبة الحفنى؟
هى استاذتى واختى الكبيرة ومثل يحتذى فى المثابرة والعمل وفضلها على كبير لا يمكن انكاره وهى التى فتحت لى ابواب دار الاوبرا المصرية، وافتقدتها كثيرا ومشاركتى مع فرقة الحفنى هذا العام بالمهرجان هو جزء من رد الجميل لها. بمجرد علمى بوفاتها من الاعلام اتصلت بابنتها علا عابدين. واكيد دار الاوبرا بدونها وكذلك المهرجان تبدو وكأن بها شيئا ناقصا.
• هذا العام ايضا فقدنا وديع الصافى واعلم ان لك تجارب معه كيف استقبلت الخبر؟
بالفعل شاركته حفلا كبيرا اقيم ضمن مهرجان فاس للغناء الصوفى، ورحيله خسارة فادحة للغناء العربى فهو مدرسة تختلف تماما عن كل المطربين العرب لذلك بقى وسيبقى.
• فى وطننا العربى لماذا ننسى الرموز بمجرد رحيلهم على عكس الغرب؟
كل من يستحق كلمة رمز موجود بيننا بأعماله. ام كلثوم لم تنس عبدالوهاب واكبر احتفال لهم هو حب الجماهير واستماعهم الدائم لاعمالهم. وهذا افضل تخليد لهم من اى شىء.
• «أنا مواطن» تلك الاغنية التى احدثت انقلابا فى عالمنا العربى بمجرد عرضها وكانت عبارة عن رسالة وهدف.. كيف تراها؟
كل ما يحدث فى الامة العربية محير ومقلق ويستحق ان نقف امامه كثيرا، لذلك قلت لمن يريد الكراسى والاموال عليه ان يأخذها بشرط ان يترك لنا اوطاننا نعيش فيها، لانها الأبقى لنا من اى شىء، بدون الاوطان اين نعيش بالله عليكم؟ اتركونا نستمتع باوطاننا.
• فى رآيك لماذا انتشرت هذه الاغنية؟
لانها تعكس واقعا وانا نفسى احيانا أتساءل لقد غنيت اعمالا كثيرة تنتقد اوضاعا سيئة فى عالمنا العربى فلماذا هذه الاغنية تحديدا احدثت هذه الضجة. لقد غنيت للفتنة الطائفية وعن فلسطين وعن سراييفو وعملت ابنى سالنى عن السياسة. لكن ربما تكون الاعمال الاخرى ضحية الاعلام الذى يسلط الضوء على عمل دون الاخر. الاعلام احيانا لا يعبر عنك. نحن نمتلك 2000 قناة جميعها لا يعبر عن واقعك او ماضيك او مستقبلك.
• تعرضت لحروب ولحملة كبيرة بعد رحيل نظام بن على؟
كله كلام فاضى وغربال الزمن هو الذى سيثبت من منا الوطنى. الصادق يبقى صادقا مهما حدث والشارع العربى يعرف الحقيقة وهذا هو الاهم بالنسبة الى. والحجارة لا تلقى الا على الشجرة المثمرة. انا تونسى اعشق تراب بلدى. وانا لا التفت الى تلك الحروب.
• ازمة الغناء العربى زادت كيف ترى الحل؟
الازمة فى شركات الانتاج، فى فرنسا وايطاليا وكل اوروبا تجد الراى والكلاسيك والجاز والبوب والكانترى ميوزيك. كل الانماط موجودة. اما عندنا فالنمط السائد تصنعه الموجة ويسير خلفه الكل. اساليب تفرض علينا من عالم غير عالمنا.
• لذلك اخترت ان تنتج لنفسك؟
نعم لاننى لا ابحث عن موقع على الساحة بقدر ما ابحث عن موقع امام الله والتاريخ. وانا ارحب بأى شركة بشرط ان تقتنع بالشىء الذى اقدمه، ومتفهمة للاستراتيجية التى انتهجها لنفسى منذ 40 سنة.
• هل الفنان الجاد فى وطننا العربى مظلوم؟
لا اعتقد هذا وانا الحمد لله غير مظلوم. انا لا ابحث عن مكانة لكننى ابحث عن تاريخ. سيد درويش رحمه الله عرفوا قيمته بعد ان رحل عن عالمنا. حتى فى اوروبا اكتشفوا أناسا بعد رحيلهم.
• فى النهاية ماذا تقول للجمهور المصرى؟
اقول لهم مصر هى حبيبة الامة العربية «خلوا بالكم منها» إنها تستحق الكثير منكم.