في روايته «ظلال شجرة الرمان»، يتوقف المفكر البريطاني طارق علي أمام مشهد تاريخي عاصف ترك بصماته على مستقبل العالم في سنوات أعقبت سقوط غرناطة، ولكن المؤلف لا يلجأ إلى مقولات جاهزة، بل ينسج خيوطا معقدة ومتداخلة لشبكة من العلاقات الاجتماعية والفلسفات والأديان في دراما أشبه بالتراجيديات الكلاسيكية. وسقوط غرناطة عام 1492 لم يكن تسليما طوعيا لمدينة، وإنما إنهاء لمرحلة وفتح أبواب الحجيم على المنتمين إليها من المسلمين واليهود معا، والاستيلاء على أملاكهم وتقسيمها بين الكنيسة الكاثوليكية والعرش، وتحريم ممارسة الشعائر الإسلامية أو التحدث بالعربية وتحويل غرناطة إلى «محرقة خطرة».
وفي الاستعراض الدرامي لهذا الموقف لا يميل طارق علي إلى تصوير الأندلس كفردوس مفقود وإنما يرصد على لسان أبطاله ومن خلال سلوكهم ما يمكن اعتباره حتمية تاريخية جعلت النهاية غير مفاجئة، حيث خير المسلمون بين التحول إلى الكاثوليكية والقتل، فاختار البعض أن يتحول في حين لجأ آخرون للثورة المسلحة التي لا يكتب لهم فيها النصر.
وطارق علي ولد في باكستان عام 1943، وتسجل مقدمة الرواية أنه كان رئيس اتحاد طلاب جامعة «البنجاب» واعتبره أهله شابا طائشا، وحرصا على سلامته أرسلوه لدراسة الفلسفة والاقتصاد في لندن، فأصبح عام 1965 رئيس اتحاد طلاب جامعة «أوكسفورد»، وصار مقاتلاً شرسا على أكثر من جبهة، وتولى رئاسة تحرير عدة صحف ومجلات منها «اليسار الجديد».
ويعد الكاتب من أبرز مناهضي العولمة ومعارضي النموذج الأمريكي، ومن مؤلفاته «باكستان.. حكم عسكري أم سلطة شعبية»، وأصدره عام 1970، و«الثورة من أعلى.. الاتحاد السوفيتي إلى أين؟» عام 1988، و«صدام الأصوليات: الحملات الصليبية والجهاد والحداثة» عام 2002، إضافة إلى روايات أبرزها «خماسية الإسلام» التي يتناول فيها جوانب من تاريخ الحضارة الإسلامية.
وتقع رواية «ظلال شجرة الرمان» في 320 صفحة متوسطة القطع وترجمها الكاتب المصري محمد عبد النبي وراجعها المترجم المصري طلعت الشايب، ونشرت في القاهرة عن دار «الكتب خان للنشر والتوزيع» التي ستصدر تباعا الأجزاء الأربعة الأخرى، وهي «كتاب صلاح الدين» و«امرأة الحجر» و«سلطان في باليرمو» و«ليلة الفراشة الذهبية».