«ماعلش إحنا اتأخرنا السنة دى.. لأن الظروف كانت زى ماحضرتك عارفة.. وكمان كتير من الجمعيات الكبيرة ماطلبتش مننا شنط السنة دى، بعد ماكانت بتطلب بالآلاف، يمكن فلوسهم راحت لحاجات تانية». كان الحاج دويدار، صاحب المحل الشهير فى مدينة نصر، يعطى الحاجة شادية، ورقة مطبوعة بأشكال وأحجام من شنط رمضان تختلف أسعارها حسب مكوناتها «جهزنا أنواع كتير من الشنط، ومستعدين بعربيات نوزعها لحضرتك على اى مكان، لأننا مقدرين الظروف».
قبل يوم واحد فقط من ليلة رؤية هلال رمضان، اكتشفت الحاجة شادية، 62 سنة، أنها لم تجهز شنط رمضان، التى اعتادت منذ سنوات أن تجهزها قبل أسبوعين من حلول الشهر الكريم، لنحو 24 أسرة ممن تعرف احوالهم، بحكم عملها السابق فى وزارة الشئون الاجتماعية.
تأملت شادية الورقة وأنواع المحتويات وحجمها، شنطة بسعر 55 جنيها، بها علبة سمن ونصف كيلو بلح، وكيسين رز ومثلهما سكر ومكرونة، وعلبة صلصة، وشاى ناعم، أما الشنطة ذات ال62 جنيها فيزيد عليها، لفة قمر الدين وربع كيلو زبيب، اما الشنطة اللوكس ذات ال100 جنيه، فيزيد عليها نصف كيلو جوز الهند وزبيب و3 أكياس عدس وفول ولوبيا.
وضعت الحاجة شادية الورقة جانبا، وتأملت عروض السوبر ماركت الشهير التى ملأت الصحف خلال الأيام الثلاثة الماضية، علها تجد عرضا أفضل من مكونات شنط دويدار، خاصة بالنسبة للياميش، الذى يدخل السرور على قلب الاطفال والكبار، فى هذا الشهر.
دققت الحاجة شادية غير مصدقة لما تقرأ، وحدثت نفسها بصوت مسموع «الياميش كمان بقى بالجرام زى الدهب».
عروض الياميش المرسومة فى الاعلان الكبير، تتضمن 150جراما من اللوز ب10جنيهات و150 جرام بندق ب20 جنيها، والمائة جرام فقط من الكاجو ب19 جنيه، و150 جراما من المشمشية ب8 جنيهات، ونصف الكيلو من التين المجفف ب14 جنيها، هذا إلى جانب عروض العصائر.
«أدى كل أسرة ثمن الشنطة فلوس وهى تشترى اللى محتاجاه أحسن» قالتها ابنة الحاجة شادية، التى تنتظر نتيجة الثانوية العامة، لتخرج والدتها من تأمل الاسعار والعروض وتخيل أحجام الجرامات فى عبوات الياميش.
فكرت الحاجة شادية فى عرض ابنتها، وقالت لنفسها قد تكون النقود أفضل، خاصة أن بعض الاسر تأتيها شنط من أكثر من شخص، لكنها عدلت عن الفكرة، لأنها تعرف أن الاصناف التى تختارها تدخل السرور على قلب أطفال هذه الاسر، خاصة أنها تدعم الشنط بفوانيس رمضان، ولحم طازج، وزيتون مخلل من الذى تصنعه بنفسها.
ليدق جرس الباب، وترى أمامها أم سيد، التى اعتادت أن تحصل على شنطة كل عام، وهى تحكى عن صعوبة الطريق من مساكن النهضة إلى مدينة نصر، فلم تجد الحاجة شادية أمامها إلا أن تعطيها النقود، على امل ان ترسل لها شنطة فى منتصف الشهر الكريم.