لا أعرف فيما كان يفكر الذين اقترحوا أو وافقوا على حق المتهرب من الخدمة العسكرية فى الترشح لانتخابات مجلس النواب، أى يحق لهذا المتهرب الهارب من شرف الجندية.. النيابة عن الشعب والتمتع بحصانته.. ويحق لهذا المتهرب الهارب من شرف الجندية أن يشرع لنا ويراقب رئيس جمهوريتنا ويستجوب حكومتنا ويناقش موازنتنا العامة.. بل يوافق أو يعترض على ميزانية الجيش الذى هرب من خدمته!. صحيح أن الذين ناقشوا الاقتراح، قالوا إنه يجب أن يكون قد نفذ العقوبة وأن يكون قد مر عشر سنوات على تنفيذها، ويكون قد رد إليه اعتباره، وصحيح أيضا أن منع المواطنين من مباشرة حقوقهم السياسية أمر بالغ السوء، وينبغى أن يكون فى أضيق نطاق، لأن المنع أو الحظر، يفقد المواطن جزءا من مواطنته، وكنت أتمنى دائما أن يعالج المشرع هذا الأمر، وصحيح كذلك أن كثيرين فقدوا جزءا من مواطنتهم بسبب معارضتهم للنظام السياسى السابق بأحكام لا تخص الشرف أو النزاهة فى حقيقتها.. كل هذا صحيح ولكن المتهرب الهارب من شرف الجندية لا علاقة له بكل هذه الأسباب.
وإذا كان منع مواطن من مباشرة حقوقه السياسية هو اعتداء على مواطنته، فإن السماح للمتهرب الهارب من شرف الجندية بمباشرة حقوق سياسية هو اعتداء سافر على مواطنتنا نحن، فهذا المتهرب الهارب من شرف الجندية ليس فقط أخل بالشرف العسكرى، بل أخل بالوطنية ذاتها حينما طلبه الوطن ورفض هو بل هرب وتهرب من ندائه، فلماذا نسمح له بعد دفع ثمن بخس (جنيهات معدودة) أن يعود ويقود التشريع فى البلاد (التى تهرب من الدفاع عنها)، ويقرر مصالح العباد (الذين تخلى عنهم)، ولماذا علينا أن نصدقه أنه يعمل من أجلنا وفى صالح أبنائنا، بالرغم من أننا نعلم جميعا، مواطنين ومشرعين، أنه رفض الدفاع عنا يوم طلبنا منه ذلك؟؟
الخدمة العسكرية خدمة وطنية إلزامية، الهرب منها جريمة كبرى، حتى لو كان القانون رحيما بمرتكبيها، فى العقوبة المالية، لأننا شعب من الفقراء وطيب القلب فعلا، لذا كان على المشرع الجديد، الذى يفترض فيه الثورية (نظريا على الأقل) التشدد فى حظر الترشح لمثل هؤلاء المتهربين الهاربين من شرف الجندية، ومنعهم من الوصول إلى برلمان سيحمل اسم «برلمان الثورة» وسيسن القوانين التى ستبنى مصر الجديدة وتعكس فلسفة ثورة 25 يناير، فهل يحق للمشرعين منح المتهرب الهارب من شرف الجندية هذا الشرف؟
مازلت الفرصة متاحة أمام مجلس الشورى «التشريعى الافتراضى» أن يؤكد لنا أنه يحترمنا، وأنه يقدس خدمة الوطن، ويقدر الشرف العسكرى، وأنه يحمينا من كل متهرب هارب من شرف الجندية.. أما أن يمر هذا التعديل فذلك يعنى ويعنى ويعنى.......