«السنة دى مش هاعمل شنط رمضان، هاوزع فلوس أحسن». بهذه العبارة الحاسمة رد الحاج عبدالخالق، على المتبرعين الذين يوكلون إليه إعداد وتوزيع هذه الشنط لسنوات مضت، لحماسته لفكرة الشنط ودفاعه عنها، وعن مميزاتها الكثيرة عندما أخذت فى الانتشار قبل أعوام، ليردوا عليه جميعا «ايه اللى غير رأيك السنة دى». الحاج عبدالخالق عبدالحليم الذى وصل إلى المعاش بعد أن كان وكيلا لمدرسة شبرا التجارية، يعرف الكثير من أسر طلاب المدرسة والمدارس والمعاهد الأزهرية المجاورة لها، الذين يحتاجون للدعم ليمكن لأبنائهم الاستمرار فى التعليم، ويتأكد من أحوال هذه الأسر من الإخصائيين الاجتماعيين بالمدارس، ثم يذهب بنفسه ليلمس أحوالهم، ولهذا هو موضع ثقة الكثير من مدرسى المدرسة والمعارف والأقارب الذين يوكلون إليه مهمة توصيل زكاة أموالهم وصدقاتهم إلى مستحقيها. ذات يوم كان الحاج عبدالخالق يدافع عن فكرة شنط رمضان باعتبارها أكثر ملاءمة للأسر البسيطة تلك، حسب شهادة صديقه الاستاذ رمضان زكى الذى كان وكيلا للمدرسة. «كان الحاج يرى أن توفير الطعام للأطفال هو الأولوية لأى أسرة، وخوفا من أن تنفق الأسرة أو أحد أفرادها هذه الأموال على ما قد يكون من باب الرفاهيات على حساب الأساسيات»، خاصة أن نشاط الحاج عبدالخالق لا يقتصر فقط على موسم رمضان والأعياد ودخول المدارس، بل هو يوفر بعض المساعدات الشهرية لهذه الأسر. وجد الحاج عبدالخالق أنه لم يستطع تطبيق الفكرة كما كان يفكر بشكل نظرى، فقد فوجئ بأن المستحقين للشنط التى كان يعدها كانوا يصطحبون معهم أشخاصا آخرين من جيرانهم أو أقاربهم، باعتبار أنهم محتاجون أيضا، ويلحون على حاجاتهم للشنط التى كانت تتوافد على الحاج عبدالخالق طوال الشهر، «توزيع مساعدات رمضان فى صورة نقود سيجعلها تذهب فقط إلى الأسر التى أعرف أحوالها فقط». كان الحاج يتفق مع التجار أولا. «كنت أقول لهم إنى هاخد مكونات الشنط بسعر الجملة ومن أجود الأنواع، وكان ده بيحصل فى البداية وكمان كان التاجر بيوصل لى البضاعة ببلاش»، هكذا يصف عبدالخالق الحال قبل سنوات، لكن بمرور الوقت تغير الوضع «اكتشفت إن التجار بيستغلوا موسم شنط رمضان عشان يوزعوا البضاعة الأقل جودة عندهم، رغم أنى كنت بألف على التاجر اللى بيبيع أحسن جودة بأقل سعر». اكتشف أيضا أن بعض محترفى جمع الشنط كانوا يذهبون لبيع بعضها لأسر أخرى أو لتجار بأقل من أسعارها ليحصلوا على النقود، التى يريدون أن يشتروا بها احتياجات أخرى، كالملابس وغيرها، وفى النهاية يكسب التاجر مرتين، ممن اشترى محتويات الشنطة، وممن أراد استبدال محتوياتها للحصول على النقود. فرحة رمضان ليست فى الأكل فقط، قالها عبدالخالق وهو يعطر النقود التى سيضعها فى أظرف لكل أسرة، «فكرت كويس لقيت إن الأسر محتاجة برضه للفلوس عشان تشترى أدوية أو مواد غذائية غير الموجودة فى الشنط زى اللحمة أو غيرها، وهنا لما الأسرة تأخد الفلوس ما تضطرش تروح تبيع محتويات الشنط بأقل من قيمة محتوياتها».