أمانة صندوق الوفد تعلن تبرؤها من التسويات المالية لأحد أعضاء البرلمان    "الأزهر" ضمن أفضل 1000 جامعة على مستوى العالم وفقًا لتصنيف التايمز العالمي    الهلال الأحمر: سقوط شهيد برصاص الاحتلال قرب دوار السينما في مدينة جنين    أتليتكو مدريد يفوز بكأس الإعمار على حساب إنتر ميلان    تصفيات كأس العالم، منتخب ألمانيا يتقدم 2-0 على لوكسمبورج بالشوط الأول    التصريح بدفن طالب دهسه قطار بالبدرشين    اقرأ غدًا في «البوابة».. أنا النيلُ مقبرةٌ للغزاه.. الأمن المائي المصري خط أحمر    استقرار سعر جرام الفضة في السوق المحلي اليوم الجمعة    ياسر محمد يكتب : عيون الوطن    شيرين عبد الوهاب في جلسات عمل مكثفة مع الشاعر تامر حسين لطرح أغانٍ جديدة    وردة الحسينى تكتب : اليونسكو والعلاقات المتوازنة    كيفية علاج انخفاض ضغط الدم المفاجئ بالمنزل    شيخ الأزهر يعزي المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق في وفاة شقيقته    الكرملين يعلن موعدًا جديدًا للقمة «الروسية- العربية» الأولى بعد تأجيلها    سباق الانتخابات.. 183 مرشحًا أجروا الفحوصات الطبية بالمنيا    شرب سوهاج تصدر فيلما قصيرا لتعريف ذوى الاحتياجات الخاصة بقضايا المياه    ضياء السيد: الرئيس السيسي أنهى حرب غزة واتفاق شرم الشيخ يؤكد ريادة مصر    الاتحاد البرازيلي يخطط لتجديد عقد أنشيلوتي حتى 2030    انطلاق رالي «Fly In Egypt 2025» لتعزيز السياحة الرياضية والأنشطة الجوية    قطاع السيارات المستعملة: نشهد انخفاضا في الأسعار.. واختفاء ظاهرة الزبون التاجر من السوق    فيديوهات رقص تقود صانعة محتوى للسجن    أخبار مصر اليوم.. وزير الصحة يتابع تنفيذ 28 مشروعًا صحيًا في 12 محافظة.. البيئة: مصر تتبنى رؤية متقدمة لإدارة مواردها الطبيعية    أحد أبطال أكتوبر يروي تفاصيل خطة العبور: التوقيت والتدريب وحائط الصواريخ كانت عوامل الحسم    «محتاج يراجع التاريخ».. عمر حسن يوسف ينتقد تجاهل والده في أغنية مهرجان «المهن التمثيلية»    محلل فلسطينى: اتفاق شرم الشيخ خطوة مهمة جداً لغزة.. وممتنون للدور المصرى    عزيزة    وكيل المخابرات المصرية السابق: حماس طلبت منا الوساطة لإطلاق سراح أسراهم مقابل شاليط    بعد إلغائه.. ما هو قانون قيصر الذي خنق الاقتصاد السوري لخمسة أعوام؟    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    حسام موافي: الكلى تعمل بضغط الدم فقط.. وانخفاضه المفاجئ يسبب الكارثة    جاهزون للتعامل مع أي تطورات في الإصابات.. مستشار الرئيس للصحة: لا داعي للقلق من متحور كورونا الجديد    وكيل المخابرات المصرية السابق: إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بمعرفة مكان شاليط    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "التحفظ على دراجة نارية دون سبب" بالجيزة    نائب محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير ميدان النيل ومجمع المواقف    أكشن وأحداث غير متوقعة.. موعد وقنوات عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول    10 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب «السوق السوداء»    خبير قضايا الجرائم الإلكترونية: دليل سريع لتأمين الراوتر وكلمات المرور    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    الزمالك: ندرس ضم مدرب عام مصري لجهاز فيريرا    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    لبنان: بيروت ودمشق اتفقتا على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة الملفات العالقة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 اكتوبر 2025    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أوقاف المنيا تفتتح المسجد الكبير بأبو فليو ضمن خطتها لإعمار بيوت الله    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الثوار والسجن والجوع
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 05 - 2013

«أنا شايف إن مافيش قضية أصلا عشان تستوجب الحبس أو التحقيق، لكن هى دى مصر لحد ما تنتصر الثورة»، هكذا قال أحمد دومة يوم الإثنين، من داخل قفص الاتهام، بعد حجز القضية المتهم فيها بإهانة الرئيس وتكدير الأمن العام للحكم وتجديد حبسه إلى 3 يونيو.



«لحد ما تنتصر الثورة».

