رغم أن مهرجان طنجة للفيلم القصير المتوسطى، الذى اختتم أعماله السبت الماضى، لم يعلن عن أى «تيمة» محددة قد تجمع بين الأفلام المشاركة فى فاعلياته، والتى بلغت 46 فيلما، مقدمة من ثمانى عشرة دولة، إلا أن المشاهد يستطيع بسهولة أن يدرك أن الأفلام هذا العام تميزت بأمرين. الأول هو التركيز على المشكلات الإنسانية للفرد وعلاقته بالآخرين سواء الأم أو الحبيبة أو الابن، والثانى إبراز الأطفال كأبطال وتقديمهم مشكلاتهم بشكل جاد وعميق، فيما غابت السياسة عن الأفلام. ومن أبرز الأمثلة على النوع الأول كان الفيلم القبرصى «آنا» للمخرج «سبيروس تشارالمبوس» عن مارى الفلبينية التى تعمل فى خدمة عجوز قبرصى، ومن شدة ما يمضى العجوز فى مشاهدة مسلسل «آنا» أصبح يعانى هوسا بالممثلة، وتساعده مارى ليصبح أكثر سعادة فى أيامه الأخيرة. ومن قبرص لإسبانيا تقدم المخرجة «بياترو فاليس» فيلمها «علاج»، والذى تدور أحداثه حول إيميليا، وهى امرأة عجوز تقضى أيامها فى عزلة شديدة لكن كل شىء يتغير فى حياتها عندما يظهر الشاب ميجيل إخصائى العلاج الطبيعى. وعن واقع المرأة المستغَلة دائما تقدم المخرجة «جولتين تارانك» فيلمها «إجماع» حول مجموعة نساء فى ورشة لصنع الملابس الداخلية تعانى الاستغلال والتحرش الجنسى من صاحب العمل الرأسمالى، وتنهى المخرجة فيلمها نهاية سعيدة بأن تقرر العاملات تكبيد مدير الورشة المستغل خسائر فادحة. ومن تركيا أيضا يأتى فيلم «أغانى الوداع» للمخرجة «لبيك كينت» والذى تدور أحداثه حول نورى عازف الكمان الذى يقوم بعمله فقط فى الجنائز التى يخرج منها دون تطفل بعد أن يؤدى عمله لكن حياته تتغير بعد أن يلتقى بعزت، إنه فيلم عن الموت لكنه قادر على أن يزيد رغبتك فى الحياة. أما الجانب الثانى فى القواسم المشتركة بين الأفلام فهو الأطفال الذين تميزوا بشدة هذا العام سواء على مستوى السيناريوهات المكتوبة عن مشكلات تخصهم، أو على مستوى التمثيل. ومن بين هذه الأفلام جاء الفيلم التونسى «يد اللوح» للمخرجة «كوثر بن هنية» والذى يحكى عن الطفلة أميرة التى لا تحب الذهاب إلى المدرسة فتقوم بلصق يدها فى الكرسى وتدور مغامرات كوميدية مثيرة حتى تنتهى الأزمة. وكان ثانى الأفلام التى تناولت حياة الأطفال أيضا «آسيا» للمخرجة التركية «ميزكين موجدى أرسلان»، وهو عن آسيا التى تم حرمانها من حقها الطبيعى فى الذهاب للمدرسة حتى ترعى إخوتها الصغار، حتى يوما تجد فيه بلورة زجاجية ملقاة على الأرض ويستكمل المشاهد الفيلم من خلال وجهة نظر آسيا من البلورة، وكيف ترى العالم. ومن مشكلات أطفال تركيا لمشكلات أطفال إيطاليا حيث نرى المخرج «باولو ساسانيلى» يقدم فى فيلمه «حب» حكاية الطفلة روزى التى تحاول أن تبدو أكبر سنا مما يجعلها ترتدى ملابس لا تناسبها كطفلة وتضع الماكياج، وفى لحظة تقرر أن تضع حدا لطفولتها فتضر بنفسها للأبد. من إيطاليا أيضا يناقش فيلم «ماتيلدا» للمخرج «فيتو بالميرى» مشكلات الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة وتدور أحداثه حول الطفلة ماتيلدا التى تعانى من مشكلات فى السمع ولكنها تستطيع أن تستخدم ذكاءها لحل ما يؤرقها فى المدرسة. وكان المهرجان قد ودع ضيوفه بعرض الفيلم المغربى «لا هنا لا لهية»، بطولة الممثل الراحل «حميدو بن مسعود»، وكان الفيلم قد عرض فى المهرجان عام 2004 فى دورته الثانية وفاز عنه حميدو بجائزة أحسن ممثل.