يبدو أن مهرجان الموسيقي العربية أصيب بالشيخوخة المبكرة وربما بوادر الزهايمرقد ظهرت عليه قبل الآوان, فرغم أن الدورة التي ستنتهي غدا, وهي الدورة الحادية والعشرون أي إنه في عز الشباب إلا إنها جاءت مليئة بالملل والتكرار, وخالية من المفاجآت فرغم تميز وأهمية كل الأصوات المشاركة, إلا إن الدورة الجديدة خلت من عنصر الإبهار الذي يتمثل في أصوات عربية جديدة تتميز بالقوة والعذوبة تشارك لأول مرة وتحدث نوعا من التواصل مع الحضور كي تبعد عن المهرجان شبح الملل والتكرارالمسيطرين عليه طوال السنوات الأخيرة, حيث أصبح سجين عدة أصوات معينة تتكرر بانتظام, وإذا لم تشارك عام تجدها مباشرة في العام التالي. المشكلة الأساسية أن هذه الأصوات تكرر ما قاموا بغنائه من قبل مع إضافة أغنية أو أثنتين من' ريبورتوار' الغناء القديم أو أغنياتهم الخاصة,وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد فمن تقوم بإخراج أوبريت الافتتاح في كل عام مخرجة واحدة بعينها اسمها' جيهان مرسي' وكأن الأوبرا ليس بها مخرجون سواها,خاصة أنها الآخري تفتقد لابتكار وتجديد تصميمات الرقصات الاستعراضية في أوبريتات حفل الافتتاح الذي دأبت علي إخراجه منذ سنوات طويلة, وفي الوقت الذي تتكرر فيه الاستعراضات والأصوات بأمر السيدة رتيبة الحفني أمين عام المهرجان- الحاكم بأمره في المهرجان- ولا يعلو صوت فوق صوتها,حيث تتحكم في كل صغيرة وكبيرة وكأن المهرجان عزبة ورثتها- ناسية تماما أنه مهرجان الدولة المصرية وهو ماينعكس علي اختياراتها العقيمة فنجد أصواتا مصرية وعربية كثيرة ممنوعة من المشاركة نظرا لأن' دمهم تقيل' علي قلب السيدة المسئولة, فأين ميادة الحناوي التي غنت لعمالقة التلحين رياض السنباطي,محمد الموجي,بليغ حمدي,محمد سلطان,خالد الأمير,حلمي بكر,عمار الشريعي وغيرهم,علما بأن بعض أغانيها أصبحت جزءا من التراث الغنائي العربي الشرقي الرصين ؟,وأين هي من التكريم؟ فحتي الآن لم يتم تكريمها ولن يتم تكريمها طالما السيدة رتيبة موجودةعلي رأس أكبر تظاهرة موسيقية عربية, رغم أن تكريمها هذا العام تحديدا كان سيكون لفتة طيبة,خاصة وبلدها سوريا يعاني من ويلات الحرب والفتن والدمار, ومع ذلك مازالت ميادة صامدة في بلدها لم تهرب إلي أي بلد آخر, ولماذا يرتبط التكريم في مهرجان مهم مثل الموسيقي العربية بغناء المطرب ؟! فحتي الآن لم يتم تكريم محمد منير'عاشق النيل' الذي نفتخر بأنه مطربا مصريا استطاع بسمارة لونه ومحليته الشديدة في الغناء الوصول للعالمية,ولا يقتصر الأمر علي ميادة ومنير فهناك' الديفا' سميرة سعيد التي قدمت كل ألوان الغناء بداية من الطقطوقة والقصيدة والمنولوج وغيرها وأصبحت بمرور الأيام' أيقونة الرومانسية' أين هي من التواجد في المهرجان أو التكريم؟! وإذا كانت سميرة قد طلبت غناء بعض من أغنياتها الخاصة ضمن برنامج المهرجان فهذا ليس شرطا مجحفا خاصة أن هذه الأغنيات محببة للجمهور ومن تلحين أساطين النغم الشرقي الأصيل' بليغ حمدي والموجي والأمير والشرنوبي وغيرهم'؟, أم أن غناء الأغنيات الخاصة حلال علي مطرب مثل' مروان خوري وغيره' وحرام علي مطربة بقامة سميرة سعيد,ونفس الأمر مع لطيفة التي افترش صوتها المهرجانات العربية' قرطاج, جرش, المحبة والسلام, الدوحة وغيرها' من المهرجانات العربية والدولية,وشهد لها محمد عبدالوهاب بجمال صوتها وقال لها جملته المشهورة' بخري صوتك يا لطيفة' وفوق ذلك ربما تكون الوحيدة التي غنت بكل لهجات البلدان العربية' مصر تونس- ليبيا لبنان الخليج وغيرهم'؟. علي جانب آخر وفي إطار غياب المهرجان عن الانتصار للقيم الغنائية الراسخة في حياتنا, لماذا لم يتم تكريم إسم المطربة الراحلة' وردة' التي لم يكرمها المهرجان من قبل في إحدي دوراته, خاصة أن هذه هي أول دورة بعد رحيلها؟!