لحد ما تنتصر الثورة ستتكرر حكايات مثل حكاية أحمد دومة، وأحمد ماهر، وحسن مصطفى، وجو الأسطورة، وحمادة المصرى، ومحمد صبرى، وبسمة يحيى، وإيمان أحمد (السيدة الممرضة الخمسينية التى كان ال«الحرز» المضبوط معها شنطة الإسعافات الأولية) وغيرهم كتير. مساء الأحد، فى مؤتمر «أفرِجوا عن مصر» (والذى كتبت عنه «الشروق» أمس) قدمت «جبهة الدفاع عن متظاهرى مصر» تقريرا موثقا بالأرقام والأسماء، أكد ما يشعر به الكثيرون من أن أجهزة الدولة تصعد المواجهة مع أبناء الشعب، وبالذات من يبدو منهم أنه قادر على المعارضة أو على دعم المعارضة، وأن هناك خطوطا عريضة ممنهجة، يمكن الاستدلال عليها من قوائم المحتجزين وظروف احتجازهم. فمنذ 25 يناير من هذا العام، أى فى ثلاثة أشهر ونصف، احتجزت الأجهزة أعدادا كبيرة من صغار السن (453 قاصرا)، واحتجزوا فى القاهرة 18 فتاة وسيدة، وامتدت الاحتجازات عبر الجمهورية فوصلت إلى 1915 معتقلا من القاهرة والاسكندرية والغربية والشرقية والدقهلية والقليوبية والمنوفية والبحيرة وكفر الشيخ وبورسعيد ودمياط وأسيوط. ووصلت الكفالات التى جمعوها من 459 معتقلا إلى مليون وسبعة آلاف وخمسمائة جنيه مصرى.

وإحدى آليات الاحتجاز المعمول بها الآن آلية «زوار الفجر». مثال: والد إسلام محمد الفولى: «قبضوا على إسلام 4/9 من سريره الساعة خمسة وخمسة وأربعين دقيقة الصبح. قوة كاملة من العمليات الخاصة؛ 10 عربيات و60 فردا ملثما ورئيس مباحث قسم تانى 6 أكتوبر. ثبتوا زوجتى بالسلاح ودخلوا أوض البنات. جرجروا ابنى زى الدبيحة. اعترضت ولبست ابنى هدومه. طلبت أشوف إذن النيابة رفضوا يوروهولى. حطوا الحديد فى إيدين ابنى وخدوه. واحد من الأفراد ماكانش شال الشارة من على دراعه، قريت: معسكر القوات الخاصة بدهشور. قعّدوا إبنى فى الحجز من 6 الصبح ل3 بعد الضهر بدون اتهام وبدون مية ولا أكل. وبعدين جاء لواء يستلم ابنى وطلع بيه على طرة. ولما اعترضت قالوا إحنا بننفذ القانون. تانى يوم اتعرض على النيابة فى التجمع الخامس. قسما بالله أنا ماعرفتش ابنى. حالقين له شعره وملبسينه بدلة قذرة. أمين شرطة قلعه هدومه وقال له أقذر كلام ورئيس مباحث السجن حرق له هدومه. منيمينه على الأرض الخرسانة ولما طلب بطانية قالوا له «البطانية دى ابقى خللى أمك تجيبهالك».

إسلام طالب فى نهائى حقوق القاهرة. امتحاناته بعد أسبوع. متهم بالانتماء ل«جماعة محظورة»، أى البلاك بلوك، ومعه سبعة آخرون هم: يوسف على عبد الرحمن، وعبدالرحمن محسن رزق، وعبدالرحمن سليم محمود، وصلاح الدين على أحمد إسماعيل، ومحمد عادل محمد عيد، وعبد الرحمن محمد عبد الودود العربى، وقاسم أشرف قاسم. اتحاد طلاب كلية الحقوق أصدر بيانا يدعم فيه إسلام ويرفض الأحداث المصاحبة للقبض عليه. لكن «الأحداث المصاحبة لهذا القبض» إجراء ممنهج؛ واحد ورا التانى سمعنا الأهالى فى مؤتمر افرجوا عن مصر يحكوا عن أحداث متطابقة. أخت صلاح الدين على أحمد إسماعيل: «فجر 19 أبريل بابا صحى لقى أوضته مليانة عساكر. بابا عنده 78 سنة وما بيسمعش.. دخلوا كسروا الشقة وخدوا صلاح حافى.. خدوه قسم دار السلام و7 مساء اختفى من القسم وعرفنا انه راح سجن العقرب.. رئيس المباحث سأله انت انتخبت مين فى الرئاسة.. تانى يوم اتعرض فى التجمع وتجديد فى تجديد.. صلاح عنده ستيجماتزم وعنده عين ما بيشوفش بيها.. هو تخصص مواتير بس مش بيشتغل عشان عينيه.. قاعد بأبويا وأمى.. أنا مش عارفة أورى وشى لأمى.. تهموه بإنه بيناهض الرئيس وبيعطل العمل بالدستور عن طريق الفيسبوك». a

