دخل محسن السكرى قفص الاتهام فى تمام السابعة، وبدا غير مكترث بما يحدث..لم ينظر لكاميرات المصورين التى حاصرته فلاشاتها ولقطاتها حيث انهالت عليه كالمطر، وبمجرد دخوله أخرج مصحفا صغيرا من جيبه، وأخذ يقلب فيه حتى وصل إلى المنتصف وبدأ يقرأ، فيما أكد والده أنه نصحه بقراءة سورة يس حتى تفرج عنه كربه. ارتدى السكرى بذلة السجن البيضاء على عكس هشام الذى حضر بزى مدنى أبيض «قميص وبنطال»، وأشار مصدر أمنى إلى أن محسن طلب أن يرتدى زيا مدنيا مساواة بهشام إلا أن إدارة السجن لم تسمح له بذلك. وما إن دخل محسن إلى القفص حتى وقف شقيقه أشرف السكرى من مقعده، وذهب إليه وتحدث معه بعض الوقت، وكان يبدو على محسن عدم الرغبة فى الحديث، حيث لم يستمر حديثه مع شقيقه أكثر من دقيقة، عاد بعدها أشرف ليجلس مكانه، وكان باديا عليه الحزن والأسى على حالة شقيقه المعنوية. بدا على محسن تلك المرة قبل النطق بالحكم نوع من القلق حاول الهروب منه وإخفاءه بقراءة القرآن، والطريف أنه خلال القراءة التى استمرت لأكثر من ساعة ونصف الساعة وصل إلى آية فى إحدى السور كان بها سجدة، فبدلا من السجود ركع، ثم حاول السجود، فالتقطه رجلا الأمن اللذان كانا معه بالقفص ومنعاه ظنا منهما أنه ينوى سوءا بنفسه، وسألاه عما يفعل، فشرح لهما، فأخذا منه المصحف وتأكدا من صدق حديثه. وبعد حضور هشام فى تمام السابعة والثلث، ودخوله إلى القفص، أغلق محسن مصحفه، وطلب تدخين السجائر، فقام أحد الحارسين اللذين كانا معه بإشعال سيجارة وتقديمها له، وأخذ محسن ينفث الدخان بعنف، راقب ما يفعله هشام، وزاد قلقه حينما وجد الطمأنينة تسيطر على هشام، والثقة بادية على وجهه وتصرفاته. خلال فترة الانتظار داخل القفص طلب محسن عدة زجاجات من المياه المعدنية، فأدخلتها له سلطات تأمين المحكمة شربها جميعا، وفجأة رأى محسن هشام طلعت يخرج من القفص فى تمام الثامنة والنصف، ولما استفسر علم أن هشام طلب دخول الحمام، وبعد عودة هشام طلب محسن دخول الحمام فرفض حرس المحكمة تنفيذ طلبه، بحجة أن القاضى على وشك أن يدخل الجلسة، وهو ما جعل محسن يشعر بالضيق وطلب من الحرس كرسيا ليستريح عليه، فنفذوا له الطلب، إلا أنهم فى الوقت نفسه أحضروا كرسيا لهشام كى يستريح عليه. ترك محسن القرآن وآخذ ينفث السجائر مرة أخرى، ويشرد أحيانا ناظرا إلى أعلى، ثم يقف من جلوسه ليعطى ظهره للحضور، ووجهه إلى الحائط فى تصرف يوحى بزيادة القلق مع اقتراب صعود القاضى إلى المنصة لتحديد مصيره. خلال الدقائق الأخيرة جلس محسن على الكرسى مركزا نظره إلى الأرض، مشتبك اليدين، وبمجرد نداء حاجب الجلسة قائلا: «محكمة»، نهض محسن واقفا محلقا النظر إلى القاضى قنصوة، والأوراق التى توجد أمامه، وما إن نطق القاضى بالحكم، نطق محسن فى نفس اللحظة بالشهادتين وهو يشير بإصبعيه السبابتين إلى أعلى.