وأين المطرب العراقي الكبير' ياس خضر'؟, وأين المطرب المصري' طارق فؤاد' صاحب أعذب الأصوات المصرية التي اتجهت للغناء الديني ؟! وأين المطربة الأردنية الجميلة' سميرة توفيق مطربة البادية'؟ والتي تعاونت مع معظم الملحنين المصريين والعرب؟ وأين نبيل شعيل؟خاصة أن المهرجان كرم من قبل' عبدالله الرويشد'؟,وأين وأين ؟ كثيرة هي الأسماء لكن من يري ويسمع وينتبه للقيمة في حياتنا الموسيقية العربية الزاخرة بالمواهب التي يخاصمها أكبر مهرجان موسيقي في الشرق كله؟. العالم العربي ملئ بالأصوات العذبة القوية التي تستحق أن تتواجد أو تكرم في مهرجان الموسيقي العربية, لكن المسئولين عن المهرجان للأسف الشديد ينظرون من زاوية ضيقة جدا ترتبط فقط بمصالحهم الخاصة وعوامل التعرية من كبر سن وخلافه جعلتهم لايريدون التنقيب والبحث عن أصوات عربية مهمة كما فعلوا من قبل حين قدموا لنا' لطفي بوشناق, صابر الرباعي, حياة الأدريسي, محمد الجبالي, فؤاد زبادي, صفوان بهلوان' وغيرهم من الأصوات التي حققت شهرة وتواجدا كبيرا في مصر,وكان ميعاد مهرجان الموسيقي العربية بالنسبة للجمهور المصري موعدا مع السعادة والطرب والأصالة,قبل أن يتحول في السنوات الأخيرة إلي موعد مع الملل والتكرار والسأم,و يبدو والله أعلم! أن القائمين علي هذا المهرجان أغراهم النجاح الجماهيري الذي يحققه بنفاد تذاكر حفلاته ناسين أنه ينطبق عليه المثل الشعبي الشهير' الأعور وسط العميان نعمة', ففي بلد مثل مصر لايوجد فيه أي مهرجانات غنائية محترمة وفي ظل غياب حفلات أضواء المدينة وليالي التليفزيون,يعتبر مهرجان الموسيقي هو المتنفس الرسمي الوحيد وبارقة الأمل الوحيدة للجمهور المصري المتعطش للغناء الشرقي الأصيل,و يعتبر بعيدا عن ديكتاتورية المسئولة عنه أفضل مهرجان غنائي,وراق ومحترم ومختلف عن مهرجانات' البرنو كليب' التي تقام في الأسكندرية وشرم الشيخ وغيرها من المدن, وحتي لا نتهم بالتجني علي أحد أو تشوبنا شائبة اتهام غير الصالح العام لأحوال الغناء المصري والعربي, توجه ملحق' نجوم وفنون'لبعض المسئولين في المهرجان لمعرفة كواليس اختيار المطربين,وأسرار التكريم فإليكم نص ما قالوه. في البداية أكد الموسيقار الكبير محمد سلطان أحد المؤسسين لمهرجان الموسيقي العربية أنه تم استبعاده من المهرجان مؤخرا وبالتحديد منذ حوالي سنتين دون إبداء أي أسباب من جانب المسئولين, وحتي الآن لا يعرف ما سر استبعاده, وبالتالي لم يأخذ برأيه في أي شئ يخص المهرجان في السنوات الأخيرة, ولا يعرف عنه شيئا غير ما يقرأه في الجرائد ويشاهده علي الفضائيات, رغم أنه عمل فيه منذ الدورة الأولي بكل إخلاص وحب خدمة للموسيقي العربية, وإيمانا منه بدور هذا المهرجان ليس في تنمية الذائقة السليمة فحسب بل أيضا له دور فاعل في اكتشاف الأصوات العربية العذبة القوية التي تثري الغناء وتعمل إزدهاره, والتي يجب الوقوف بجانبها بعيدا عن جنسية صاحبها. وأضاف بمرارة ابتعادي عن المهرجان لا ينقص مني شيئا لأنني أعتبر نفسي هاويا للفن,وأحب الوقوف بجوار المواهب الجادة الموهوبة ويشهد علي ذلك تاريخي الفني الذي