ورئيس الوزارة يقول التعامل مع الثوار بالقانون، ورئيس الجمهورية يعلن أن الثورة المصرية «مش ثورة جياع» (وكأن ثورة الجياع تهمة) وده، إن كان حقيقى، فهو لأن المصريين طول الوقت بتحاول تتصرف وتجيب الرزق من الهوا علشان ماتجوعش. بص على واحد من ال 453 قُصَّر اللى اتقبض عليهم ومحتجزين فى عهد أول رئيس مصرى منتخب، الرئيس اللى طالع من قلب جماعة بقالها 80 سنة تعمل فى الشارع المصرى ومفروض تعرفه وتعرف ظروفه كويس بص على، مثلا، كريم جمال عبد المنجى أحمد سعيد اللى قضيته متحدد لها الأربعاء القادم، 22 مايو. بص على صوره على النت، تراه ولد عنده بالكتير 12 سنة، لابس سويتر أبيض ومن حقائق شوارعنا ان كلما زاد الغلب زاد زخرف السويتر أو التيشيرت والكلمات الافرنجية المنقوشة عليه. كريم لابس سويتر أبيض مافيهوش سنتى مش منقوش: سبورتس كو، كوتور، بيبى جيرل، بالأحمر والإسود والرمادى. وَجْهه فوق هذا السويتر وقور حالم، عليه تعبير تراه أحيانا فى التماثيل المصرية القديمة؛ لا يبتسم لكنك تشعر بالابتسامة آتية، وهو يمسك فى يده لافتة مكتوب عليها: «شكرا للثورة: أكثر من 25 مليون مصرى شاركوا فى الانتخابات». تتبع حكايته، تجد أولا إن كريم عنده 16 سنة مش 12 من حقائق شوارعنا أيضا إن أى حد من الأولاد اللى بتشوفهم بيقلبوا رزقهم فيها لازم تزود على العمر اللى تديهوله على الأقل 4 أو 5 سنين؛ صعوبة النمو دى من سوء التغذية ومن قلة النوم الآمن. دول أطفالنا اللى 25٪ منهم يعانى من «الفقر المدقع». كريم لا يعانى من الفقر المدقع لأنه بدل ما يكون فى مدرسة أو بيتعلم صنعة أو بينمى مواهبه فى نادى رياضى مثلا بيشتغل على ميكروباص وفى كافيتريا عشان يصرف على نفسه وعشان الرئيس يقدر يطمن العالم فى التلفزيون إن الثورة المصرية مش ثورة جياع. لأن كريم ثائر. ثائر مقبوض عليه ومحبوس دلوقتى فى المؤسسة العقابية فى المرج. وفى المرج بيضربوا القصر ويبهدلوهم ويهينوهم زى الكبار بالضبط. انظر الفيديو الذى يشهد فيه أحد النزلاء الشباب «... كان معانا واحد علقوا له المشنقة، ملاية، علقوها له زى المشنقة كده وركبوها له ف بقه وبقوا بالمُلّة على ضهره، وبالشلاليت، وبالكوع فى ضهره، الواد يا عينى اتدمر خالص، جسمه كله معلم..» ده طبعا غير الإهانة والشتيمة والابتزاز. المهم، كريم جمال عبد المنجى أحمد سعيد محبوس فى المرج. قبض عليه فى أحداث الاتحادية فى أول فبراير، النيابة بتقول إنه متصور وقت الاشتباكات ومتحرز معاه 3 قنابل غاز. الغاز ده طبعا ملك الداخلية، شاريينه بفلوسنا من أصدقائهم فى أمريكا وبيسممونا بيه، وال3 قنابل إن كانوا فعلا لقوهم مع كريم فهم الفوارغ التى يجمعها الكل بعد الاشتباكات. إيه المشكلة انها تكون معاه؟ واللا هم عايزين الفوارغ بتاعتم يعيدوا تعبئتها أرخص مثلا؟

ثم ناهد شريف عبد الحميد، دى بقى بتقضى دلوقتى حكم بسنتين فى سجن القناطر لمحاولتها مساعدة القضاة المعتصمين فى يونيو 2012. نحكى عنها بالتفصيل فى أسبوع قادم وأكتفى هنا بشهادة والدتها: «بنتى ناهد بميت راجل.. أنا مطلقة بقالى 7 سنين وباشتغل وشايلة 3 بنات.. عشنا عمرنا ما بصينا على حد ولا على لقمة حد.. أنا باحرم نفسى من اللقمة وباروح أوديها لناهد فى السجن، وبتتسرق.. احنا بنحب بلدنا، إيه اللى هيخلّينا نحرق المجمع العلمى ف بلدنا؟ مرسى عليه يراعى ربنا ف بلده.. ناس كتير فقرا وبلدنا زى ما باسمع انها غنية ومبسوطة وفيها حاجات حلوة كتير.. يراعى ربنا ف شبابنا اللى واخدهم، مش قال أنا باحب اللى مش عايزنى؟ أنا باقول له اللى مش قد كلمة مايقولهاش».

ونقفل بقى بقفلة أخت صلاح الدين على أحمد إسماعيل، التى تختزل قفلة كل واحد وواحدة قاموا اتكلموا فى المؤتمر: «حطيتوا مسمار فى نعشكم بظلم ولادنا. هى دى دولة فى القرن الواحد وعشرين؟ الشباب هيعيشوا وهيطلعوا رجالة وهيحكموا مصر وينهضوا بيها». وجبهة الدفاع عن متظاهرى مصر، وكل الشباب الناشط فى موضوع المعتقلين والمفقودين والمصابين والشهداء: مليون تحية لكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.