لم يكن يتصور أحد من الحضور أن يبدو هشام طلعت بالهيئة والحالة التى ظهر عليها أثناء جلسة النطق بالحكم عليه بالإعدام الخميس، كان فى أفضل حالاته المزاجية وأكثرها طبيعية وبعيدا عن التوتر، منذ أن بدأت جلسات القضية فى 18 أكتوبر الماضى. بدا هشام هادئا ومرحا منذ لحظة دخوله قاعة المحكمة فى تمام السابعة و16 دقيقة صباحا، وكانت المفاجأة أنه لم يكن يرتدى بدلة السجن البيضاء المعروفة والتى ظهر فيها خلال جميع الجلسات السابقة، بل كان يرتدى زيا عاديا مكونا من بنطلون سمنى اللون، وقميص أبيض «سبور» بأكمام طويلة، وحزام بنى «كلاسيك» وحذاء أسود، وساعة فضية كان ينظر لها باستمرار. دخل هشام إلى القفص وبصحبته اثنان من رجال الأمن، ارتديا ملابس كاجوال، على عكس حرس شريكه محسن السكرى الذين ارتدوا البدلة الكاملة. وكان هشام يحمل كعادته جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، وبعض الأوراق البيضاء، بالإضافة إلى مصحف كبير، وفور استقراره فى القفص ووضع الكمبيوتر المحمول على الأرض، وقف مسئولو شركاته ومنهم جهاد الصوافطة، نائب الرئيس التنفيذى لمجموعة طلعت مصطفى، لتحيته فرد عليهم التحية بيده ودعاهم للجلوس. بدأ هشام فى أداء طقوسه المعتادة فى المحكمة، فتح المصحف وارتدى نظارة طبية بنية اللون وبدأ فى قراءة القرآن، وظهر عليه الهدوء الشديد فى الوقت الذى كان يبدو فيه السكرى مضطربا ومتوترا. ولم يقطع حبل قراءة هشام للقرآن إلا حركته المستمرة لتجفيف عرقه بمناديل ورقية، ثم تحرك أحد موظفيه للحديث معه فطالبه بالسكوت حتى يكمل التلاوة، لكنه ما لبث وأن أغلق المصحف ووضعه جانبا، وبدأ يتجاذب أطراف حديث ضاحك مع حارسيه الموجودين معه داخل القفص، ضحك خلاله أكثر من مرة.. فى مشهد لم يسبق وأن رآه من حرصوا على حضور جميع جلسات القضية. بمرور الوقت كان هشام يكتسب ثقة أكبر وحيوية أكثر، تحرك كثيرا داخل قفصه ثم استدعى الصوافطة ليدخل معه فى حوار طويل يبدو أنه كان عن سير العمل فى المجموعة الاقتصادية حاليا، وطلب أثناء الحوار سيجارة ليشربها بهدوء دون أن تبدو على انفعالاته أى عصبية. ثم توالى حضور أقارب هشام، أولهم كان عمه صاحب المظهر المتدين واللحية الطويلة، وبادله التحية من بعيد، ثم حضرت شقيقته سحر فى الساعة الثامنة، مرتدية «تايير بيج» وغطت عينيها بنظارة شمسية بنية اللون، حيث توجهت إليه وتبادلت معه حوارا طويلا أيضا، ثم أتى دور نجله عمر الذى يبلغ من العمر 19 عاما، والذى حضر الجلسة لأول مرة أمس، علما بأنه يدرس إدارة الأعمال حاليا فى الولاياتالمتحدة، حيث تبادل مع والده حديثا استمر 5 دقائق. وجاء بصحبة عمر هشام طلعت وسحر طلعت، نجلا شقيقه طارق طلعت مصطفى، اللذان كانا أكثر وجوه العائلة حرصا على حضور الجلسات الماضية والتصاقا بعمهما خلال نظر القضية، لكنهما بقيا بعيدين عنه ولم يقتربا منه لتحيته. وفى تمام الساعة الثامنة والثلث طلب هشام طلعت التوجه إلى دورة المياه، فتم استئذان الأمن المختص واصطحبه إلى هناك اثنان من أفراد الحرس، وعاد هشام بعد 5 دقائق وطلب كرسيا للجلوس، وأخرج منديلا قماشيا لتجفيف عرقه، وصب كمية من الماء المثلج على يديه وغسل وجهه بها فى محاولة لتخفيف حرارة الجو الخانقة فى القاعة. وفى تمام الثامنة و35 دقيقة حضر المحامى فريد الديب، وكيل هشام طلعت، والذى دخل القاعة لربع ساعة فقط قضاها فى حديث هامس مع هشام لم يسمعه أحد، إلا أن الملحوظ أن هشام كان يصغى باهتمام وهدوء ولم تظهر عليه أمارات التوتر أو الانفعال، وبعد رحيل الديب انهمك هشام مرة أخرى فى الحديث مع الصوافطة ثم قرأ سورة «يس» حتى دخل المستشار المحمدى قنصوة لينطق بالحكم. عقب النطق بالحكم احتفظ هشام ببروده «الاستثنائى» لكنه دخل عند خروجه من القاعة فى مشادة مع أحد المصورين الصحفيين الذين تابعوه ب«فلاشات الكاميرات» حيث صرخ قائلا: «مش كفاية الصور اللى خدتوها قبل كده»!