اكتشفت من خلاله كثيرا من المطربين في مقدمتهم' هاني شاكر,سميرة سعيد,أصالة,نادية مصطفي,محمد ثروت,مدحت صالح,هيام هلال,أماني' وغيرهم. أما الموسيقار خالد الأمير فيتسأل بصوت مفعم بالغضب كيف يسمح المسئولون عن المهرجان بتكريم فنانة شابة في بداية الطريق مثل' غادة رجب' مازال أمامها مشوار طويل في عالم الفن,ولا يتم تكريم' نجاة أو وردة- فايدة كامل- محمد منير- ميادة الحناوي- سميرة سعيد- لطيفة' وغيرهم من قامات كبيرة من المطربين الذين يغنون منذ أكثر من25 عاما,أو الذين رحلوا ولم يكرموا في أي مهرجان من قبل والله هذا عيب!! وأضاف صاحب' الحب الحقيقي' لشادية و'كده برضه يا قمر' لهاني شاكر والذي لم يتم تكريمه رغم مشواره الطويل في عالم التلحين: يجب أن توضع أسس يتم من خلالها التكريم, فليس من المقبول أن المطرب الذي يحضر للغناء يتم تكريمه, هذا لايحدث في أي مهرجان محترم, لابد أن يتم الفصل بين التكريم والغناء حتي يكتسب المهرجان مصداقية, ولابد أن يتم التكريم طبقا للأقدمية ومشوار المطرب أو الملحن أو الشاعر, فكيف أكرم هذا العام غادة رجب,وفي العام التالي أكرم مطربة بحجم ورده أو نجاة أو ميادة الحناوي ؟!..هذا لايصح؟. وللموسيقار حلمي بكر وجهة نظر خاصة يقول فيها: أنا واحد من مؤسسي المهرجان وتم استبعادي هذا العام, ولا أدري لماذا؟! ربما لأنني قلت رأيي بصراحة في المهرجان وهذا أغضب أمين عام المهرجان السيدة رتيبة الحفني وأعتبرت كلامي هجوما عليها, فقررت الاستغناء عن خدماتي في مهرجان الموسيقي العربية الذي فقد الهدف المرسوم له من البداية, وأصبح تسيطر عليه المجاملات الشخصية, وسياسة المكسب والربح التجاري, فكل مطرب يأتي إلي المهرجان ويضع ساقا فوق ساق ويملي شروطه, ويطلب غناء أغنياته الخاصة التجارية, بعيدا عن أغنيات التراث التي اشتهر بها المهرجان في بداياته, والتي كنت سببا في تحويلها من أغنيات كلاسيكيات الغناء التي تتمثل في أدوار عبده الحامولي,محمد عثمان, سلامه حجازي, سيد درويش وغيرهم إلي مرحلة الوسط في الغناء والتي تتمثل في تقديم أغنيات محمد عبدالوهاب,فريد الأطرش,محمد فوزي,عبدالحليم حافظ,نجاة,ورده,وغيرهم والتي هوجمت بسببها كثيرا, وأضاف بكر: يجب العمل علي إعادة القيمة الفنية للمهرجان الذي هو ملك لمصر وليس ملك لأشخاص يتحكمون في اذواقنا, وفوق كل ذلك يبقي دوره المهم في النهوض بالموسيقي العربية الأصيلة بعيدا عن سيطرة المسئولين. وصرح المطرب طارق فؤاد الذي يعيش هذه الأيام حالة نفسية سيئة جدا بسبب عدم مشاركته في المهرجان منذ14 عاما وقال: لا أعرف ماذا أفعل كي ترضي عني السيدة رتيبة الحفني أمين عام المهرجان والتي ترفض مشاركتي في المهرجان بصفة مستمرة رغم دراستي الموسيقية وجمال صوتي الذي شهد به كبار الملحنين, ومشواري الفني الذي يمتد لأكثر من25 عاما,ومن أسابيع قليلة وقبل بداية الدورة الجارية تحدثت مع المخرجة جيهان مرسي إحدي المسئولين عن المهرجان ووعدتني بالمشاركة في الدورة المقبلة, وقبل بداية المهرجان اعتذرعن المشاركة أكثر من مطرب منهم محمد الحلو نظرا لظروفه الخاصة, ورغم هذا لم يفكروا في, وأحضروا وليد توفيق للمشاركة بدلا من الحلو, وبعيدا عن الغناء في المهرجان أليس عيبا أن يتم تكريم تلاميذي في معهد الموسيقي العربية, وأبرزهم الملحن وليد سعد ولا يتم تكريمي وأنا الأستاذ؟!عموما ليس أمامي إلا الصبر وربنا عليم بالأحوال وقادر علي كل شيء وحسبي الله ونعم الوكيل.